افتتاحية.. الأسطورة وقوة الهويات الوطنية
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
لا تستند الأمم حين تروي حكاياتها على الوقائع وحدها بل تتكئ على الأسطورة بوصفها نسيجًا خفيًا يربط الذاكرة بالمصير، ويهب الزمن معنى يتجاوز حدود الأحداث العابرة، وحضور الأسطورة في ثقافة الأمم دليل واضح على عمق وجدانها الجمعي، ذلك الوجدان الذي يستعير رموزه من المجهول ليؤسس بها حقيقة تعيش في الوعي أكثر مما تعيش في التاريخ.
وأدركت الشعوب الكبرى أن الأسطورة ليست بديلا عن الحقيقة، بل هي صورتها الأخرى، صورتها المتعالية التي تمنحها قوة وسحرًا.. إنها الحكاية التي تتوارثها الأجيال، لا بوصفها بقايا زمن مندثر، بل بوصفها جوهرا خالدا يتجدد مع كل قراءة وتأويل. كانت الأسطورة على الدوام المرآة التي ترى فيها الأمم ذاتها، بل إنها تشكل أساسها الفلسفي كما فعلت الأساطير الإغريقية في تشكيل أسس الحضارة الغربية، وكما فعلت ملاحم الشرق في صناعة هُوية الشعوب الشرقية، وهي في كل هذا كانت القنديل الذي يضيء دروب الأمم في عتمة التاريخ.
لكن ما الذي يجعل الأسطورة ضرورية في بناء السرديات الوطنية؟ إن الدولة حين تسعى إلى ترسيخ هويتها، تحتاج إلى ما هو أبعد من الوقائع السياسية والحدود الجغرافية، تحتاج إلى سرديات كبرى تُنقش في الذاكرة، تحفر وجودها في ضمير الأجيال، وتمنحهم إحساسا بالانتماء يتجاوز العابر والمؤقت حيث إن للأسطورة قدرة على البناء الروحي الذي يرسخ القيم ويلهب روح التضحية، ويربط الفرد بميراث يتجاوز ذاته.
وتبدو دول العالم اليوم في أمسّ الحاجة إلى إعادة اكتشاف الأسطورة ليس بوصفها ماضيا عابرا ولكن -وهذا هو المهم- باعتبارها كنزا من الحكمة، وأداة ثقافية قادرة على تشكيل الوجدان في لحظة يشهد فيه العالم تشظي القيم وتآكل الثوابت؛ لذلك فإن الاحتفاء بالأسطورة هو جزء من معركة الحفاظ على الهُوية. ومن واجب المؤسسات الثقافية والإعلامية والمناهج التعليمية أن تعيد قراءة النصوص الأسطورية الخالدة، وأن تُفعّل حضورها في وجدان الأجيال الجديدة وربطها باللحظة الحاضرة وبمفاتيح الفهم والرؤية.
لقد فهم العرب أهمية الأسطورة ودورها في بناء الهويات القبلية والقومية فكتبوا سرديات عظمى مبنية على الأسطورة كما فعلوا في سرديات مثل سردية الزير سالم وسيف بن ذي يزن وتغريبة بني هلال.. إلخ. ولذلك هي باقية في الوجدان العربي الجمعي إلى اليوم.
والأمم التي تُهمل أساطيرها، تُعرّض سرديتها الوطنية للتشظي؛ فلا يمكن بناء هوية صلبة دون ذاكرة تستمد قوتها من رموز تعيش في المخيال الشعبي، وتُشكل نقطة التقاء بين التاريخ والوجدان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
سوق المُسيرات العالمية يتجاوز 60 مليار دولار بحلول 2029
حسونة الطيب (أبوظبي)
أخبار ذات صلةيسهم التطور السريع في مجال الابتكارات، في دعم قطاع المُسيرات، لإعادة رسم خريطة مستقبل عمليات الاستكشاف والأعمال التجارية ومن المتوقع، ارتفاع قيمة سوق هذا النوع من الطائرات من دون طيار، من 30.4 مليار دولار في العام 2023، إلى 61.2 مليار دولار بحلول العام 2029، بنسبة نمو سنوي مركب قدرها %12.6، بحسب خدمة واشنطن بوست.
ويشير سوق المُسيرات، للقطاع العالمي الذي يركز على تطوير وإنتاج ومبيعات الطائرات من دون طيار، سواء للأغراض التجارية أو الاستهلاكية إلى تعدد استخداماتها وتشمل، الدفاع والزراعة، الخدمات اللوجستية، الإعلام، والسلامة، والتصوير والترفيه، مدعومة بالتقنيات المتقدمة والطلب المتزايد على الحلول الجوية والأتمتة.
ومن ضمن الشركات الناشطة في هذا القطاع، زينا تيك (Zena Tech) وأر تي أكس (RTX) وأيه جي إيجل (AgEagle) ودي جي آي باروت (DJI Parrot) وشركة يونيك (Yuneec) وشركة بوينج وغيرها وتعتبر أيه جي إيجل، من أفضل الشركات في العالم لإنتاج الأنظمة الجوية الآلية وأجهزة الاستشعار والحلول البرمجية، وتزويد العملاء في جميع أنحاء العالم في القطاعات الحكومية والتجارية.
كما تعتبر، شركة إي هانج القابضة (EHang Holdings)، رائدة عالمياً في منصة تكنولوجيا النقل الجوي الحضري، ما مكنها من تحقيق أعلى نسبة مبيعات فصلية وسنوية من الطائرات المُسيرة ذات الإقلاع والهبوط العمودي، للقطاع التجاري.
ومن المتوقع، بلوغ إجمالي إنتاج هذه الشركات وغيرها حول العالم، 9.5 مليون طائرة مُسيرة بحلول العام 2029.
وتهيمن الولايات المتحدة الأميركية، على هذه السوق، بما تملكه من تقنية متقدمة واستخدامات مكثفة في قطاعات متعددة ومن المنتظر، بلوغ سوق الطائرات المُسيرة التجارية، نحو 24 مليار دولار بحلول العام 2029، بنسبة نمو 13.8%، فضلاً عن نمو سنوي قدره 2.18% في الفترة بين 2025 إلى 2029. وفي حين تناهز إيرادات السوق العالمية للطائرات من دون طيار 4.4 مليار دولار خلال العام الجاري، تستحوذ الصين على قدر كبير منها، بنصيب قدره 1.6 مليار دولار. وتتراوح أسعار هذه الطائرات، بين 50 دولاراً للهواة، إلى 50 ألف دولار للطائرات المتخصصة، وذلك وفقاً لمواصفاتها ووزنها والمسافة التي يمكن أن تقطعها بحسب قوة بطاريتها ونوع الكاميرات الملحقة بها، بالإضافة لأجهزة الاستشعار ومدى تطورها.
ويساعد تخفيف القيود والنظم الحكومية، في انتعاش نمو هذه الطائرات في قطاعات مثل، عمليات التوصيل والرقابة والزراعة.
وتعزز التطورات التقنية في المُسيرات التجارية، الأداء المدعوم بالذكاء الاصطناعي والأتمتة ودورة حياة البطارية كما تساعد الابتكارات في أجهزة الاستشعار والملاحة وسعة الحمولة، في توسيع نطاق التطبيقات في قطاعات مثل، الخدمات اللوجستية والزراعة والأمن.
وبالإضافة لزيادة الاستخدام في العديد من القطاعات، يحدث الاستخدام المتصاعد للمُسيرات التجارية في هذه القطاعات، ثورة في العمليات في مجال الزراعة، والخدمات، اللوجستية والإنشاءات والأمن وتساعد كفاءتها وآلية استخدامها ومقدرتها على جمع المعلومات، في توسيع دائرة تبنيها وفي المزيد من الابتكار.