كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (38)
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
تحقيق: ناصر أبوعون
يقول الشَّيخُ القاضِي الأجَلّ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ بِنْ عَامِرٍ الطَّائِيُّ: [وَلِأَهْلِ ظَفَارِ عَادَةٌ يَرَوْنَهَا مِنْ وَاجِبَاتِهِمِ الدِّيْنِيَّةِ؛ وَهِيَ تَقْبِيْلُهُمْ أَيْدِي السَّادَةِ الْهَاشِمِيينَ الصِّغَارِ وَالْكِبَاِر، وَكَأَنَّهُمْ يَشُمُّوْنَ رَائِحَةَ مِسْكٍ أَوْ عَنْبَرٍ.
فَسَأَلْتُ بَعْضَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا نَشُمُّ عَرَقَ النُّبُوَةَ مِنَ الْحَبِيْبِ، وَإِنَّ ذَلِكَ يُبْرِئ مِنَ الْجُذَامِ- أَعَاذَنَا اللهُ مِنْهُ -وَجَاءَنِي بِكِتَابٍ فِيْهِ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ- وَاسْمُ الْكِتَابِ (بُغْيَةُ الْمُسْتَرْشِدِين)، وَهُوَ مَطْبُوعٌ بِمِصْرَ- فَطَالَعْتُهُ، فَرَأَيْتُ صِدْقَ قَوْلِهِ، وَالْكِتَابُ الْمَذْكُورُ تَأْلِيْفُ بَعْضِ سَادَةِ أَهْلِ حَضْرَمَوْتَ عَلَى مَذَهَبِ الشَّافِعِيّ. فَقُلْتُ لَهُ: نَحْنُ لَا نُنْكِرُ تَقْبِيْلَ يَدِ الْعَالِمِ اِحْتِرَامًا لِلْعِلْمِ، وَبِقَصْدِ الْبَرَكَةِ بِصَالِحِ دُعَائِهِ، وَأَمَّا التَّوَاضُعُ لِلْغَنِي لِأَجْلِ غِنَاهُ فَذَلِكَ يَحْرُمُ لِقَوْلِهِ (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍ لِأَجْلِ غِنَاهُ نَقُصَ ثُلُثُ دِينِهِ)، وَأَمَّا تَقْبِيْلُ يَدِ عَاصٍ بِدَعْوَى إِنَّه شَرِيْفُ النَّسَبِ، فَلَا يَخْفَى مَا فِيْهِ. وَقَدْ يُرْوَى أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَبَّلَ يَدَ سَيِّدِنَا عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَقَالَ: "هَكَذَا أُمِرَنَا أَنْ نَفْعَلَ بِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا(صلى الله عليه وسلم)"، فَقَامَ اِبْنُ عَبَّاسُ، وَقَبَّلَ زَيْدًا، وَقَالَ: "هَكَذَا أُمِرْنَا نَفْعَلُ بِعُلَمَائِنَا". وَلَكِنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ بَيْنَ وَقْتِ الصَّحَابَةِ وَالْيَوْمَ؛ لَأَنَ الْيَوْمَ كَثُرَتِ الْوَسَائِطُ فَتَعَذَّرَ الْقَطْعُ بِحَقِيْقَةِ النَّسَبِ؛ فَلَزِمَ تَرْكُ ذَلَكَ إِلَّا لِمَنْ قَدَّمْنَا، أَوْ لِوَالِدٍ وَوَالِدَةٍ قَيَامًا بِحَقِّهِمَا. وَأَمَّا تَقْبِيْلُ الْأَمَاكِنُ الْمُحْتَرَمَةِ مَا عَدَا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ؛ فَالتَّرْكُ أَوْلَى، وَلَا يَصِحُّ لِئَلَا يَظُنُّ الْجَاهِلُ أَنَّ ذَلِكَ يَشْفِي مِنَ مَرَضٍ أَوْ يُبْرِئ مِنْ سَقَمٍ؛ فَيُفْضِي ذَلِكَ إِلَى الْحَرَام. وَقَالَ الْفَارُوْقُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مُخَاطِبًا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ"].
*****
تَقْبِيْلُ أَيْدِي السَّادَةِ الْهَاشِمِيينَ
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَلِأَهْلِ ظَفَارِ عَادَةٌ يَرَوْنَهَا مِنْ وَاجِبَاتِهِمِ الدِّيْنِيَّةِ؛ وَهِيَ تَقْبِيْلُهُمْ أَيْدِي السَّادَةِ الْهَاشِمِيينَ الصِّغَارِ وَالْكِبَاِر، وَكَأَنَّهُمْ يَشُمُّوْنَ رَائِحَةَ مِسْكٍ أَوْ عَنْبَرٍ].
يقول الشيخ عيسى الطائيّ: [عَادَةٌ يَرَوْنَهَا مِنْ وَاجِبَاتِهِمِ الدِّيْنِيَّةِ]، و(عَادَةٌ) اسم، والمعنى: ما يُؤْتَى مَرَّةً بعد مَرَّةٍ حتى يُؤْلَف. ودَلَّ عليه قول جبر بن الأسود المُعاوِيّ الحارثيّ يفتخر بنفسه وبدفاعه عن عشيرته: [حَوَاجِزُ رَحْمٍ أَوْ قِتَالُ عَشِيْرَةٍ/وَ(عَادَةُ) بَعْضِ الظُّلْمِ بِالظُّلْمِ تُلْهَجُ([[1]])]، وفي قوله: [يَرَوْنَهَا مِنْ وَاجِبَاتِهِمِ الدِّيْنِيَّةِ]، استخدم الفعل (يَرَوْنَهَا) وهو فعل من أفعال القلوب التي تنصب مفعولين، ومنه: (يرون الرأيَ ونحوَه، أي: يعتقدونه ويَدْعُون إلى الالتزام به)، ودلَّ على هذا المعنى قول لقيط بن يعمُر الإياديّ، يُحذِّر قومه، ويحرضهم على الاستعداد للحرب: [هَذَا كِتَابِي إِلَيْكُمْ، وَالنَّذِيْرُ لَكُمْ/فَمَنْ (رَأَىَ) رَأْيَهُ مِنْكُمْ، وَمَنْ سَمِعَا(02)]، وفي قوله: [مِنْ وَاجِبَاتِهِمِ الدِّيْنِيَّةِ)]، وجدنا أنه ليس معقولا أن يخلط عالم وقاضٍ بحجم قامة الشيخ عيسى الطائيّ بين مصطلحات الأحكام التكليفية الفِقْهية مثل (الواجب والمستحب)، وأغلب الظن أنّ الخطأ أو التصحيف في المخطوط قد وقع من الناسخ (سماعًا أو إملاءً) في قول الطائيّ: (وَاجِبَاتِهِمِ)؛ فـ(الواجب) اصطلاحًا: (هو ما أمر الشارع بفعله على سبيل الحتم والإلزام، بحيث يُثاب فاعله امتثالًا، ويستحق تاركه العقاب)(03)، إذن الصواب أنْ يخط الناسخ: (مِنْ مُسْتَحِبَّاتِهِمِ أو مَنْدُوباتهم)؛ فـالأمور(المُسْتَحَبة)، والتي تُسمى أيضًا المَنْدُوبة) اصطلاحًا: (هي ما أمرَ الشارعُ بفعلها ليس على سبيل الحتمِ والإلزام، بحيث يُثَاب فاعلُها امتثالًا، ولا يُعاقب تاركُها)؛ فلو ترك المُكَلَّفُ (المُسْتَحبَّ/المندوب لَمْ يُعَاقبْ عليه إلا أنه يُلامُ على تَرْكه(04)، وفي قوله: [تَقْبِيْلُهُمْ أَيْدِي السَّادَةِ الْهَاشِمِيينَ] (تَقْبِيْلُهُمْ)، والتَّقبيل وضع القُبلَة على اليد ونحوها للحبِّ والتكريم، وغيره. ودَلَّ على هذا المعنى قول امرئ القيس بن حُجْر الكِندِيّ يُشبِّه الحرب بعجوز شمطاء تُكْرَهُ مُباشَرَتُها: [شَمْطَاءَ جَزَّتْ رَأْسَهَا وَتَنَكَّرَتْ/مَكْرُوْهَةً لِلشَّمِّ وَ(التَّقْبِيْلِ)(05)]، ومقصود الشيخ الطائيّ بـ[السَّادَةِ الْهَاشِمِيينَ]، قبائل الأشراف العلويون، و(هم الآن وفي كل زمان لا يُحْصَون كثرةً. قال السيد الإمام زين العابدين العيدروس: "أحصوا قبائل بني علوي فبلغوا مائة وخمسة وعشرين قبيلة وغالبهم بحضرموت، وقد عُدَّ مَن فيها منهم سنةَ 1203هـ فبلغوا نحو عشرة آلاف. وعُنِيَ بـ(آل أبي علوي) ذُريَّة سيدنا علوي بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى؛ لأنَّ هذا العُرف الخاص اشْتُهِر بهم، لا كُلّ ذُرية أمير المؤمنين علي كرّم الله وجهه)(06)، ومن أفخاذ السادة الهاشميين وأعلامهم وبيوتاتهم في ظَفَار الحبوضيّ العُمانيّة يُشتَهَر بين الناس في زماننا هذا: (باعلوي، باعمر، الذهب، بيت الكاف، الحداد، آل حفيظ، العيدروس، الشيخ أبوبكر، باعبود، إبراهيم، عيديد، مقيبل، محي الدين بن سيف، المهدلي، باهارون، الغزالي).
وأمّا قول الطائيّ: [الصِّغَارِ وَالْكِبَاِر] فمقصوده أنّ تقبيل يد السادة الهاشميين غير مخصوص بمرحلة عُمْريّة محددة يبلُغها السيّد منهم، بل هو سُنّة مُسْتحبة عندهم تسري على جميع الرجال بدون استثناء، وتُطْبع القُبْلة توقيرًا واحترامًا على يد الصبيٍّ الصغير والشيخ الكبير على السواء. (قال تميم بن سلمة التابعيّ: القُبْلة سُنّة. ورخصَّ فيها أكثر العلماء كأحمد وغيره على وجه التَّدين. قال الإمام أبو المعالي في شرح الهداية: أما تقبيل يد العالم والكريم لرفده والسَّيد لسلطانه فجائز. وقال الإمام الحافظ ابن الجوزيّ في مناقب أصحاب الحديث: ينبغي للطالب أن يبالغ في التواضع للعالم ويَذِلَّ له. قال: ومن التواضع تقبيلُ يده. وأمّا تقبيل يد الظالم فمعصية)(07)
عَرَق النبوة يبرئ من الجُذام
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [فَسَأَلْتُ بَعْضَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا نَشُمُّ عَرَقَ النُّبُوَةَ مِنَ الْحَبِيْبِ، وَإِنَّ ذَلِكَ يُبْرِئُ مِنَ الْجُذَامِ- أَعَاذَنَا اللهُ مِنْهُ-].
وفي قول الطائيّ منقولًا عن السادة الهاشميين: [نَشُمُّ عَرَقَ النُّبُوَةَ مِنَ الْحَبِيْبِ] العبارة ليست على سبيل الحقيقة، بل فيها مجاز عقليّ جمع علاقتين في آنٍ واحد؛ الأولى:(علاقة مكانية وهي اليد)؛ فهي موضع العَرَق وموطئ الشَّمّ، والثانية (علاقة سببيّة، وهي رائحة يد السَّيد الهاشميّ)؛ لكونه امتدادًا لنسلِ خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وسلم) من سِبْطيه الحسن والحسين، ودلَّ عليه حديث أنس بن مالك [أن النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) اضطجع على نِطعٍ فعرِقَ، فقامت أمُّ سُليْمٍ إلى عرقِه فنشَّفته فجعلتْه في قارورةٍ، فرآها النبيُّ (صلى الله عليه وسلم)، فقال: ما هذا الذي تصنعين يا أمَّ سُليْمٍ؟!. قالت: أجعلُ عرقَك في طِيْبِي. فضحك النبيُّ (صلى الله عليه وسلم)](08). وقوله: [يُبْرِئُ مِنَ الْجُذَامِ] (الجُذام)، تخصيص يثبت أن الأسباب لا تَستقِلُّ بذاتِها دلَّ عليها الحديث النبويّ "لا عَدْوَى، ولا طِيْرَةَ ولا هَامَّةَ ولا صَفَرَ، وفِرَّ مِنَ (المجذومِ) كما تَفِرُّ مِنَ الأسدِ" وفي النهي عن القرب من المجذوم؛ ليظهر لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها؛ ففي نهيه إثبات الأسباب وأنها لا تستقل بذاتها، بل الله هو الذي إن شاء سلبها قواها فلا تؤثر شيئا، وإن شاء أبقاها فأثرت) (09). و(الجذام) مرضٌ جِلديٌّ مُزمن يُعرَف باسم (داء هانسن)، وهو مُعْدٍ تُسببه بكتيريا، تُسمى (المتفطرة الجُذامية)؛ حيث تصيب الجلد والأعصاب المحيطية ومُخاطيّة الجهاز التنفسي العُلويّ والعينين، ويُعتقد أن (الجُذام)، ينتقل عن طريق الرذاذ المُفرز من أنف وفم شخص مُصاب بالجُذام، عقب مخالطة لصيقة ومتكررة. ويمكن الشفاء من (الجُذام)، ويتكوَّن النِّظام العلاجي المُوصى به من ثلاثة أدوية متعددة (دابسون، رِيفامبيسِين، كلوفازيمين) يتعاطاها المريض من 6 أشهر إلى 12 شهرًا. ولمنع انتشار(الجُذام) يُوصي الأطباء بإعطاء المخالطين للمرضى جرعة واحدة من (الريفامبيسين) كعلاج وِقائي بعد التعرّض للفيروس)(10)
جامع فتاوى الشافعيّة المتأخرين
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَجَاءَنِي بِكِتَابٍ فِيْهِ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ -وَاسْمُ الْكِتَابِ (بُغْيَةُ الْمُسْتَرْشِدِين)، وَهُوَ مَطْبُوعٌ بِمِصْرَ- فَطَالَعْتُهُ، فَرَأَيْتُ صِدْقَ قَوْلِهِ، وَالْكِتَابُ الْمَذْكُورُ تَأْلِيْفُ بَعْضِ سَادَةِ أَهْلِ حَضْرَمَوْتَ عَلَى مَذَهَبِ الشَّافِعِيّ]
[كِتَابِ (بُغْيَةُ الْمُسْتَرْشِدِين]، هو كتاب جامع ومُخْتَصِرٌ دون إخلال لفتاوى العلماء المتأخرين في حضرموت وظفار وغيرها على مذهب الشافعيّ، وعنوانه كاملا: [بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض الأئمة من العلماء المتأخرين) مع ضمّ فوائد جمّة من كُتب شتَّى للعلماء المجتهدين، وبهامش الكتاب: (إثمد العينين في بعض اختلاف الشيخين) لابن حجر الهيتميّ، و(الشمس الرمليّ) للفاضل الشيخ علي باصبرين، و(غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد) جَمَعَهُ وصَنَّفَهُ: السيد عبدالرحمن بن محمد بن حسين بن عمر المشهور باعلويّ مفتي الديار الحضرمية، وجاء في خُطْبَتِه: (مَنَّ الله عَلَيّ باختصار فتاوى العلماء الأجلاء الفحول، المُعَوّل على كلامهم، والمَرْجوع لقولهم في المعقول والمنقول، وهم: الإمام العلَّامة عبدالله بن الحسين بن عبدالله بلفقيه، والسيد العلَّامة عبدالله بن عمر بن أبي بكر بن يحيى، والشريف العلَّامة علوي بن سقاف بن محمد الجفري العلويون الحضرميون، والشيخ العلَّامة محمد بن أبي بكر الأشخر اليمنيّ، والشيخ المحقق محمد بن سليمان الكُرْدِيّ المدنيّ. ثم أضاف المُصَنِّف إليها بعد أن انتشرت طبعتُه الأولى وذَاع صيتُها بعضَ المسائل والفوائد وضعها في متن الكتاب في طبعاته المُتتالية.
تقبيل أيدي الأشراف سُنَّةٌ أم بِدْعَة؟
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [فَقُلْتُ لَهُ: نَحْنُ لَا نُنْكِرُ تَقْبِيْلَ يَدِ الْعَالِمِ اِحْتِرَامًا لِلْعِلْمِ، وَبِقَصْدِ الْبَرَكَةِ بِصَالِحِ دُعَائِهِ، وَأَمَّا التَّوَاضُعُ لِلْغَنِي لِأَجْلِ غِنَاهُ فَذَلِكَ يَحْرُمُ لِقَوْلِهِ (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍ لِأَجْلِ غِنَاهُ نَقُصَ ثُلُثُ دِينِهِ)، وَأَمَّا تَقْبِيْلُ يَدِ عَاصٍ بِدَعْوَى إِنَّه شَرِيْفُ النَّسَبِ، فَلَا يَخْفَى مَا فِيْهِ]
فقد ثبُت بالدليل أنّ تقبيل أيدي ورؤوس الصحابة والأشراف والعلماء والوالدين والصالحين من أهل الدين والعلم والفضل سُنّة محمودة الاتباع- ولكن بشروطها-؛ فعن أسامة بن شريك قال: "قُمْنا إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقبَّلنا يده" رواه أبو بكر بن المقرئ في جزء "تقبيل اليد" [ص/58]، وقال الحافظ ابن حجر: "سنده قوي". يُنظر: "فتح الباري" [11/ 57]، وذكر هناك مجموعة من الأحاديث ووصفها بالجيدة الأسانيد. وروى البيهقيّ في "السُّنن الكبرى" [7/ 101] بسنده عن تميم بن سلمة قال: "لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الشَّامَ اسْتَقْبَلَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فَقَبَّلَ يَدَهُ، ثُمَّ خَلَوْا يَبْكِيَانِ". قَالَ: فَكَانَ يَقُولُ تَمِيمٌ: "تَقْبِيلُ الْيَدِ سُنَّةٌ". ولكن (يُكْرَه تقبيل يدِ غيرِهم من أهل الرئاسة والجاه والمال). ويقول الإمام النوويّ رحمه الله: "يُستحب تقبيل يد الرجل الصالح، والزاهد، والعالم، ونحوهم من أهل الآخرة، وأمَّا تقبيل يده لغناه ودنياه وشوكته ووجاهته عند أهل الدنيا بالدنيا ونحو ذلك فمكروه شديد الكراهة"، وقال المتولي: "لا يجوز" [المجموع (4/ 636)]. وقد صنّف أبو بكر بن المقرئ في (تقبيل اليد) جُزءًا خاصًّا، وتوسَّع في تقريرها الإمام ابن حجر - رحمه الله - في "فتح الباري" [11/ 56-57]، وأفاض في ذِكْرِ الأدلة عليها، ومما قاله: "وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التَّكَبُّر والتَّعَظُّم، وأما إذا كانت على وجه القُرْبَة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه؛ فإن ذلك جائز". لذلك لا ينبغي لمن يظنُّ الناس فيهم الخير والصلاح أن يقع في قلوبهم وجه من التكبر والتعاظم بين الناس، فيغريهم تقبيل أيديهم بين الناس، ويتباهون بذلك، فقد خسر من رأى نفسه عند الناس عظيمًا، ولم يكن له عند الله تعالى حظٌّ ولا نصيب، ومن تواضع لله رفعه الله؛ فعليهم بالتواضع، وعلينا تقديرهم وتقبيل أياديهم؛ لِمَا لهم من أيادٍ بيضاء على الناس. والله أعلم(11). وقد وافقت الفتاوى الحديثة في هذه المسألة قول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَقَدْ يُرْوَى أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَبَّلَ يَدَ سَيِّدِنَا عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَقَالَ: "هَكَذَا أُمِرَنَا أَنْ نَفْعَلَ بِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا (صلى الله عليه وسلم)"، فَقَامَ اِبْنُ عَبَّاسُ، وَقَبَّلَ زَيْدًا، وَقَالَ: "هَكَذَا أُمِرْنَا نَفْعَلُ بِعُلَمَائِنَا"].
شروط إثبات النسب النبويّ الشريف
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَلَكِنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ بَيْنَ وَقْتِ الصَّحَابَةِ وَالْيَوْمَ؛ لَأَنَ الْيَوْمَ كَثُرَتِ الْوَسَائِطُ فَتَعَذَّرَ الْقَطْعُ بِحَقِيْقَةِ النَّسَبِ؛ فَلَزِمَ تَرْكُ ذَلَكَ إِلَّا لِمَنْ قَدَّمْنَا، أَوْ لِوَالِدٍ وَوَالِدَةٍ قَيَامًا بِحَقِّهِمَا].
في قول الشيخ عيسى الطائيّ: [الْفَرْقَ ظَاهِرٌ بَيْنَ وَقْتِ الصَّحَابَةِ وَالْيَوْمَ]، محاولة لتقديم العقل على النقل في استحالة إثبات صحة الانتساب إلى بيت النبوة، فعقد لنا مقارنة بين عصر النبوّة الأول زمن البعثة، وعصر المتأخرين، ولسان حاله يقول: يرى إنّ المسلمين المتأخرين فرّطوا وأهملوا، وخاصةً في علوم الحديث، (الذي يُعرَف به حال الراوي والرواية من حيث القبول والردّ، وكذلك علم الأنساب (الذي يبحث في تناسل القبائل والبطون من الشعوب وتسلسل الأبناء من الآباء والجدود، وتفرُّع الغصون من الأصول في الشجرة البشرية). ولكنّ هذا الرأي من الشيخ عيسى لا يُعوَّل عليه استنادًا إلى الحديث النبويّ الشريف (مثَلُ أُمَّتي مثَلُ المطَرِ؛ لا يُدْرَى أوَّلُه خيرٌ أمْ آخِرُه) (فقيل: المرادُ هنا بخيريَّةِ مَن تأَخَّر عهدُه هو النَّفعُ، ولا يَلزَمُ مِنه فضيلتَه على القُرونِ الأولى؛ فهُم أفضلُ ممَّن بعدَهم بلا شكٍّ، وقيل: أراد النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) أن يَصِفَ الأمَّةَ كلَّها بالخيرِ؛ فكأنَّها للنَّاظِرِ إليها نسيجٌ واحدٌ لا يَرى خِلافًا ظاهِرًا في أوَّلِها وآخِرِها؛ لِكَثرةِ الخيرِ في جميعِ طبَقاتِها، فكأنَّها سِلسلةٌ متَّصِلةٌ، مع اختِصاصِ كلِّ طبقةٍ بخاصيَّةٍ وفضيلةٍ تُوجِبُ خيريَّتَها، كما أنَّ كلَّ نَوْبةٍ مِن نُوَبِ المطرِ لها فائدةٌ في النُّشوءِ والنَّماءِ لا يُمكِنُ إنكارُها؛ فإنَّ الأوَّلين آمَنوا وشاهَدوا مِن المعجزاتِ، وتلَقَّوا دَعوةَ الرَّسولِ بالإجابةِ والإيمانِ، والآخِرين آمَنوا بالغَيبِ؛ لِمَا تَواتَر عِندَهم مِن الآياتِ، واتَّبعوا مَن قَبلَهم بإحسانٍ، وكما أنَّ المتقدِّمين اجتهَدوا في التَّأسيسِ والتَّمهيدِ، فالمتأخِّرون بذَلوا وُسْعَهم في التَّلخيصِ والتَّجريدِ، وصرَفوا عُمرَهم في التَّقديرِ والتَّأكيدِ؛ فكلٌّ مغفورٌ له، وسَعيُهم مشكورٌ، وأجرُهم موفورٌ)(12). وعِلّةُ الشيخ عيسى الطائي التي يسوقها لتبرير موقفه العقليّ القائل (بتعذُّر القطع بحقيقة النسب لبيت النبوة) ساقها في قوله: [(لَأَنَ الْيَوْمَ كَثُرَتِ الْوَسَائِطُ فَتَعَذَّرَ الْقَطْعُ بِحَقِيْقَةِ النَّسَبِ)]؛ لكن هذا الرأي الذي يقول به مردودٌ عليه؛ حيث إنّ إثبات النسب النبويّ الشريف وإنْ تباعد الزمان ينعقد بثلاث حُجَجٍ، "أمَّا الحُجَّة الأولى: فهي ثبوت النسب الشريف لبيت النبوة بـ(الشهرة)، وبها يقول (الورثلانيّ) معتمدًا على رأي (الأجوريّ). فيقول في هذا الصدد: (إنّ الناس على ما حازوا من أنسابهم كحيازة الأموال يصدق الإنسان شرعًا في نسبه.. إلا إذا كان مشهورًا بالعداء والظلم)(13). وأمَّا الحُجّة الثانية: فهي ثبوت النسب الشريف بيت النبوة بـ(شهادة القُضاة)، وإثبات ذلك في صكوك شرعية ورسمية. وأمّا الحُجّة الثالثة: فهي ثبوت النسب الشريف لبيت النبوة بـ(شهادة العلماء المُبرزين من المتخصصين في (علم الأنساب)، وفي هذا المنحى يميز (الريسونيّ) بين نوعين من المنتسبين إلى النسب النبويّ الشريف؛(الشرف الشمسيّ) و(الشرف العِلْميّ)، أمّا (الشرف الشمسيّ)، فأصحابه شرفُهم ثابت كالشمس في واضحة النهار، وهم لا يحتاجون للإدلاء بِحُجّة أو بُرهان على نِسْبتهم النبويّة الكريمة، في حين أنّ (الشرف العِلْميّ) أصحابه يتوجّبُ عليهم تصحيح نسبهم بالمستندات والأدلة، وهم على (ثلاثة أضراب)؛ أمَّا الضَّرْب الأول: فعليهم إثبات النسب الشريف بـ(الأدلة العلمية والبراهين) بـ(الإحالة على المراجع والمصادر والمظانّ والاستناد على الرسوم والوثائق والصكوك والشهادات).
وأَمَّا الضَّرْب الثاني: فعليهم إثبات النسب الشريف إمّا بـ(اعترافه أو بقيام البرهان الصحيح على عدم نسبته النبويّة؛ وذلك بـ(الاستدلال التاريخيّ أو إعمال المقارنات وإمعان النظر في الشهادات والتأكد من المعطيات وتوظيف ما يمكن من القرائن والحجج، أمَّا الضَّرْب الثالث حيثُ تختلط الأمور ويصعب تمييز الخيط الأبيض من الخيط الأسود؛ إمّا لغياب الأدلة بالمرة، وإمّا بتعارضها وتصادمها، وإمّا بالاختلاف في تأويلها وتفسيرها وتنزيلها على الواقع. وفي هذا الضرب (يحسن السكوت؛ بل يتوجّب على الإنسان ملازمة الحياد وعدم القطع بالنفي أو الإثبات وإسناد الحقيقة إلى علَّام الغيوب) سبحانه وتعالى. (14)
حُكْم تقبيل الأماكن المقدّسة
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَأَمَّا تَقْبِيْلُ الْأَمَاكِنُ الْمُحْتَرَمَةِ مَا عَدَا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ؛ فَالتَّرْكُ أَوْلَى، وَلَا يَصِحُّ لِئَلَا يَظُنُّ الْجَاهِلُ أَنَّ ذَلِكَ يَشْفِي مِنَ مَرَضٍ أَوْ يُبْرِئُ مِنْ سَقَمٍ؛ فَيُفْضِي ذَلِكَ إِلَى الْحَرَام].
إنّ مقصود الشيخ عيسى الطائيّ بـ[تَقْبِيْلُ الْأَمَاكِنُ الْمُحْتَرَمَةِ]، كما هو مفهوم من السياق محمولٌ على (تقبيل الكعبة) و(مقام إبراهيم) و(استلام الأركان)، و(قبر النبيّ محمد) (صلى الله عليه وسلم)، ويُقاس عليها (المصحف الكريم)، و(شواهد قبور الصالحين)، فقد (أجازه غير واحد من العلماء على شرط واحد "إِنْ قُصِدَ به التَّبرُّك"، "لا إنْ قُصِد التعظيم"؛ أيْ (طلبًا للبركة وليس تعظيمًا لها واعتقادًا في نفعهم وضررهم)، وهذا هو المعتمد عند فقهاء المذهب الشافعيّ، ونَصَّ عليه غير واحد من علمائهم، وذكره السيوطيّ في "التوشيح على الجامع الصغير"؛ وقد استنبط بعض العلماء من مشروعية تقبيل الأركان جواز تقبيل كل من في تكريمه وتشريفه تعظيم لله -عَزَّ وجَلَّ- وتُرْجَى البركة والمثوبة بتوقيره ومحبته من آدميٍّ وغيره، ودخل في ذلك كتب العلم والمصحف الشريف وقبور الصالحين. وقد ذكر فقهاء المذهب الحَنفيّ -وهو المذهب أيضًا عند الحنابلة- بجواز تقبيل المصحف تكريمًا له؛ لما رُوِيَ عن عُمَرَ -رضي الله عنه- أنه كان يأخذ المصحف كل غَدَاة ويُقبِّله، ويقول:"عهدُ ربِّي ومنشور ربِّي عَزَّ وجَلَّ"، وكان عثمان -رضي الله عنه- يقبِّل المصحف ويمسحه على وجهه. ولكنّ هذه الأفعال لا تَصِحُّ في حضور الجُهلاء الذين لا يميزون بين التعظيم والتَّبرك (15)؛ لذا قال شيخنا عيسى الطائيّ [التَّرْكُ أَوْلَى، وَلَا يَصِحُّ لِئَلَا يَظُنُّ الْجَاهِلُ أَنَّ ذَلِكَ يَشْفِي مِنَ مَرَضٍ أَوْ يُبْرِيءُ مِنْ سَقَمٍ؛ فَيُفْضِي ذَلِكَ إِلَى الْحَرَام].
الفاروق وعِلّة تقبيل الحجر
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَقَالَ الْفَارُوْقُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مُخَاطِبًا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ"].
[(الْفَارُوْقُ)] هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، أمير المؤمنين، أبو حفص القُرشيّ العدويّ -رضي الله عنه. أمّا عن علّة اشتهاره بـ(لَقَب) (الفاروق)؛ فالمرويات المنقولة الصحيحة كثيرة في هذا الشأن؛ فعن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، أن النبيّ (صلى الله عليه وسلم) قال: "إن الشيطان (يفرق) من عمر"[رواه مبارك بن فضالة، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم. وعن أم المؤمنين عائشة أيضا، قال معن القزاز: حدثنا الحارث بن عبد الملك الليثي، عن القاسم بن يزيد بن عبدالله بن قسيط، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس، عن أخيه الفضل، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "الحق بعدي مع عمر حيث كان"(16). وجاء في سبب تلقيبه بـ(الفاروق) أيضًا ما أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان قال، قال ابن شهاب: (بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر: الفاروق، وكان المسلمون يؤثرون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذكر من ذلك شيئاً، ولم يبلغنا أن ابن عمر قال ذلك إلا لعمر، كان فيما يذكر من مناقب عمر الصالحة ويثني عليه)(17) [مُخَاطِبًا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ] (روى عبدالله بن عمر أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- قالَ لِلرُّكْنِ: أَما واللَّهِ، إنِّي لَأَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ، ولَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) اسْتَلَمَكَ ما اسْتَلَمْتُكَ، فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ قالَ: فَما لَنَا ولِلرَّمَلِ إنَّما كُنَّا رَاءَيْنَا به المُشْرِكِينَ وقدْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ قالَ: شيءٌ صَنَعَهُ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) فلا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ)(18)
********
المراجع والمصادر والإحالات
(01) شعراء مذحج أخبارهم وأشعارهم في الجاهلية، صنعة: مقبل التام عامر الأحمديّ، مجمع اللغة العربية السعيدة، صنعاء، ط2، 2014م، ص: 607
(02) ديوان لقيط بن يعمر الإيادي، رواية: ابن الكلبيّ (ت،204هـ)، تحقيق: محمد التونجيّ، دار صادر، بيروت، ط1، 1998م، ص: 89
(03) انظر: شرح الكوكب المنير (1 /349)، ومذكرة في أصول الفقه، ص (12)
(04) المرجع نفسه: الكوكب المنير (1/402-403)، ومذكرة في أصول الفقه، ص (17-18)
(05) ديوان امرئ القيس بن حُجْر، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط5، 1990م، ص: 353
(06) بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض الأئمة والعلماء المتأخرين، جمع: السيد عبد الرحمن بن محمد بن حسين بن عمر المشهور باعلويّ مفتي الديار الحضرمية، دار الفكر، بيروت، لبنان، 1994م، ص: 485
(07) غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب، محمد سالم السفاريني، ط2، مؤسسة قرطبة، 1993م، ج1، ص: 333
(08) الراوي: أنس بن مالك، المُحَدِّث: الألباني، المصدر: صحيح النسائي، ص أو رقم: 5386، خلاصة حكم المُحَدِّث: صحيح
(09) الراوي: أبو هريرة، المُحَدِّث: الألباني، المصدر: السلسلة الصحيحة، ص أو رقم: 783، خلاصة حكم المُحَدِّث: إسناده صحيح، أخرجه البخاري (5707) واللفظ له، ومسلم (2220)
(10) لمعلومات أكثر يمكن مراجعة موقع منظمة الصحة العالمية https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/leprosy
(11) دار الإفتاء العام الأردنية، هل يجوز تقبيل أيدي الوالدين والعلماء؟، 08/11/2012م، رقم الفتوى: 2726
(12) الراوي: أنس بن مالك، المُحدّث: الترمذي، المصدر: سنن الترمذي، ص أو رقم: 2869، خلاصة حُكم المحدِّث: حسن غريب من هذا الوجه، أخرجه أحمد (12327)، والطبراني في (المعجم الأوسط) (4058) باختلاف يسير، والطيالسي (2135)
(13) رحلة الورثلاني، تعليق: مهنا القسنطيني، دار المعرفة الدولية للنشر والتوزيع، الجزائر، 2011م، ج1، ص ص: 52-53
(14) ادعاء النسب الشريف بين التوظيف الديني والاستغلال السياسيّ، وانس صلاح الدين، مجلة آفاق فكرية، دورية محكمة، المجاد 4، العدد 9، أكتوبر 2018م، ص ص: 251-252
(15) راجع: "رد المحتار" (5/ 246، ط. إحياء التراث)، و"كشاف القناع" (1/ 137، ط. دار الفكر)، و" تقبيل قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور صالحي الأمة"، دار الإفتاء المصرية، 24 من مارس، 2014، فتوى رقم: 102.
(16) سير أعلام النبلاء للذهبي، ج28، ص:68
(17) تاريخ المدينة، عمر بن شبة (واسمه زيد) بن عبيدة بن ريطة النميري البصري، أبو زيد (المتوفى: 262 هـ)، تحقيق: علي محمد دندل وياسين سعد الدين بيان، دار الكتب العلمية، بيروت، 1996م، ج2، ص: 622
(18) الراوي: عبدالله بن عمر، المُحدِّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، ص:أو رقم: 1605، خلاصة حكم المُحدِّث: [صحيح]، أخرجه مسلم (1270) مختصراً باختلاف يسير.
([[1]]) شعراء مذحج أخبارهم وأشعارهم في الجاهلية، صنعة: مقبل التام عامر الأحمديّ، مجمع اللغة العربية السعيدة، صنعاء، ط2، 2014م، ص: 607
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري: محبة الله نور يملأ القلوب ويهدي النفوس
أكد الدكتور عبد اللطيف سليمان، من علماء الأزهر الشريف، أن محبة الله هي أساس الإيمان، وهي التي تحوّل قلب المؤمن من صحراء قاحلة إلى جنة خضراء، مشيرًا إلى أن هذه المحبة تحتاج إلى تفعيل من خلال مجموعة من الأمور المهمة التي تقرب العبد من ربه.
تلاوة القرآن نور المحبةأوضح الدكتور سليمان، خلال حلقة برنامج «وقفات» على قناة الناس، أن تلاوة القرآن بإخلاص تساعد على إشعال نور محبة الله في القلب، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ القرآن»، مؤكدًا أن القرآن هو الهداية والنور، وقراءته بتدبر تحصن القلب من وساوس الشيطان.
التقرب بالنوافل يعزز المحبةوأشار إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبَّه»، مؤكدًا أن أداء صلاة السنن، والصدقة، وأعمال الخير تعزز محبة الله في القلوب، وتجعل العبد أكثر استعدادًا لتقبل البركة الإلهية.
الذكر والاستغفار سبيل للقرب من اللهشدد على أهمية الذكر المستمر لله في كل الأحوال، مستشهدًا بالآية: «وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ»، موضحًا أن الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أقوى العوامل التي تعمّق محبة الله في القلب.
اتباع أوامر الله وتفضيلها على الهوىأشار إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به»، مؤكدًا أن المؤمن الحقيقي يفضل رضا الله على رغباته الشخصية، ويجعل محبة الله فوق كل شيء.
التفكر في أسماء الله وصفاتهأكد على أهمية التدبر في أسماء الله الحسنى وصفاته، مثل «أَحَدٌ» الوارد في سورة الإخلاص، مشيرًا إلى أن معرفة الله والتفكر في أسمائه تزيد من تعظيمه وحبه في القلب.
الشكر والتأمل في نعم اللهأوضح أن التأمل في نعم الله الظاهرة والباطنة، والشكر عليها، يعمّق محبته في القلوب، مستشهدًا بقول الله تعالى: «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ».
التواضع والانكسار للهأكد أن التواضع لله والانكسار بين يديه يجعل العبد في معية الله، مستشهدًا بأن «من ينكسر لله لا يذل لسواه»، فالتواضع هو مفتاح القرب من الله وسبب في نيل محبته.
قيام الليل وفضل السحرأشار إلى أن قيام الليل والاستغفار في الثلث الأخير من الليل من أعظم الأوقات التي تقرب العبد من ربه، مستشهدًا بقوله تعالى: «وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»، موضحًا أن وقت السحر هو وقت البركة واستجابة الدعاء.