احتيال FBC.. منصة وهمية تسرق المليارات وتُسقط آلاف الضحايا
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية تداول شكاوى عدد كبير من المشتركين في منصة شركة FBC للتسوق الإلكتروني، مؤكدين تعرضهم لعملية نصب واسعة النطاق بعدما استولت الشركة على أموالهم، واستغل المحتالون وسائل التواصل الاجتماعي لجذب العملاء، مستخدمين شهادات زائفة لأشخاص ادعوا تحقيق ثروات طائلة من خلال المنصة، إلا أن هذه الوعود لم تكن سوى وهم، حيث اختفت المنصة فجأة، تاركة وراءها آلاف الضحايا الذين خسروا أموالهم بالكامل.
اعتمدت منصة FBC على استدراج المستخدمين من خلال عروض مغرية تدَّعي تحقيق أرباح كبيرة عبر الاستثمار الإلكتروني ومشاهدة الإعلانات.
ومع تزايد أعداد المشتركين، ضُخَّت مبالغ ضخمة في المنصة، قبل أن تُغلق فجأة دون أي تحذير، ليكتشف المستخدمون أنهم وقعوا ضحية عملية احتيال ممنهجة.
وتسببت هذه الحادثة في خسائر مالية فادحة وصلت إلى مليارات الجنيهات، بل وأدت إلى مآسٍ إنسانية، من بينها وفاة سيدة مسنة تدعى "صباح" من محافظة الدقهلية، إثر صدمة نفسية بعد فقدانها 50 ألف جنيه كانت قد استثمرتها في المنصة، ظنًّا منها أنها ستجني أرباحًا مضاعفة.
وروى عدد من الضحايا مآسيهم بعد تعرضهم للنصب، إذ قال أحدهم إنه اقترض مبلغ 11 ألف جنيه لصيانة دراجته النارية لكنه خسره بالكامل، فيما قام آخر ببيع جراره الزراعي للدخول في المنصة، ليكتشف لاحقًا أنه وقع في فخ احتيالي محكم.
وكشفت تحريات أجهزة الأمن أن المسؤول الرئيسي عن منصة FBC يُدعى "ح.ع"، ويعاونه مجموعة من الأفراد، أغلبهم من محافظات الدلتا، وتم تشكيل فريق بحث لضبط المتهمين بعد استيلائهم على مبالغ مالية ضخمة، وتبيَّن أن المنصة كانت جزءًا من مخطط احتيالي عالمي استهدف أكثر من مليون شخص حول العالم، مما تسبب في خسائر تقدر بنحو 6 مليارات دولار.
وفي البداية، سمحت المنصة للمستخدمين بسحب أرباحهم لجذب المزيد من المستثمرين، لكن مع مرور الوقت بدأت بفرض قيود على السحب ومنعت الضحايا من استرداد أموالهم، مما أثار الشكوك حول مصداقيتها.
وفي محاولة لإخفاء جريمتها، زعمت المنصة أنها تعرضت لهجوم إلكتروني أدى إلى خسائر بقيمة 4 مليارات دولار، مطالبة المستخدمين بضخ المزيد من الأموال لتعويض الخسائر قبل أن تختفي فجأة.
الإجراءات الأمنية وضبط المتهمينأعلنت وزارة الداخلية المصرية القبض على 13 من المتورطين في القضية، بينهم 3 عناصر أجانب على صلة بشبكة احتيالية دولية. وأفادت الوزارة بأن المتهمين أسسوا شركة بالقاهرة للترويج لمنصة FBC عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما وفروا خطوط هواتف محمولة ببيانات وهمية لتلقي وتحويل الأموال المسروقة.
وخلال عملية المداهمة، تم ضبط 1135 شريحة هاتف محمول، وهواتف ذكية، وأجهزة لاب توب، بالإضافة إلى مبالغ مالية بقيمة مليون و270 ألف جنيه، ليعترف المتهمون لاحقًا بتورطهم في عمليات الاحتيال.
وشغلت قضية FBC الرأي العام المصري، خاصة بعد أن تبيَّن أن مسؤولي المنصة في مصر نظموا حفلات وعشاءات فاخرة للضحايا قبل أيام من إغلاق المنصة، بهدف استدراج المزيد من الأشخاص وإقناعهم باستثمار أموالهم.
وأكد خبراء القانون أن عمليات الاحتيال الإلكتروني أصبحت أكثر تعقيدًا، وأن القانون بحاجة إلى تحديث مستمر لملاحقة المتورطين في مثل هذه الجرائم. كما شددت الجهات الرسمية على أهمية التوعية بخطورة الاستثمار في منصات غير موثوقة، وحثت المواطنين على التأكد من قانونية أي منصة قبل ضخ أموالهم فيها.
مقارنة مع قضايا احتيالية سابقةلا تختلف قضية FBC كثيرًا عن قضية "هوج بول"، التي استخدمت أساليب مشابهة للنصب على آلاف الضحايا واستولت على أموالهم قبل أن يكتشفوا أنهم وقعوا في خدعة كبرى. ورغم التحذيرات المتكررة من الجهات الأمنية والخبراء الماليين، لا يزال العديد من الأشخاص ينجرفون وراء وعود الثراء السريع دون التأكد من مصداقية المنصات الاستثمارية.
وتُعد قضية FBC درسًا قاسيًا في أهمية التحقق من أي استثمار قبل المشاركة فيه. كما أن الدور الرقابي للحكومة والأجهزة الأمنية أصبح ضروريًا أكثر من أي وقت مضى لمواجهة هذه الأنشطة الاحتيالية التي تهدد الاقتصاد والأفراد، ومن هنا، تأتي الحاجة إلى حملات توعية مكثفة لضمان عدم وقوع المزيد من المواطنين ضحايا لمثل هذه المخططات الاحتيالية.
وفي هذا السياق، قال المحامي بالنقض والإدارية العليا والمحكمة الدستورية، سيد القصاص، إن القانون المصري يعاقب على جرائم النصب والاحتيال بموجب المادة 336 من قانون العقوبات، والتي تنص على معاقبة كل من توصل إلى الاستيلاء على أموال الغير بطرق احتيالية بالحبس أو الغرامة. كما أن استخدام الوسائل الإلكترونية في ارتكاب هذه الجرائم يجعلها خاضعة أيضًا لأحكام قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، الذي يغلّظ العقوبات في مثل هذه الحالات، خاصة إذا كان هناك عدد كبير من الضحايا أو مبالغ مالية ضخمة.
وأضاف القصاص في تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه حاليًا، يتم التعامل مع هذه الجرائم وفقًا لقوانين العقوبات وتقنية المعلومات، كما أن البنك المركزي المصري وهيئة الرقابة المالية تراقبان الأنشطة المالية، لكن الإشكالية تكمن في أن كثيرًا من هذه المنصات تعمل خارج مصر أو تستخدم تقنيات لإخفاء هويتها. لذا، هناك حاجة ماسة لتحديث القوانين بحيث تشمل آليات أسرع لتعقب هذه المنصات، وتشديد الرقابة على المعاملات المالية المرتبطة بها، وفرض عقوبات أكثر صرامة على المروجين لها داخل مصر.
ولفت إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية تختص بالإشراف على الأسواق غير المصرفية، والبنك المركزي المصري الذي يراقب التعاملات المالية الرقمية، بالإضافة إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (NTRA) الذي يتابع الأنشطة الإلكترونية المشبوهة. لكن حتى الآن، لا توجد جهة محددة متخصصة في ملاحقة المنصات الاستثمارية الاحتيالية عبر الإنترنت، ما يستدعي تعزيز التعاون بين الجهات المختلفة لزيادة الفعالية في التصدي لهذه الجرائم.
وشدد القصاص على أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت الوسيلة الرئيسية للترويج لمثل هذه المنصات الاحتيالية، حيث تعتمد على إعلانات مضللة وشهادات وهمية لتحقيق انتشار واسع وجذب الضحايا. المشكلة تكمن في أن منصات التواصل لا تخضع لرقابة كافية فيما يخص الإعلانات الاستثمارية، مما يسمح بانتشار هذه الاحتيالات بسهولة. لذلك، يجب فرض رقابة أكثر صرامة على الإعلانات الإلكترونية، وإلزام المنصات الكبرى مثل فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب بمراجعة المحتوى الإعلاني المالي قبل نشره.
ومن جانب آخر، قال المحلل الاقتصادي إسلام الأمين، إن ما حدث مع منصة FBC ليس حالة فردية، بل هو نموذج للاحتيال الإلكتروني الذي يتكرر بسبب غياب الوعي المالي وضعف الرقابة على الاستثمارات الرقمية، المشكلة الرئيسية تكمن في أن هذه المنصات تستغل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والطموح السريع للربح، حيث توهم المستثمرين بعوائد غير منطقية، تعتمد على تدوير أموال المستثمرين الجدد لدفع أرباح زائفة للمشتركين السابقين، حتى تنهار المنظومة بالكامل."
وأضاف في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن الاستثمار الحقيقي لا يحقق أرباحًا خياليا خلال فترات قصيرة، مضيفًا: "وعلى المستثمرين أن يكونوا أكثر وعيًا، وأن يتأكدوا من مشروعية أي منصة عبر الجهات الرسمية مثل هيئة الرقابة المالية والبنك المركزي المصري، لأنه للأسف، عدم وجود ثقافة مالية قوية يجعل الكثير من الأفراد عرضة لهذه الخدع، مما يتطلب تكثيف التوعية وفرض رقابة أقوى على الإعلانات المالية المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي."
وأشار الأمين إلى أن "الاقتصاد الرقمي يتطور بسرعة، لكن القوانين والرقابة لم تواكب هذا التطور بنفس الوتيرة، وهو ما يسمح لمثل هذه المنصات بالنمو وتحقيق انتشار واسع قبل أن يتم اكتشاف أمرها. لذا، يجب على الحكومة تسريع إصدار لوائح تنظيمية أكثر دقة لضبط الاستثمار الإلكتروني وحماية المواطنين من مثل هذه الفخاخ المالية".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعي منصة FBC احتيال الكتروني المزيد وسائل التواصل الاجتماعی هذه الجرائم هذه المنصات المزید من مثل هذه منصة FBC قبل أن
إقرأ أيضاً:
طلب إحاطة بشأن استيلاء منصة FBC الإلكترونية على أموال المواطنين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تقدم النائب كريم السادات، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى رئيس المجلس المستشار حنفي جبالي، موجه إلى رئيس الوزراء ووزيري الاتصالات والمالية، بشأن استيلاء منصة FBC الإلكترونية على أموال المواطنين، بزعم استثمارها في مجال البرمجيات والتسويق الإلكتروني وإيهامهم بحصد أرباح مالية مزعومة، مشيرا إلى بلغ إجمالي المبالغ التي تم حصرها مبدئيًا نحو 2 مليون جنيه من 101 مواطن، بينما تشير التقديرات إلى أن عدد مستخدمي المنصة يتجاوز المليون شخص، بإجمالي أموال يصل إلى 6 مليار دولار، ما يفتح الباب أمام احتمال وجود ضحايا آخرين لم يتمكنوا من تقديم بلاغات حتى الآن.
وأوضح السادات في طلب الإحاطة، أن المنصة زعمت استثمار أموال المواطنين في مجال البرمجيات والتسويق الإلكتروني، مع تقديم وعود كاذبة بتحقيق أرباح مالية، مستغلة عدم وجود رقابة قانونية كافية على مثل هذه المنصات، ما أدى إلى إيقاع مئات الآلاف من المصريين في شباكها، لافتا إلى أن الفترة الأخيرة انتشرت العديد من الشركات الرقمية التي تعمل بشكل غير قانوني في مجال الفضاء الإلكتروني، دون حصولها على تراخيص وصعوبة التواصل مع القائمين عليها وقيامها بالنصب على المواطنين والاستيلاء على أموالهم.
وأشار السادات إلى أن هذه الواقعة تعيد إلى الأذهان قضايا احتيال سابقة مثل هوج بول، التي استولت على ملايين الجنيهات من المواطنين عبر أساليب احتيالية مشابهة، وهو ما يتطلب تحركا حكوميا عاجلا لضبط عمل المنصات الإلكترونية، وضمان وجود رقابة صارمة عليها لمنع تكرار مثل هذه الجرائم. مثمنا في هذا الصدد تحرك وزارة الداخلية التي تمكنت من القبض على 13 متهمًا من أعضاء التشكيل العصابي القائم على المنصة، كما ضبطت 1135 شريحة هاتف محمول، وعددًا من الأجهزة الإلكترونية، ومبالغ مالية متنوعة تجاوزت مليون و270 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن القائمين على الاحتيال بينهم عناصر أجنبية داخل البلاد على صلة بشبكة إجرامية دولية.
وطالب السادات الحكومة بتوضيح الإجراءات التي تتخذها لحماية المواطنين من هذه التطبيقات الوهمية، وكشف أسباب انتشار هذه المنصات التي تستغل غياب الوعي المالي والتكنولوجي لدى البعض، كما دعا إلى تغليظ العقوبات على المسؤولين عن مثل هذه الأنشطة غير القانونية، واتخاذ خطوات فعالة لمنع تكرار هذه الحوادث التي تهدد الأمن الاقتصادي للمواطنين.