يبدوا أن اليابان قد حسمت المعركة التي كانت مشتعلة مع جيرانها، فيما يخص مسألة المياة الملوثة نووية، وبعد سنوات من الجدل والنقاش، واللجان البحثية، والدراسات العميقة، انتهت اليابان لتحديد الموعد المحدد لتنفيذ خطتها لتسريب مياة ملوثة نوويا إلى مياة المحيط، وذلك رغم رفض العديد من الدول، خصوصا الدول المجاورة لها وعلى رأسها دولة الصين، وخلال 24 ساعة، سوف تبدأ طوكيو في فتح خزانات المياة الملوثة ليتم صبها في المحيط مع الساعات الأولى ليوم الخميس الموافق 24 أغسطس.

 

ورغم موافقة الوكالة الدولية للطاقة النووية على تلك الخطة، إلا أن العالم سوف يكون مرتقبا للساعات الأولى عقب انتشار المياة داخل الميحط، وسوف تكون هناك مهام جسيمة تنتظر العلماء ومراكز الأبحاث لدراسة تداعيات هذا المخطط، والتي من الممكن أن يكون لها أثرا كبيرا في السنوات القادمة، للتخلص من المياة الملوثة نوويا، سواء في حال نجاح الأمر دون أضرار، أو لا قدر الله ظهور أضرار جسيمة لتلك المياة في المحيط البيئى لأماكن انتشارها. 

 

القرار تم حسمه باجتماع مجلس الوزراء

 

وفقا لما نشرته صحيفة cnn الأمريكية، فقد أعلن مسؤولون اليوم الثلاثاء أن اليابان ستبدأ في إطلاق المياه المشعة المعالجة من فوكوشيما إلى المحيط في وقت مبكر من يوم الخميس، بعد أشهر من القلق العام المتزايد والرد من العديد من الدول المجاورة، وقال رئيس الوزراء فوميو كيشيدا إن السلطات ستمضي قدماً في إطلاق تلك المياة المخزنة في 24 أغسطس "إذا لم تواجه أي عقبات"، وجاء هذا القرار بعد أن عقدت الحكومة اجتماعا لمجلس الوزراء لمناقشة هذه القضية.

وقد تسبب الزلزال المدمر والتسونامي الذي ضرب اليابان عام 2011 في تلوث المياه داخل محطة فوكوشيما النووية بمواد شديدة الإشعاع، ومنذ ذلك الحين، تم ضخ مياه جديدة لتبريد حطام الوقود في المفاعلات، في حين تسربت مياه الأرض ومياه الأمطار، مما أدى إلى ظهور المزيد من مياه الصرف الصحي المشعة، وقد تمت حتى الآن معالجة كل هذه المياه العادمة وتخزينها في خزانات ضخمة، ولكن المساحة آخذة في النفاد، وتقول السلطات إنها بحاجة إلى التخلص من المياه لإخراج المحطة من الخدمة بأمان - ومن هنا جاءت خطة إطلاق سراحها في المحيط، والتي كانت مثيرة للجدل منذ البداية.

 

غضب الجيران رغم موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية

 

وفي يوليو، خلصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى أن خطة اليابان تتوافق مع معايير السلامة الدولية وسيكون لها "تأثير إشعاعي ضئيل على الناس والبيئة" - وهو ما كررته يوم الثلاثاء بعد إعلان الحكومة، قائلة إن خضعت الخطة لسنتين من "المراجعة التفصيلية".

وقد قامت شركة تيبكو ببناء أكثر من 1000 خزان ضخم في هذا الموقع لتخزين ما يصل الآن إلى 1.32 مليون طن متري من مياه الصرف الصحي، في أوكوما بمحافظة فوكوشيما في 12 أبريل 2023، ولكن هذا لم يطمئن العديد من جيران اليابان، حيث أعرب مسؤولون من الصين وجزر المحيط الهادئ عن قلقهم ومعارضتهم للخطة، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين يوم الثلاثاء إن بكين ستتخذ "الإجراءات اللازمة" لحماية سلامة الغذاء وصحة شعبها، مضيفا أنهم "يحثون الجانب الياباني بشدة على تصحيح قراره الخاطئ".

 

مجتمعات صيد الأسماك الأشد معارضة  

 

وورغم أن كوريا الجنوبية تعد من حلفاء اليابان، إلا أن مسؤول كوري جنوبي كبير قال اليوم الثلاثاء إنه على الرغم من عدم وجود مشكلة علمية أو فنية في الإطلاق، إلا أن هذا لا يعني أن الحكومة تدعم الخطة أو توافق عليها، وفي يوم الثلاثاء أيضًا، انتقد حزب المعارضة الرئيسي في كوريا الجنوبية الحكومة لعدم اتخاذ موقف أقوى، قائلاً إن الإفراج عن تلك المياة الملوثة، سيسبب "ضررًا لا يمكن تصوره" لجميع الدول المجاورة لليابان.

وفي الوقت نفسه، تشعر مجتمعات صيد الأسماك في اليابان وكوريا الجنوبية بالقلق من أن إطلاق مياه الصرف الصحي قد يؤدي إلى نهاية سبل عيشهم - حيث بدأ المستهلكون في جميع أنحاء المنطقة بالفعل في رفض المأكولات البحرية القادمة من اليابان والمياه القريبة منها، حتى أن بعض الحكومات حظرت المواد الغذائية المستوردة من أجزاء من اليابان. بما في ذلك فوكوشيما.

وبحسب الحصيفة الأمريكية، فقد التقى كيشيدا أمس الاثنين برئيس الهيئة الوطنية التي تمثل الصيادين، والذي أخبر رئيس الوزراء أن المجموعة "لا تزال تعارض" الخطة، وقد تجمع حشد من المتظاهرين أمام مكتب كيشيدا يوم الثلاثاء بعد الإعلان، حاملين لافتات ولافتات احتجاجًا على إطلاق تلك المياة.

 

مخاوف النشاط الإشعاعي

 

وعلى الرغم من أن مياه الصرف الصحي المشعة تحتوي على بعض العناصر الخطرة، إلا أنه يمكن إزالة معظمها من خلال عمليات المعالجة المختلفة، وفقًا لشركة الكهرباء المملوكة للدولة، شركة طوكيو للطاقة الكهربائية (تيبكو)، والمشكلة الحقيقية هي نظير الهيدروجين المسمى التريتيوم المشع، والذي لا يمكن التخلص منه، حيث لا توجد حاليا أي تكنولوجيا يمكنها القيام بذلك، وتقول السلطات إن مياه الصرف الصحي في فوكوشيما سيتم تخفيفها بدرجة كبيرة ثم إطلاقها ببطء على مدى عقود، مما يعني أن تركيز التريتيوم الذي سيتم إطلاقه سيكون منخفضًا للغاية، ويتوافق مع اللوائح الدولية.

وتطلق العديد من الدول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، بانتظام مياه الصرف الصحي المعالجة التي تحتوي على كميات صغيرة من التريتيوم من محطاتها النووية، وتزعم شركة تيبكو والحكومة اليابانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية أيضاً أن التريتيوم يتواجد بشكل طبيعي في البيئة، بما في ذلك الأمطار ومياه الصنبور، لذا فإن إطلاق مياه الصرف الصحي لابد أن يكون آمناً، ولكن الخبراء منقسمون حول المخاطر التي يشكلها ذلك، حيث تتفق معظم الوكالات الوطنية على أن الكميات الصغيرة من التريتيوم ليست ضارة جدًا، ولكنها قد تكون خطيرة إذا تم استهلاكها بكميات كبيرة.

 

الحياة البحرية الأكثر تضررا 

 

ولكن في المقابل، يشعر بعض العلماء بالقلق من أن تخفيف مياه الصرف الصحي يمكن أن يضر بالحياة البحرية، مع الملوثات التي يمكن أن تتراكم في النظام البيئي الضعيف بالفعل، وقال أحد الخبراء، الذي ساعد دول جزر المحيط الهادئ في مراجعة وتقييم خطة إطلاق مياه الصرف الصحي، لشبكة CNN إنها "غير حكيمة" وسابقة لأوانها، فيما يجادل آخرون بأنه ليس لدينا ما يكفي من الدراسات أو البيانات حتى الآن حول التأثيرات البيولوجية طويلة المدى للتعرض للتريتيوم.

ومن المنتظر أن يتم إطلاق المياه المخففة عبر نفق تحت البحر قبالة الساحل إلى المحيط الهادئ، فيما ستقوم أطراف ثالثة، بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمراقبة التفريغ أثناء وبعد إطلاقه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الوکالة الدولیة للطاقة الذریة میاه الصرف الصحی یوم الثلاثاء بما فی ذلک العدید من إلا أن

إقرأ أيضاً:

هل يوقف البنك المركزي شهادات الـ27%؟.. القصة الكاملة

في خطوة غير متوقعة، شهد معدل التضخم السنوي في البلاد تراجعًا حادًا خلال شهر فبراير، ليصل إلى 12.8% مقارنة بـ 24% في يناير الماضي، وفقًا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. 
هذا الانخفاض الحاد عزز التوقعات بأن البنك المركزي المصري سيمنح الضوء الأخضر للبنك الأهلي المصري وبنك مصر لإيقاف العمل بشهادات الادخار ذات العائد المرتفع بنسبة 23.5% و27%.

كيف أثر انخفاض التضخم على العائد الحقيقي للجنيه؟

مع هذا التراجع الملحوظ في التضخم، اتسع العائد الحقيقي على الجنيه، حيث بلغ الفرق بين العائد المقدم من الشهادات مرتفعة الفائدة والتضخم نحو 14.2%.
 وهو ما يجعل هذه الشهادات مكلفة للبنوك التي تطرحها، خاصة أن العائد عليها لا يزال الأعلى في السوق المصرفية المصرية.

البنك المركزي ودوره في تحديد مصير الشهادات

كانت شهادات الادخار مرتفعة العائد التي طرحها البنك الاهلي وبنك مصر في يناير 2024 جزءًا من استراتيجية البنك المركزي لضبط السوق النقدية ولتخفيض معدلات التضخم.
حيث قُدمت البنوك فائدة تقدّر بـ 23.5% للعائد الشهري و27% للعائد السنوي، ما جعلها الأداة الادخارية الأكثر جاذبية في السوق المصرية، ولكن مع الاتجاه المتوقع لخفض الفائدة في الاجتماع المقبل للبنك المركزي المصري، بات من المتوقع أن يتم التراجع عن هذه الشهادات أو تعديل أسعار الفائدة.
 

خبراء: وقف الشهادات المرتفعة مسألة وقت

يرى خبراء مصرفيون أن استمرار شهادات العائد المرتفع لم يعد منطقيًا في ظل انخفاض التضخم، خصوصًا مع التوقعات القوية بخفض البنك المركزي المصري لسعر الفائدة في اجتماعه المرتقب يوم 17 أبريل المقبل، والذي قد يكون أول خفض للفائدة منذ أربع سنوات، وسط توقعات بتقليصها بمقدار يتراوح بين 1.5% و6%.

وأشار خبير مصرفي إلى أن البنك الأهلي المصري وبنك مصر لن يتخذا قرار وقف الشهادة دون الرجوع إلى البنك المركزي، لكنه توقع أن يتم اتخاذ هذه الخطوة قريبًا، خاصة بعد أن أصبحت التوقعات أكثر ميلًا نحو خفض أسعار الفائدة.

إشارات مصرفية إلى البدء في خفض الفائدة تدريجيًا

رغم أن البنك الأهلي لم يعلن رسميًا عن وقف الشهادة، إلا أن تصريحات محمد الإتربي، رئيس البنك، أشارت إلى أن حصيلة الاكتتاب في الشهادة بلغت 888 مليار جنيه من إجمالي 1.3 تريليون جنيه بالبنكين، وهو ما يعكس الإقبال الكبير عليها. في الوقت نفسه، بدأت بعض البنوك في خفض أسعار الفائدة على شهادات الادخار الخاصة بها، حيث خفّض البنك التجاري الدولي الفائدة على شهاداته بنسبة 2%، فيما قام بنك QNB بخفض الفائدة بنسبة تراوحت بين 0.5% و1%.

 

أجمع عدد كبير من المصرفيين، من بينهم سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقًا، على أن الشهادات مرتفعة العائد لن تستمر طويلًا، وأن البنكين الحكوميين سيطرحان بدائل بفائدة أقل تتماشى مع اتجاه السوق المصري.
 

 

مع تراجع معدل التضخم في البلاد إلى هذه المستويات جعل استمرار شهادات الادخار ذات العائد المرتفع أمرًا غير مستدام بالنسبة للبنوك.
 وبالتزامن مع تحركات البنوك لخفض الفائدة تدريجيًا، فإن السوق المصرفي المصري قد يشهد تغيرات كبيرة في الفترة المقبلة، بما ينعكس على أدوات الادخار المتاحة للمواطنين.

مقالات مشابهة

  • بتكلفة 320 مليون جنيه.. تنفيذ مشروعات الصرف الصحي بقرى مركز الزقازيق
  • "النواب" يوافق على منحة بـ500 ألف يورو لمعالجة مياه صرف مصانع السكر
  • البرلمان يوافق على منحة إسبانية لتمويل مشروع معالجة مياه الصرف بمصانع السكر
  • اليابان تحيى الذكرى الـ14 لزلزال 2011 وأزمة فوكوشيما النووية
  • هل يوقف البنك المركزي شهادات الـ27%؟.. القصة الكاملة
  • استعانوا بأغانيه دون الإشارة له.. القصة الكاملة لأزمة ولاد الشمس مع بنات أحمد فؤاد نجم
  • تحليل أكثر من 66 ألف عينة لضمان جودة مياه الشرب والصرف الصحي بالفيوم
  • رئيس الشيخ زايد تتفقد محطات رفع الصرف الصحي وتنقية مياه الشرب بالمدينة
  • وزير الإسكان يتابع مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة المنوفية
  • وزير الإسكان يتابع مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي بالمنوفية