ازدواجية المعايير في مصطلح الإرهاب.. المقاومة الفلسطينية نموذجًا
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
عندما برز مصطلح الإرهاب في العقود الماضية بصورة أوسع، عُرف بأنه أسلوب من أساليب الصراع الدولي، الذي يقع فيه ضحايا بصفة جزافية أو رمزية كهدف إيقاع أذى أو عنف فعال لطرف آخر، بدون أن يكون هدف أسمى للعمل الإرهابي، لكن الإشكالية التي تسهم في غموض هذا المصطلح وتجعله أكثر التباسًا، هي عدم التفريق الدقيق بين الإرهاب كظاهرة عالمية، غير محددة بدولة أو بشعب أو بعقيدة، وبين كفاح الشعوب ونضالها لنيل حقوقها المشروعة، في التحرير ومحاربة المحتل والمستعمر، وهذه بلا شك قضية محورية يجب أن توضع في مكانها الصحيح في المصطلح، وتنضبط وفق مقاييس دقيقة وثابتة بعيدا عن الأهواء والميول الأيديولوجية واختلافها، فمصطلح الإرهاب يستخدم أحيانا بطريقة انتقائية، وتلصق أحيانا على أعمال لا تندرج ضمن مفهوم التعريف المشار إليه آنفًا، وهذه مسألة تثير الارتياب في تعريفات بعض الدول للإرهاب ومنها الولايات المتحدة على وجه التحديد.
في الثلاثينيات من هذا القرن، كانت هناك صورة أخرى من صور إرهاب الدولة المنظم في الداخل، في ألمانيا الهتلرية، من خلال الجرائم التي كانت ترتكبها قوات العاصفة وقوات الـ (إس .اس)، بحق كل من يخالف السياسات النازية ويعارض أطروحاتها، وذلك مقدمة لتصدير الإرهاب النازي إلى خارج الحدود، وهو ما أدى بدوره إلى تفجر الصراع الدولي في الحرب الكونية الثانية في القرن الماضي.
وهناك الكثير من الأعمال الإرهابية التي حدثت في العقود الماضية، فعلى سبيل المثال الإرهاب الإسرائيلي في احتلاله، وجرائمه التي ارتكبت ضد العرب في فلسطين، يعد أفظع أساليب الإرهاب في عصرنا الراهن، وهذا الإرهاب الإسرائيلي ربما يفوق الإرهاب القديم بما يملكه من وسائل حديثة ووحشية منذ منتصف القرن الماضي إلى الآن، وإذا أردنا أن نحصي الجرائم الإرهابية الإسرائيلية، فإن عشرات المقالات لا تستطيع سرد كل الجرائم الإرهابية الإسرائيلية». فإسرائيل منذ احتلالها، كما يقول الزهراني، لأراضي فلسطين في 1948م، مارست الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ضد أهل الأرض الأصليين، شتى أصناف الرعب والإرهاب، التي لا يختلف اثنان على أنها كذلك، فقامت بطرد الفلسطينيين من منازلهم ودمرتها على رؤوسهم وطاردتهم ونفذت فيهم عمليات القتل والاغتيال داخل وخارج وطنهم، وصادرت الأراضي وسممت المياه ومارست قواتها كل أعمال القمع والعنف ضد المواطنين العزل، من تكسير للأذرع، وتهشيم للأضلع على مرأى ومسمع من عيون وآذان العالم، ولم يتوقف الإرهاب الإسرائيلي عند هذا الحد، بل تعداه إلى الأضرار بالمقدسات والشروع في حرقها وتدميرها وطمس معالمها، كما حصل للأقصى الشريف أكثر من مرة، ناهيك عن أعمال القتل والتدمير التي طالت أراضي عربية أخرى في لبنان والجولان السورية المحتلة، تلك الأعمال الإرهابية مورست بأمر وتوجيه من أعلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحجة الأمن الإسرائيلي، لكن مع ذلك فإن الولايات المتحدة أدارت ظهرها للقرارات الدولية الداعمة للحق العربي الفلسطيني، وصمّت آذانها عن سماع ومشاهدة الإرهاب الصهيوني اليومي، بل ودافعت عن عنصريته الصارخة، إلى جانب الدعم غير المحدود عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا، وهذا للأسف أوجد مبررات ومسوغات الإرهاب عند أطراف كثيرة ومنها الطرف الإسرائيلي، وزاد من مسألة الاحتقان السياسي والتطرف الديني وغير الديني، الذي هو محصلة نهائية للإرهاب والإرهابيين في العالم، وكل طرف يتهم الآخر بالإرهاب والتطرف والعنف غير المبرر، في غياب التعريف القاطع الجازم في هذا المضمار.
وليس هناك داعم أقوى للإرهاب من تجاهل أسبابه الكامنة والموضوعية لقيامه وانتشاره في المجتمعات الحديثة، وخاصة في عصر الثورة المعلوماتية والعولمة، ونتيجة للفوارق الاقتصادية والاجتماعية، وسبق أن تطرقت إلى أن التطرف والإرهاب، سوف يعشش ويقتات على هذه السلبيات، التي تزداد بازدياد أنظمته العالمية الجائرة والمجحفة في تعاملها الاقتصادي وفق النظرية الدارونية البقاء للأقوى «بدل البقاء للأصلح!»، وقد أشارت إلى هذا المنحى الخطير الأديبة الفرنسية فيفيان فورستر في كتابها [الإرهاب الاقتصادي] الذي أثار ضجة في أوروبا والغرب وترجم إلى عشر لغات عالمية. وقد عبرت في هذا الكتاب من أن الهدف من: «إصداره هو رفع الاحتجاج ضد نظام يمتص الناس حتى النخاع، وأن هناك مؤامرة دولية عالمية يحاول من خلالها رجال السياسة والاقتصاد والمال والمنظمات الدولية إخفاء الحقائق عن الناس، وأن الإرهاب الاقتصادي هو نتيجة للمجتمع المادي الذي يهدف إلى الربح فقط، كما أنه نتيجة لتقنية الأوتوماتيكية والعولمة الاقتصادية، التي تقوم على فكرة إنتاج المزيد من السلع والمنتجات بأقل عدد ممكن من اليد العاملة البشرية.
صحيح أن الإرهاب لم ولن ينحصر في الجانب الاقتصادي البحت في المستقبل، وأسباب الفقر والبطالة، بل إن الإرهاب تتعدد أسبابه ومناحيه، لكن الجانب الاقتصادي في المرحلة المقبلة سيجلب الكثير من المشكلات في المجتمعات المعاصرة، ومنها الإرهاب الأيديولوجي الذي سيضرب- كما قلنا- على وتر الفقر والبطالة في ظل هذه التراكمات السلبية والمستعصية في ظل العولمة وأنظمتها التي لا تكترث كثيرا للعواطف والفوارق الاجتماعية».
أيضا من السلبيات التي تسهم في انتعاش الإرهاب قضية الازدواجية والمعايير في السياسة الدولية، والكيل بمكيالين عند التعاطي معها، والتي أصبحت ظاهرة تؤرق العالم، والشعور بالظلم إزاء بعض القضايا التي باتت تستعصى على الهضم والتقبل، مثل معاناة الشعب الفلسطيني والقتل العشوائي، والكوارث الإنسانية التي يلاقيها هذا الشعب من هذا الحصار الظالم والحصار إلخ، وما حصل مؤخرا أيضا في غزة من دعم من قبل الولايات المتحدة ضد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني واعتبار المقاومة إرهابًا! فالتعاطي بالازدواجية في الكثير من القضايا، أثمر الكثير من الكراهية غير المبررة في بعض الأحيان، ومنها الإرهاب المرفوض الذي تعاني منه الإنسانية، لذلك فإن أفضل الخطوات لوقف هذا الإرهاب واستئصاله، هو البحث الجاد عن أسبابه وإيجاد المخارج المنطقية والعقلانية لتجفيف منابعه بالحكمة أولا، ثم بالتعاطي العادل مع مسببات هذا الإرهاب، والذي يدعو إلى الأسف أن مصطلح الإرهاب لا يزال ورقة يتلاعب بها الكثيرون ويتقاذفون بها كالكرة فيما بينهم، وكل يوصم الآخر بالإرهاب وكل مشكلة داخلية يعانيها بلد ما، ترفع التهمة الجاهزة على البعض الآخر بالإرهاب، وبدلا من اتخاذ الوسائل السلمية والقوانين المرعية، وحقوق الإنسان لحل هذه المشكلات- التي تختلف من بلد إلى الآخر- فإن شعار الإرهاب بات الآن سيفا مسلطا بلا معايير دقيقة لتقييده، وهذه إشكالية ربما تساعد في ازدهار الإرهاب لا في استئصاله، ورغم إن الإرهاب قضية عالمية إلا أنه بقي خارج دائرة الاتفاق لجهة تعريفه، رغم ما تضمنته قواميس اللغة وكتابات الفقهاء من اجتهادات للتعبير عن الظاهرة، لكنها لم تفلح جميعها في وضع ضوابط ومعايير محددة للفصل بين الفعل الإرهابي وما سواه، الأمر الذي أدى حتى بأولئك المهتمين بدراسة هذه الظاهرة، إلى مواصلة بحوثهم ودراساتهم دون الاكتراث بتعريفها.
وعدم الاتفاق على تعريف محدد للإرهاب نابع بالدرجة الأولى من تسييسه، ووضع الاعتبارات القانونية خارج الحسبان، رغم هويته القانونية في الأساس، وقد أدى ذلك بدوره إلى اختلاط الأوراق وتباعد المواقف، فلم يعد مستغربا أن نشاهد حكومات، أو جماعات ترتكب حماقات وتقوم بأعمال الإبادة البشعة بحق الإنسان، باسم مكافحة الإرهاب، ولم يعد خافيا أن يستخدم الإرهاب- جسرا لتحقيق أهداف ومكاسب شخصية أو حزبية أو قومية أو غيرها من المصطلحات. فالقضاء على أسباب الإرهاب خطوة إيجابية لا شك لدحره وتقزيمه، ولو بصورة متدرجة، وهو في اعتقادنا أفضل الأساليب لاستئصاله من جذوره، وهذا الإرهاب لا نختلف جميعا على رفضه ونبذه، بكل أنواعه وصنوفه ومبرراته، لكن الأسباب الكامنة لعلاجه مسألة مهمة للقضاء على الإرهاب.
من هذه الأسباب أن الكثير من المجتمعات في العالم تفتقر إلى الديمقراطية والتعددية السياسية وآلياتها، في الاختيار الحر النزيه من خلال الانتخابات التشريعية، إلى جانب أن أحزمة الفقر وظروف الهجرة الكثيفة إلى المدن، وانتشار الأحياء العشوائية من أسباب انتشار التطرف الذي هو بلا شك محصلة أخيرة للإرهاب والتوترات ويتم استغلالها، كما أن عجز بعض السكان عن التكيف مع قيم المدينة الحديثة، وطريقة حياتها القائمة على المنفعة المادية البحتة، وافتقارها إلى الكثير من قيم المدن الصغيرة أسهم في الكثير من أسباب الاحتجاج والتطرف، فهذه الأسباب اجتمعت مع أسباب أخرى، وهي غياب العدالة، وازدواجية المعايير في القضايا السياسية، وغيرها من الأسباب المساهمة في بروز ظاهرة العنف والإرهاب، كظاهرة عالمية والتي تحتاج إلى التقييم والفهم والتعامل العادل، فالمشكلة التي يجب طرحها أن الولايات المتحدة واجهت إرهابا فظيعا لم تكن تتوقعه بالصورة التي حدثت، وبدلا من التروي والدراسة المتأنية لاتخاذ الرد على هذا الإرهاب المفاجئ، قامت بشن حرب على أفغانستان، لاحتضانها أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة المتهم بهذه التفجيرات في سبتمبر 2001م، ثم أكملت ذلك باحتلال العراق، بعد تبريرات أصبحت في ذمة التاريخ، ومنها امتلاك النظام السابق للسلاح النووي! والغريب أن الولايات المتحدة، لم تناقش بجدية قضية الكراهية التي تواجهها من غير الكثير من دول العالم في هذا العصر، فالكثير من أسباب الكراهية المرفوضة، ربما تزيد في معدلات الإرهاب وتناميه بصورة مضطرة، وهذا السلوك غير المنطقي عبر عنه «بروستر.ك. ديني» في كتابه: (نظرة على السياسة الخارجية الأمريكية). أن «من الأهمية بمكان أن يتوصل شعبنا إلى نوع من الفهم العام بدلا من الاستجابة للعواطف والانحيازيات.
نحن نبعد كثيرا عن كل هذه الدول حتى نفهم المدلول الحقيقي. ولكن مستقبل العالم كله يعتمد على الحكم الصحيح، يعتمد على إدراك الشعب الأمريكي لأفضل ما يمكن القيام به، وما يجب القيام به».
والسؤال الذي يحتاج إلى أجوبة صريحة من العالم كله: لماذا لا يتساوى إرهاب الاحتلال مع إرهاب أسامة بن لادن المشتبه به في تفجيرات نيويورك وواشنطن بالوقفة والحدة والصرامة نفسها؟ فمنهجية التعاطي المزدوج في مسألة الإرهاب، تمثّل سابقة خطيرة على السلام والعدل والاستقرار، وإذا سكت العالم على الإرهاب بمعاييره ومقاييسه القائمة، فإن القضاء على الإرهاب سيكون كمن يحارب طواحين الهواء ـ كما فعلها «دون كيشوت».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة هذا الإرهاب الکثیر من إرهاب ا فی هذا
إقرأ أيضاً:
من قلب الكساد الكبير إلى معيار للرؤساء.. كيف ظهر مصطلح الـ100 يوم الأولى؟
يشكل مصطلح الـ"100 يوم الأولى" أحد معايير السياسة الأمريكية، وتسلط فيه الأضواء على الرئيس الجديد، بعد تسلمه منصبه رسميا، ليعبر عن فترة اختبار أولية لقياس قدرته على الحكم وترجمة الوعود الانتخابات التي أطلقها خلال حملته، على الواقع بعد دخوله البيت الأبيض.
ورغم أن الـ"100 يوم الأولى"، ليست قاعدة دستورية أو سياسية ملزمة، لكنها باتت تقليدا في ثقافة السياسة الأمريكية، وتهتم وسائل الإعلام والباحثون والمراقبون السياسيون به بصورة كبيرة، وتجرى أبحاث واستطلاعات رأي بناء عليه تحمل تأثيرا على الرأي العام والرئيس في الوقت ذاته.
ومع اجتياز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فترة الـ100 يوم الأولى، والتي شهدت قرارات صاخبة، فضلا عن مطبات وقعت فيها إدارة خاصة فضيحة تطبيق سيغنال، تبدأ التقييمات الأمريكية لأداء الرئيس بصورة مبكرة.
ونستعرض في التقرير التالي قصة الـ 100 يوم الأولى، وكيف ظهرت في السياسية الأمريكية:
كيف ظهر المصطلح؟
لم تعرف السياسة الأمريكية في تاريخها، هذا المصطلح، ولم يظهر إلا في عهد الرئيس فرانكلين دي روزفلت، عام 1933، الذي صعد إلى الرئاسة، وكان الولايات المتحدة، تعاني من فترة الكساد الكبير، واستغل فترة الـ 100 يوم الأولى، من أجل إطلاق برنامجه "الصفقة الجديدة"، لمواجهة التداعيات الاقتصادية الكبيرة.
ودعا روزفلت الكونغرس فورا إلى جلسة استثنائية، وأبقاها في حالة انعقاد طارئ لمدة 3 شهور، وكان الديمقراطيون متحمسون لتنفيذ أوامره، إضافة إلى تعاون عدد من الجمهوريين.
وتقدم الرئيس الأمريكي بسلسلة مشاريع قوانين اجتماعية واقتصادية وعلى مستوى التوظيف، والتي ضخت الكثير من الأموال الفيدرالية لمساعدة العاطلين عن العمل، وخلقت فرصا للعمل، فضلا عن تحريك التداول، ورفعت من حركة البناء في مجالات أنظمة المياه ومحطات الطاقة ومؤسسات التأمين وحماية الحسابات المصرفية، وغيرها الكثير من المشاريع التنموية في فترة صعبة.
ونجح روزفلت بالمجمل في خطته، وقام الكونغرس بتمرير 15 مشروع قانون رئيسي، في فترة الـ 100 يوم الأولى، من رئاسته، وهو ما رسخ الفكرة في الثقافة السياسية الأمريكية، بحجم الإنجاز الكبير في هذه الفترة من بداية الرئاسة.
شهر عسل سياسي
تعرف الفترة الأولى للرئيس بمرحلة شهر العسل السياسي، حيث يكون التأييد الشعبي في أعلى مستوياته، بعد الفوز بالانتخابات، والمعارضة تكون أقل حدة بعد صدمة الخسارة، وهو ما يساعد الرئيس في تمرير إصلاحات ووعود قدمها سابقا بصورة أسرع، وتعكس ملامح السياسة للإدارة الجديدة.
لكن مسألة الـ100 يوم الأولى"، تحولت إلى عامل ضاغط بصورة كبيرة، على أي رئيس جديد في الولايات المتحدة، من أجل تقديم إنجازات سريعة من جهة، كما أنها قد تضلل الرأي العام، ويجري تقييم الإدارة الجديدة، على أساس سرعة القرارات المتخذرة من ناحية السرعة وليس النوعية، أو مدى تأثيرها على الجمهور، وتلعب وسائل الإعلام والمحللون السياسيون دورا استعراضيا في الضغط على الإدارة الأمريكية لمعرفة محصلة الـ 100 يوم الأولى للرئيس ومنح تقييم لأدائه.
عناصر التقييم
تطورت مسألة تقييم أداء الرئيس خلال الـ 100 يوم الأولى، من رئاسته، منذ روزفلت حتى اليوم، وأضيفت العديد من المعايير لمعرفة مستوى الأداء ومدى النجاح أو الإخفاق في الأشهر الأولى للرئاسة.
ووفقا للعديد من المواقع الأمريكية، فإن تقييم الـ 100 يوم الأولى، ينظر له من زوايا عدد القوانين التي أقرها قدمها الرئيس للكونغرس ونجح في إقرارها، كذلك الأوامر التنفيذية المهمة، والتي تعكس السياسة التي ستسير عليها الإدارة الجديدة، وتتعلق بالجمهور بصورة مباشرة وتؤثر على حياتهم اليومية.
كما يعتبر تشكيل الفريق الرئاسي واختيار الوزراء، ومدى الانسجام والقرارات التي تبدأ بالصدور من طرفهم، مؤشرا على تقييم أداء الرئيس في أشهره الأولى، إضاف إلى كيفية التعامل مع الأزمات الطارئة والكوارث في حال وقعت.
ويلعب الخطاب السياسي العام للرئيس، وردود فعل الإعلام والرأي العام عليه، وحالة الاستقرار أو الغضب في الشارع جراء السياسات الجديدة، ومستوى التعاون مع الكونغرس، جانبا من عوامل تقييم الرئيس الجديد في الـ 100 يوم الأولى.
إخفاقات ونجاح للرؤساء في الـ 100 يوم الأولى:
فرانكلين روزفلت:
من أبرز الأمثلة على النجاحات في الـ 100 يوم الرئيس روزفلت الذي ظهر المصطلح مع رئاسته، وتمكن من تمرير حزمة ضخمة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعي، وباتت رئاسته مرجعا مهما للتقليد السياسي الأمريكي.
باراك أوباما:
أوباما حقق نجاحات في ظل الأزمة المالية العالمية، وتمكن من إقرار خطة إنقاذ اقتصادي بقيمة 787 مليار دولار، فضلا عن مشروع إصلاح النظام الصحي، والذي أطلق عليه نظام "أوباما كير".
كما نجح في تمرير قانون التعافي وإعادة الاستثمار، وعلى الصعيد الخارجية وفي أهم الخطوات، تقدم في إنهاء العمليات العسكرية في العراق بعد غزوه من قبل سلفه جورج دبليو بوش.
دونالد ترامب (الولاية الأولى):
بدأ ترامب ولايته الأولى كالثانية، في إجراءات صدامية، استهدف فيها إلغاء قوانين وسياسيات لأسلافه، وأخفق في الـ 100 يوم الأولى، في إلغاء قانون أوباما كير الصحي، كما تعرضت قراراته بشأن الهجرة، وملاحقة المهاجرين ردود فعل حقوقية وقانونية واسعة، فضلا عن الصدام مع وسائل الإعلام والعديد من المؤسسات والجهات الفاعلة في الولايات المتحدة.
وحاز خلال الـ 100 يوم الأولى، على معدلات شعبية منخفضة، وصلت إلى نحو 41 بالمئة، خلال هذه الفترة.
ترامب في الـ100 يوم بالولاية الثانية.. تصريحات صادمة ومثيرة للجدل:
منذ عودته إلى البيت الأبيض، أدلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسلسلة تصريحات صادمة تضمنت إعلانات مثيرة للجدل وتراجعات مفاجئة وشملت مواضيع منها الدين والهجرة والدبلوماسية.
وكرر ترامب في اليوم الأول من ولايته الثانية أن الله "أنقذه" من محاولة اغتيال في 13 تموز/يوليو في بنسلفانيا حتى يتمكن من "جعل أميركا عظيمة مجددا".
وأعلن ترامب، أمام رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن رؤيته لقطاع غزة والقاضية بـ"السيطرة" على القطاع الفلسطيني وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". وفاجأت هذه التصريحات الصحافيين الحاضرين وأثارت موجة غضب دولية.
في إطار حربه التجارية الشاملة، تباهى ترامب بأن عشرات الدول اتصلت "تقبل مؤخرتي" على حد تعبيره، طالبة التفاوض. وقال "إنهم يتوقون إلى توقيع اتفاق "من فضلك، من فضلك سيدي، فلنوقع اتفاقا وسنفعل أي شيء من أجل ذلك".
انتقد ترامب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرارا، حتى إنه وصفه بـ"الديكتاتور غير المنتخب"، قبل أن يصل التوتر بينهما إلى ذروته في المكتب البيضوي، حين شن الرئيس ونائبه جاي دي فانس هجوما لاذعا على زيلينسكي خلال اجتماع انتشرت مشاهده على نطاق واسع.
وخلال حملته الانتخابية، وعد ترامب بـ"وضع حد لـ"جنون التحول الجنسي". وأعلن في حفل تنصيبه أنه "اعتبارا من هذا اليوم ستكون السياسة الرسمية لحكومة الولايات المتحدة الاعتراف بوجود جنسين فقط، الذكر والأنثى"، ووقع لاحقا أوامر تنفيذية تمنع المتحولين جنسيا من الخدمة في الجيش أو ممارسة الرياضات النسائية.
وألمح ترامب مرارا إلى إمكان ترشحه لولاية ثالثة، وهو أمر يحظره الدستور الأمريكي. وأعلن ترامب أنه "لا يمزح" بشأن ذلك، قائلا إن هناك "وسائل" لتحقيق هذا الهدف، مثل سيناريو يقضي بترشح نائب الرئيس جاي دي فانس للرئاسة ثم تنازله عنها لترامب.