نادرا ما يتابع المراقبون الغربيون قمة بريكس بهذا القدر من اليقظة والاهتمام الذي يتابعون به نسختها رقم 15 التي انطلقت أمس الاثنين في جوهانسبرغ تحت شعار "بريكس وأفريقيا" والتي يتطلع القادة المشاركون فيها، خاصة الصين، إلى أن تسهم في توسيع نفوذ المجموعة وقوتها، مما يثير قلق الغرب الذي أصبح يخشى من تشكيل تحالف يتحدى النظام العالمي القائم.

وفي مقال نشره موقع "ميديا بارت" الفرنسي يرى الكاتب الصحفي مارتين أورانج أن المسؤولين الغربيين يخشون أن تعمِّق هذه القمة من زخم النفور الذي ظهر خلال التصويت في جلسة للأمم المتحدة على قرار بشأن الحرب بأوكرانيا في مارس/آذار 2022، عندما امتنعت 40 دولة عن التصويت للقرار الذي يدين الغزو الروسي.

كما يرى الكاتب أن مما يعمق مشاعر القلق لدى الغرب كون المسؤولين الأميركيين والأوروبيين حاولوا كسر هذه الثورة، وفرشوا السجادة الحمراء لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، ولكن دون جدوى.

ويشارك في القمة قادة كل من الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، في حين يكتفي الرئيس الروسي بكلمته المسجلة بسبب أمر من المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب بحق أطفال في أوكرانيا، ويمثّله في القمة وزير الخارجية سيرغي لافروف.

ويعدُّ حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي قلص زياراته الخارجية منذ جائحة كورونا، مؤشرا على الأهمية التي تكتسيها قمة جوهانسبرغ التي دعيت لحضورها 69 دولة تشمل كافة الدول الأفريقية.

وأشار الكاتب إلى أن الرهانات الدبلوماسية والاقتصادية لهذه القمة تذهب إلى ما هو أبعد من موضوع التنمية في أفريقيا، مشيرا إلى أن هذه القارة تبدو حلبة صراع جديدة بين القوى القائمة وتلك الصاعدة، وفوق كل ذلك يبدو أن هدف الصراع تأكيد ميزان القوى السياسي والاقتصادي الجديد الذي نشأ السنوات الأخيرة، ليشكل تحديا للنظام العالمي الذي بناه الغرب على مقاسه.

ويطرح المقال سؤالا عما إذا كان العالم سيشهد تشكيل تكتل جيوسياسي واقتصادي جديد ضد المعسكر الغربي، حيث يعتقد البعض أن الصين تسعى لاستخدام بريكس غطاءً لتوسيع نفوذها العالمي.

كما يتساءل عما إذا كان الغرب سيدرك أخيرا أن الجنوب قد تغير كثيرا وأن دوله أصبحت الآن قادرة على تحرير نفسها من الشمال؟ والجواب عن مثل هذه الأسئلة برأيه مرهون بالطريقة التي سيتعاطى بها الفرقاء مع الموضوع، لكن هناك حقيقة واحدة يجزم الكاتب بأنها أكيدة وهي أن النظام العالمي الذي تأسس منذ نحو 80 عاما قد بدأ ينهار الآن أمام أعيننا.


بريكس تتوسع

لم تعد دول بريكس كما كان يراها الغرب مجرد جزء من العولمة تختزل في سلاسل التوريد، ومكان للشركات متعددة الجنسيات التي يستخدمها الغرب لتصنيع منتجاته بتكلفة منخفضة، فقد تغير الوضع وأصبحت الصين الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتسير الهند على خطاها.

واكتسبت بلدان الجنوب زخماً في كل مكان، بحيث يمثل ناتجها المحلي الإجمالي المشترك الآن حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتلك قوة آن الأوان للاعتراف بها، بدل اختزالها في النظرة القديمة التي لا ترى فيها سوى قوى لتزويد الاقتصاد العالمي بما يحتاجه.

وبإيعاز من الصين، يقول الكاتب إن مجموعة بريكس تخطط لضم العديد من الدول، وقد تقدمت 22 دولة للانضمام إليها، من بينها السعودية والإمارات والجزائر وإندونيسيا ومصر وإيران.

ورغم كل ما سبق، يخلص المقال إلى أن قمة بريكس هذا العام، التي انطلقت أمس وتستمر 3 أيام، قد تخطف بريقها المشاكل الاقتصادية، بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي المصحوب بالعديد من الاضطرابات، فالاقتصاد الصيني يشهد تباطؤا ونشاطه آخذ في التراجع، كما أن العملة الروسية فقدت نصف قيمتها مقابل الدولار، ولا تبدو الهند أحسن حالا حيث تواجه مشاكل سياسية علاوة على الصعوبات الاقتصادية التي تثقل كاهلها، وليس حال جنوب أفريقيا -التي تعاني بسبب التضخم المتسارع- بأحسن الدول الثلاث آنفة الذكر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول

روسيا – أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب لم يحترم قط مبدأ ميثاق الأمم المتحدة القائم على المساواة السيادية بين الدول، وأن الإدارة الأمريكية الجديدة تستمر في تجاهل هذا المبدأ.

وقال لافروف خلال كلمة ألقاها في الجمعية العامة للمجلس الروسي للشؤون الدولية: “في أي صراع أو موقف دولي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية وبعد إنشاء الأمم المتحدة، لم تلتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها أبدا بالمبدأ الأساسي للميثاق الذي ينص على أن الأمم المتحدة تقوم على المساواة في السيادة بين الدول”.

وأشار وزير الخارجية الروسي إلى أنه “إذا نظرنا إلى تاريخ ما بعد الحرب، خاصة في أكثر المواقف حرجاً وصعوبة، سنرى أن الغرب لم يحترم هذا المبدأ أبدا”.

وأضاف: “بعد تولي إدارة دونالد ترامب السلطة، بدا أن وزير الخارجية الجديد ماركو روبيو قد تنصل من النظام العالمي الليبرالي، لكنه أعلن في الوقت نفسه أن إدارة ترامب ستخلق نظاما جديدا من الفوضى مع أولوية مبدأ ‘أمريكا أولا’. الفرق هنا باستثناء المصطلحات ليس كبيرا”.

وأشار لافروف إلى أن هناك شكوكا حول جدوى النظام العالمي القائم على ميثاق الأمم المتحدة، ليس فقط بين السياسيين في الغرب ولكن أيضا بين الخبراء وعلماء السياسة في روسيا.

وقال الوزير الروسي: “لا تحتاج إلى أن تكون خبيرا فائق الذكاء لترى أوجه القصور والخلل في عمل الأمم المتحدة والمؤسسات المرتبطة بها. أعتقد أنكم ستتفقون معي على أن الأسباب الجذرية لهذا لا تكمن في عيوب أو تقادم المبادئ التي تقوم عليها الأمم المتحدة، بل في عدم رغبة أو قدرة بعض الدول، وخاصة الغرب، على اتباع هذه المبادئ في السياسة العملية. هذا مثال واحدا فقط أقدمه لكم”.

يعود الجدل حول احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة مبدأ المساواة السيادية بين الدول، إلى عقود من التوترات بين القوى الكبرى والدول الأخرى. وقد تأسست الأمم المتحدة عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية كمنصة لتعزيز السلام والتعاون الدولي بناء على مبادئ واضحة، أبرزها: المساواة في السيادة بين جميع الأعضاء وحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية”.

لكن القوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، تتعامل بانحياز مع هذه المبادئ، حيث تُهمش مصالح الدول الأخرى لصالح أجنداتها الجيوسياسية. ومن أبرز الأمثلة التاريخية: “التدخلات العسكرية الأحادية دون تفويض من مجلس الأمن (مثل غزو العراق 2003) والعقوبات الأحادية التي تفرضها واشنطن وحلفاؤها خارج إطار الأمم المتحدة، والتعامل الانتقائي مع قرارات مجلس الأمن، مثل تجاهل القرارات المتعلقة بفلسطين أو الصحراء الغربية”.

وفي عهد إدارة ترامب تصاعدت هذه الانتقادات بعد تبني سياسة “أمريكا أولا”، التي ركزت على المصالح الوطنية الضيقة على حساب التعددية الدولية. وشمل ذلك: “الانسحاب من اتفاقيات دولية (مثل اتفاقية باريس للمناخ)، وتقويض مؤسسات مثل منظمة الصحة العالمية، والتهديد بتجميد تمويل الأمم المتحدة إذا لم تُلبِ مطالب واشنطن”.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • سوريا بين الشرق والغرب
  • مرجعية تاريخية.. «رأس المال» لـ كارل ماركس وتأثيره العالمي
  • لا تقلق من أمريكا هى اللي هتقلق| رسالة عاجلة من عمرو أديب للمواطنين
  • أهالي حماة يحيون الذكرى السنوية الـ 43 لمجزرة حماة الكبرى التي ارتكبها النظام البائد عام 1982.
  • هذا الكاتب أكل في أفخم مطاعم العالم وهذه أفضل الوجبات التي تذوقها
  • لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول
  • الغرب وكأس الشرق الأوسط المقدسة
  • فعالية في حلب إحياءً للذكرى الثانية عشر لمجزرة نهر قويق التي ارتكبها النظام البائد
  • بالأسماء.. الفصائل المسلحة التي «حلّت نفسها» وشاركت بـ«مؤتمر النصر» في سوريا
  • حظك اليوم برج العذراء الخميس 30 يناير.. لا تقلق من ضغوط العمل