وقف إطلاق النار الذي لم يُنفَّذ في غزة ولبنان
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
يشهد قرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة انهيارًا بطيئًا، وذلك مع استمرار خرق القرار بصورة يومية ولو كان بشكل بسيط، وهذا ما سوف يؤدي إلى إشعال «حرب» خفيفة، وبالتالي يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعريض خطة الرئيس الأمريكي ترامب للخطر، وهي خطة سلام ثلاثية.
ويأتي قرار وقف إطلاق النار، أو قرار الهدنة إن صح التعبير، بهدف واضح وصريح في المقام الأول، وهو إطلاق أكبر عدد من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس، مقابل إطلاق سراح عشرات الفلسطينيين الذين يوجدون حاليًا في السجون الإسرائيلية.
ووفق هذا القرار، فإنه يتعين على كلا الطرفين - إسرائيل وحماس - العمل على تبادل كامل للأسرى، مقابل انسحاب إسرائيل من غزة في الشهر المقبل، وهي العملية التي تتم الآن في خطوة أولية، ومن المفترض أن تليها خطوة ثانية تتمثل في إعلان هدنة دائمة تهدف إلى إنهاء الحرب بشكل كلي.
ولكن الملحوظ أن العنف لا يزال متواصلًا، رغم انخفاض حدته بشكل كبير جدًا بعد أحداث 7 من أكتوبر 2023 التي أشعلت فتيل الحرب، وهذا العنف المتواصل يثير مخاوف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذي أطلق تحذيراته عبر منصة «إكس» قائلًا: «يتعين على الجميع أن نتجنب بأي وسيلة وأي ثمن استئناف أعمال العنف العدوانية في قطاع غزة، التي من شأنها أن تؤدي إلى مأساة كبيرة»، وتابع قائلًا: «يتعين على الجانبين التقيد بالتزاماتهما في اتفاقية وقف إطلاق النار، واستكمال المفاوضات بشكل جاد جدًا».
وبحسب الخبراء الدوليين والمراقبين، فإن ما يفسد قرار وقف إطلاق النار ليس تصاعد العنف فقط، بل هناك عوامل أخرى قد تسهم في ذلك، منها التصريحات المستفزة التي يطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تحدث مؤخرًا حول إنهاء القتال والخطة بعد ذلك.
وتمثلت خطته بعد إنهاء الحرب في أن يتم نقل سكان غزة بالكامل - وعددهم قرابة مليوني نسمة - إلى كل من مصر والأردن، ثم تسيطر بلاده على غزة، المنطقة الساحلية الرائعة، لتحويلها إلى منتجع يشبه «الريفييرا» الفرنسية، وهذا ما أثار سخرية المراقبين الذين وصفوا خطة ترامب بـ«ماتا غزة»، في إشارة إلى منتجع ترامب الخاص في فلوريدا.
ويقول «جيروجيو كالفييرو»، رئيس شركة جلف ستيت أناليتيكس الاستشارية الكائنة في واشنطن: «من الأساس كان قرار وقف إطلاق النار هشًا بشكل دائم، واليوم أصبح القرار أكثر هشاشة، علينا أن نتساءل ماذا يعني وقف إطلاق النار إذا كان الهدف منه تنفيذ حملة تطهير عرقي جماعية، أي يتم إجبار أكثر من مليوني فلسطيني على الهجرة إلى مصر والأردن».
وأنهى حديثه بقوله: «هذا سبب كافٍ لكي نقلق على قرار وقف إطلاق النار».
بشكل واقعي، فإن خطة ترامب تواجه اعتراضًا من مصر والأردن ومن دول كثيرة هي بالأساس حليفة لأمريكا، إلى جانب رفض حماس بشكل قاطع هذه الخطة، ورغم هذه الاعتراضات لا يزال وزير الخارجية الأمريكي «ماركو روبيو» يروّج للخطة خلال جولته في الشرق الأوسط التي بدأت في الـ 13 من فبراير الحالي.
هناك أحد حلفاء أمريكا قد أبدى استحسانه لخطة ترامب ووصفها بالخطة «الجريئة»، كان ذلك هو بنيامين نتنياهو، الذي أبدى كذلك استعداده للوقوف مع ترامب لتحقيق الخطة.
وقد كان وزير الخارجية الأمريكي واقفًا مع نتنياهو خلال مؤتمر صحفي مشترك، وقال «ماركو روبيو» حينها: «يجب القضاء على حماس»، من غير توضيح الأسباب بشكل موضوعي.
ورغم تلك التصريحات التي تهدد قرار وقف إطلاق النار، أشار المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط «ستيف ويتكوف»، الموكلة إليه جهود الوساطة، إلى أن المحادثات بشأن وقف إطلاق النار مستمرة.
وفي ظل كل تلك التناقضات، يبدو أن تصاعد العنف مع قرار وقف إطلاق النار يمثل استهزاءً واضحًا بالقرار، ففي يوم الأحد قبل الماضي استهدفت طائرات إسرائيلية بدون طيار عددًا من أفراد شرطة حماس، أثناء حراستهم لشاحنات المساعدات الإنسانية التي تقصد غزة، بالقرب من الحدود الجنوبية للقطاع مع مصر.
وفي يوم الثلاثاء بعدها، نشرت وسائل إعلامية إسرائيلية تقارير تفيد بأن الجنود الإسرائيليين يستخدمون الفلسطينيين كدروع بشرية أثناء تقدمهم نحو أفراد من حماس، وهذا ما أدى إلى انتقاد «فرانشيسكا ألبانيزي»، المقررة الخاصة للأمم المتحدة في المناطق الفلسطينية، للحادثة ووصفتها بـ«استخدام الدروع البشرية».
وشمل اتفاق وقف إطلاق النار لبنان كذلك، إذ هو جزء يعكس اتفاق غزة، وفي لبنان يواجه القرار أيضًا خطر الانهيار، فقد كان حزب الله قد أطلق في وقت سابق صواريخ على شمال إسرائيل دعمًا لحركة حماس في غزة، مما دفع إسرائيل في النهاية إلى اجتياح ثكنات الحزب في جنوب لبنان، حيث لا تزال تحتفظ بقواتها هناك.
وفي الأسبوع الماضي شنت الطائرات الإسرائيلية غارات على مواقع في جنوب لبنان، قائلة: إن الهدف منها هو استهداف مواقع حزب الله ومستودعات الأسلحة التابعة له.
ونظرًا للتهديد الذي يشكله الحزب، تمنع السلطات الإسرائيلية المدنيين اللبنانيين النازحين من العودة إلى المناطق التي تم إخلاؤها دون الحصول على إذن منها، وفقًا لما ذكره مسؤولون إسرائيليون.
وفي حادث أثار الغضب، أطلقت القوات الإسرائيلية النار وقتلت امرأة لبنانية غير مسلحة بينما كانت تحاول الاقتراب من منزلها في أقصى الجنوب للتأكد من الأضرار التي لحقت به خلال فترة القتال، بحسب تقارير إخبارية.
كما أعلنت إسرائيل أنها لن تتخلى عن خمس نقاط عسكرية أنشأتها في جنوب لبنان، على الرغم من أنها كانت قد تعهدت في مفاوضاتها مع الحكومة اللبنانية بالانسحاب منها بحلول 26 يناير.
من جانبه، طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون إسرائيل بـ «الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب في الموعد المحدد»، داعيًا الوسطاء الدبلوماسيين من الولايات المتحدة وقطر إلى «تحمل مسؤولياتهم ومساعدتنا».
الأمم المتحدة بدورها حثت إسرائيل على الانسحاب، حيث جاء في بيان صادر عن منسقها الخاص المعني بالحفاظ على السلام في لبنان: «التأخير الإضافي في هذه العملية ليس ما كنا نأمل حدوثه، لا سيما أنه يشكل انتهاكًا مستمرًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701».
في الوقت نفسه، هناك صراع آخر مرتبط بالحرب في غزة لكنه لا يخضع لأي وقف لإطلاق النار، وهو المواجهات في الضفة الغربية. فلا تزال القوات الإسرائيلية تنفذ غارات في مدن فلسطينية تشهد اضطرابات، ولا سيما طولكرم وجنين ونابلس.
بدأت هذه الاشتباكات منخفضة الحدة في الضفة الغربية قبل شهرين من هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 من أكتوبر 2023، لكنها تهدد بالتحول إلى ساحة دمار أخرى ما لم تُبذل جهود دبلوماسية مكثفة لوقف العنف.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قرار وقف إطلاق النار فی غزة
إقرأ أيضاً:
مقترح لهدنة جديدة في غزة وحماس تطالب بالضغط على إسرائيل
نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن هناك مقترح هدنة طويلة الأمد في غزة مقابل إعادة نحو نصف المحتجزين الإسرائيليين في القطاع، فيما طالبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف العدوان والعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال المسؤولون الإسرائيليون إن المقترح الجديد يتضمن إعادة نصف من تبقى من المحتجزين الذين يُعتقد أنهم ما زالوا أحياء، وعددهم 24، وجثث نحو نصف المحتجزين الذين يُعتقد أنهم لاقوا حتفهم، وعددهم 35، خلال هدنة تستمر ما بين 40 و50 يوما.
من جانبها، دعت حركة حماس المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لوقف العدوان والعودة إلى الاتفاق وتمكين عمليات تبادل الأسرى.
ووصفت حماس رئيس الوزراء الإٍسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"مجرم الحرب"، وأكدت أن ما يشجعه على مواصلة الاستهتار بالقوانين الدولية هو غياب المحاسبة وعجز المجتمع الدولي.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن حركة حماس رفضت العرض الإسرائيلي الذي اقترحه نتنياهو الأحد.
وقال نتنياهو إن إسرائيل مستعدة للحديث عن المرحلة النهائية في الحرب، لكنه اشترط أن تشمل تلك المفاوضات إلقاءَ حركة حماس سلاحها والسماح لقادتها بالخروج من القطاع.
وأكد نتنياهو أن إسرائيل ستكثف الضغط على حركة حماس لكنها ستواصل المفاوضات. وأضاف أن استمرار الضغط العسكري هو أفضل وسيلة لضمان عودة المحتجزين.
إعلانمن جانب آخر، أكد متحدث باسم الاتحاد الأوروبي أن الاتحاد يريد استئناف المفاوضات بين حركة حماس وإسرائيل لأنها السبيل الوحيد للمضي قدما.
وأضاف المتحدث أن العودة إلى وقف إطلاق النار أمر أساسي، بما يؤدي إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين ووقفٍ دائم للأعمال القتالية.
وشدد المتحدث الأوروبي على ضرورة كسر دائرة العنف واستئناف وصول المساعدات الإنسانية وتوزيعها، وعودة إمدادات الكهرباء إلى قطاع غزة.
ومطلع مارس/آذار المنقضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل للأسرى بين حركة حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أميركي.
وبينما التزمت حماس ببنود المرحلة الأولى، تنصل نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية من بدء مرحلته الثانية استجابة للمتطرفين في ائتلافه الحاكم.
وفي 18 مارس/آذار استأنفت إسرائيل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 164 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.