برمة لن يختفي بهدوء أو يقبل عزله من رئاسة حزب الأمة
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
برمة لن يختفي بهدوء أو يقبل عزله من رئاسة حزب الأمة . و سيقدّم حلفاؤه سيلاً غير منتهٍ من الاعتراضات اللائحية و القانونية لإبقاء السيولة الكافية التي لا تسمح لحزب الأمة بإصلاح إتجاهه و إبقاء حالة “الربكة التنظيمية” التي تلبسته منذ بداية الحرب كما سمّتها د. مريم الصادق نائبة رئيس الحزب في لقائها بالأمس في قناة الجزيرة.
و اعترفت د. مريم أنه لا يفعل ذلك وحده بل بمشاركة العديد من أفراد الحزب و قياداته. و ذكرت أنها رأت عدداً من ناشطي المكتب السياسي في نيروبي من ضمن الحضور و المحتفلين. و ألمحت أن الحزب يعاني بشدة و أنه يحتاج إلى إجراءات أخف من السيف اللائحي أو المحاسبي القاطع الذي قد يعرّضه للإنشقاق. الحزب في سردية د. مريم هو ضحية للحرب و ليس مهيئاً بالطبع بالمشاركة في إيقافها بأي وسيلة.
قوة اللواء م برمة التي جعلت أجهزة الحزب الرسمية تمد في حبال الصبر بحيث تعمّقت سفينة الحزب بعيداً في بحور المليشيا حتى اشتبكت مصالح الحزب و المليشيا في بعض المناطق و اتحدت مصائرهما ؛ إذ تنبع قوة اللواء معاش و مريدوه داخل قيادات الحزب من المال السياسي الذي يملك منه الكثير ، فالحزب فقير من دون آل المهدي و قادته معدمون و متعرضون بشدة للتأثر بهذا المال. و نجح برمة في تكوين طبقة من القياديين الذين اشترى كلمتهم و رأيهم بماله و صار عصيّاً على المحاسبة و الإلزام بأي خط أو مسار تنظيمي محدد إلا الذي يشترطه المال السياسي الذي يدفعه برمه لحلفائه داخل الحزب و تسدد فواتيره مليشيا الدعم السريع دون حساب. و ما لم يبدأ الحزب في إغناء قياداته بالوسائل الشرعية ، فلن يكون قادراً على إلجام برمة . إلا أن هناك قوة دافعة أكبر لبرمة. و هو من المسكوت عنه خارج الحزب إلا أنه واضح و متداول داخل أروقته. فبرمة يرى نفسه قائداً لثورة “عطاوية” داخلية و “مادبو” آخر في ركب المهدية . فقد نال فعاليته و تأثيره من تمثيله لمصالح “الغرابة ضد سطوة البحارة”. و لعلّ المراقب البعيد عن تاريخ الحزب و دينامياته قد يغفل عن هذه الحرب الأهلية العنيفة داخل الحزب و التي تحاول د. مريم “الترفع” عن ذكرها و الظهور كحزب عصري حديث لا يمكن لمثل هذه الصراعات أن تجد طريقها إلى عقل قياداته. حزب الأمة هو إمتداد للحركة المهدية التي لم تستطع صهر التنوع داخلها منذ أكثر من قرن و لم تصمت بنادق الصراعات الداخلية التي بدأت في اليوم التالي لوفاة الإمام المهدي. و بينما تعرض أهل المهدي للإيذاء الشديد بعد وفاته ، فقد سيطرت على الدولة المهدية “حكم بقارة” ساهم بشدة في إنكسارها و إنفضاض القبائل التي وحدها المهدي في حياته. برمة يفهم ذلك و يفهم أن آل المهدي لن يكونوا قادرين على محاسبته و طرده طالما هم حريصين على الصوت العطاوي الضروري لإبقاء سلطتهم المستقبلية على مجتمعات غرب البلاد و امتدادتها في وسطه. يسخّر برمة اسم الحزب و تاريخه لأغراض حكم “العطاوة” كما فعل الخليفة التعايشي. و بإستحقاقية كبيرة رأت قبائل البقارة أنها التي تسببت في إنتصار المهدي في دارفور تحت قيادة “مجاهدات” “مادبو الأول”. و قد عانت قيادات الحزب تاريخياً من التركة الثقيلة الناتجة عن دفع “إستحقاق مادبو” عبر العقود و هذا يظهر ـ في جزء منها ـ في إستثار آل بابو نمر و آل مادبو و أخيراً برمة بوزارات الدفاع و قيادة أركان الجيش في كل حكومات الحزب.
الخوف من إنشقاق الحزب الذي ذكرته د.مريم ، يوضح ضعف موقف الحزب من أي صراع مناطقي و إثارة إنفجار قبلي لا يخشاه “العطاوي الثري” الذي لا يرى مستقبلاً للبلاد و الحزب دون إنتصار ثورته الخاصة ، دولة العطاوة، و يستعد لجعلها إرثه السياسي و ربط إسمه مع عظماء “البقارة و العطاوة” في مثلثٍ خالد : برمة ، التعايشي و مادبو.
طبعا من سخريات التاريخ أن مادبو نفسه قُتل بسيف المهدية. فقد طعنه القائد حمدان أبو عنجة و هو مقيّد في بارا ، بينما الأوامر كانت بنقله للإمتثال لمحكمة الخليفة الذي أراحه تكفل “أبو عنجة” بحل “القضية الشائكة” و لم ينكر عليه. و هذا ربما ما عناه رجل أنصاريّ على السليقة بإشارته أمام الفريق م عبد الرحمن الصادق ب “أن يلجم الحرمة و يكسر البرمة”. دعونا نراقب و نرى كيف ستسير محاولات كسر البرمة على الأقل.
عمار عباس
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حزب الأمة القومي: الحزب ليس جزءاً من الميثاق السياسي الموقع بـ «نيروبي»
أعلن حزب الأمة القومي أنه ليس جزءاً من الميثاق السياسي الذي وُقع بالعاصمة الكينية نيروبي لإعلان حكومة موازية في السودان بمناطق سيطرة قوات الدعم السريع و أوضح حزب الأمة الأمة القومي في بيان حمل توقيع الناطق الرسمي بإسم الحزب، الواثق البرير،أن العاصمة الكينية شهدت أمس السبت 22 فبراير التوقيع علي ميثاق سياسي بين عدد من المكونات السياسية والحركات المسلحة والدعم السريع، تضمن توقيعاً بإسم حزب الأمة القومي دون الرجوع لمؤسسات الحزب.
ووقعت كيانات سياسية ومسلحة بجانب «قوات الدعم السريع» ليل أمس في العاصمة الكينية نيروبي، ميثاقاً تأسيسياً لتشكيل حكومة موازية في السودان.
ونوه الأمة القومي إلى أنه ورد في الميثاق الموقع في نيروبي نصوص حول قضايا مصيرية تتعارض مع توجهات الحزب مثل العلمانية وتقرير المصير وقال إنها قضايا تتطلب نقاشاً واسعاً و إجماعاً وطنياً وتفويضاً شعبياً يعبر عن إرادة السودانيين.
و أضاف البيان “كما هو معلوم فإن مواقف الحزب تعلن من خلال مؤسساته التي اتخذت قراراً واضحاً من قبل حول الموقف من الحرب والموقف من تشكيل أي حكومة من أي طرف وفي أي مكان” وتابع البيان، “أكد علي ذلك قرار مجلس التنسيق الصادر بتاريخ 31 أغسطس من العام المنصرم والذي إنعقد برئاسة الحبيب الرئيس المكلف، وإزاء هذا التوقيع فإن مؤسسات الحزب ستنعقد للنظر في هذا الأمر وإعلان موقف الحزب للرأي العام”.
والي حين ذلك فإننا نؤكد علي أن حزب الأمة القومي ليس جزءا من هذا الميثاق وأن موقف الحزب المؤسسي الواضح هو ما أعلنه مجلس التنسيق في أجتماعه آنف الذكر وعبر بيانه الرسمي.
يذكر أنه وقع على الميثاق رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر، وقائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، ونائب رئيس الحركة الشعبية ــ شمال جوزيف توكا.
وضم التحالف، الذي كان جزءاً من «تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية»؛ («تقدّم» سابقاً) قبل فك الارتباط بالمجموعة الرافضة للحكومة «حركة العدل والمساواة»، «جناحَ سليمان صندل – تجمع قوى تحرير السودان»، بقيادة الطاهر حجر، بالإضافة إلى «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي»، بزعامة الهادي إدريس، و«قوات الدعم السريع»، وعدد من القوى السياسية والمدنية وزعماء الإدارات المدنية.
كما وقع عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي على الميثاق التأسيسي ممثلًا للشخصيات المستقلة، وعلاء الدين نقد ممثلًا لتنسيقية النقابات والمهنيين، إضافة إلى ممثل مؤتمر البجا المعارض أسامة سعيد، وممثل حزب الأسود الحرة مبروك مبارك سليم، ورئيس حركة تحرير السودان ــ الثورة الثانية أبو القاسم إمام.
الخرطوم ــ التغيير