كتب هادي جلو مرعي


في آخر لقاء جمعنا بالسيد مصطفى الكاظمي قبيل نهاية عمل حكومته في قصر الزقورة كان طعام الغداء متواضعا للغاية مع إنني معروف بعدم رغبتي بالطعام والإكتفاء بالقليل، ولعلها الرغبة بحرمان ديدان القبر من أن تصاب بالتخمة، وكان السيد الكاظمي يبدي إهتماما بالحاضرين، وهم قلة من الكتاب، وكان يستشهد بي حين يتحدث ويصفني بالصديق وكررها لثلاث مرات في تلك الجلسة اليتيمة مع إنني متيقن في سري أن أغلب الحاضرين من تلك القلة كانت لهم حظوة في مكتبه.

ربما كان ذلك اللقاء هو الثاني بعد لقاء جمعنا بالسيد نوري المالكي حين كان رئيسا للوزراء في دورته الأولى، وكان السيد الكاظمي حاضرا ضمن وفد من الشخصيات الإعلامية والكتاب والصحفيين من أجل الصحفي منتظر الزيدي الذي رمى بحذائه مستهدفا الرئيس جورج بوش حين زيارته لبغداد، ولم يكن الكاظمي حينها يشاركنا الحديث بإستثناء إنني تحدثت كساذج دافع عن الزيدي وأتذكر إن أحد الشخصيات هدد المالكي بإنتقادات لاذعة لو أنه عفا عن الزيدي، وحذره إنه سيظهر على الشاشات لينتقده بإعتبار أن مافعله الزيدي جريمة بحق الدولة العراقية، وبعد يومين فهمت حين عرفت إن ذلك الشخص تغيرت أحواله، وماتزال منذ ذلك اليوم، والى اللحظة في حين خرجت من دائرة الرضا، أو توهمت ربما ذلك، والتي لم أعد إليها أبدا بسذاجتي المعهودة في الدفاع عن الناس الذين هم في الحقيقة يتوزعون في ولاءاتهم للزعامات والأشخاص والطوائف بعد أن خدعني كولن ولسن بكتاباته العبثية.. في الواقع أنا لم أغادر الدائرة لأني لم أدخلها من الأصل.

يشكل محمد شياع السوداني أرقا مستمرا للنخبة الفاعلة في النظام السياسي، فالرجل حقق أعمالا على الأرض يراها خصومه إنها محدودة، ووظفوا أدواتهم لتسخيفها بوصفها غير ملائمة، ولاتعد مهمة، وبدأوا بعملية نبش منسقة بهدف التسقيط، ولكن رياح السوداني سبقتهم على مايبدو، فالظروف مواتية لتحقيق جملة أهداف وجدت رضا في الشارع، وتلقاها الناس بوصفها منجزات غير مسبوقة لأنهم لم يتعودوها، خاصة وإن عجلة التنمية توقفت عام 1980 مع إندلاع الحرب التي إستمرت لسنوات طويلة، وكان سعر برميل النفط سبع دولارات في حين كانت الحاجة الى السلاح، وتوظيف العمالة الأجنبية، وإستيراد الغذاء تستنزف الخزينة العامة، وماإن خرجنا من جحيم تلك الحرب وجدنا أنفسنا بعد عامين في دوامة جديدة مع عملية ضم الكويت التي أجهضت بتحالف دولي شكلته واشنطن من ثلاث وثلاثين دولة دمر البنية التحتية بالكامل بقصف مركز وصفه المخرج الراحل فيصل الياسري في برنامجه بعد الخروج المريع من الكويت ( الملف) حين كان يردد عبارة لم أنسها حتى اللحظة حيث يقول أبو ديار ( لم يستثنوا شيئا ) وهو وصف حقيقي لما جرى للبلاد برمتها، لكن ذلك الجحيم لم يتوقف حيث بدأ حصار قذر فرضته دولة الشر الأولى الولايات المتحدة على الشعب العراقي، وقتلت عشرات الآلاف جوعا ومرضا بسبب فقدان الطعام والدواء، وقطعت صلة العراق بالخارج حتى العام 2003 العام الذي شهد الدخول الأمريكي العسكري، وبقسوة متناهية، وتبع ذلك فوضى سياسية وأمنية، وتدخلات خارجية بلاشرف ولاضمير جعلت العراق ساحة لحروب الآخرين، وتشابك سياسي وطائفي، ونظام سياسي هجين لايفهمه حتى الفاعلون فيه، سوى إنه مفيد ربما لتحقيق مكاسب مالية ومناصب.

كان كل رئيس وزراء يتولى إدارة السلطة التنفيذية يواجه بالمفخخات والخصوم السياسيين والفساد والمحاصصة وإملاءات الخارج والمحسوبية وتعددية الأحزاب والجماعات العنيفة، ولم تكن الفرصة متاحة للتنمية والعمل الجاد والصحيح، وحين توفرت الفرصة وجدنا من يريد تقويض جهود السوداني والتشهير به بالرغم من وجود مايشبه كل تلك التوصيفات في عهود من سبقه من رؤساء حكومات، لكنه بذل جهدا ملائما في ظروف دولية ومحلية ساعدت في فك الإختناق السياسي والتنموي، والعمل على تغيير المشهد بمستوى ما كان كافيا ليدب الرعب في نفوس النخبة الفاعلة التي تحاول توظيف كل ماهو ممكن لتجنب السقوط في الإنتخابات المقبلة التي ستكون معقدة مع عودة التيار الصدري، ومشاركة السوداني الذي يحظى بمقبولية وبشعبية تساعد في تحقيق مكاسب إنتخابية تقلق تلك النخبة.

أجد عودة السيد  الكاظمي طبيعية. فرؤساء الوزراء السابقون موجودون، ويعملون في الداخل بإستثناء السيد الجعفري الذي عاد الى بريطانيا، لكن هناك من سيئي النية والخبثاء والمشاكسين من يرون أن الأمر مرتبط بتحضيرات للمواجهة على غرار ماجرى في أيام تشرين حين أطيح بالسيد عادل عبد المهدي، وتم إختيار السيد الكاظمي ليتولى المنصب بدلا عنه، ولكن هناك من يرى إن رياح السوداني أشد من أن تمنعها مصدات الكاظمي الذي يرى آخرون أنه لايمكن أن يقبل بالتوظيف، ولن يكون سلاحا بيد أحد، وإنه سيختار طريقه كما يشاء، لا برغبة الآخرين. لعلنا نصل الى مرحلة الإنتخابات لنرى ماسيحدث، أو لانصل، ولكل حادث حديث..

المصدر: وكالة بغداد اليوم

إقرأ أيضاً:

قريبا.. عرض فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بنادي سينما الأوبرا

تنظم دار الأوبرا المصرية، عرضا لفيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، على المسرح الصغير، وذلك ضمن فعاليات نادي سينما الأوبرا.

ويقام عرض فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، على المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، يوم 30 أبريل في تمام الساعة 7 مساءً، وسط حضور عدد كبير من الجمهور.

أبطال فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»

وشارك في بطولة الفيلم عدد من الفنانين منهم: عصام عمر، وركين سعد، سماء إبراهيم، وأحمد بهاء، بالإضافة لعدد من الوجوه الشابة وضيوف الشرف، والعمل من إخراج خالد منصور.

أحداث فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»

دارت أحداث فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، في إطار درامي حول حسن الشاب الثلاثينى الذى يعيد اكتشاف نفسه مرة أخرى ويضطر لمواجهة مخاوف ماضيه خلال رحلته لإنقاذ كلبه وصديقه الوحيد «رامبو» من مصير مجهول بعدما تورط في حادث خطير دون ذنب، ليصبح بين ليلة وضحاها مطاردًا من قبل كارم، جار حسن، وجميع أهالي الحي.

ويذكر أن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» شارك بـ الدورة الـ81 من مهرجان فينيسا، التي انطلقت يوم 28 أغسطس الماضي واستمرت حتى يوم 7 سبتمبر الماضي.

آخر أعمال عصام عمر

آخر أعمال طه دسوقي وعصام عمر

يعرض حاليا بدور العرض السينمائي لـ الثنائي طه دسوقي وعصام عمر، فيلم سيكو سيكو، وحقق العمل نجاح جماهيري كبير من انطلاق عرضه ضمن موسم أفلام عيد الفطر 2025.

أبطال فيلم سيكو سيكو

يضم فيلم «سيكو سيكو» عدد من الفنانين أبرزهم: طه دسوقي، عصام عمر، على صبحي، خالد الصاوي، باسم سمرة، تارا عماد، ديانا هشام، أحمد عبد الحميد، وعدد آخر من الفنانين، والعمل من تأليف محمد الدباح وإخراج عمر المهندس وإنتاج أحمد بدوي.

أحداث فيلم سيكو سيكو

وتدور أحداث الفيلم في إطار تشويقي، حول شابين هما عصام عمر وطه دسوقي، يعملان في شركة للشحن أحدهم محترف في ألعاب الفيديو، الأمر الذي يدخلهم في مشكلات عديدة.

اقرأ أيضاًوفاة مصممة الأزياء والمذيعة جينا سلطان

«أجمل صحبة».. إلهام شاهين تشارك متابعيها صورا مع ماجدة الرومي

مقالات مشابهة

  • ذياب بن محمد: الإمارات تولي أهمية كبرى لتوفير الرعاية الصحية العالية الجودة
  • بتوجيهات من السيد الرئيس.. وزير الداخلية يعقد اجتماعاً مع محافظي المحافظات السورية
  • الحكومة: الكفاءة العالية للدواء المصري وأسعاره التنافسية تؤهله لفتح أسواق جديدة
  • فريق طبي بجامعة أسيوط ينجح في إنقاذ حياة شاب حاول الانتحار بـقرص الغلة السام
  • ذياب بن محمد: الإمارات أَوْلَت أهمية كبرى لتوفير الرعاية الصحية العالية الجودة
  • من الجعفري إلى الكاظمي: توافقات سياسية تحدد مصير الحكومات
  • السيد عبدالملك ومشروع استنهاض الأمّة في زمن الغفلة
  • أربيل.. الدفاع المدني ينجح بإخماد حريق كبير اندلع في مصنع
  • قريبا.. عرض فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بنادي سينما الأوبرا
  • 2 كجم.. فريق طبي ينجح في استئصال طحال متضخم بمستشفى أسيوط العام| صور