عربي21:
2025-02-26@15:41:03 GMT

خيارات العرب في قمة القاهرة

تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT

ستنعقد القمة العربية في السادس من آذار/ مارس، إن لم يطرأ جديد، وكان من المفترض أن تنعقد يوم 27 شباط/ فبراير الجاري، لكن يبدو أن هناك ما استدعى التأجيل، وانطلقت مع عملية التأجيل لقاءات عربية مكثفة بين دول الخليج ومصر والأردن، ودخلت تركيا وإيران في لقاءات ثنائية أخرى مع دول الإقليم.

ومع الموقف المبدئي العربي برفض تهجير الفلسطينيين، فقد ارتفعت -بدرجة ما- آمال الشعوب العربية في تبني القمة موقفا صلبا أمام خطة ترامب، لكنها آمال مشوبة بحذر بالغ، بسبب أداء هذه الأنظمة طَوال حرب الإبادة التي شنها الاحتلال على قطاع غزة المناضل الصامد.



إذا تعاملنا وفق الآمال، فالمرجو من القمة العربية أن تعلن موقفا واضحا لا لبْس فيه يتبنى أربعة أمور:

استمرار وقف إطلاق النار وانتقاله إلى إنهاء العدوان، وبدء إعمار قطاع غزة، ورفض تهجير الفلسطينيين إلى أي مكان خارج وطنهم، ودعم قيام دولة فلسطينية على حدود القرار الأممي 181 لعام 1947، ورفض الاحتلال الصهيوني للأراضي السورية.

كان معيبا أن القمة الطارئة ستنعقد بسبب تصريحات ترامب الداعية إلى تهجير الفلسطينيين، فالدعوة إلى القمة ارتبطت بمخاطر محتملة على مصر والأردن، وكأن الشعب الفلسطيني وحده كان لا يستحق عقد قمة لوقف العدوان ولدعمه
كان معيبا أن القمة الطارئة ستنعقد بسبب تصريحات ترامب الداعية إلى تهجير الفلسطينيين، فالدعوة إلى القمة ارتبطت بمخاطر محتملة على مصر والأردن، وكأن الشعب الفلسطيني وحده كان لا يستحق عقد قمة لوقف العدوان ولدعمه، لكن على كل حال جاءت حاجة مصر والأردن في مصلحة الشعب الفلسطيني، ما يجعل السقف مرفوعا عن حدود عملية التهجير.

إذا الموقف الأول الداعم لوقف التهجير، يجب أن يكون تمديد وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث التي تتضمن وقفا دائما لإطلاق النار، وإعادة إعمار قطاع غزة، ورفع الحصار عن الفلسطينيين فيه، وهذه العملية لا يبدو أنها ستحدث وفقا لتصريحات القادة الصهاينة في الكيان وأمريكا، ولعل الأصوات الداعمة لوقف إطلاق النار في الكيان تتحدث بوضوح عن استمرار الحرب بعد استعادة الأسرى، وآخرها لوزير الحرب السابق يوآف غالانت في مؤتمر بجامعة رايخمان، الذي قال أمس الثلاثاء: "لا يمكن تحقيق هدفيْ الحرب إلا بخطوة واحدة: أولا إعادة الأسرى، ثم القضاء على نظام حماس، لسبب بسيط وهو أنه إذا ذهبنا بالترتيب المعاكس: فلن يكون لدينا أي أسرى يمكن إعادتهم"، فضلا عن تصريحات نتنياهو والأمريكان عن وجوب القضاء على حماس، ومعلوم أنه لا سبيل للقضاء عليها سوى بالقتال.

لذا، إذا أراد المؤتمِرون من العرب منع التهجير الفلسطيني، فعليهم أن يعبِّروا عن رفضهم تجدد القتال بإجراءات عملية، مثل فتح المعابر دون الالتفات للقيود الصهيونية على شاحنات المساعدات، وتصعيد الضغط الدبلوماسي، في الهيئات الأممية، وسحب السفراء، أو قطع العلاقات، وما إلى ذلك من الأدوات الدبلوماسية، وكنا نرجو أن تكون هناك خيارات أكثر قسوة، لكن هذا السقف الذي لا يمكن لهؤلاء الحكام أن يجاوزوه.

أما الموقف الثاني، فيجب أن يرقى إلى اعتبار عملية تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة أو الضفة بمثابة إعلان حرب على مصر والأردن، وبالتالي لن تقف الدول العربية الأخرى متفرجة على تهديد أمن الدولتين.

والموقف الثالث، يتعلق بإعلان دعم المؤتمِرين في القاهرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، كاملة السيادة على حدود عام 1947، وهي الحدود المنصوص عليها في قرار الأمم المتحدة رقم 181 (د-2) في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، المعروف باسم "قرار تقسيم فلسطين"، ورغم اعتراف كاتب السطور بإجحاف هذا القرار للفلسطينيين، لكنه يبقى الحد الأدنى الذي ينبغي على العرب أن يطالبوا به، وحينها يمكن للفلسطينيين أن يتجولوا وينتقلوا خارج حدود غزة، ولكن إلى عسقلان والمجدل ويافا والناصرة وبئر السبع وغيرها من مدن وبلدات فلسطين في حدود عام 1947، لا أن ينتقلوا إلى مصر والأردن والسعودية أو حتى أوروبا.

كذلك لا ينبغي فصل الدولة الفلسطينية المرتقبة عن كونها دولة غير كاملة السيادة، بمعنى أن من حقها أن تنشئ قوات نظامية لحفظ الأمن، وقوات عسكرية لحفظ حدودها من أي عدوان صهيوني مستقبلي، وهذا بالمناسبة سيمنع التهجير أيضا وبالتالي سينتفع المصريون والأردنيون من هذا الردع ولن يجدوا أنفسهم في حاجة إلى الخوض في قرارات تهجير.

تستلزم السيادة أن تتوقف دعوات الحكام العرب إلى إنشاء دولة منزوعة السلاح، فهذا غير مقبول من ناحية المبدأ، فضلا عن وجود عدو همجي ووحشي ومجرم يتربص بالفلسطينيين، كما عليهم تعديل مبادرة السلام العربية التي تنادي بسلام مقابل دولة فلسطينية على حدود عام 1967، فما سبب اختيار هذه الحدود رغم أن القرار الأممي لعام 1947 أعطى الفلسطينيين مساحة أكبر؟!

وكما أن حدود عام 1967 واقعة تحت الاحتلال، فحدود 1947 تقع تحت الاحتلال كذلك، وكما أن القرار 242 الصادر في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر لعام 1967 قرار أممي، فالقرار السابق له رقم 181 قرار أممي أيضا، لكنه يمتاز عنه بأنه من الجمعية العامة، لا كالقرار اللاحق الصادر عن مجلس الأمن وهو هيئة منبثقة من الأمم المتحدة، مع ما للمجلس من ثقل وأهمية، كما أن قرار مجلس الأمن لم يكن ناسخا أو ملغيا للقرار 181.

إن درجة من التصالح الداخلي، ستفتح الباب أمام تماسك الجبهة الداخلية في مواجهة العدوان الطاغي، وهذا دور الأجهزة الوطنية التي تدفع الحكام إلى رفض التهجير ورفض تصفية القضية الفلسطينية، ربما على غير إرادتهم، فهؤلاء الوطنيون يدركون خطورة هذا المسار، ويقفون حجر عثرة أمام ترْك الساحة للقرارات المنفلتة، وسيكون مناسبا أن يُكملوا رسم الصورة لصناع القرار وإخبارهم أن الظرف لا يحتمل الانقسام السياسي
أما الموقف الرابع، فيتعلق بالدولة السورية الجديدة، فمن واجب العرب أن يدعموا تحرر أرضها، والبدء أولا بعودة الاحتلال إلى حدود اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، ثم استمرار المطالبة بانسحاب الاحتلال من الجولان السوري المحتل، والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 242 الذي دعا الاحتلال الإسرائيلي إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلها في عدوانه على الدول العربية صبيحة 5 حزيران/ يونيو 1967.

هذا السقف المطروح ليس خياليّا، وليس صداميّا للغاية مع محور الشر الأمريكي-الصهيوني، بل هو نابع من نقاشات قانونية ومطالب بديهية في القانون الدولي، ومتوافق مع مطالب الشعوب التي يمكنها أن تدعم مُطلقي هذه الدعوات بشتى الصور، وهذا يستدعي تكرار ما ذكره العبد الفقير كاتب السطور في مقاله السابق: "لم يعد اليوم أمام الحكام العرب مفر من أخذ موقف داعم للقضية الفلسطينية، ولو على غير إرادتهم، إنقاذا لحكمهم، أو تفاديا لانقسام أنظمتهم السياسية. وهذه الخطوة تستلزم درجة من التراجع عن مساحات القمع الداخلية، إذ إن المعارضين لأنظمتهم هم الأقدر على قيادة حركة الشارع من أجل تنظيم معارضة شعبية حقيقية، تساعدهم في موقفهم الرسمي أمام ترامب وحلفائه".

إن درجة من التصالح الداخلي، ستفتح الباب أمام تماسك الجبهة الداخلية في مواجهة العدوان الطاغي، وهذا دور الأجهزة الوطنية التي تدفع الحكام إلى رفض التهجير ورفض تصفية القضية الفلسطينية، ربما على غير إرادتهم، فهؤلاء الوطنيون يدركون خطورة هذا المسار، ويقفون حجر عثرة أمام ترْك الساحة للقرارات المنفلتة، وسيكون مناسبا أن يُكملوا رسم الصورة لصناع القرار وإخبارهم أن الظرف لا يحتمل الانقسام السياسي. وما فعله السيد عمرو أديب في إحدى حلقاته، عندما طالب بإخراج المعتقلين دون استثناء، كان دعوة في محلها، لخطورة الظرف والوضع على المنطقة كلها، لا فلسطين فقط، فالصهاينة إذا ابتلعوا فلسطين، فلن يترددوا في قضم أي قطعة أخرى تكون متاحة لهم، كما فعلوا في سوريا ولبنان هذه الأيام.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه القمة العربية الفلسطينيين الاحتلال غزة احتلال فلسطين غزة قمة عرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تهجیر الفلسطینیین مصر والأردن قطاع غزة حدود عام عام 1947

إقرأ أيضاً:

أستاذ بجامعة القدس لـ"البوابة نيوز": الاحتلال تهرب من تنفيذ بعض بنود الهدنة والموقف المصري بشأن تهجير الفلسطينيين «متقدم»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بعد نجاح جهود الوساطة المصرية القطرية الأمريكية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، اتفقت الأطراف على صيغة مقبولة لوقف إطلاق النار الذي دام أكثر من ١٥ شهرًا ودمر البنية التحتية لقطاع غزة بالكامل، وهو الاتفاق الذي من شأنه أن يضع حدًا لاستهداف المدنيين العزل من أبناء قطاع غزة.

ويتضمن الاتفاق ثلاث مراحل رئيسية، المرحلة الأولى ومدتها ٤٢ يومًا، وتشمل وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وعودة النازحين داخليًا إلى أماكن سكناهم، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج، أما المرحلة الثانية فتشمل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة وتسليم باقي المحتجزين الإسرائيليين مقابل الإفراج عن عشرات الفلسطينيين، والمرحلة الثالثة تتضمن تخفيف الحصار عن غزة وبدء إعادة إعمار القطاع. وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تناولت تهجير نحو ١.٥ مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، أعادت الجدل حول مسألة التهجير القسري للفلسطينيين، وحل الدولتين، وأثارت ردود أفعال قوية من الأطراف الإقليمية والدولية، وسط اتهامات للإدارة الأمريكية بتجاهل الحلول السلمية والاعتماد على أسلوب "الصفقات"، خاصة أن هذه التصريحات جاءت بالتزامن مع اتفاقات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة إلى قطاع غزة، بموجب خطته، التي تقضي بـ"استيلاء" الولايات المتحدة على القطاع الفلسطيني، موضحاً أن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة، لأنهم سيحصلون على مساكن أفضل كثيراً على حد وصفه، مجدداً خطته لسيطرة الولايات المتحدة على غزة وترحيل الفلسطينيين منها، قائلاً إنه ملتزم بشراء وامتلاك غزة، والتأكد من أن حماس لن تعود إليها.

“البوابة” تواصلت مع الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الذي أكد أن الهدنة تمر بظروف صعبة نتيجة محاولات الاحتلال التهرب من التزامه في بنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة أنه كان هناك من بين البنود إدخال غرف متنقلة وخيام ووقود وسلع غذائية، ولم يلتزم بالكميات التي تم الاتفاق عليها، وانقلب الاحتلال على الاتفاق المبرم.

وأضاف الرقب، في تصريحات خاصة لجريدة "البوابة نيوز"، أننا رأينا الاحتلال الإسرائيلي يمارس أسلوب التهرب من بنود الاتفاق، معتقدًا اكتمال المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة، مرجعاً ذلك لأن الاحتلال بحاجة لاكتمالها، أما عن المرحلة الثانية من الاتفاق، فقال الرقب إن بها عثرات منها تسليم عشرات الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بالمؤبدات مقابل كل أسير إسرائيلي من فئة الضباط والجنود، متابعاً أنه من الممكن أن يوافق الإسرائيليون لأنهم بحاجة إلى إطلاق سراح مزيد من أسراهم.

ردود فعل غاضبة

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، ردود فعل غاضبة من قبل الشارع المصري، وقد قلل المصريون من أهمية التهديدات بحجب المساعدات الأمريكية إذا رفض استقبال أهالي غزة.

ومن جانبها أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا شديد اللهجة، رفضت فيه أي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك "حق تقرير المصير، والبقاء على الأرض والاستقلال"، فيما شدد الرئيس عبدالفتاح السيسي على ضرورة بدء عمليات إعادة إعمار غزة بهدف أن يكون هذا القطاع قابلاً للحياة، دون تهجير سكانه الفلسطينيين، وأكد أن مصر ستواصل دعمها للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه المشروعة.

واستكمل الرقب حديثه في هذا الشأن، قائلاً "ما نخشاه أن يكون ترامب عينه على الضفة الغربية وليس غزة، وأن ما يصرح به تكون مجرد عملية تضليل كبيرة، وبالتالي قد تكون كل هذا فقط ليس إلا للتحريض"، مؤكدًا أن عملية تهجير الفلسطينيين ليست بهذه السهولة، وأن ترامب لن يجد في المقابل إلا الصمود من الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه واجه رفضا عربيا لهذا المشروع بشكل كامل، مما سيجعله يتراجع عنه مع الوقت.

وذكر الرقب، أن ترامب أصبح شغله الشاغل قطاع غزة منذ أن فاز في الانتخابات الرئاسية في ٢٤ ديسمبر الماضي، وهو يهدد القطاع يوميًا، متابعاً أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا خاصة أن تصريحات ترامب لا توثر على الشعب الفلسطيني ولا حتى على أصغر طفل في غزة، لأنهم يدركون أن كل هذه التهديدات بلا قيمة.

وأكد الرقب، أن الموقف المصري فيما يخص تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين، موقف متقدم لأن الوضع الجيوسياسي يفرض حضورا وتأثيرا بشكل كبير على المشهد، مضيفاً أن القاهرة رفضت منذ الأيام الأولى للحرب في غزة عملية التهجير القسري والطوعي، ثم جاءت تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي رفض كل أشكال التهجير مع تقديم مقترح بأننا قادرون على بناء غزة وسكانها بها دون تهجيرهم.

الأزمات الإنسانية في غزة

أما عن الأزمات الإنسانية في غزة، فلا يزال القطاع يعاني من أزمة إنسانية خانقة بعد الهدنة الأخيرة، فبالرغم من وقف إطلاق النار، إلا أن الحصار المفروض على القطاع لا يزال قائماً، مما يمنع دخول الإمدادات الأساسية من غذاء وماء ودواء بشكل كاف.

ويعاني سكان غزة من نقص حاد في الغذاء، حيث تشير التقارير إلى أن العديد من العائلات لا تستطيع توفير وجبات الطعام الأساسية، وقد أدى هذا النقص إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما زاد من معاناة السكان.

إضافة إلى نقص الغذاء، تعاني غزة من تلوث حاد في مصادر المياه، وقد أدى هذا التلوث إلى انتشار الأمراض والأوبئة بين السكان، وخاصة الأطفال وكبار السن، وتبذل بعض المنظمات الدولية جهوداً لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، إلا أن هذه الجهود لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات السكان.

وتواجه المنظمات الإنسانية كمنظمة "الأونروا" صعوبات في إيصال المساعدات بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة في غزة، كما تعاني العديد من المنظمات الإنسانية من نقص في التمويل اللازم لتوفير المساعدات، واستمرار الحصار المفروض على غزة يعيق دخول المساعدات الإنسانية بشكل كاف.

ويرى خبراء، أن سكان غزة بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة لتلبية احتياجاتهم الأساسية من غذاء وماء ودواء، داعين المجتمع الدولي أن يضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل كاف، لأن الوضع الإنساني المأساوي في غزة يتطلب تحركاً دولياً عاجلاً لإنقاذ حياة السكان وتلبية احتياجاتهم الأساسية.

تلوث مياه القطاع

أدّت الإجراءات الإسرائيلية والاعتداءات المتكرّرة على القطاع، إلى ضعف القدرات المائية لقطاع غزّة، كما أنّ عدم وجود مصادر مياه كافية، بسبب سرقة الاحتلال الإسرائيلي واستهلاكه للخزان الجوفي الخاص بغزّة، مما دفع السكان إلى مزيد من الضغط والاستنزاف للخزان الجوفي الساحلي، الذي نتج منه ارتفاع حاد وخطير في ملوحة المياه.

وتتواصل سياسات الاحتلال التي تضر بالمياه في قطاع غزة، فيما يغيب وجود حلول جذرية حيث أدت التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلى عدم القدرة على تطوير مصادر مائية جديدة، ما يتطلّب اقتراح بدائل تُساهم في حل الأزمة، وتقديمها إلى صانع القرار في السلطة الفلسطينية أو في الحكومة في قطاع غزّة، لتدارك انهيار القدرة المائية للقطاع.

سياسة التجويع

وأشار الرقب، إلى أنه داخل قطاع غزة كل شيء تلوث من تربة وماء نتيجة ما تتعرض له غزة من عدوان كبير جدًا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مضيفاً أن العدوان الإسرائيلي أثر بشكل كبير على الحالة الصحية في قطاع غزة، "ولكن ليس لدى الفلسطينيين في هذا الأمر إلا التحمل والصمود، لأن الخيارات الأخرى صفرية، وهم لن يتركوا غزة مهما كان الثمن".

وتابع بقوله إن الأثمان التي تدفع في غزة كبيرة، وعملية تلوث المياه وتلوث التربة، وانتشار الأوبئة والأمراض، نتيجة كل هذه التشوهات التي تمت في غزة، وبالتالي قد يكون هناك مزيد من انتشار الأوبئة داخل القطاع.

واستكمل الرقب حديثه أن جزءا كبيرا من المياه العزبة والكهرباء يأتي من الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي يتحكم الاحتلال في مصادر العيش الأساسية داخل القطاع، مردفًا أن المعابر الأساسية بين غزة والاحتلال متعددة، ولكن مع مصر معبر واحد، وكان في المعتاد هناك تبادل تجاري عالٍ بين غزة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، معرباً عن خوفه من استمرار الاحتلال في النهج الذي اتبعه منذ بداية الحرب على غزة أو إعادة قطع الكهرباء والماء مرة أخرى على القطاع.

واختتم الرقب حديثه قائلاً، إنه منذ الأيام الأولى للحرب وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، أن لا ماء ولا كهرباء ولا دواء، واستخدم أسلوب التجويع بشكل وقح ضد الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن هذا الأسلوب يعبر عن همجية الاحتلال بشكل كبير، وقد يعود مرة أخرى لاستخدام نفس النهج.

منظمات دولية: وضع القطاع كارثي

تتفق جميع المنظمات الدولية على أن الوضع المائي والغذائي في غزة كارثي ويتطلب تدخلًا عاجلًا، وتدعو إلى ضرورة توفير الدعم المالي والفني لتحسين البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وضمان حصول جميع السكان على المياه النظيفة والآمنة.

ومن جانبها حذرت الأونروا "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى"، من أن الوضع المائي في غزة يتدهور بسرعة، حيث يعاني أكثر من ٧٠٪ من السكان من نقص حاد في المياه النظيفة، وأشارت إلى أن البنية التحتية للمياه والصرف الصحي تعاني من أضرار جسيمة بسبب النزاعات المتكررة، مما يزيد من تفاقم الأزمة.

وأكدت اليونيسف "منظمة الأمم المتحدة للطفولة"، أن الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي الآمن هو حق أساسي من حقوق الإنسان، لكن هذا الحق محروم منه العديد من الأطفال في غزة، وأشارت إلى أن تلوث المياه يشكل خطرًا كبيرًا على صحة الأطفال، حيث يتسبب في انتشار الأمراض مثل الإسهال وسوء التغذية.

أما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فأشار إلى أنه سلط الضوء على التحديات الهائلة التي تواجه قطاع المياه في غزة، بما في ذلك نقص الاستثمار في البنية التحتية، والقيود المفروضة على استيراد المواد اللازمة لإصلاح وصيانة المرافق، وأزمة الكهرباء التي تؤثر على تشغيل محطات الضخ والمعالجة.

وأعربت منظمة الصحة العالمية، عن قلقها إزاء تدهور جودة المياه في غزة، حيث أن معظم المياه المتوفرة غير صالحة للشرب بسبب ارتفاع نسبة الملوحة والتلوث، لافتة إلى أن هذا الوضع يزيد من خطر انتشار الأمراض المنقولة بالمياه.

وشددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن الوضع الإنساني في غزة يتدهور باستمرار، وأن أزمة المياه تعد واحدة من أبرز المشاكل التي تواجه السكان، ودعت إلى ضرورة توفير الموارد اللازمة لتحسين إمدادات المياه والصرف الصحي، أما منظمة "هيومن رايتس ووتش" انتقدت  القيود التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على دخول المواد والمعدات اللازمة لإصلاح البنية التحتية للمياه في غزة، واعتبرتها بمثابة عقاب جماعي للسكان المدنيين.

مصر تواصل دخول المساعدات إلى القطاع

وفيما يخص دخول المساعدات الى قطاع غزة، تواصل دخول دفعات جديدة من شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، حيث دخلت شاحنات من معبر رفح المصري في طريقها لمعبري العوجة وكرم أبوسالم، محملة بالمواد الغذائية والإغاثية، إلى جانب كميات من الوقود المخصص لتشغيل المرافق الحيوية في قطاع غزة، في ظل استمرار الأزمة الإنسانية التي يواجهها السكان.

كما تشمل القافلة خزانات وقود مخصصة للمستشفيات ومحطات توليد الكهرباء، التي تواجه تحديات تشغيلية منذ بداية الأزمة بسبب النقص الحاد في الإمدادات.

يأتي هذا التحرك ضمن جهود مصرية وعربية ودولية لتخفيف معاناة سكان غزة، حيث تستمر مصر في إرسال المساعدات بشكل يومي لضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان.

وأفادت مصادر ميدانية بأن القافلة الجديدة التي دخلت إلى القطاع تضم شاحنات محملة بمواد غذائية أساسية، بالإضافة إلى إمدادات طبية وإغاثية، لدعم المستشفيات والمراكز الصحية التي تعاني من نقص حاد في الموارد، كما تشمل القافلة خزانات وقود مخصصة للمستشفيات ومحطات توليد الكهرباء، التي تواجه تحديات تشغيلية منذ بداية الأزمة بسبب النقص الحاد في الإمدادات، يأتي هذا التحرك ضمن جهود مصرية وعربية ودولية لتخفيف معاناة سكان غزة، حيث تستمر مصر في إرسال المساعدات بشكل يومي لضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان.

من جهتها، أكدت حركة حماس، الاستمرار بتطبيق الاتفاق وفق ما تم التوقيع عليه بما في ذلك تبادل الأسرى وفق الجدول الزمني المحدد، مشيرة إلى إجراء مباحثات مع الوسطاء لبحث مجريات تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى خاصة بعد خروق الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضحت حماس، في بيان سابق لها، أن الاتصالات ركزت على تطبيق بنود الاتفاق خاصة ما يتعلق بتأمين إيواء الشعب الفلسطيني وإدخال البيوت الجاهزة بشكل عاجل، وإدخال الخيام والمعدات الثقيلة والمستلزمات الطبية والوقود واستمرار تدفق الإغاثة، مشيرة إلى أن المباحثات سادتها روح إيجابية والوسطاء في مصر وقطر أكدوا المتابعة لإزالة العقبات وسد الثغرات.

لا يزال الوضع في غزة معقدًا للغاية، حيث يواجه القطاع تحديات كبيرة على كل المستويات، وهناك حاجة ماسة إلى حل سياسي شامل يضمن إنهاء العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، ورفع حصار الاحتلال عن قطاع غزة، وإعادة إعمار البنية التحتية، وتحسين الأوضاع الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • خيارات العرب في قمة مارس
  • ترامب: أوروبا تستغل أمريكا تجاريًا.. وخبير: نتنياهو يضع حماس أمام خيارات صعبة
  • مصر: تهجير الفلسطينيين يهدد الأمن القومي لدول المنطقة
  • وزير الخارجية التركي: حماس حركة مقاومة وخطة تهجير الفلسطينيين مرفوضة (شاهد)
  • ولي عهد الأردن وأردوغان يؤكدان ضرورة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين
  • السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين وتهديد الأمن القومي لدول المنطقة
  • إبراهيم عيسى: مصر وقفت حائط صد أمام مخطط تهجير الفلسطينيين
  • أستاذ بجامعة القدس لـ"البوابة نيوز": الاحتلال تهرب من تنفيذ بعض بنود الهدنة والموقف المصري بشأن تهجير الفلسطينيين «متقدم»
  • رفض تهجير الفلسطينيين وإعادة تشكيل الحكومة.. أبرز بنود اتفاق المجلسين بالقاهرة