شهيد الإنسانية نصر الله: شعلةٌ أبديةٌ بيد الأحرار
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
د. شعفل علي عمير
في فضاء الإنسانية، أشرق هذا القائدُ كالكوكب اللامع، عاش ملتزمًا بمبادئه، يعتزُّ بالإيمان والأمل، يتصدى للظالمين؛ دفاعًا عن المظلومين والمضطهدين في كافة أنحاء الأرض.
غياب السيد المجاهد حسن نصر الله يمثّل خسارة لأمة بأسرها؛ فقد جسَّدت جنازتُه تعبيرًا صادقًا عن وداع رجل كانت روحه تحلّق في سماء المجد والشرف.
باسم الإنسانية التي عاش لأجلها، وقف في وجه استعباد الإنسان من قبل عصابات الظلم والاستبداد الصهيونية.
رحل نصر الله بجسده، لكن روحه سوف تبقى تلك الطاقةَ التي تزود المجاهدين بالشجاعة والعزيمة وستبقى حاضرة في قلوب شعبه ومحبيه، فقد عرفت الأُمَّــة كيف تحترم رجالَها العظماء، عرفوا كيف يمضون بلا عودة، على نهج من تركوا خلفهم إرثًا من القيَم والمقاومة. فلم يكن موكبُ التشييع نهاية لقائد بهذا الحجم، بل كان بدايةً لحقبة جديدة من الإصرار على مواصلة الكفاح والنضال.
رحيل سيد المقاومة ورفيق دربه صفي الدين ترك فراغًا كَبيرًا في قلوب الملايين من الذين آمنوا بهما رمزًا للكرامة والعزة. وبالرغم من أن الأعداء قد يستغلون هذا الفراغ ليستأنفوا مشاريعهم التخريبية والتوسعية إلا إن ما تركه القادة من دروس ستبقى المرشد لدربه الجهادي؛ لأَنَّ أثرهم سيظل محفورًا في ذاكرة الأُمَّــة ووجدانها.
كان السيد حسن مثالًا للقادة الذين يُفضِّلون الموتَ واقفين على الحياة راكعين. أما أمريكا و”إسرائيل” فهم لم يدركوا أن دماء الشهداء ستكون الطوفان الثاني الذي سيجرف عروشهم ويبدد مشاريعهم؛ لأَنَّ رحيل شهيد الإنسانية يعد إعلان مرحلة جديدة من الصمود والجهاد المُستمرّ حتى التحرير الكامل.
في النهاية، الرحيل المؤلم لشهيد الأُمَّــة ورفيقه يحتم على الأُمَّــة كلها أن تحملَ شعلة الوفاء للقيم التي ناضلا مِن أجلِها. فالمقاومة لن تتوقف، بل ستستمر كعهدٍ أزلي لكل مَن يقاومون الظلم بفداء وشجاعة، لنجدد العهد ونستمر على الطريق حتى النصر المحتوم.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
المقاومة نبض.. والأمة قلب (سيرة شهيد حول الدم إلى إيقاع للخلود)
أنس عبدالرزاق
المقاومة ليست حربًا تخاض بالسلاح فحسب، بل هي حكاية دم يتحول إلى حروف تنقش على جبين الزمن. والشهيد حسن نصر الله، لم يكن مُجَـرّد قائد يسير في ركب التاريخ، بل كان “الكلمة الأخيرة” في معجم الكرامة، التي حولت مسار الأُمَّــة من اليأس إلى الأمل، ومن الهزيمة إلى صناعة الأساطير.
يقول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. هكذا كان الشهيد نصر الله حياة لا تقاس بالأنفاس، بل بصدى كلماته التي ما زالت تهز أعماق الوجدان.
عندما سقطت خرائط الاستعمار فوق جثث الضعفاء، حمل الشهيد نصر الله دمه بُوصلة، ورسم حدودًا جديدة للوطن. لم تكن شهادته لحظة رحيل، بل كانت ميلادًا لـ”جغرافيا الروح”، حَيثُ تقاس الأرض بإرادَة الرجال، لا بمساحة التراب.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.
هكذا علمنا أن الدم يعيد رسم الخرائط، وأن الشهادة هي الحدود الوحيدة التي لا تخرق.
لم يكن الشهيد قائد حرب تقليدية، بل كان “شاعر المعركة” الذي حوّل ساحات القتال إلى قصائد ملحمية. بإيمانه العميق بأن “الكلمة أقوى من الرصاصة”، نسج خطابًا جمع بين حكمة الحكماء وشراسة الأسود.
قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ، وَاصْبِرُوا، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
فكانت قيادته نموذجا للوحدة التي حوّلت شظايا الأُمَّــة إلى سيل جارف لا يقف أمامه عدو.
في صيف 2006، لم تكن حرب تموز مُجَـرّد مواجهة عسكرية، بل كانت “معجزة” كتبها الشهيد بدم المقاومين. يومها، وقف العالم مذهولًا: كيف لـ”جيش من الظل” أن يهزِمَ آلة الحرب الأقوى؟!
قال تعالى: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
كان الجواب في دماء الشهداء التي حولت كُـلّ شهيد إلى جيش لا يُقهر، وكل دمعة أم إلى سلاح لا يندثر.
تحت قيادة الشهيد، صارت دماء الشهداء مناهج تدرس في كُـلّ بيت. الطفل يسمع قصصهم قبل النوم، والشاب يحلم بأن يكتب اسمه في سجل الشهداء.
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا، لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾.
هكذا صار الشهيد نصر الله “معلما” يخرج أجيالا تعرف أن الموت في سبيل الله هو الحياة الحقيقية.
المقاومة ليست تكتيكًا عسكريًّا، بل هي “لُغة مقدسة” تترجم إرادَة السماء على الأرض. والشهيد نصر الله، كان عالمًا بأسرار هذه اللغة، فحول كُـلّ اشتباك إلى آية من آيات التحدي.
قال تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
فكانت انتصارات المقاومة ترجمة حية لوعد الله الذي لا يخلف.
لم يعد دم الشهيد يذكر في السراديب الخلفية للتاريخ، بل صار أيقونة تعلق على جدران الوعي الجمعي. الشعراء ينسجون من دمه قصائد، والفنانون يرسمون وجهه على جداريات الحرية.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ (إبراهيم: 42).
هكذا صار الشهيد نصر الله رمزًا يذكر الظالم بأن دم الشهداء سيكون حكم التاريخ.
اليوم، وبعد أن ارتقى شهيدا، ندرك أن نصر الله لم يكن مُجَـرّد اسم ينادى، بل كان دمعة على خد الوطن تحوَّلت إلى نهر يروي أشجار المقاومة.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَيْاْسُوْا مِن رَّوْحِ اللَّهِ، إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾.
فالشهادة هي الروح التي تعيد للأُمَّـة أنفاسها، والمقاومة هي القلب الذي يخفق حتى تشرق شمس الحرية.
“دم الشهيد..
حبر يكتب مجد الأُمَّــة على جدران الزمن،
ونبض المقاومة..
إيقاع يعلم النجوم كيف تغني للحرية”.