«القارة العجوز» ترفع مخالبها «الناعمة» فى وجه رئيس الولايات المتحدة الجديد
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
منذ اليوم الأول لتوليه رئاسة الولايات المتحدة، أصدر الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، عدداً من الأوامر التنفيذية التى أثارت غضباً واسعاً فى الداخل والخارج، كما أطلق سلسلة تهديدات، طالت حلفاء استراتيجيين لواشنطن، من ضمنهم دول فى الاتحاد الأوروبى، التى هدد بفرض رسوم جمركية على بعض منتجاتها، قبل السماح بدخولها إلى السوق الأمريكية، كما كشف عن اعتزامه تقليص الوجود العسكرى للقوات الأمريكية فى «القارة العجوز»، إضافة إلى موقفه من الأزمة الروسية الأوكرانية، الذى جاء على عكس توقعات معظم الحلفاء الأوروبيين لبلاده، الأمر الذى يعتبره البعض أنه يضع أمن أوروبا فى مواجهة المزيد من المخاطر فى المستقبل.
كل هذه التهديدات الصادرة عن «رجل البيت الأبيض» وأعضاء فريق إدارته، دفعت الأوساط الأوروبية إلى الدعوة لصياغة استراتيجية دفاعية جديدة، تعتمد على زيادة الإنفاق العسكرى، ودمج شركات تصنيع الأسلحة فى مختلف الدول الأوروبية، فى شركة واحدة عملاقة، يمكنها منافسة نظيرتها الأمريكية، وبالفعل، بدأت العديد من العواصم الأوروبية، بما فى ذلك لندن، محادثات طارئة مع شركائها، بشأن كيفية زيادة قدراتها الدفاعية، ومضاعفة الإنفاق العسكرى، مع تقديم ضمانات أمنية إلى أوكرانيا، حال حدوث أى اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وروسيا، قد ينهى الأزمة الأوكرانية لمصلحة موسكو.
وكشف وزير الدفاع البلجيكى، ثيو فرانكين، عن ملامح الاستراتيجية الدفاعية الجديدة لـ«القارة العجوز»، وقال فى مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن «أوروبا تحتاج إلى صناعة دفاعية متكاملة، نحتاج إلى إنتاج أفضل، وأن نتعاون معاً»، واعتبر أن الدول الأوروبية «مفككة»، كل دولة تعمل على مشروعاتها الدفاعية الخاصة، مما يؤدى إلى طلبيات صغيرة الحجم، وتكاليف صيانة عالية، وعدم كفاءة المنتج، وأضاف أنه يجب دمج الصناعات الدفاعية فى الدول الأوروبية فى شركة واحدة، يمكنها تلبية الاحتياجات العسكرية المتزايدة، بعد أن هددت واشنطن بسحب الدعم الأمريكى، واستطرد قائلاً: «نحن بحاجة إلى دعم الصناعة الدفاعية بشكل أفضل، ونحتاج إلى العمل معاً».
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الدفاع الأمريكى، بيت هيجسيث، كان قد حذر فى وقت سابق من الأسبوع الماضى، من أن الوجود العسكرى لبلاده فى أوروبا «لن يبقى إلى الأبد»، مما أثار مخاوف لدى العديد من الدول الأوروبية بشأن انسحاب القوات الأمريكية من المواقع التى تتمركز بها فى أوروبا، وفى تعليق له على تصريحات نظيره الأمريكى، قال «فرانكين» إن «تهديدات إدارة ترامب بمثابة دعوة للدول الأوروبية للاستيقاظ»، وتنشر الولايات المتحدة حوالى 90 ألف جندى أمريكى بكامل عتادهم وتسليحهم فى عدد من الدول بالقارة العجوز، بدعاوى منها حماية الأمن الأوروبى.
وأعرب وزير الدفاع البلجيكى عن توقعه أن تشهد فترة الـ12 شهراً المقبلة حدوث المزيد من الاندماجات بين شركات الدفاع ومصانع الأسلحة فى الدول الأوروبية، وأوضح أن أوروبا تحتاج إلى تشكيل اتحاد يجمع أقوى وأكبر أربع شركات فى الصناعات الدفاعية، منها «راينميتال، وإيرباص، وتاليس»، واعتبر أن مثل هذا الأمر من شأنه أن يساعد فى خفض تكاليف تصنيع الأسلحة الأوروبية، بالإضافة إلـى تحسين جودتها، إلا أن «فرانكين» أعرب عن تخوفه من أن غالبية رؤساء الدول والحكومات فى القارة الأوروبية يفتقرون إلى القيادة اللازمة للدفع باتجاه تنفيذ مثل هذه المشروعات الطموحة، وقال فى هذا الصدد: «نحن بحاجة إلى شخص يقول: حسناً يا رفاق، نحن فى ورطة كبيرة، ونحتاج إلى اتخاذ خطوات للأمام».
وضرب الوزير البلجيكى مثالاً بالمشروعات المشتركة فى أوروبا، والتى أكد أنها لم تنجح حتى الآن، وأرجع ذلك إلى إصرار كل دولة على العمل بمفردها، وتوريد جزء من المنتج الكلى، واستطرد فى هذا الصدد: «لا يوجد مشروع أوروبى واحد متكامل حقق نجاحاً حتى الآن، نحن فى حاجة ماسة إلى منع كل دولة منفردة من امتلاك فريقها الخاص من المهندسين، للتوصل إلى حل وسط للأزمة»، كما أوضح أن أسواق التجزئة، وارتفاع التكاليف، وانخفاض جودة المنتج، من الأسباب الرئيسية التى جعلت حكومات كثير من دول العالم تفضل شراء الأسلحة الأمريكية، وأكد أن مبيعات الأسلحة تمثل حافزاً للولايات المتحدة لمواصلة العمل مع أوروبا، ولكن الأمر بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد، لافتاً إلى أن بلجيكا، التى تعد موطناً للعديد من شركات الأسلحة، تبحث حالياً مقترحاً بالانضمام إلى مشروع تصنيع طائرات قتالية، إلى جانب كل من فرنسا وألمانيا، مشيراً إلى أنه من المتوقع الانتهاء من الإجراءات الخاصة بهذا المشروع قبل نهاية العام الجارى.
وكذلك، قال «فرانكين» إنه يؤيد اقتراح المفوضية الأوروبية بتخفيف قواعدها المالية للإنفاق على الدفاع، الأمر الذى يسمح للدول الأعضاء بتحمل المزيد من الديون، وأوضح فى هذا السياق: «نحن بحاجة إلى المزيد من الأموال فى الوقت الحالى، للحصول على المزيد من المشتريات، واقتناء الكثير من الأشياء»، وأضاف أنه لا يؤيد فكرة الاقتراض المشترك لتمويل الدفاع، وهى الفكرة التى تؤيدها فرنسا وعدة دول أخرى، باعتبار أنها تمثل شكلاً من أشكال زيادة الإنفاق الدفاعى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: بلجيكا الولايات المتحدة روسيا أوكرانيا الولایات المتحدة الدول الأوروبیة القارة العجوز المزید من بحاجة إلى
إقرأ أيضاً:
رئيس السلفادور يقترح مبادلة الفنزويليين المرحلين من الولايات المتحدة بـ”سجناء سياسيين” فنزويليين
أبريل 21, 2025آخر تحديث: أبريل 21, 2025
المستقلة/- اقترح رئيس السلفادور، نجيب بوكيلي، يوم الأحد إرسال 252 فنزويليًا مُرحّلين من الولايات المتحدة ومُسجونين في بلاده إلى فنزويلا، مقابل استقبال “سجناء سياسيين” تحتجزهم فنزويلا.
في منشور على X، طلب بوكيلي من الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، تسليم 252 “من السجناء السياسيين الذين تحتجزهم”، بموجب اتفاقه المقترح.
ولم يُصرّح الزعيم السلفادوري ما إذا كان سيتم إعادة سجن هؤلاء السجناء في صفقة تبادل.
انتقد المدعي العام الفنزويلي، طارق ويليام صعب، اقتراح بوكيلي، واتهم السلفادور باحتجاز 252 فنزويليًا بشكل غير قانوني.
وفي بيان، طالب صعب بمعرفة الجرائم المُتهم بها المعتقلون، وما إذا كانوا قد مثلوا أمام قاضٍ، أو سُمح لهم بالاستعانة بمحامٍ، أو سُمح لهم بالاتصال بأفراد عائلاتهم.
ومن بين الذين اقترح بوكيلي إطلاق سراحهم من فنزويلا الصحفي رولاند كارينو، والمحامية في مجال حقوق الإنسان روسيو سان ميغيل، وكورينا باريسكا دي ماتشادو، والدة زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، التي قال إنها تتعرض لتهديدات يومية في منزلها.
كما ذكر ما يقرب من 50 محتجزًا من جنسيات أخرى، بمن فيهم مواطنون أمريكيون وألمان وفرنسيون، كجزء من عملية التبادل المقترحة.
وأشاد آدم بوهلر، المبعوث الأمريكي الخاص للرد على الرهائن، بهذه الخطوة في منشور على X، وقال إن 10 أمريكيين كانوا من بين المحتجزين الخمسين المقترحين للتبادل.
وصرح بوكيلي أن وزارة خارجيته ستقدم الاقتراح رسميًا إلى الحكومة الفنزويلية عبر القنوات الدبلوماسية.
في الشهر الماضي، رحّلت إدارة الرئيس دونالد ترامب ما لا يقل عن 200 فنزويلي من الولايات المتحدة إلى السلفادور، متهمةً إياهم بالانتماء إلى عصابة ترين دي أراغوا الإجرامية. وتدفع الولايات المتحدة للسلفادور 6 ملايين دولار لاحتجاز المهاجرين في مركز احتجاز الإرهابيين شديد الحراسة.
وأكدت الحكومة الفنزويلية عدم وجود سجناء سياسيين لديها، وأن السجناء أدينوا بجرائم. ومع ذلك، تزعم المنظمات غير الحكومية أن أكثر من 800 شخص محتجزون لأسباب سياسية.
نفت الحكومة الفنزويلية انتماء الفنزويليين المرحّلين من الولايات المتحدة إلى أي عصابات. كما أكد محامو المعتقلين وأفراد عائلاتهم عدم وجود أي صلة لهم بالجماعات الإجرامية.
ووصف صعب سجن CECOT في السلفادور بأنه “لم يعد مركز تعذيب… بل مكانًا للاختفاء القسري للمواطنين الفنزويليين الأبرياء”.
وأضاف أنه سيطلب رسميًا قائمة كاملة بأسماء المعتقلين، ووضعهم القانوني، والتقارير الطبية لكل منهم، وحثّ المنظمات الدولية على المطالبة بالإفراج الفوري عنهم.
يوم السبت، منعت المحكمة العليا الأمريكية مؤقتًا إدارة ترامب من ترحيل مجموعة أخرى من المهاجرين الفنزويليين المتهمين بالارتباط بالعصابات بموجب قانون نادر الاستخدام في زمن الحرب، وأصدرت قرارًا بوقف التنفيذ بعد أن طلب الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية من المحكمة التدخل بشكل طارئ.
وضغطت إدارة ترامب على المحكمة العليا لرفض طلب الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية نيابةً عن المهاجرين، بعد أن تُجري مراجعةً أعمق للمسألة. وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن الرئيس لا يزال ملتزما بحملته ضد الهجرة، لكنهم لم يعطوا أي إشارة إلى أن الإدارة ستتحدى قرار المحكمة.