غزة بلا مكبّات نفايات ونصف مليون طن منها في الشوارع
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
غزة- "أينما نظرت في غزة تجد أثرا للاحتلال، حتى في أكوام الزبالة"، بأسى شديد يتحدث أحمد حسونة عن أطنان النفايات التي تنتشر في الشوارع والحواري، وفي مكبات عشوائية، وتؤرق الغزيين وتعوق مساعيهم الشاقة على العودة لاستئناف حياتهم.
وكان حسونة (47 عاما) من أوائل النازحين العائدين لشمال قطاع غزة، إثر اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، ويقول للجزيرة نت "الحياة هنا صعبة للغاية، منازلنا مدمرة، والشوارع مجرفة ومغلقة، والنفايات تنتشر في كل مكان، وتفوح منها روائح كريهة".
ويضيف "في خان يونس جنوب القطاع كنت أعيش في خيمة قرب جامعة الأقصى، تحيط بنا جبال من النفايات، وفي الشمال وجدنا الواقع أشد مرارة".
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع عقب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، تمنع قوات الاحتلال البلديات من الوصول إلى مكبات النفايات الرئيسية القريبة من السياج الأمني المحيط بالقطاع من الناحية الشرقية.
"هل هذه حياة بشر؟"، بنبرة غضب يتساءل حسونة، الذي يعيل أسرة مكونة من 7 أفراد، ويخشى على أطفاله من الأمراض المعدية بسبب هذه النفايات، ويقول "سمعت أن شلل الأطفال عاد من جديد، ماذا يريدون منا؟، قتلونا بالصواريخ، ويصرون على قتلنا بالحصار والأمراض".
إعلانويضطر السكان في القطاع لاستحداث مكبات عشوائية للتخلص من النفايات، بينما تعجز البلديات عن ترحيلها المكبات الرئيسية بسبب المخاطر لوجود الاحتلال في محيطها، واستهدافه كل متحرك في المكان، علاوة على أزمة الوقود ونقص الآليات.
وبسبب مكب عشوائي أمام منزله في حي النصر بمدينة غزة، يقول محمد سلطان، إنه يُحكم إغلاق جميع نوافذ شقته شبه المدمرة، بالبلاستيك، للتخفيف من حدة الروائح الكريهة.
ويقول سلطان (49 عاما) للجزيرة نت "العودة إلى حياتنا أمر صعب للغاية في ظل مخلفات الحرب من الركام والنفايات، الحرب لم تتوقف، نحن نواجه حروب صغيرة كل يوم، لتوفير المياه، وإزالة الركام، والتخلص من النفايات، وحتى السير بالشوارع معقد ونعمل ألف حساب لكل خطوة".
وبحسب مصادر طبية محلية فإن غالبية المراجعين يوميا للمستشفيات والمراكز الصحية من الأطفال وكبار السن، ويشكون من الإصابة بأمراض، كالحساسية والإسهال والتقيؤ وارتفاع درجات الحرارة، وهي ناجمة -غالبا- عن البيئة الملوثة.
كوارث صحية وبيئيةووفقا لبيانات متواترة تصدر عن لجان الطوارئ المركزية في القطاع، فإن لتكدس النفايات تداعياتٍ سلبيةً خطِرة جدا على الصحة العامة وسلامة البيئة، خاصة مياه الخزانات الجوفية، وتهدد بانتشار الأمراض والأوبئة بشكل كبير، وأخطرها الكوليرا وشلل الأطفال.
وتحذر بلدية غزة -كبرى بلديات القطاع التي تخدم حاليا نحو نصف مليون نسمة إثر العودة الكبيرة من جنوب القطاع للشمال- من "كارثة صحية وبيئية كبيرة" بسبب آلاف الأطنان من النفايات في الشوارع والمكبات المؤقتة"، جراء منع الاحتلال ومنذ اندلاع الحرب طواقم البلدية من الوصول للمكب الرئيسي في بلدة جحر الديك، التي تراجع الاحتلال إلى حدودها إثر انسحابه من "محور نتساريم" القريب منها على شارع صلاح الدين الرئيسي.
وتعيش مدينة غزة كارثة صحية وبيئية كبيرة بسبب تراكم نحو 170 ألف طن من النفايات في الشوارع والمكبات المؤقتة، ويقول المتحدث باسم البلدية عاصم النبيه للجزيرة نت "رغم اتفاق وقف إطلاق النار فإن الاحتلال لا يزال يمنع طواقمنا من الوصول للمكب الرئيسي، ويهدد حياة كل من يصل إلى حدود المدينة الشرقية".
إعلانورغم الدمار الذي لحق بنحو 80% من آليات البلدية، إلا أنها شرعت في 16 من الشهر الجاري بحملة جمع وترحيل النفايات من شوارع وأحياء المدينة إلى مكبين مؤقتين في منطقتي "سوق فراس" و"اليرموك" بالمدينة، للتخفيف من الكارثة الصحية والبيئية التي تعيشها، بحسب النبيه.
وبسبب هذا الدمار في مقدراتها، يقول النبيه، إن البلدية لجأت إلى التعاون مع هيئات دولية ومحلية لتنفيذ مشروع ترحيل النفايات، الذي يستغرق من 3 إلى 4 أسابيع إذا توفرت الإمكانيات اللازمة خاصة الآليات الثقيلة.
ووفقا له فإن المكبين المؤقتين يخففان من معاناة المواطنين، ويحدان من انتشار الروائح الكريهة في الشوارع وبين الأحياء السكنية، ولكنهما غير مجهزين وغير صحيين، ولا يغنيان عن الوصول إلى المكب الرئيسي في منطقة جحر الديك.
وتقدر السلطات المحلية في غزة حجم النفايات المتكدسة في جميع أنحاء القطاع بنحو نصف مليون طن، وتواجه البلديات عجزا في التعامل معها، بسبب عدم القدرة للوصول للمكبات الرئيسية، ونقص الآليات والمعدات والوقود.
وتعتبر محافظة خان يونس الأكبر من حيث المساحةُ والثانية من حيث الكثافة السكانية في القطاع، ويقدر المتحدث باسم بلدية المدينة صائب اللقان أن 250 ألف طن من النفايات تتكدس في مكب مؤقت أنشأته حديثا في منطقة حي الأمل غربي المدينة.
وبالتعاون مع هيئات دولية ومحلية رحلت البلدية هذه الكمية الهائلة من النفايات، التي تركزت بدرجة كبيرة في منطقة المواصي الساحلية، التي احتضت الغالبية من بين نحو مليون و200 ألف نازح، لجأوا إليها إثر اجتياح مدينة رفح المجاورة في 6 مايو/أيار من العام الماضي.
ويقول اللقان للجزيرة نت، إن ترحيل هذه النفايات إلى مكب مؤقت لا يحل الأزمة تماما، وإنما يحد منها، وتبقى الخشية قائمة من انتشار الأمراض والأوبئة، جراء تسرب سوائل سامة للخزان الجوفي واختلاطها بالمياه، لافتا إلى أهمية تمكين طواقم البلدية من الوصول إلى المكب الرئيسي في بلدة الفخاري جنوب شرقي المدينة، التي يحظر الاحتلال الوصول إليه منذ اندلاع الحرب.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات من النفایات للجزیرة نت فی الشوارع من الوصول
إقرأ أيضاً:
بالفيديو.. هكذا يستقبلون العيد في غزة
غزة- عيد فطر يقبل بلا بهجة على غزة، بل بدموع وحسرة بادية على ملامح الكبار والصغار الذين تحدثوا للجزيرة نت عن آمالهم وأحلامهم، وكيف كانوا سيحتفلون لو أن الحرب انتهت.
جوري، طفلة في عمر الورد، بكت بحرقة عند سؤالنا والدتها ماذا أعدت للعيد؟ لم تستطع شرح ما بداخلها، وكانت الدموع هي الجواب.
لا عيد للأطفال ولا للكبار في غزة، فالجميع ينتظر دوره للحصول على كفن تلطخه الدماء في ظل حرب إبادة جماعية لا تميز بين فرد وآخر.
وضع صعبحسين الخضري، وهو صاحب محل أدوات خياطة معروف في غزة، كان محله يعج بالحرفيين في مثل هذه المواسم، لكن اليوم لا أحد يزوره بفعل الحرب والوضع الاقتصادي الصعب لجميع السكان، والمحل فارغ من الأقمشة وفساتين العيد.
يقول الخضري للجزيرة نت إنهم لا يجدون المال ليكسوا أولادهم "ولا أحد يتدخل لإنقاذنا، ولا نرى إلا القتل والموت". وأضاف "كان عندي محل كبير وراح بالقصف، دمره اليهود كله، نفسنا نعيش مثل الناس، لكن الوضع صعب جدا".
ويتابع "لا يوجد شغل، والناس ليس لديها سيولة وغير قادرة على عمل شيء، الأسعار غالية جدا، لا يوجد أكل ولا شرب ولا ملابس"، آملا أن تعوض الأيام القادمة هذا البأس الشديد الذي يعيشونه.
إعلانمن جانبها، تتذكر الحاجة أم مؤيد شبات أيام ما قبل الحرب، وكيف كانت تعد حلوى المعمول والكعك، وتشتري الملابس الجديدة للأطفال لاستقبال العيد بكل فرح وسرور.
وبتنهيدة وحسرة قالت "ليت هذه الأيام تعود لننسى فيها التعب والنزوح ونتجمع مع الأهل والأحباب، منذ عودتي من نزوحي الأول من جنوب القطاع وأنا أتمنى أن التقي بأهلي وإخوتي، لكن سرعان ما عادت الحرب ونزحنا مرة أخرى دون أن يتسنى لي رؤيتهم".
خسائرأما البائع إيهاب بكرون، صاحب محل دمره الاحتلال، فافتتح بسطة متواضعة لبيع ملابس الأطفال، ويسأل الله أن يعوضه خسارته في بضاعته.
ويتحدث للجزيرة نت عن الركود الاقتصادي الصعب قائلا "لا أحد يشتري، لدينا بضاعة كثيرة لكن الناس لا تملك المال، حالنا يبكي، نحن البائعين غير قادرين على شراء ما يريده أولادنا لأننا لم نستطع تحصيل حتى رأس المال من بضاعتنا الباقية، الوضع صعب".
واستأنفت إسرائيل الحرب على قطاع غزة وخرقت اتفاق وقف إطلاق النار يوم 18 مارس/آذار الجاري وأعادت شن هجماتها على القطاع.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة سقوط 855 شهيدا و1869 جريحا منذ 18 مارس/آذار الحالي، لترتفع بذلك حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 50 ألفا و208 شهداء، و113 ألفا و910 جرحى بإصابات متفاوتة بينها الخطيرة والخطيرة جدا.