مراد راجح شلي
الأحد كان يومَ الوداعِ المُعلَّق بين سماءِ الحُزنِ وأرضِ الفخر.
يومُكَ أتى.. والقلوبُ تُعلِّقُ دمعَها على أغصان ذكراك .
قبل أن تُشمِلَنا سحابةُ الفراق، وقبل أن تَحملَ الأعينُ وَعْدَ اللَّحظةِ الأخيرة..
اتى يومَ الأحد، يومَ الوداعِ المُعلَّق بين سماءِ الحُزنِ وأرضِ الفخر.
سيُشيَّعُ جسداً، لكنَّ روحاً ستظلُّ تُنير دربَ القلوبِ كسراج لا تعرفُ الانطفاء.
نحملُكَ في صدرِ الزمنِ كرسالةِ دمٍ كتبتَها بيدِ الأبطال..
سارت المواكبُ حافيةً على جمرِ الحنين،
وتعانقُ الأرضُ شهيداً رفضَ أن ينحني إلا للوطن.
كلُّ خطوةٍ في طريقِ التشييع ستُذكِّرُنا أنَّ الشهادةَ ليست نهايةَ المسير،
بل محطةٌ تُولدُ منها أناشيد البطولات، وتتجدَّدُ فيها ملاذات العطاء .
سنهمسُ لِسماءِ فبراير الباردة:
“اجمعي غيومَكِ ولا تمطري.. فدموعُنا كفيلةٌ بأن تُنبتَ حسناً ونصرا “.
سيبقى اسمُكَ يتردَّدُ في مسامِ الليالي،
كنداءِ الحقِّ الذي لا يُسكتُهُ رصاصٌ،
وكصوتِ الحنين الذي لا يخفتُ مهما اشتدَّتْ عواصفُ الغُرباء.
يومُكَ أتى..
ولن نودعَ فيكَ إلا الجسدَ الواهن،
أمَّا قضيتُك، فستظلُّ تُناضلُ فينا،
وتُحرِّكُ في أعماقِ الأرضِ بذورَ المقاومة،
حتى تُزهِرَ حريةً لا تُسقَطُ أوراقُها.
سلامٌ عليكَ يومَ دفنت تحتَ ترابِ الأرضِ الطاهرة،
ويومَ تُبعثُ حكايةً في ضميرِ التاريخ..
وَعَدْنَا بأن نُكملَ السيرَ على دربِ الدمِ الذي اختلطَ بندى الأمل،
فنحنُ جيلٌ تعلَّمَ منكَ أنَّ الشهادة في سبيلِ الله هي الانتصار الخالد .
* * *
مشهد تنهدت فيه أرواحنا باكية وداعك
تهتف الأرض والسماء بأسى لا يُحتمل
يقف الوجع صامتا، والقلب يئن على الفراق الأعظم.
صوت الراوي:
“إنه اليوم الحزين الذي لم يكون مجرد يوم آخر.
إنه اليوم العصيب على السماء والأرض والقلوب والسنين .
إنه اليوم العصيب على الريح والقدس والجبل الأسود .
اليوم الموجع على نهر الليطاني وهو يجري باكيا عليك منذ الولادة حتى هذا اليوم .
إنها اللحظة التي تبكي فيها السماء دماً… وتراقص الريح ذكراك في كل زاوية تخطو إليها قدم مقاوم.
انها ساعة اليقين يا سادة المجاهدين
وانتم توارون قائدكم تبكونه فقداً
وتجددون العهد ” على خطاك ثابتين ”
انظروا… هذه طيور القدس ترقص أجنحتها على… تعزف ألحان الوداع بحناجر محترقة… كأنها تعرف أنها تودع رجلا كان صونها من عتبات الانكسار .
السماء تبكي… لم تسقط قطرات المطر إلا ورسمت على خد الأرض… والشمس تغيب مبكرة، كأنها لا تريد أن تشهد مشهدا يسحق الجبال قبل القلوب.
عيون العاشقين… هي التي جملتك … ليست أكفا من لحم ودم، بل هي أمواج من نور ترفعك إلى ملكوت الخلود .
كل دمعة تسقط من العيون ستمضي شهباً تنير درب المستضعفين .
لن تموت… لأن ما صنعته في سفر التاريخ خالداً.
لن تغيب… فالروح التي تنساب من فم المقاومة لا تذهب إلا لتعود أقوى .
(المشهد يتصاعد… الأصوات تخمد… وفجأة… تنفجر أنشودتان متداخلتان من بعيد إحداها تخنق القلوب والأخرى ترقد قلوبنا عهداً ووعداً . .
” صوت الأنشودة الأولى “:
” أين نصر الله أين .. ليته في الحاضرينَ ”
” صوت الأنشودة الثانية “:
” يا شهيد الحق والفتح الميينا
عهدنا نمضي على دربك واثقينا ”
(يختتم المشهد بصورة… جنازة تمشي… ومليون عين تحملها… هواء ملؤه رائحة زهرة الأرز… وصمت لا يقطعه إلا هتاف خالد: “لبيك يا نصرالله!”)
* * *
” أين نصر الله أين؟ ليته في الحاضرينَ ”
لم استطع مواراة حُزني وبقيت لساعاتٍ
مكلوماً . . مصدوماً . . صامتاً . . باكياً
لم استطع البتةّ الانتقال لأي شيء آخر
يخرجني من كُربة المشهد ووجع فراقك
” أين نصر الله أين؟ ليته في الحاضرينَ ”
سؤالٌ يُذيب القلب ألماً ويحيل غصتنا دمعاً وفقداً
فقدنا النور الذي كان يُنير دربَ الأمة، والغيابُ الذي هزَّ أركانَ القلوب قبلَ الأوطان.
” أين نصر الله أين ؟ ليته في الحاضرينَ ”
يا ليتكَ بين الحاضرين.. لكنك صعدتَ إلى السماء شهيداً، تاركاً وراءكَ جرحاً لا يُندمل، وحُباً لا ينطفئ.
ستظل حياً فـ”الشهيد” لا يموت، بل يخلد في دماءِ الثائرين وأرواحِ الراكعين الساجدين.
السلام عليك يا سيد الأمة وصونها وصوتها وإلى اللقاء.
ليس وداعاً بل لقاء موجل.
إلى اللقاء مع انتصار الدم على السيف.
إلى اللقاء في جوار الأحبة “.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: أین نصر الله أین
إقرأ أيضاً:
حماتي تقايضني بالحمل أو الطلاق من زوجي الذي أعشقه
سيدتي،سعيدة أنني حظيت بهذه الفرصة حتى أحلّ ضيفة على منبرك الجميل الذي متيقنة أنني سأجد من خلاله سلوى لما أمر به،. أعبر عن شجني وأنا أذرف دموع الحسرة والأسى، فما أنا فيه سيدتي لا يسرّ عدوا ولا حبيب، فزوجي لا يأبه لأمري وقد ألّبته أمه ضدي وحرضته، فتحول كبير الحب الذي كان بيننا إلى رهان مربوط بمسألة حملي من عدمها.
لا أخفيك سيدتي أنني تغررت بعد أن تزوجت ممن أحببته وضحيت من أجله منذ ستة أشهر تقريبا هي عمر زواجنا، وقد كنت أخال أنني سأنال من الغنج والدلال الكثير كوني زوجة الإبن الوحيد لحماتي التي توفى عنها زوجها وهي شابة يافعة. وقد ترك لها إبنا تكبره ثلاثة فتيات هن اليوم متزوجات ومستقلات بحياتهن. الدلال والغنج اللذان كنت أصبو إليهما لم أجد منهما شيئا في حياتي التي ما فتئت أبدأها لأجد نفسي يوميا في مساءلات من حماتي وبناتها حول مسألة حملي، وكأني بهن قد أحضرن ماكينة للبيت تنتج لهم الأبناء. لطالما تقبلت الأمر بصدر رحب وعللت المسألة بأنها نابعة من حب حماتي وتمناها من أن يكون لها حفيد تستأنس به وترعاه، إلا انّ الأمر تحوّل إلى هوس وتضييق للخناق، لدرجة أن زوجي أصرّ عليّ ذات ليلة أن أزور الطبيبة المختصة في أمراض النساء لتعرف خطبي وسبب تأخر حملي، وكأني بي متزوجة منذ سنوات وليس منذ بضعة أشهر.
لم يكن بإمكاني السكوت على الوضع أكثر مما عشته، فواجهت حماتي بمسألة أن تتركني وشأني أحيا حياتي بطريقة عادية فمسألة حملي بيد الله، وهي رزق يساق إلى الإنسان سوقا، كما أخبرتها أنه لا يجوز لها من باب الوقار الذي يجب أن تكون عليه كحماة مثقفة هي وبناتها أن تتدخل في مثل ذي أمور أعتبرها جدّ حميمية،فوجدتها تخبرني بصريح العبارة أن مصيري في عش الزوجية مرهون بحملي في أقرب الأجال بولي العهد الذي تريده ذكرا حتى يحمل إسم العائلة ويخلدها. الأمر الذي لم أجد لدى زوجي أي إمتعاض منه مادام هو رغبة من أمه حتى يكون له تلد وحتى يحقق حلم الأبوة.
أنا في حيرة من أمري سيدتي، فكيف يمكنني الخروج من هالة الأحزان التي أحياها وأنا في بداية زواجي؟
أختكم ع.مروة من الغرب الجزائري.
الردّ:
في البداية لا يسعني بنيّتي سوى أن أطلب منك أن تهوّني على نفسك بالقدر الذي تستطيعينه، ولا أخفي عليك أنّ ما تمرين به موقف لا تحسدين عليه،إلا أنّ التريث هو أكثر ما يجب عليك إنتهاجه حتى تتمكني من تجاوز هذه المحنة التي أتمنى أن لا يكون لتأثير الجانب النفسي فيها إنعاكاسات على مسألة الحمل.
من الطبيعي أن تحرص أي أمّ على مستقبل إبنها وراحة باله، حيث أن حماتك قلقة وجلة بشأن مسألة حملكم لأنها تريد أن تدب الحركة والحياة في بيت كسته الرتابة والهدوء، لكن أن يبلغ بها الأمر أن تساومك فيما ليس لك طاقة به فذلك ما لا يطاق.
حقيقة لقد خرقت حماتك حدود الحميمية التي بينك وبين زوجك وقد سمحت لنفسها أن تحدد مصير بقائك في عش الزوجية بمسألة إنجابك، وأنا من باب النصح بنيتي أؤيّد راي زوجك الذي قرر إصطحابك للطبيبة المختصة وهذا حتى تتمكن هذه الأخيرة من منحك من الفيتامينات والمقويات أو الهرمونات ما يساعد مسألة حملك.
متأسفة أنا لأنّ أجمل أيام عمرك تحولت إلى نقاش وعلاقات متشنجة مع أهل البيت، لكن في ذات الوقت أناشدك الحفاظ على هدوئك وسكينتك حتى لا تتهوري وتقترفي ما لا يحمد عقباه. كما أنني أتساءل عن أخوات زوج عوض أن تكنّ محضر خير بينك وبين أمهن سمحن لأنفسهنّ الخوض في أمور لو كنّ هنّ المعنيات بها لما سمحن لأي كان التدخل . لست بالعقيم بنيتي حتى تحسّي بالفسل، ولست في حرب حتى تحسيّ بأنك مغلوب على أمرك، فقط التريث والصبر هما سبيلك للفرج بإذن الله.
اللين والكياسة في التعامل مع الزوج مطلوبان،فالأمر متعلّق بوالدته وبمصيره كإبن لها عليه أن ينجب لها ولي العهد الذي لطالما حلمت به. أتمنّى من الله أن يرزقك ويرزق كل محروم ذرية صالحة لا تعيي العين بالنظر إليها، وكان الله في عونك أختاه.
ردت: س.بوزيدي.