محور الرياضة في المؤتمر الرابع الذي نظمته جامعة البيضاء
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
تختتم اليوم جامعة البيضاء تظاهرة علمية رائعة ونادرة في زمن الحصار والعدوان متمثلة في المؤتمر العلمي الرابع الذي دشن أعماله وزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير الشباب والرياضة ووزير العدل ومحافظ البيضاء يوم الإثنين الخامس من صفر الجاري الموافق 21 أغسطس تحت شعار “دور الجامعات في تحقيق تنمية مستدامة”، حدث علمي سنوي دأبت جامعة البيضاء على تنظيمه وإتاحة الفرصة للمتخصصين للالتقاء ودراسة العديد من المشاكل والقضايا العلمية بجهود ذاتية وبتضافر وتكاتف كوادر الجامعة من اكاديميين وباحثين وإداريين، منذ تنظيم أول مؤتمر في شهر يوليو 2020م المؤتمر الذي تضمن أحد عشر محوراً شملت مختلف العلوم الدينية والتربوية والنفسية والتاريخية والإدارية والرياضية، تلاه وعلى نفس المسار العلمي المؤتمر العلمي الثاني في شهر أغسطس 2021م، والذي اشتمل على أربعة محاور رئيسية هي محور العلوم التربوية، ومحور العلوم الإنسانية، ومحور العلوم الإدارية، ومحور العلوم الطبيعية، وهدف المؤتمر الثاني إلى تقديم رؤية لمعالجة المشكلات الرئيسية التي تواجه المجتمع من نقص الغذاء وسوء استخدام الموارد ومعوقات الإنتاج وارتفاع كلفة استصلاح الأراضي الزراعية ومشكلات التطور الصناعي وعدم توطين التكنولوجيا الحديثة وإيجاد حلول لمشكلة الطاقة، وجاء المؤتمر العلمي الثالث لجامعة البيضاء بمؤشرات قياس كبيرة تدل على مدى المكانة العلمية التي وصلت إليها المؤتمرات العلمية المنظمة من قبل جامعة البيضاء، حيث كانت الإحصائيات تشير إلى مشاركة عدد 128 بحثا من داخل الوطن وخارجه قسمت إلى خمسة محاور رئيسية: محور العلوم الطبيعية، محور العلوم الإنسانية، محور العلوم الإدارية، محور العلوم التربوية، محور العلوم الرياضية.
لم تكن وزارة الشباب والرياضة ممثلة بالدراسات والبحوث غائبة عن المؤتمرات العلمية السابقة والتي نظمتها جامعة البيضاء، بل شاركت بأبحاث وأوراق علمية، كما حرصت الوزارة على المشاركة هذا العام وفي هذا المؤتمر العلمي الرابع لجامعة البيضاء بثلاث أوراق علمية هي أهمية التربية البدنية والرياضية في المناهج التربوية للدكتور جابر البواب، وانتخابات اللجنة الأولمبية من منظور الإعلام الرياضي للإعلامي المخضرم محمد البحري والأستاذة علاء الدلال، والورقة العلمية الثالثة التخطيط الاستراتيجي في وزارة الشباب والرياضة للدكتور فكري الجوفي والأستاذة سميرة مثنى، ثلاث أوراق علمية هدفت إلى ترجمة أهداف محور العلوم الرياضية، وتحقيق أهداف المؤتمر العلمي الرابع، بمشاركة واسعة ومتعددة تجاوزت حدود الجمهورية اليمنية لتضم أكاديميين وباحثين ومهتمين من عدد من الدول العربية لتستمر جامعة البيضاء في إرساء قواعد البحث العلمي والتنقيب عن كل جديد في مجال الدراسات والأبحاث والأوراق العلمية وإتاحة الفرصة لأصحابها لعرضها في حرم مؤتمر جامعة البيضاء، والذي تؤكد المؤشرات الإحصائية له أنه يسير بخطى علمية ثابتة نحو الريادة والتميز من خلال تحقيق أهداف وتطلعات التعليم العالي والبحث العلمي.
وتشير الإحصائيات إلى أن المؤتمر العلمي الرابع لجامعة البيضاء لهذا العام استقبل 222 بحثا، وبعد التقييم تم رفض 55 بحثا منها، ومعدل نسبة قبول الأبحاث اقترب من 77%، وهي الأبحاث التي تم عرضها خلال أيام المؤتمر الثلاثة حتى يومنا هذا الذي يختتم فيه المؤتمر بمشاركة 84 جامعة يمنية وإقليمية ودولية، متوزعة على 24 دولة عربية وأجنبية، وهي إحصائيات نادرا ما تحدث في مؤتمرات مشابهة، المؤتمر العلمي الرابع كما وتم وصفه هو شعلة نور مضيئة وسط مئات الحرائق التي أفرزتها الحروب وتجارها، ويستحق من الجميع الإشادة والتقدير مهما كان هناك من قصور، شكرا لجامعة البيضاء ولكل كوادرها، ننتظر المؤتمر العلمي في نسخته الخامسة عام 2024م.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
للتاريخ وللسياسة وللممكن!
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"نحن في حاجة إلى رؤية للقوة، تكون أشمل من الرؤية التقليدية التي تركز على القدرة على كسب الحرب" يورغ سورنسن.
***
عندما تتفكر فيما يحدث من تطورات في تمكن والتزام ومسببات ومقتضيات ومتحركات السياسة الدولية تجد التطور هو الثابت الأكثر تحركا بها، تطورت حوادث الحياة السياسية المعاصرة بحسب وجود السيد الأقوى على سدة القرار، وهنا القصد بالسيد الأقوى من يملك إمكانات تخطيط وتنظيم وصنع وتنفيذ القرار السياسي، وعلى أثر ذلك ستلاحظ بما يتدثر به من مبادئ وقيم، وأخلاق ووفاء، ومعاهدات واتفاقيات، وهل تصب في صالح النظام العام أم متسقة فقط مع نظامه الأحادي، وهل يتغير رئيس وتبدل نظام تذهب مبادئ وتأتي أخرى؟
التاريخ وبصفحاته وضح كل شيء، ومن لا يقرأ التاريخ ليس تكون خطواته على ورود، بل سيكون الشوك عنوانها، القوة إن لم تقودها العقلانية والمصلحية العامة وسط إطار يضع المصالح بجانب القيم التي تعبئ مصالحها بمبادئ القوة المتمكنة من تحقيق الأهداف بإمكانات فعالة قد تفضي إلى تحقيق هدف وأكثر لكنها لن تستطيع الصمود لفترات طويلة، ولن تتحمل الضغط العالي لإن الأساس أصبح هشا، فهل هناك من يستطيع بناء الدور الثالث من مبنى دون بناء أساسات ودور أرضي؟
لنرجع قليلا إلى ماض قريب عندما كف ميخائيل غورباتشيف عن مساندة الديكتاتوريات الشيوعية في أوروبا الشرقية، فتساقطت واحدة بعد الأخرى، وفي بلده هو انتهت سياستا غلاسنوست glasnost وبيريسترويكا perestroika إلى انهيار الاتحاد السوفييتي (1)، هنا يتبين دور القوة المساندة في تحديد مسارات الإطار العام للسياسات المنظمة بين الدول؛ فالدول التي تضع اعتماديتها الكاملة أو الشبه كاملة في يد دول أخرى فدرب ابتزازها وطريق طلب فواتير سياسية واقتصادية باهظة كونها لا تتحكم في كل خيوط اللعبة، الأقوى هومن يملك تحريك الخيوط وقيادتها وإيقافها كذلك، تصور لولم تجمع الأقوى مصالح مع طالبي المساندة، فكيف سيكون الوضع ؟
في العلاقات الدولية قواعد أخلاقية لعملية اتخاذ القرارات الخاصة بالسياسة الخارجية للدول أهمها قاعدتين: على الدول الوفاء بالتزاماتها وعهودها + للدول الحق في الدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الخارجي (2)، ومن الصعب على أية وحدة سياسية الصمود وسط تيارات المتغيرات السياسية الدولية دونما وجود أساس متين تتكأ عليه من استقرار سياسي وقوة عسكرية، ونهضة اقتصادية، زائد تحالفات مع دول موثوقة تملك قيما ومبادئ مشتركة، وربط هذه التحالفات بشبكة مصالح طويلة المدى كمصالح اقتصادية مثلا.
في دول الديمقراطيات العريقة قد يتبدل فكر إدارة الدولة بمن توصله صناديق الاقتراع، وهنا على الحلفاء مراقبة أوضاع المتنافسين وخلفياتهم السياسية والقيم التي بسببها قد يصلون لسدة القرار، ودراسة هذه القيم ومدى مناسبتها للقيم المطلوبة، وكيف التعامل معها ومواجهتها بما يحقق الصالح العام، وهذا يتطلب وجود مستشارين على درجة عالية من التبصر في مراقبة ما يحدث، ويملكون بصيرة معرفة التاريخ، ومكر أهل السياسة، وتبدل أحوال الدول .
من أهم أسباب جودة السياسة لأي وحدة سياسية (دولة) هي وجود حدود ثابتة لا غبار حولها، وقيادة سياسية مستقرة، وأمن داخلي وخارجي راسخ، واقتصاد لدبه مرونة القدرة للتطور، وانخفاض نسبة البطالة، وأنظمة صحية وتعليمية تحقق حد جيد من الإطار العام المطلوب، وتعزيز ذلك بشبكة تحالفات إقليمية ودولية موثوقة قائمة على مصالح مشتركة طويلة المدى، هنا سيكون الوضع معقولا إلى حد ما، في عالم تتقاذفه العواصف من كل جانب، ولا بقاء به إلا للأقوى والأدهى!
للتحليلات السياسية مناهج ومخرجات وأنواع منها: تقييم حالة، وتقدير موقف، وتنبيه سياسي، واستشراف سياسي (3)، ولكل منهج نظرية وتفاعل وأسلوب، والجدل حول التحليل السياسي لأي لم ولن يتوقف وهذه طبيعة الأمر، في العلوم الإنسانية يعتبر الجدل عاملا مهما للوصول لقناعة ما، وهذا فارق العلوم العقلية عن النقلية، العلوم التي يلعب بها الفكر دورا مهما قد تتبدل أفكارها من حين لآخر مع بقاء ثوابتها. في السياسة- التي هي جزء من العلوم الإنسانية- قد تتبدل قيم وتتغير مبادئ بحسب المصلحة، والمصلحة هي تعبر عن طبيعة الإنسان الناظرة للأعلى وللأكثر وللأقوى، وطبيعة النفس البشرية قد تحدد أحيانا ماهي السياسة القادمة للدولة "س" عندما يأتي الرئيس فلان، وكيف تواجه سياستها الدولة "ص"؟
السياسة بحر غبه عميق جدا لا يجيد السباحة فيه سوى الماهر ومن يلبس على ظهره أوكسجين يكفي في حال الغوص إلى غب المحيط!
قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُو اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" (الأنفال: 60).
**************
بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أتقدم لكم بخالص التهنئة، ومبارك عليكم الشهر، وعساكم من عواده. وأسأل الله أن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يجعلنا فيه من المقبولين.
مراجع:
كتاب: "إعادة النظر في النظام الدولي الجديد"، تأليف يورغ سورنسن، ترجمة أسامة الغزولي، الفصل الخامس، ص 147 و148، سلسلة عالم المعرفة 480 يناير 2020م. المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دولة الكويت. كتاب: "قواعد اللعبة". الكتاب الرائد في العلاقات الدولية، تأليف مارك أمستيوز. الفصل الثامن، ص 296 و297، الطبعة الثانية، دار الفاروق للاستثمارات الثقافية، جمهورية مصر العربية. كتاب: "أصول التحليل السياسي" تأليف د. فوزي حسن الزبيدي. المبحث الثالث ص 31، طبعة أولى 2018م. دار ثقافة للنشر والتوزيع. أبوظبي، بيروت. رابط مختصر