رأت فرصًا للتعاون بقطاع احتياطيات المعادن النادرة.. روسيا تحفز أمريكا اقتصادياً للتسوية في أوكرانيا
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
البلاد- جدة، وكالات
تشهد العلاقات الروسية الأمريكية، تطورات إيجابية منذ وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية، ويحاول الطرفان البناء على محادثات الرياض، التي فتحت المجال لتفاهمات حول قضايا كبرى، بمقدمتها الحرب في أوكرانيا، وأشاد الكرملين بما وصفه بـ “الموقف المتوازن” لواشنطن، بعدما صوتت أميركا في الأمم المتحدة ضدّ قرار أعدته كييف والأوروبيون يدين الهجوم الروسي في أوكرانيا.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء، إن “الولايات المتحدة تتخذ موقفا أكثر توازناً يهدف إلى محاولة حل الصراع الأوكراني. ونحن نرحب بذلك”.
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاثنين، مشروعي قرارين حول أوكرانيا، الأول أوكراني أوروبي حصل على 93 صوتا، مقابل 18 صوتا ضدّه، بما في ذلك الولايات المتحدة، وامتناع 65 دولة عن التصويت، ويشير إلى “الاحتلال الكامل لأوكرانيا من قبل روسيا”، ويكرر المطالب بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات الروسية، والثاني أميركي صوتت لصالحه 93 دولة مقابل رفض 8 دول له، وامتناع 73 دولة عن التصويت، يدعو إلى “إنهاء النزاع في أقرب وقت ممكن وتحقيق سلام دائم بين الطرفين”.
وطلبت واشنطن من أوكرانيا، سحب مشروع قرارها المدعوم أوروبيا، وقبول مشروعها الذي لا يتناول هجمات روسيا، لكن أوكرانيا رفضت.
وبالنظر إلى اهتمام ترامب بالاقتصاد والصفقات، حاولت موسكو العزف على هذا الوتر، إذ قال الكرملين الثلاثاء إنه يرى فرصًا للتعاون مع الولايات المتحدة فيما يتعلق باحتياطيات روسيا الكبيرة من المعادن النادرة ذات الأهمية الإستراتيجية، وأضاف بيسكوف “هناك آفاق واسعة جدا تفتح في هذا المجال”، مشيرا إلى أن “الأميركيين يحتاجون إلى معادن نادرة. لدينا كمية كبيرة منها”.
وقبل ذلك بساعات، قال بوتين في مقابلة تلفزيونية “نحن مستعدّون لجذب شركاء أجانب إلى أراضينا الجديدة التي أعيدت إلى روسيا. هناك بعض التحفّظات. نحن مستعدّون للعمل مع شركائنا، بمن فيهم الأميركيون، في المناطق الجديدة”.
وسيطرت روسيا خلال الحرب التي اندلعت في 24 فبراير 2022 على أراض في شرق أوكرانيا وجنوبها يحتوي باطنها على كميات كبيرة من المعادن.
يأتي هذا في وقت يسعى ترامب للحصول من كييف على ما قيمته 500 مليار دولار من المعادن النادرة التي تُستخدم بشكل خاص في صناعة الإلكترونيات، حيث أعلن مؤخرًا عن استقباله للرئيس الأوكراني زيلينسكي في البيت الأبيض، الأسبوع الجاري أو المقبل، لعقد الصفقة.
وقال بيسكوف إن روسيا مستعدة لاتفاق مماثل “مع توافر الإدارة السياسية لذلك”، مستدركًا بالحاجة إلى وقت لإعادة بناء العلاقات مع أميركا التي فرضت عقوبات شديدة على بلاده بسبب الصراع في أوكرانيا.
ورغم الترحيب بمقترحات ترامب وتقديم مزيد من المحفزات له، إلا أن الكرملين أعلن أن نشر قوات أوروبية في أوكرانيا غير مقبول، تعليقاً على تصريح الرئيس الأميركي حول عدم ممانعته نشر قوات أوروبية لحفظ السلام هناك.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا أرض الثروات.. لهذا يلهث ترامب وراء المعادن النادرة
في الثالث من فبراير/شباط الجاري، أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب موضوع معادن أوكرانيا النادرة، وتبين سريعا أنه يريدها أكثر من رغبته بوقف الحرب الروسية المستمرة منذ 3 سنوات، وأن مقايضتها باتت شرطا رئيسا أمام كييف للحصول على دعم واشنطن بالمال والسلاح.
عين ترامب على 50% من تلك المعادن، أو ما قد يصل إلى 500 مليار دولار، لأن أوكرانيا مدينة أصلا لبلاده بـ300 مليار على مدار سنوات الحرب، كما قال؛ الأمر الذي نفاه وفنده الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ثروة الحديد والمنغنيز وهكذا، كان موضوع المعادن محل جدل وانتقادات واتهامات بين الرئيسين؛ لكنه أصبح كذلك موضع تساؤل محلي ودولي كبيرين، حول حجم وأهمية ما تملكه أوكرانيا من ثروات معدنية مهمة ونادرة، لا يعرفها كثير من الأوكرانيين أنفسهم.
وفي كتاب "الجغرافيا الفيزيائية لأوكرانيا"، يتعلم طلاب الصف الثامن في مدارس البلاد المتوسطة أن "أوكرانيا تحتل المركز الأول أوروبيا من حيث احتياطيات الحديد والمنغنيز والتيتانيوم وخام اليورانيوم، والمركز الثاني بعد إسبانيا من حيث احتياطيات خام الزئبق".
أوكرانيا تحتل مركز الصدارة في القارة الأوروبية بشأن المعادن النادرة (رويترز) وكما يتعلمون أن "أوكرانيا تمتلك 10-16% من احتياطيات الحديد عالميا، بحجم يصل إلى 27 مليار طن، و20-42% من احتياطيات المنغنيز عالميا، بحجم يصل إلى 2.5 مليار طن؛ وأنها تعد من أغنى 5 دول باحتياطيات الغرافيت".
وبصورة عامة، تضم أراضي أوكرانيا 342 ألف طن من الألمنيوم، و147 ألف طن من النحاس، و60 ألف طن من الزنك، و8.2 آلاف طن من الرصاص، و5.3 آلاف طن من النيكل، إضافة إلى مئات الأطنان من معادن القصدير والتنغستن والكوبالت والموليبدينوم وغيرها.
أرض المعادن النادرة
وفيما يتعلق بالمعادن النادرة: تحتل أوكرانيا مركز الصدارة دون منازع في القارة الأوروبية، إذ تضم أراضيها 22 معدنا نادرا من أصل 30 معدنا تستخدمها دول القارة، و50 معدنا تصنفها الولايات المتحدة على أنها ذات "أهمية بالغة"، بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 15 تريليون دولار.
عالميا، تحتل أوكرانيا المركز الرابع (إلى جانب الهند والبرازيل وفيتنام) في حجم احتياطيات المعادن النادرة، بعد الصين (68% من الاحتياطيات)، ثم أميركا (12%)، ثم أستراليا (5%).
بحسب مجلة "فوربس أوكرانيا"، تمتلك البلاد حوالي 10% من احتياطيات العالم (وأكبر احتياطيات أوروبا) من معدن الليثيوم المستخدم في إنتاج البطاريات، بحجم يقدر بنحو 500 ألف طن.
تمتلك أوكرانيا نحو 90 طنا من الزركونيوم المستخدم في المحركات النفاثة. تعد أوكرانيا أيضا من بين أبرز 10 دول غنية بمعدن التيتانيوم، المستخدم في إنتاج الصواريخ والطائرات والسفن، بحجم يصل إلى 2.3 ألف طن.
وبصورة عامة، تضم أراضي أوكرانيا 660 طنا من الفاناديوم، و90 طنا من الزركونيوم، و50 طنا من النيوبيوم، و50 طنا من الكادميوم، وأيضا 15 طنا من التنتالوم، و5 أطنان من الغاليوم، و1.8 طن من السيريوم، وكذلك تضم 1.5 طن من الإنديوم، وطنا من السيلينيوم، وطنا من البريليوم، و0.8 طن من الإيتريوم، فضلا عن نصف طن لكل من التيلوريوم والسكانديوم والغرمانيوم والهافنيوم على حدة.
لكن مجلة "فوربس أوكرانيا" تشير إلى أن الاحتياطيات الأوكرانية قد تكون أكبر بكثير، لأن أوكرانيا لم تحدث البيانات الرسمية المتعلقة بثرواتها الطبيعية منذ بداية عام 2005، كما أن مناجم البلاد لا تستخرج أكثر من 10% من الاحتياطيات المؤكدة للمعادن النادرة؛ والاستثمار في هذا المجال سيكون طويل الأمد.
ومع ذلك، شغلت صادرات المعادن وصناعات الصلب الأوكرانية نسبة وصلت إلى 26.3% من اقتصاد البلاد قبل الحرب، و20% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أدخلت لخزينة أوكرانيا نحو 40% من النقد الأجنبي.
أين تقع معادن أوكرانيا؟
على أساس ما سبق، تبدو أوكرانيا كأنها تجثو على كنوز وتتكاسل عن استخراجها واستثمارها؛ لكن هذه الكنوز تحولت "لعنة" عليها منذ عام 2014، إن صح التعبير، وكادت تنهي وجودها كدولة في 2022.
كل المصادر تشير إلى أن 70% من معادن أوكرانيا، وخاصة النادر منها، تقع في مقاطعات لوغانسك ودونيتسك (اللتين تشكلان معا ما يعرف بإقليم دونباس)، إضافة إلى مقاطعات زاباروجيا ودنيبروبيتروفسك، وكلها في شرق وجنوب شرق البلاد. %70 من معادن أوكرانيا وخاصة النادرة منها تقع في مقاطعات لوغانسك ودونيتسك إضافة إلى مقاطعات زاباروجيا ودنيبروبيتروفسك (رويترز) تسيطر روسيا -حاليا- على نحو نسبة 98% من لوغانسك، ونحو 60% من دونيتسك، بينما تحتل نحو 30% من زاباروجيا، وتقصف بشكل شبه يومي منطقة مدينة كريفي ريه جنوب مقاطعة دنيبروبيتروفسك، الغنية بالمناجم.
وتتوزع أيضا معادن أوكرانيا على مقاطعات بولتافا في الوسط، وتشيرنيهيف وكييف وجيتومير في الشمال، التي دخلتها القوات الروسية في 24 فبراير/شباط 2022، ثم خرجت منها بعد نحو 5 أسابيع من القتال العنيف.
وهكذا، تقع تحت سيطرة روسيا حاليا نسبة 20% من ثروات أوكرانيا المعدنية بين حقول ومناجم، بحسب المركز الحكومي لأبحاث الجيولوجيا، وآخرها كان منجم "شيفتشينسكي" لمعدن الليثيوم، الذي انتقل لسيطرتها قبل أسابيع في مقاطعة دونيتسك.
طعم أم طعام لترامب؟ ولأن كثيرا من المسؤولين والمراقبين يؤكدون أن من أهداف روسيا السيطرة على ثروات أوكرانيا، يرى بعضهم أنها تشكل "طعما" لترامب، قد يدفع الولايات المتحدة لمواجهة مستقبلية مع روسيا، بينما يرى آخرون أنها طعام يثير شهيته كرجل أعمال قبل أن يصبح رئيسا.
أنصار نظرية الطعم قلة، وغالبا من الروس، أما الأوكرانيون، فيرون المعادن عنوان "صفقة صعبة" بين بلادهم والولايات المتحدة، لأن فيها طوق نجاة في خضم الحرب، حتى وإن كانت الشياطين تكمن في تفاصيلها.
خبير أوكراني: ترامب حوّل قضية الحرب في أوكرانيا إلى صفقة تجارية (غيتي) ياروسلاف جاليلو، نائب مدير المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية في كييف، قال في حديث سابق مع الجزيرة نت: لأنها لا تستخرج كل ما تحتاج، "تعتمد أميركا بنسبة 80% على واردات المعادن النادرة من الصين، لذلك فإن الصفقة مربحة دون شك لترامب لأن فيها بديلا عن العدو الاقتصادي الأكبر، أو تنويعا للمصادر على الأقل يحد من حاجة الصناعة الأميركية للخامات الصينية