لم يخيّب اليوم الأول من جلسات مناقشة البيان الوزاري التوقّعات، التي أشّر إليها سلفًا العدد الهائل لطالبي الكلام من النواب، ممّن أرادوا "استغلال" الفرصة للتوجّه إلى الرأي العام، وتحديدًا إلى ناخبيهم، وممّن "انتفضوا" ضدّ محاولة رئيس مجلس النواب نبيه بري "حصر" الكلام بنائبٍ واحدٍ عن كلّ كتلة، حتى خرج منهم من اعتبر الطرح دعوة لهم "للاستقلالية" عن الكتل، حتى لا يخسروا الحقّ بالكلام والتعبير عن الرأي.


 
وكما كان متوقَّعًا، لم تحمل معظم الكلمات مفاجآت تُذكَر، بل بدا بعضها "خارج السياق"، وأقرب إلى الخطابات السياسية العامة، منها إلى مناقشة مضمون البيان الوزاري كما هو مفترض، وكأنّ هناك من أراد استخدام منبر مجلس النواب للتعبير عن الموقف من المتغيّرات السياسية والمعادلات الجديدة، لتتقاطع بمعظمها أيضًا على منح الثقة للحكومة، لما تمثّله من "فرصة" لتحقيق شيءٍ ما، خلال ولايتها التي يفترض أن تكون قصيرة.
 
لكنّ "نجم" الجلسة بدا إلى حدّ بعيد، رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، الذي اختار على ما يبدو "التغريد خارج السرب" مرّة أخرى، بهجومه على رئيس الحكومة نواف سلام، الذي اعتبر أنّه لم يكن "على قدر" الثقة التي أعطاه إياها، والتي ما كان ليصبح رئيسًا للوزراء من دونها، قبل أن يفتتح عهد "المعارضة الإيجابية" التي وعد بها، بحجب الثقة عن الحكومة، وإن لم يقفل الباب أمام استعادتها، في حال أراد سلام ذلك!
 
باسيل "يراكم الخسائر"؟!
بالنسبة إلى خصوم "التيار الوطني الحر"، فإنّ الثابت أنّ باسيل "يراكم الخسائر"، فهو ظهر في جلسة مناقشة البيان الوزاري مرّة أخرى بصورة "الخاسر الأكبر"، التي كان قد ظهر فيها يوم انتخاب الرئيس جوزاف عون، بموجب تسوية لم يوافق عليها، ليحاول "الاستلحاق" بتسميته نواف سلام رئيسًا للحكومة، ليعلن في جلسة البرلمان ما يشبه "الندم" على هذه الخطوة، مع "تمنين" الرجل بها، باعتبار أنّه ما كان ليصل إلى منصبه لولاها.
 
وفقًا لهؤلاء، فإنّ باسيل لم يكن موفَّقًا في هذا الهجوم على سلام، ولا بأسلوب "الغمز واللمز"، الذي اعتمده حين ألمح إلى أنّه قد لا يكون راغبًا باستعادة هذه الثقة أساسًا، باعتباره "مدعومًا"، ولا حتى بإيحائه بأنّ الرجل "انقلب" على اتفاق ضمنيّ أجراه مع "التيار"، ودفع الأخير لتسميته، علمًا أنّ كلّ هذه الأمور أظهرت أنّ باسيل ليس في وضعٍ مريحٍ سياسيًا، وربما شعبيًا، وأنّ رهانه الآن على استعادة شيءٍ من الحيثيّة المفقودة من بوابة المعارضة.
 
وفيما يتساءل خصوم "التيار" عن معنى "الإيجابية" التي يصرّ باسيل على نعت معارضته بها، طالما أنّه يحكم على الحكومة سلبًا قبل أن تباشر مهامها، يصرّون على أنّ تراجع "التيار" بدأ حين فرّط بالتفاهم مع "حزب الله"، وأنّ ما يجري اليوم هو نتيجة هذا التفريط، علمًا أنّ تقديم الرجل واجب العزاء باستشهاد الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، قد يكون محاولة للتعويض، بعد سهام النقد التي تعرّض لها عقب غيابه عن مراسم التشييع.
 
هجوم غير مفهوم!
 
لكنّ المحسوبين على "التيار الوطني الحر" يقولون إنّ ما هو مُستغرَب، بل مُستهجَن، ليس كلام الوزير باسيل المشروع، من موقعه الطبيعي في المعارضة، بل ما تعرّض له من "تهميش وإقصاء" في هذه الحكومة، بل محاولة "تكبير حجم" بعض الأطراف الأخرى على حسابه، بل الهجوم الذي تعرّض له من سائر الأفرقاء، وكأنّ مجرّد المعارضة باتت أمرًا غير مقبول، أو أنه مثلاً لا يستقيم مع أسس الديمقراطية وأصولها.
 
وفيما يلاحظ هؤلاء أنّ بعض المنتقدين هم ممّن كانوا يدعون دائمًا إلى وجود موالاة ومعارضة، بل ممّن كانوا يمارسون المعارضة، ولو أنّهم كانوا يفهمونها "تصويبًا" على كلّ من هو محسوب على "التيار" حصرًا، يلمّحون إلى أنّ هناك من يخاف أن يردّ له "التيار" اليوم الصاع صاعين، بل ربما أن يستخدم المنطق نفسه الذي اعتمدوه ضدّ باسيل نفسه، ولا سيما أنّ بعض هؤلاء ذهبوا بعيدًا بالتهليل، وصولاً للحديث عن "تحرير" حقيبة الطاقة مثلاً.
 
وإذ يشدّد المحسوبون على باسيل على أنّ "المعارضة الإيجابية" لا يمكن أن تعني "منح الثقة العمياء للحكومة"، وإنما تعني "الحكم البنّاء" على أفعالها، وفق مبدأ "على القطعة" إن صحّ التعبير، الذي أرساه باسيل في التحالفات الانتخابية مثلاً، يلفتون إلى أنّ ما هو غير منطقيّ هو أن يمنح الثقة للحكومة ورئيسها، الذي لم يبادل الإيجابيّة بمثلها، فهو تجاهل وجود "التيار" بالمُطلَق، وأقصاه عن التمثيل، رغم ما يملكه من حيثيّة تعبّر عنها كتلته الوازنة.
 
بالنسبة إلى المحسوبين على "التيار"، فإنّ ردّة فعل رئيس الحكومة على كلام باسيل، وإيحاءه بأنّه "لا يريد" أن يستعيد الثقة التي انتزعها منه، قد تكون كافية للتأكيد على صوابيّة موقفه المعارض، لكنّها ردّة فعل يعزوها آخرون إلى أداء باسيل "الهجومي" على حكومة يدرك الجميع أنّها تمثّل "الأمل الوحيد" حاليًا، أداء أوحى مبكرًا بأنّ معارضة باسيل لن تكون "إيجابية" في الصميم، بل "شعبوية" بامتياز!


المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الثقة ا الذی ا

إقرأ أيضاً:

كنعان: اذا أعطينا الثقة للحكومة فسنعطيها لأمل اللبنانيين في الإنقاذ

اعتبر النائب ابراهيم كنعان في كلمة خلال جسلة مناقشة البيان الوزاري أن "البيانات الوزارية مكررة والأهم يبقى الجدية بالتنفيذ وصدق الإرادة السياسية التي انتجت أو ساهمت بإنتاج الحكومة. واذا اردنا منح ثقة، فهي لأمل اللبنانيين بالإنقاذ، في ظل الفرصة الاستثنائية التي لا يجب إضاعتها".

وقال:"هناك تعهدات عربية ودولية لدعم الجيش نريد أن نعرف أين أصبحت، وماذا ستفعل الحكومة اذا لم تتأمّن. لأن مفتاح الحل هي الفرصة الاستثنائية بتطبيق قرار وقف الأعمال العدائية التي تخرقه إسرائيل وعدم التنفيذ سيعيدنا الى المشكلة نفسها، فتغيب الحلول والسيادة والاستقرار".

ورأى أنه "لا تنقصنا كثرة تشريعات بقدر ما ينقصنا احترام القانون وقضاء يحاسب ولا يكون تابعاً للسلطة السياسية".

أضاف: "هيئات الرقابة تابعة للحكومة فهل نسأل بعد هذا الربط لماذا لم تبت أجهزة الرقابة بملفات أحلناها عليها من التوظيف العشوائي الى الملفات المالية؟ فكيف تحاسب سلطة رقابية السلطة التابعة لها؟ لذلك يجب ربط أجهزة الرقابة برئاسة الجمهورية لا بالحكومة".

تابع: "اذا لم تضع الحكومة موازنة إصلاحية فكيف يكون هناك إصلاح؟ فمشروع موازنة 2025 يفتقد الى أي رؤية إصلاحية وإنقاذية بينما أهم عمل تقوم به الحكومة هي الموازنة والحسابات المالية. لذلك أكرر الطلب الذي أعلنته منذ تشرين الأول 2024 باستردادها من الحكومة لأننا لا نتمنى للحكومة إصدار الموازنة بمرسوم من دون درسها".

ختم:"الاصلاح يبدأ بالموازنة والحسابات المالية تبرئ ذمة الحكومة وأموال المودعين ليست عملية شعار والشجاعة في القرارات يجب أن تكون فوق كل الاعتبارات".

مقالات مشابهة

  • ترزيان: نواب كتلة الأرمن تُعطي الثقة للحكومة
  • طالوزيان: سأمنح الثقة للحكومة
  • القعقور: سنمنح الثقة للحكومة شرط أن تكون الأفعال أكثر جرأة من البيان الوزاري
  • كنعان: اذا أعطينا الثقة للحكومة فسنعطيها لأمل اللبنانيين في الإنقاذ
  • محمود صلاح.. قائد التمرد النيجري الذي اعتقلته قوات حفتر بليبيا
  • حزب الله يعلن منح الثقة للحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام
  • ميشال المر: سأمنح الثقة للحكومة
  • مخزومي: نعطي الثقة للحكومة والعبرة في التنفيذ
  • ثقة مضمونة للحكومة في اختبارها الأول.. من سيحجبها عنها؟!