الضفة الغربية تتحول الى ساحة معركة وامتداد للعدوان الاسرائيلي على غزة
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
القدس"وكالات": توصّل الوسطاء بين إسرائيل وحماس إلى اتفاق يقضي بأن تطلق اسرائيل سراح جميع الأسرى الفلسطينيين الذين كان مقررا أن تفرج عنهم الأسبوع الماضي وعددهم 625 أسير مقابل أن تسلّمها الحركة الفلسطينية جثث أربعة أسرى إسرائيليين، فيما تلمح واشنطن إلى استئناف وشيك للمحادثات بشأن مرحلة ثانية من وقف إطلاق النار.
وأعلنت حركة حماس أنها ستسلّم اليوم الخميس جثث أربعة أسرى إسرائيليين بعد التوصل الى تسوية عبر الوسطاء من شأنها إنجاز المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأوضح مصدر مطلع أن الأسرى هم 602 كان يفترض أن يفرج عنهم السبت الماضي ولم تطلق سراحهم إسرائيل، بالإضافة الى 23 من الأطفال والنساء الذين سيفرج عنهم مقابل الجثامين.
وقال مصدر قريب من حماس إن "الوسطاء أبلغوا حماس أنهم يضمنون تنفيذ التبادل بالتزامن، ومواصلة العمل من أجل بدء مفاوضات المرحلة الثانية بأسرع وقت ممكن، وتنفيذ إسرائيل للبروتوكول الإنساني من دون مماطلة أو تعطيل".
وكانت حماس سلّمت السبت ستة رهائن إسرائيليين أحياء وجثث أربعة رهائن آخرين للصليب الأحمر الذي نقلهم إلى إسرائيل، لكن إسرائيل أرجأت إطلاق سراح الدفعة المقرّرة من المعتقلين الفلسطينيين وعددهم أكثر من ستمئة يومها.
ومنذ سريان وقف إطلاق النار، أطلقت حماس سراح 25 أسيرا خلال مراسم جذبت حشودا كبيرة في أنحاء مختلفة من قطاع غزة المدمّر. ووسط الركام، رافق مقاتلون ملثمون مسلّحون الأسرى الإسرائيليين إلى منصات امتلأت بملصقات ورايات المقاومة التي تمثلها حماس وفصائل أخرى تعكس عزة وصمود المقاومة الفلسطينية وسيطرتها على القطاع.في المقابل، أطلقت إسرائيل سراح أكثر من 1100 معتقل فلسطيني.
وأعلن مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الثلاثاء أنّ وفدا إسرائيليا غادر للمشاركة في مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدا استعداده للمشاركة شخصيا في هذه المفاوضات عند الاقتضاء.
وقال ويتكوف "نحقّق تقدّما كبيرا. إسرائيل ترسل فريقا وحماس سيذهبون إلى الدوحة أو إلى القاهرة، حيث ستبدأ المفاوضات، مجددا مع المصريين والقطريين" الذين يشاركون مع الولايات المتّحدة في الوساطة بين إسرائيل وحماس.
وأكّد المبعوث الأمريكي أنّ هذه المحادثات الجديدة تهدف إلى "المضيّ قدما بالمرحلة الثانية، والتوصّل لإطلاق سراح المزيد من الأسرى".
ومع انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق يوم السبت بعد استمرارها 42 يوما، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم الاتفاق على تمديدها أو ما إذا كان من الممكن البدء في مفاوضات المرحلة الثانية التي من المقرر أن تشهد إطلاق سراح آخر 59 أسيرا متبقين في غزة.وقالت حماس إنها لم تتلق حتى الآن أي مقترح بشأن المرحلة الثانية.
ولا يزال اتفاق وقف إطلاق النار صامدا إلى حد كبير حتى الآن رغم تعرضه للعديد من العثرات، لكن الانتقال إلى المرحلة الثانية منه يتطلب اتفاقات على أمور ثبت استحالة التوصل إليها في الماضي، مثل مستقبل غزة بعد الحرب ومصير حماس التي تحلم إسرائيل بإنهاء حكمها للقطاع.
من جهة أخرى قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني اليوم إنّ الضفة الغربية المحتلة أصبحت "ساحة معركة" مع استشهاد أكثر من خمسين شخصا منذ يناير وفي ظل عملية واسعة النطاق يشنّها الجيش الإسرائيلي.وقال لازاريني في منشور على منصة إكس، "الضفة الغربية تشهد امتدادا مثيرا للقلق للحرب في غزة".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المرحلة الثانیة وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
تحديات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
لم يكن إقرار الحكومة الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار نابعا عن قناعتها بكل مركباته، فقبولها كان نتيجة ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب عشية تنصيبه، والاتفاق في صيغته النهائية كان مستجيبا لمصالح الطرفين ومطالبهما، مع وجود نوع من الضبابية حول المخرجات النهائية، وبالأخص حول الانتقال إلى المرحلة الثانية.
هذا ما أشار إليه الأكاديمي والباحث مهند مصطفى الذي تناول مماطلة إسرائيل في إنهاء المرحلة الأولى وشروطها الجديدة للانتقال إلى المرحلة الثانية في ورقة تحليلية نشرها مركز الجزيرة للدراسات، وحملت عنوان "مقاربات المرحلة الثانية: شروط إسرائيلية جديدة والتزام حماس بالاتفاق"، باحثا فيها تحديات المرحلة الثانية من الاتفاق في قطاع غزة، والرؤية الإسرائيلية للمفاوضات، والخيارات المتاحة لاستمرار تنفيذ الاتفاق.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تداعيات انسحاب دول الساحل من إيكواسlist 2 of 2غزة وسوريا محور التقرير السنوي لمركز الجزيرة للدراساتend of list زيارة واشنطن.. يوم وضع التهجير على الطاولةوبحسب الورقة، فإن الموقف الإسرائيلي أصبح أكثر تشددا بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في 4 فبراير/شباط 2025، وإعلان ترامب -في بيان مشترك مع نتنياهو- عن مقترح لتهجير سكان غزة، وفحص إمكانية ضمّ الضفة الغربية خلال أسابيع، وهو ما يتناقض مع الوعود والضمانات التي قدمت لحركة حماس حول مستقبل قطاع غزة، بغض النظر عن دورها فيه.
إعلانقد تعني هذه الخطوة أن الولايات المتحدة وإسرائيل تجدان أن الاتفاق هو لتبادل الأسرى فقط، كما يشير إلى ذلك تصريح ترامب الذي أدلى به في 10 فبراير/شباط 2025، ودعا فيه الحكومة الإسرائيلية إلى إلغاء وقف إطلاق النار إن لم تلتزم حماس بتحرير جميع المحتجزين، في حين لم يكن واضحا ما المقصود بجميع المحتجزين، هل هم الدفعة السادسة (3 محتجزين)؟ أم الأحياء التسعة من المرحلة الأولى؟ أم جميعهم على الإطلاق كما تدل العبارة؟ لكن الهدف كما تبين لاحقا كان تشديد الموقف الإسرائيلي من استحقاقات الاتفاق.
وهو الهدف ذاته على ما يبدو من مقترح التهجير، فمن الملاحظ أن الحديث عن مقترح ترامب بدأ يتراجع سريعا بالتزامن مع تراجعه أيضا داخل الإدارة الأميركية، كما انعكس ذلك على الرئيس الأميركي نفسه الذي قال إن خطته رائعة لكنه لن يفرضها، وأوضح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن مقترح ترامب لا يزال مطروحا إلا إذا قدم العرب بديلا عنه.
ويؤيد الإسرائيليون بالعموم خطة ترامب، لكنهم يختلفون حول مدى واقعيتها، ففي استطلاع أجراه معهد سياسات الشعب اليهودي تبين أن 53% من الإسرائيليين يؤيدون المقترح ويرونه قابلا للتنفيذ، ويعتقد 30% أنه غير قابل للتنفيذ وغير عملي، بينما يعارضه الآخرون لأسباب مختلفة.
إسرائيل إلى المرحلة الثانية رغما عنها
ماطلت إسرائيل في بدء المحادثات التي كان من المفترض أن تبدأ في اليوم 16 من المرحلة الأولى، وتنتهي في اليوم 35 من المرحلة نفسها، وهو ما يضع تل أبيب تحت ضغوطات لبدء مفاوضات المرحلة الثانية مع اقتراب انتهاء المرحلة الأولى.
وظهرت هشاشة الاتفاق مبكرا في المرحلة الأولى مع امتناع إسرائيل عن تنفيذ بعض استحقاقاتها ووضع شروط سياسية جديدة لمفاوضات المرحلة الثانية، منها نزع سلاح المقاومة في غزة وتفكيك بنيتها العسكرية، وهو ما يعني تحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية.
إعلانوتأتي الضغوط الإسرائيلية على الأطراف الإقليمية المعنية لتحقيق الأهداف الإسرائيلية عبر المسار السياسي بالتزامن مع تصريح هو الأول من نوعه لنتنياهو حول تمسك إسرائيل بإنهاء حركة حماس عبر الطرق السياسية والدبلوماسية، لا بالأدوات العسكرية بالضرورة، وهو ينسجم بذلك مع تصريحات مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف حول إنهاء حكم حماس في غزة.
ويعدّ تعيين وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر لقيادة المفاوضات بدلا عن رئيس الموساد والشاباك مؤشرا على توجه إسرائيل نحو مفاوضات المرحلة الثانية. فالمرحلة الأولى اتسمت بطابعها الإنساني ودخول المساعدات وعودة النازحين، أما المرحلة الثانية فتعدّ تمهيدا لوقف دائم لإطلاق النار.
ولا يتفق نتنياهو كثيرا مع منطق مفاوضات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، فمن المتوقع أن تفضي إلى وقف مستدام للقتال، وانسحاب القوات الإسرائيلية من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) وتحرير جميع المحتجزين الإسرائيليين، والتمهيد لمفاوضات المرحلة الثالثة حول مستقبل قطاع غزة وإعادة الإعمار، مما يعني أنه اتفاق لإنهاء الحرب وليس لإنهاء حماس.
ومن هذا المنطلق، يأتي تعيين ديرمر لقيادة المفاوضات، فهو بيروقراطي أميركي أكثر من كونه سياسيا إسرائيليا، ولا يهتم كثيرا لموضوع المحتجزين، وتعيينه يعني أن إسرائيل تريد المرور إلى مفاوضات المرحلة الثانية، لكن ليس عبر الوسطاء فحسب بل عبر الفاعلين الإقليميين والإدارة الأميركية لتحقيق أهداف الحرب عبر المسار السياسي.
وتنطلق حماس في المقابل من موقف ينسجم مع رغبة الشارع الإسرائيلي، فقد أعلنت أنها مستعدة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين دفعة واحدة بشرط أن تؤدي المرحلة الثانية إلى إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، في حين يهتم نتنياهو بموقف الجمهور المؤيد للحكومة من حزب الليكود والصهيونية الدينية وحزب القوة اليهودية الذين يميل أغلبهم إلى عودة القتال.
تصطدم الرغبة الإسرائيلية في تحقيق أهداف الحرب سياسيا برغبة مقابلة لحركة حماس في تقديم ضمانات لوقف إطلاق النار وبدء الإعمار، ومباحثات تعقب ذلك حول مستقبل غزة بمعزل عن مخطط التهجير ونزع سلاح المقاومة، وهو ما يضع إسرائيل أمام مجموعة من الخيارات.
إعلانوتعد أقرب الخيارات المتاحة لإسرائيل في الوقت الحالي إطالة أمد المرحلة الأولى من الاتفاق، بحيث تطلب مزيدا من محتجزي المرحلة الثانية مقابل إطالة أمد وقف إطلاق النار، وهو ما يؤكد التصور العام الإسرائيلي الأميركي حول اقتصار الاتفاق على تبادل الأسرى.
وقد تلجأ تل أبيب إلى توسيع نطاق مفاوضات المرحلة الثانية للحديث عن مستقبل قطاع غزة السياسي بدل الاقتصار على تبادل أسرى المرحلة الثانية والانسحاب من القطاع، وبهذا تصبح تل أبيب قادرة على المناورة في مساحة أوسع من الخيارات السياسية والعسكرية، والضغط على الوسطاء والفاعلين الإقليميين للقبول بالشروط الإسرائيلية.
وقد تلعب الحكومة الإسرائيلية ورقة استغلال شعور الحنق والرغبة في الانتقام للعودة إلى القتال، وذلك بعد مشاهد تسليم الأسرى وتقرير الطب الشرعي الإسرائيلي حول "الطريقة البشعة" التي قتلت بها الأسيرة شيري بيباس، والخطأ بإرسال جثة امرأة فلسطينية بدلا عنها، مع انتشار أنباء إسرائيلية حول مقتلها تحت الأسر وليس بسبب القصف الإسرائيلي، إضافة إلى مشاعر الانتقام من عملية السابع من أكتوبر.
في المحصلة، تضع إسرائيل نفسها تحت الضغط ذاته الذي تمارسه لإنهاء حكم حماس، فهي تريد ذلك عبر مسار تكون هي نفسها مشاركة وفاعلة فيه، مقارنة بالمقاربة العربية الفلسطينية التي تنطلق من حكم فلسطيني مهني يكون مستقلا عن السلطة الفلسطينية ومن دون مشاركة حماس، لكنه سيعود في النهاية إلى مرجعية السلطة الفلسطينية، وهو عكس ما يرغب نتنياهو في إنجازه، والذي يتمثل في غزة خالية من حماس والسلطة معا.
[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة من هذا الرابط]