سودانايل:
2025-02-26@14:03:31 GMT
ذكريات السفير خليفة عباس العبيد عن هيئة شؤون العمال في عطبرة (1947): وينو الضكر وينو الوقف القطر
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
هذه مذكرات عن نشأة الحركة العمالية أخذتها من قراءة لكتاب "أشتات الذكريات" لخليفة عباس العبيد. أم درمان: مركز محمد عمر بشير، 2003.
104 كتب عباس العبيد (رئيس لجنة المؤتمر الفرعية بعطبرة ص 107) عن أول بيان لإضراب لهيئة شؤون العمال (1947). خطه بيده خلف خيمة السمانية (وهو مريد لها) بساحة مولد عطبرة بحضور
105 قادة الهيئة في المساء السابق لتقديمه كمذكرة للسلطات.
106ساهم العبيد في حشد عطبرة لاستقبال وفد السودان إلى مصر في 1946. وخطب في المسجد الكبير لاستحثاث الناس ليكونوا في استقبال الوفد مع طواف على الأندية ودور العمال، وإصدار نشرات. ذكر الدور المميز لمحمد مجذوب البحاري (نائب مدير السكة حديد لاجقاً ونائب مدينة عطبرة في برلمان 1968). استقبال حاشد للوفد فاضت به جنبات المحطة. وارتجل العبيد خطاباً فوق عربة سكة حديد على المجتمعين فيه. "أين أنت يا بيفن (رئيس وزراء بريطانيا) لترى وتشهد هذه الحشود الحاشدة والكتل المتراصة، التي خرجت لتعرب ولتعبر في إجماعها الرائع ذلك عن ثقتها وتأييدها وتفويضها للوفد". وحققوا معه بالمركز عن الخطاب
107 الذي ألقاه بالمسجد. فأحال مفتش المركز البريطاني قضية خطابته في المسجد ته للقاضي الشرعي. حكم عليه القاضي مولانا إسماعيل المفتي باللوم والتعهد إلا يلقي خطاباً بالمسجد إلا بتصديق. توافد على عطبرة، العاصمة الوطنية العمالية، رموز الحركة الوطنية ووقع عليهم الاستقبال والتكريم. من ذلك توقف الأزهري بالمدينة في طريقه للخرطوم فطافوا به أندية المدينة وعادوا به للقطار في مظاهرة ضخمة.
108 أخذ الإنجليز سليمان موسى (رئيس هيئة شؤون العمال) للخرطوم لمحاكمته لوصفه إنجلترا في خطابه بالمسجد بالعجوز الشمطاء. تولى الدفاع المحجوب بمحكمة مديرية الخرطوم الكبرى التي ضاقت بالجمهور بما رحبت. كذب المحجوب ليدفع التهمة عن سليمان بفتوى من شيخ أبو زيد الجعلي (من الدوحة الجعلية ومعلم العربية والدين بمدرسة عطبرة الأميرية الوسطي). فقال الشيخ أنه "لا حرج لتخليص مسلم غيور". وغش سلمان في الحلف على المصحف فلم تلامس أصابعه المصحف. وكان قسمه "ألا يقول الحق" دامجاً "ألا" مع "يقول". وقال "جل الحق" بدلاً عن "الحق" و "شيئاً" بدلاً عن "لا شيء غير الحق".
109 أدين سليمان بيوم ينتهي بالمحكمة. ضجت المحكمة بالتصفيق لدى إخلاء سراحه. هتاف بحياة سليمان والعمال. كان الإضراب قائماً شاملاً. العودة لعطبرة بالعربات. موكب عودة الزعيم بسيارتين من الخرطوم إلى عطبرة. "ومن المحطات الأولى ومن القرى ومن الفرقان التي حولها سالت الأودية بالجموع وخرج الناس كلهم أفواجاً لاستقبال رئيس العمال المنتصر حتى في كسب القضية وهم يرددون: "وينو الضكر وينو الوقف القطر". وكان الرجال يعرضون والصبية والصبايا يهزجن والنسوة يزغردن على طول الطريق ويتبارون في الإعراب عن مشاعر فرحتهم بالذبائح ومختلف أنواع القِرى وبغيره من مظاهر الاجلال والتكريم. وتسير جموعهم كالبحر وتندفع كالسيل الطامي وراء عرباتنا، بعضهم على ظهور خيولهم وعلى الدواب ركباناً ورجالاً يأتون من كل فج عميق، يعدون وراء ذلك الركب حتى تكاد أن تكون جموعهم المتراصة صفاً واحداً متصلاً لا يكاد ينقطع بين قرية وأخرى. رأيت الرجال المسنين يتعثرون في ثيابهم، والنساء والفتيات، وكما في يوم الروع، يتكشفن غير عابئات وهن مأخوذات بالنشوة وبالدهشة الممتلئة بالإعجاب ينتظمن طول الطريق، بالغة حد الروعة. كما كان الحماس دافقاً والشعور طاغياً فاق حد التصور، والذي تجاوز في شعبيته كل ما رأيته في حياتي وفي
109 تجاربي السابقة، بل حتى في سفري للشمال مع السيد على الميرغني ومع السيد عبد الرحمن المهدي بالقطار أو حتى مع الشريفة مريم من سنكات إلى سواكن في موسم الحوليات بالقطار مما يفوقها عدة وعدداً وزخماً".
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بعد الصدر.. الوقف السني يدعو الناخبين لتحديث بياناتهم
بغداد اليوم -