«العرب» تنشر ضوابط تسجيل طلاب المنازل والمسار الموازي
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
حصلت «العرب» على ضوابط تسجيل طلبة تعليم الكبار المنازل والمسار الموازي في المدارس الحكومية بالدولة خلال العام الدراسي 2023/2024.
وفتحت إدارة شؤون المدارس والطلبة في وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، باب التسجيل لطلبة تعليم الكبار المنازل والمسار الموازي، الأحد الماضي حتى الخميس 28 سبتمبر المقبل.
تعليم المنازل
وحددت إدارة شؤون المدارس والطلبة 8 إجراءات لتسجيل طلبة تعليم الكبار بالمدارس الحكومية الابتدائية والإعدادية والثانوية باستثناء المدارس النموذجية والمدارس المخصصة لطلبة المسار الموازي للعــــام الدراسي 2024/2023.
أوضحت أن أولها أن تقوم المدرسة بمراجعة بيانات الطلبة الذين سجلوا من خلال النظام الإلكتروني ويتم التأكد من صحة البيانات والمستندات بشكل يومي ومستمر، ثانيا التواصل مع طلبة تعليم الكبار نظام منازل المسجلين بالمدارس في العام الدراسي السابق 2023/2022 وتسجيل الراغبين باستكمال تعليمهم وحضورهم بجميع الوثائق والمستندات اللازمة، ثالثا التواصل مع الطلبة المسجلين بمرحلة التسجيل الإلكتروني المبكر للعام الدراسي 2024/2023 وحضورهم بجميع الوثائق والمستندات اللازمة واعتماد تسجيلهم على النظام بعد التأكد من المستندات اللازمة للتسجيل، رابعا توقيع الطالب على استمارة تسجيل الطالب بنظام تعليم الكبار منازل واعتماد بيانات الطلبة على النظام الوطني لمعلومات الطلبة NSIS.
فيما سيكون الإجراء الخامس هو ضرورة تسليم الكتب الدراسية لهم بعد عملية التسجيل مباشرة، وسادسا تسجيل الطلبة المستجدين بنظام تعليم الكبار - نظام منازل عن طريق نظام معلومات الطلبة NSIS.
وسابعا إعطاء الطلبة المسجلين بالصفين الحادي عشر والثاني عشر مرفق موضح به اسم ومقررات المسار التعليمي وكذلك التأكد من صحة المسار التعليمي (العلمي - الأدبي) المسجل به الطالب وذلك حسب دليل الطالب بمسارات مرحلة التعليم الثانوي 2022 /2023.
وآخر الإجراءات هو عدم اعتماد إدارة المدرسة، تسجيل الطالب على النظام في حال عدم وجود افادة دراسية معتمدة وصادرة من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بنسخة حديثة ويتم التواصل مع قسم تعليم الكبار.
وبناء على التعميم الذي حصلت عليه «العرب»، فإن الفئات المسموح لها بالتسجيل تشمل جميع الجنسيات التي لا تنطبق عليهم شروط إلزامية التعليم (ممن تجاوز أعمارهم 18 سنة أو أنهوا المرحلة الإعدادية أيهما أسبق)، والسماح للطلاب الذين تم شطيهم من التعليم النهاري بسبب حالات الزواج أو تكرار الرسوب أو العمل.
وحددت إدارة المدارس سن القبول للطلبة المستجدين ففي المرحلة الابتدائية المقسمة إلى 3 حلقات يكون السن في الحلقة الأولى 9 سنوات فأكثر والحلقة الثانية 11 سنة فأكثر والحلقة الثالثة 13 سنة فأكثر، وفي المرحلة الإعدادية يكون السن في الصف السابع 16 سنة فأكثر والصف الثامن 17 سنة فأكثر والصف التاسع 18 سنة فأكثر، وفي المرحلة الثانوية، يكون السن في الصف العاشر 19 سنة فأكثر والصف الحادي عشر 20 سنة فأكثر والصف الثاني عشر 21 سنة فأكثر.
رسوم التسجيل
وبخصوص رسوم التسجيل، أوضحت إدارة شؤون المدارس والطلبة، أن الطلبة القطريين وأبناء مجلس التعاون المستجدين والمقيدين بالمدارس خلال العام الماضي تقدموا للاختبارات معفون من الرسوم، بينما في حالة إعادتهم التسجيل بسبب الغياب عن الاختبارات بدون عذر 1000 ريال.
وفرضت الإدارة، 1000 ريال لتسجيل الطلبة غير القطريين ومن غير مواطني دول مجلس التعاون سواء المستجدين أو المقيدين الذي حضروا اختبارات العام الماضي، وفي حالة تغيبهم عن الاختبارات بدون عذر ستكون الرسوم 2000 ريال.
المسارات المعتمدة
ووضعت إدارة المدارس والطلبة، مسارين معتمدين لهذه الفئة من الطلبة ابتداء من الصف الحادي عشر الأول الأدبي يضم مواد التربية الإسلامية واللغة العربية واللغة الإنجليزية والعلوم العامة والرياضيات والجغرافيا والتاريخ والحوسبة وتكنولوجيا المعلومات، والثاني العلمي يضم مواد التربية الإسلامية واللغة العربية واللغة الإنجليزية والرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والحوسبة وتكنولوجيا المعلومات.
الكتب المدرسية
التزمت الإدارة كل مدرسة بطلب الكتب الدراسية لطلبة المنازل المسجلين لديها من إدارة الشؤون المالية والإدارية وتحديدا قسم العقود ضمن كشوف طلبة النهاري قبل بداية العام الدراسي، كما تتولى المدرسة تسليم الطلبة القطريين وأبناء دول مجلس التعاون الكتب الدراسية مجانا من المدرسة، بينما للطلبة غير القطريين يتم تسليمهم الكتب وفق قائمة دليل أسعار الكتب الصادرة.
التعليم الموازي
حددت 8 إجراءات لتسجيل طلبة تعليم الكبار في المسار الموازي بالمدارس الثانوية الحكومية للعام الدراسي 2023-2024.
وشملت الإجراءات بأن تقوم المدرسة بمراجعة بيانات الطلبة الذين سجلوا من خلال النظام الالكتروني ويتم التأكد من صحة البيانات
والمستندات بشكل يومي ومستمر، والتواصل مع طلبة تعليم الكبار المسجلين بالمدارس بالعام الدراسي السابق 2023/2022 وتسجيل الراغبين باستكمال تعليمهم وحضورهم بجميع الوثائق والمستندات اللازمة، والتواصل مع الطلبة المسجلين بمرحلة التسجيل الإلكتروني المبكر للعام 2024/2023 وحضورهم بجميع الوثائق والمستندات اللازمة واعتماد تسجيلهم على النظام بعد التأكد من المستندات اللازمة للتسجيل، وتتولى إدارات المدارس التحقق من المستندات المطلوبة للتسجيل واعتماد بيانات الطلاب على النظام الوطني لمعلومات الطلبة NSIS، وتوقيع الطالب على استمارة تعهد وتسجيل الطالب بالمسار الموازي، وتسجيل الطلبة المستجدين بنظام تعليم الكبار - المسار الموازي عن طريق نظام معلومات الطلبة NSIS، وضرورة تسليم الكتب الدراسية لهم بعد عملية التسجيل مباشرة.
منهج المسار الموازي
وبخصوص المنهج التعليمي للمسار الموازي، يقوم الطالب بدراسة منهج تعليمي مخفف خلال سنوات الدراسة في المسار الموازي بالمستويات العاشر والحادي عشر والثاني عشر، بحيث يدرس الطالب نسبة من المعايير لكل مادة دراسية تضمن تزويده بالمعارف والمهارات الأساسية المطلوبة للمادة، وأن تكون الدراسة من خلال مسار تعليمي واحد في المستويات الحادي عشر والثاني عشر.
ومنحت وزارة التعليم، الطلبة القطريين المستجدين والطلبة المقيدين بالمدارس بالعام الدراسي الفائت وتقدموا إلى جميع الاختبارات من رسوم التسجيل، بينما فرضت 1000 ريال على إعادة تسجيل الطلبة الغائبين عن الاختبارات بدون عذر مقبول.
وأوضحت إدارة المدارس، أن طالب المسار الموازي بعد اجتياز الصف الثاني عشر بنجاح في المسار الموازي يحصل على شهادة إتمام الدراسة للصف الثاني عشر. وتعتبر هذه الشهادة معادلة للشهادة الثانوية العامة في استحقاقات التوظيف والارتقاء بالدرجة الوظيفية فقط، ولا تؤهله لاستكمال الدراسة الجامعية داخل الدولة أو خارجها.
وخصصت وزارة التعليم، 15 مدرسة لطلبة المسار الموازي، حيث ضمت مدارس البنات، روضة بنت جاسم الثانوية للبنات، والسيلية الثانوية للبنات، والوكرة الثانوية للبنات، والعب الثانوية للبنات، والخور الثانوية للبنات، والشحانية الاعدادية الثانوية للبنات، والإيمان الثانوية للبنات، بينما ضمت مدارس البنين عمر بن عبد العزيز الثانوية للبنين، وابن تيمية الثانوية للبنين، ومحمد بن عبد الوهاب الثانوية للبنين، والدوحة الثانوية للبنين، والكعبان الابتدائية الإعدادية الثانوية للبنين، وحمد بن عبد الله الثانوية للبنين، وحسان بن ثابت الثانوية للبنين، وعمر بن الخطاب الثانوية للبنين.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر الثانویة للبنات الثانویة للبنین الکتب الدراسیة العام الدراسی تسجیل الطلبة الحادی عشر على النظام التأکد من
إقرأ أيضاً:
أي أفق للديمقراطية في ظل منظومة الاستعمار الداخلي؟
بحكم هيمنة الصراعات الهوياتية -الحقيقية أو المفتعلة- على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس منذ المرحلة التأسيسية، لم يتوجه السجال العمومي نحو تأسيس المشترك بقدر ما توجه نحو تضخيم الفوارق حتى عشنا ما أسماه أمين معلوف صراع "الهويات القاتلة". فأصبح "القتل" المادي أو الرمزي ومنطق النفي المتبادل هو جذر الخطابات التي تهيمن على الساحة العامة وأفق صراعاتها "الوجودية". ولم تستطع كل الأزمات الدورية التي مرت بها الأحزاب الحاكمة والمعارضة -مع غيرها من الفاعلين الاجتماعيين- أن تحمل هؤلاء على البحث عن "الأزمة البنيوية" التي تثوي وراء ذلك كله.
ولا يبدو أن "تصحيح المسار" باعتباره انقلابا على الثورة أو تصحيحا لمسارها -من خلال إزاحة "الخطر الجاثم" المتمثل في الديمقراطية التمثيلية وأجسامها الوسيطة ونظامها البرلماني المعدّل- قد غيّر في "روح" تلك الصراعات ومفرداتها ورهاناتها شيئا معتبرا أو دفع بها إلى هامش المشهد العام، حتى فيما يتصل بالعلاقات البينية داخل أطياف المعارضة.
في ظل هذا الواقع الذي لا ينكره إلا مكابر أو واهم، لم يكن للنخب الأكاديمية وللمثقفين دور يتخارج مع منطق السياسي أو النقابي أو الناشط المدني، ذلك المنطق الموجّه نحو إعادة هندسة المشهد العام وتعديل موازين القوى المتحكمة فيه "الآن-وهنا". ورغم وجود بعض الاستثناءات غير المؤثرة، فإن الأغلب الأعم من الشخصيات الاعتبارية "الحداثية" كانوا -منذ المرحلة التأسيسية- في ضرب من التماهي التام أو التطابق مع استراتيجيات مختلف مكوّنات ما يسمى بـ"العائلة الديمقراطية". وهي قوى سياسية غير متجانسة أيديولوجيا في الأصل، ولكنها استطاعت تذويب خلافاتها الأيديولوجية لبناء "تجمّع" ما بعد أيديولوجي لا يختلف في جوهره ولا في دوره عن "التجمع الدستوري الديمقراطي": تجميع كل أعداء الإسلاميين للدفاع عما يسمونه بـ"النمط المجتمعي التونسي". وهو "نمط" تقتضي رهانات الصراع تضخيم "مكاسبه" الحقيقية والمتخيلة (في مستوى حقوق المرأة وبعض الحريات الفردية) وتغييب كل آفاته في المستويين الاقتصادي والاجتماعي (الجهوية، الزبونية، الاقتصاد الريعي، اللاتكافؤ بين الجهات، الفساد القيمي، التبعية الحضارية، تدمير التعليم والأسرة، تدجين النخب وتحول أغلبهم إلى كائنات وظيفية في خدمة منظومة الاستعمار الداخلي.. الخ).
نجاح "تصحيح المسار" هو أعظم تعبير على هشاشة الانتقال الديمقراطي في المستويين السياسي والاقتصادي، وخصوصا من مستوى المَأسسة، وهو ما يجعلنا لا نرى في "تصحيح المسار" انقلابا على الانتقال الديمقراطي بقدر ما نرى فيه تعبيرا عن تناقضاته الداخلية وعطالة العقل السياسي الذي أداره. فـ"تصحيح المسار" هو في وجه من وجوهه الابن الشرعي للانتقال الديمقراطي الفاشل، أو هو محاولة للخروج من أزمة التأسيس (أو الأزمة البنيوية) بطرح تأسيس جديد من خارج الديمقراطية التمثيلية
أما من جهة "حركة النهضة"، فإن رهان "التَّونسة" -سواء كان خيارا حرا أم استجابة لضغط خصومها- مصحوبا بالسعي إلى الاندماج في الدولة بدل مواجهتها، قد دفعا بها، في إطار منطق التوافق منذ أشغال "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة" وليس منذ التحالف مع نداء تونس كما هو سائد في أغلب التحاليل السياسية، إلى التطبيع مع المنظومة القديمة وفق شروط تلك المنظومة، أي وفق شروط منظومة الاستعمار الداخلي. وهو ما يعني أن النهضة قد ربطت نفسها استراتيجيا بمنظومة الاستعمار الداخلي من خلال ما أسمته بالتنازلات "المؤلمة" تحت يافطة "المصلحة الوطنية". فمنذ أعمال هيئة تحقيق أهداف الثورة قبلت النهضة بمنطق "القوة النوعية" أو بوجود شرعية غير مستمدة من التمثيل الشعبي، ومرتبطة في العديد من مكوناتها بالمنظومة القديمة، ثم تواصل تأثير تلك "القوة النوعية" ذات التمثيل المحدود شعبيا في المجلس التأسيسي وفي العديد من المؤسسات الدستورية وغير الدستورية.
لقد كان اتساع الهوة بين "القوة الانتخابية" (المرتبطة بالإرادة الشعبية) وبين "القوة النوعية" (المرتبطة باللوبيات الوظيفية) حركة تراكمية تجسدت مؤقتا في تغوّل "القوة النوعية"، بدعم من الرئيس (قصد نزع الشرعية عن القوة الانتخابية المتمثلة أساسا في البرلمان)، ثم وجدت مستقرّها في انتفاء حاجة الدولة العميقة للديمقراطية التمثيلية وأجسامها الوسيطة كلها، بما فيها تلك "القوة النوعية" ذاتها. وهو ما عبّر عنه "تصحيح المسار" الذي يستمد شرعيته -على الأقل نظريا- من عدم حاجته للقوة النوعية (الأجسام الوظيفية المعارضة للإسلاميين والمساندة للانقلاب عليهم بمنطق الاستئصال الناعم أو الصلب)، الأمر الذي دفع بمنظومة الحكم إلى إقصائها وتهميشها تحجيم دورها التقليدي أو حتى شيطنته في إطار "التأسيس الثوري الجديد".
إذا كان فشل الانتقال الديمقراطي دليلا على بؤس الوعي السياسي لمختلف مكونات المشهد التونسي حكما ومعارضةً (عدم التجاوز الجدلي للبورقيبية والأساطير المؤسسة للكيان الوظيفي المسمى مجازا دولة وطنية، الخضوع لمنطق استمرارية الدولة، العجز عن بناء سردية جماعية مرافقة للثورة، استمرار التبعية لمنظومة الاستعمار الداخلي من خلال دورها "التحكيمي" في آليات الصراع ورهاناته ومخرجاته، حرف الصراع عن مداراته القيمية والاجتماعية والاقتصادية وتضخيم صراع "الهويات القاتلة"، غياب الثقافة الحوارية وغلبة أحادية الصوت، تسفيه الإرادة الشعبية أو التلاعب بها أو إقصاؤها عند صياغة السياسات العامة.. الخ)، فإن نجاح "تصحيح المسار" هو أعظم تعبير على هشاشة الانتقال الديمقراطي في المستويين السياسي والاقتصادي، وخصوصا من مستوى المَأسسة، وهو ما يجعلنا لا نرى في "تصحيح المسار" انقلابا على الانتقال الديمقراطي بقدر ما نرى فيه تعبيرا عن تناقضاته الداخلية وعطالة العقل السياسي الذي أداره. فـ"تصحيح المسار" هو في وجه من وجوهه الابن الشرعي للانتقال الديمقراطي الفاشل، أو هو محاولة للخروج من أزمة التأسيس (أو الأزمة البنيوية) بطرح تأسيس جديد من خارج الديمقراطية التمثيلية ذاتها وبإنهاء الحاجة إلى أجسامها الوسيطة ومنطق لا مركزية السلطة.
نظريا، يطرح "تصحيح المسار" نفسه باعتباره أطروحة مناقضة للتأسيسين أو على الأقل متجاوزة لهما جدليا (التأسيس للدولة الوطنية والتأسيس للثورة التونسية)، وهو يطرح الديمقراطية المباشرة أو المجالسية والنظام الرئاسوي والشركات الأهلية باعتبارها ركائز هذا التأسيس الجديد. وفي إطار هذه السردية، فإن الديمقراطية المباشرة تنهي الحاجة للأحزاب وللمال السياسي الفاسد الذي يحكم علاقتها بالناخب وبأجهزة الدولة، والنظام الرئاسوي يُنهي حالة الفوضى ويُجنّب البلاد التفتت، أما الشركات الأهلية فإنها تبشر بميلاد اقتصاد تضامني يحد من هيمنة الاقتصاد الريعي ويقوم بإنتاج الثروات وتوزيعها على أسس أكثر عدلا وإنصافا.
ولكن بين النظرية وتطبيقاتها (البراكسيس) توجد هوّة لا يمكن ردمها بغياب "النخب البديلة"، وفي إطار علاقة "التعامد" بين الرئيس ومنظومة الاستعمار الداخلي. فالتناقض الأساسي في تصحيح المسار أنه يطرح تأسيسا جديلا دون تصعيد نخب جديدة لإدارتهن ولذلك فإنه يستعمل نخب المنظومة القديمة أو النخب الوظيفية التي ارتبطت بورثتها وحلفائها بعد الثورة، وهو ما يجعله -بصرف النظر عن النيات "الصادقة"- عاجزا عن التحرك خارج الإطار العام الذي ترسمه منظومة الاستعمار الداخلي، بل تجعله -في التحليل الأخير- مجرد واجهة سياسية جديدة لها على الأقل في السياق الحالي.
الشعب التونسي في أغلبه الأعم لا يريد ديمقراطية "شكلية" تجعل الناخب في مركز الشرعية دون أن تكون مصالحه وانتظاراته المشروعة هي مركز القرار السياسي. وهو واقع لا يبدو أن أطياف المعارضة تتعامل معه بالجدية اللازمة؛ بحكم ما أسلفنا من "آفات" العقل السياسي التونسي الذي ما زال يتغنى بالكيان الوظيفي باعتباره دولة، وما زال ممثلوه يطرحون خدماتهم على مع منظومة الاستعمار الداخلي باعتبارها سلطة "ما فوق سياسية" يجب استرضاؤها قبل الإرادة العامة أو حتى ضدها
تعلم المعارضة التونسية بمختلف أطيافها أن قوة "تصحيح المسار" الأساسية ليست مستمدة من الدعم الشعبي، بل من حاجة منظومة الاستعمار الداخلي ونواتها الصلبة له. كما تعلم هذه المعارضة أن انتفاء الحاجة إليها أو إعادة تأهيلها في إطار تسويات ممكنة مع السلطة ليس مجرد شأن داخلي صرف، ولكنه لا ينفصل عن موازين القوى الداخلية، خاصة قوة المعارضة وما تملك من مصداقية لدى عموم المواطنين. ولكنّ هذا الوعي لا يتجلى في أغلب خطابات المعارضة التي ما زالت محكومة بآفتين هما: أولا منطق الصراعات البينية ذات الجذر الهوياتي-الأيديولوجي، وهو منطق يضعفها أمام السلطة ويجعلها غير قادرة على التحرك باعتبارها "كتلة" أو هوية جماعية ذات بديل واضح أمام الرأي العام؛ ثانيا إدارة الصراع السياسي باعتباره صراعا ضد المنظومة الحاكمة وسرديتها السياسية؛ لا ضد منظومة الاستعمار الداخلي وخياراتها التأسيسية منذ الاستقلال الصوري عن فرنسا.
ختاما، لا شك في أنّ هذا السرديات السياسية التي يضع أصحابها أنفسهم -قصديا أو بصورة غير قصدية- في خدمة منظومة الاستعمار الداخلي (بدعوي استمرارية الدولة أو الوحدة الوطنية أو مواجهة "الخطر الجاثم" المتمثل في الأجسام/المؤسسات الوسيطة المعبّرة عن تعدد الشرعيات التمثيلية)، لا يمكن أن تنتج إلا ديمقراطية "صورية" كما كان الشأن زمن الانتقال الديمقراطي، أو نسفا للديمقراطية بمعناها الليبرالي كما هو الشأن في "تصحيح المسار". وهو ما يعني أن سعي المعارضة للعودة إلى تصدر المشهد العام بمنطق ما قبل 25 تموز/ يوليو 2021 هو سعي محكوم بالفشل، ولا يمكن -حتى في صورة نجاحه المستبعدة- أن يكون حاملا لمشروع ديمقراطي صلب.
فالشعب التونسي في أغلبه الأعم لا يريد ديمقراطية "شكلية" تجعل الناخب في مركز الشرعية دون أن تكون مصالحه وانتظاراته المشروعة هي مركز القرار السياسي. وهو واقع لا يبدو أن أطياف المعارضة تتعامل معه بالجدية اللازمة؛ بحكم ما أسلفنا من "آفات" العقل السياسي التونسي الذي ما زال يتغنى بالكيان الوظيفي باعتباره دولة، وما زال ممثلوه يطرحون خدماتهم على مع منظومة الاستعمار الداخلي باعتبارها سلطة "ما فوق سياسية" يجب استرضاؤها قبل الإرادة العامة أو حتى ضدها.
x.com/adel_arabi21