وزير الأوقاف: تزكية النفس تُحقق مجتمعًا أكثر وعيًا وانضباطًا دون الحاجة إلى رادع خارجي
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
أكد وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري أن العلاقات المصرية الماليزية تمتد عبر التاريخ، متجذرة في التعاون العلمي والثقافي والديني، وتعكس التقارب الفكري والحضاري بين البلدين، وأن هذه اللقاءات العلمية والفكرية ليست مجرد فعاليات أكاديمية، بل تمثل جسرًا ممتدًا يقوّي أواصر الصداقة والتعاون بين المؤسسات الدينية والعلمية في مصر وماليزيا، مشيرًا إلى أن تبادل الرؤى والتجارب في مجالات الخطاب الديني ومواجهة التحديات المعاصرة هو أمر بالغ الأهمية في ظل ما يواجهه العالم اليوم من تحولات فكرية وثقافية وتكنولوجية كبرى.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها وزير الأوقاف اليوم، الأربعاء، في مجلس مذاكرة السلطان نزرين معز الدين شاه لعام 2025، والتي جاءت تحت عنوان: "التصوف: منهج لبناء الإنسان وحماية الأوطان" بحضور السلطان نزرين معز الدين شاه، وراجا جعفر ابن المرحوم راج مودا موسى، وراجا إسكندر ذو القرنين، ابن المرحوم السلطان إدريس عفيف الله شاه، إلى جانب داتوء سري شعراني بن محمد، كبير وزراء ولاية بيراك.
جاءت محاضرة وزير الأوقاف في قسمين رئيسيين، تناول في القسم الأول نماذج مبهرة من الأخلاق الرفيعة المستمدة من سير السلف الصالح والصوفية الأوائل، مبينًا كيف عكست هذه النماذج عمق فهمهم لمعاني الأدب الدقيق مع الله سبحانه وتعالى ومع الناس.
وأكد أن حقيقة تزكية النفس تكمن في حالة من الوعي والانتباه الدائم واليقظة لتحرير القلب من أطماع النفس وشهواتها، وميلها إلى الكبر والتجبر والتسلط، ما يرسخ منهجًا يحمي المسلم من إيذاء غيره، سواء كان إنسانًا أو حيوانًا أو نباتًا.
كما ألقى وزير الأوقاف الضوء على العلاقة بين التصوف والقانون، موضحًا أن كليهما يهدف إلى ضبط السلوك الإنساني، إلا أن التصوف يسبق القانون بخطوات، حيث يعمل على تهذيب النفس وإرساء القيم الأخلاقية الرفيعة، مما يجعل الإنسان غير محتاج إلى تدخل خارجي لكفّه عن الأذى.
وأوضح أن المجتمع القائم على التصوف الحقيقي هو مجتمع يحكمه الالتزام قبل الإلزام، حيث تكون الرحمة والمحبة والعدل هي القواعد التي تضبط حركة الأفراد دون الحاجة إلى زاجر ورادع يمنعه ويكفه عن الأذى والعدوان بقوة القانون.
وفي القسم الثاني من المحاضرة، استعرض وزير الأوقاف التجربة المصرية في إدارة الشئون الدينية، بدءًا من المدارس التي أنشأها السلطان صلاح الدين الأيوبي، وصولًا إلى الجهود المعاصرة التي تبذلها الدولة المصرية.
كما ألقى الضوء على جهود علماء الأزهر الشريف عبر العصور في ترسيخ معاني الإحسان والسير إلى الله عز وجل من خلال مناهج تعليمية تتابع علماء الأزهر على شرحها وتدريسها جيلًا بعد جيل.
وفي لقاء خاص عقب المحاضرة، أعرب صاحب الجلالة السلطان نزرين معز الدين شاه عن سعادته البالغة بما طرحه وزير الأوقاف من رؤى عميقة حول التصوف وتزكية النفس، مشيرًا إلى أن الربط بين التصوف والأدب ودقائق الأخلاق الرفيعة كان ملفتًا للنظر، وأن النماذج التي قدمها الدكتور أسامة الأزهري في كلمته كانت جديدة على سمعه ومثرية لخبراته.
وخلال اللقاء، وجه وزير الأوقاف دعوة كريمة إلى جلالة السلطان لزيارة مصر، وهي الدعوة التي لاقت ترحيبًا كبيرًا من جلالته، حيث كلّف كبير وزرائه بترتيب الزيارة في أقرب فرصة.
وأكد أن هناك الكثير مما يمكن لماليزيا أن تتعلمه وتستفيد به من التجربة المصرية في الشئون الدينية.
كما أعرب جلالة السلطان عن دعمه الكامل لجميع المشاريع البحثية التي يمكن أن تعزز التعاون العلمي بين الجانبين.
يأتي هذا اللقاء في إطار العلاقات القوية والمتنامية بين مصر وماليزيا في المجالات الدينية والفكرية، حيث تمثل هذه المحاضرة نموذجًا مثاليًا للتعاون العلمي والثقافي بين البلدين، وتعكس الدور الريادي لمصر في نشر الفكر الوسطي والتصدي للفكر المتطرف، وترسيخ القيم الأخلاقية والإنسانية النابعة من جوهر الإسلام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التصوف وزير الأوقاف العلاقات المصرية الماليزية المزيد
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف يشارك في المؤتمر التاسع والعشرين للمشيخة الإسلامية الكرواتية
شارك الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في المؤتمر التاسع والعشرين للمشيخة الإسلامية الكرواتية المنعقد هذا العام بعنوان "العلم والدين والذكاء الاصطناعي – الجوانب الأخلاقية – التآزر لا الشك"، وذلك بمقر الجمعية الإسلامية الكرواتية.
واستهل وزير الأوقاف، كلمته بشكر القائمين على المؤتمر الذي حضر جلسته الافتتاحية وزير الثقافة الكرواتية، ومفتي مسلمي كرواتيا، ونائب عمدة مدينة زغرب، وعدد من العلماء والمشاركين من شتى أنحاء العالم.
وألقى وزير الأوقاف، بحثًا مصغرًا في المؤتمر مترجمًا إلى اللغة الإنجليزية، وأضاف إليه محاضرة وجيزة عن نظرة الإسلام عمومًا إلى العلم وإلى مستجدات الذكاء الاصطناعي وما يتصل به من آفاق إيجابية وأخرى سلبية.
وتبادل الوزير الحديث مع المشاركين في المؤتمر، كما تناول بعض الأفكار التي طرحها المشاركون بالتحليل والعرض، مشيرًا إلى البشرية تمر بالمرحلة الرابعة من مراحل الانفجار المعرفي الكبرى في التاريخ؛ وهو ما يحتم على البشرية كلها التباحث والتوافق على مسار أخلاقي يعزز إيجابيات الذكاء الاصطناعي ويتقي شروره وسلبياته التي تتراوح بين تعطيل القدرات العقلية البشرية والعبث بالمقدرات الإنسانية وما إلى ذلك من آفاق مجهولة المدى.
واختتم الوزير كلمته بشكر القائمين على المؤتمر وحُسن اختيار الموضوع، داعيًا إلى مواصلة التشاور في هذا الجانب، والتزام صوت العقل والحكمة والانضباط الأخلاقي في التعامل مع مستجدات العلم.