ليبيا ـ المبعوث الأممي يطالب بتشكيل "حكومة موحدة" قبل الانتخابات
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
قال المبعوث الأممي إلى ليبيا إن تشكيل "حكومة موحدة، يتفق عليها معظم الأطراف أمر ضروري لقيادة البلاد إلى الانتخابات".
في تحول واضح عن موقف سابق بضرورة إجراء الانتخابات أولا، طالب المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي اليوم الثلاثاء (22 آب/ أغسطس 2023) تشكيل "حكومة موحدة متفق عليها في ليبيا. ولا يعترف مجلس النواب الليبي الذي يتخذ منشرق ليبيا مقرا له بحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا ومقرها طرابلس منذ عام 2021 بعد محاولة باءت بالفشل لإجراء انتخابات عامة.
بغية تعزيز العلاقات مع ليبيا، أعلنت برلين نقل مقر السفارة الألمانية في ليبيا من تونس إلى طرابلس. وتأمل السفارة أن ينتقل معظم موظفيها إلى طرابلس والعمل من هناك ومنح تأشيرة أيضا العام المقبل.
عائدات النفط ومراكز التسوق .. هل تنجح أخيرا في توحيد ليبيا؟شهدت ليبيا في الآونة الأخيرة عائدات نفطية كبيرة وإنشاء بُنى تحتية ضخمة من طرق ومراكز تسوق، فيما يأمل كثير من الليبيين في أن يساعد ذلك على تحسن أوضاعهم، بيد أن هذا الازدهار الاقتصادي يكتنفه عالم مظلم.
ليبيا: ارتفاع حصيلة اشتباكات طرابلس إلى 27 قتيلاارتفع عدد ضحايا الاشتباكات التي اندلعت بين مجموعتين مسلحتين مواليتين للحكومة الليبية في طرابلس الى 27 قتيلا وأكثر من مئة جريح، وفق حصيلة أولية في مواجهات بين اللواء 444 وقوة الردع الخاصة، القوتين الأكثر نفوذا في طرابلس.
وظهرت مخاطر هذا الصراع الأسبوع الماضي عندما وقعت اشتباكات بين فصائل مسلحة في طرابلس، مما أدى لمقتل 55 شخصا في أسوأ موجة قتال هناك منذ سنوات. وركزت الأمم المتحدة في جهودها الدبلوماسية خلال السنوات الماضية على ضرورة إجراء انتخابات عامة رغم الخلافات بدلا من استبدال رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وتشكيل حكومة مؤقتة أخرى للإشراف على الانتخابات.
وقال جلال حرشاوي، المتخصص في الشؤون الليبية بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن "إنه يوم سيء لدبيبة. الأرض تهتز تحت قدميه". ويضغط باتيلي على مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وهو هيئة استشارية تدلى برأيها في القضايا السياسية الرئيسية، لوضع اللمسات الأخيرة على قوانين الانتخابات. وقال باتيلي في تصريحات أمام مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء إنه يتوقع عقد "أصحاب المصلحة الرئيسيين أو ممثليهم" اجتماعا لحل القضايا الرئيسية.
ولم تنعم ليبيا بسلام أو أمن يُذكر منذ انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي، لتنقسم البلاد في 2014 بين فصيلين متحاربين في الشرق والغرب. ورغم توقف الصراع مؤقتا بعد وقف إطلاق النار في عام 2020، فإن الثقة تكاد تكون منعدمة بين قادة الفصائل الرئيسية. ويعتقد عدد كبير من الليبيين أن القادة السياسيين لا يبالون بالتوصل لتسوية دائمة أو إجراء انتخابات قد تؤدي لإعفائهم من مناصبهم التي يشغلونها منذ سنوات.
وقال تيم إيتون الباحث في الشؤون الليبية لدى تشاتام هاوس "يبدو أن هناك فرصة للتفاوض على حكومة مؤقتة جديدة لأن هناك دافعا للأطراف المتنافسة على المشاركة. ولكن بمجرد تشكيلها ستختفي جميع الإجراءات المشجعة على إجراء لانتخابات. وباتيلي لا يملك وسيلة لعقابهم".
وقال باتيلي إنه يعمل مع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي ومقره طرابلس للتحضير لعقد اجتماع تحضره الأطراف الرئيسية الفاعلة. وإلى جانب منفي، ذكر باتيلي أسماء الدبيبة ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وخليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا.
مسؤولون في الجيش الروسي يزورون ليبيا
في سياق منفصل، وصل مسؤولون عسكريون روس من بينهم نائب وزير الدفاع إلى ليبيا الثلاثاء بعد تلقي دعوة من الرجل القوي الموالي لموسكو المشير خليفة حفتر. وحفتر الذي يدعم الحكومة في شرق ليبيا، مقرّب من مجموعة فاغنر الروسية الخاصة التي تحرس قواتها البنى التحتية العسكرية والنفطية في البلاد. وتتنافس حكومتان على السلطة منذ عام في ليبيا: حكومة في الغرب برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وحكومة في الشرق يدعمها حفتر.
وذكر تقرير للأمم المتحدة في العام 2020 أن ما يصل إلى 1200 من مقاتلي فاغنر كانوا يدعمون حفتر الذي كان يحاول وقتها السيطرة على طرابلس. واستمر هجومه أكثر من عام لكنه لم ينجح. ويقول خبراء إن مئات من مقاتلي فاغنر ما زالوا موجودين في البلاد.
ويأتي هذا الاجتماع مع تجدد التركيز على نشاطات روسيا في إفريقيا، بعد إعلان رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين في مقطع فيديو نُشر الاثنين، أن مجموعته تعمل على "صون حرية إفريقيا". وقالت وزارة الدفاع الروسية "هذه الزيارة الرسمية الأولى لوفد عسكري روسي إلى ليبيا".
وأشارت إلى أن الزيارة التي يترأسها نائب وزير الدفاع يونس بك يفكيروف، نظّمت بعد محادثات مع ليبيا في منتدى الجيش 2023 ومؤتمر موسكو للأمن الدولي في وقت سابق من هذا الشهر. وأضافت "خلال الزيارة، من المقرر مناقشة آفاق التعاون في مكافحة الإرهاب الدولي وغيرها من قضايا العمل المشترك".
وبحسب بيان للناطق باسم حفتر أحمد المسماري، فإن الوفد الروسي التقى ضباطا كبارا في قوات حفتر. وذكر البيان أن الجانبين بحثا في "التعاون والتنسيق" بينهما في ما يتعلق بـ"التدريب... وصيانة الأسلحة والمعدات الروسية" التي تمثل "العمود الفقري" لقوات حفتر. وتحافظ فاغنر على وجود عسكري قوي في إفريقيا حيث أبرمت شراكة مع دول عدة بينها مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.
ع.ش/ ص.ش (رويترز، أ ف ب)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الانتخابات الليبية خليفة حفتر دويتشه فيله الانتخابات الليبية خليفة حفتر دويتشه فيله إلى لیبیا فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
ماذا سيفعل حفتر بعد غياب بشار والكبتاغون؟
ما زالت أصداء الزلزال الجيوسياسي الذي هزَّ المشرق العربي صبيحة الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، على إثر الانهيار السريع والمفاجئ لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، تتردد في أنحاء مختلفة من المنطقة، ويعاد معها معايرة العديد من موازين القوى وصياغة السياسات التي تحكم عددا من ملفاتها الرئيسية.
وفي ليبيا، التي تبعد عن سوريا أكثر من 2000 كيلومتر وتشترك معها في حوض شرق البحر المتوسط، يبدو أن ثمة آثارا متعددة الجوانب لسقوط الأسد سوف تتشكَّل في المدى القريب.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إسرائيل القلقة من الشرع ورفاقه ماذا تفعل في الجولان؟list 2 of 2كيف تأثر النفوذ الروسي في أفريقيا بعد سقوط الأسد؟end of listيعود ذلك إلى أسباب تتعلق بالصلة الوثيقة التي تكوَّنت بين نظام عائلة الأسد والسلطة التي تديرها عائلة المشير خليفة حفتر في شرق ليبيا، فضلا عن أن القوى الإقليمية الرئيسية التي تتقاسم النفوذ في سوريا هي ذاتها التي تتقاسم النفوذ أيضا في ليبيا. فكيف تبدو ملامح هذه الآثار المحتملة؟ وكيف يمكن أن يؤثر سقوط الأسد على معادلة التوازن الهشة التي تحكم القوى الليبية المتنازعة؟
علاقات قديمة في مراحل مختلفة
لطالما تميزت العلاقة بين طرابلس ودمشق بالتقارب والاشتباك الجيوسياسي في محطات كثيرة منذ ولادة الدولتين بحدودهما الحديثة، بلغ هذا التقارب حد محاولات الاندماج في عام 1971 في إطار مشروع "اتحاد الجمهوريات العربية" بين مصر وليبيا وسوريا، الذي أُجريت بشأنه استفتاءات متزامنة في البلدان الثلاثة، رغم أنه لم يُطبَّق فعليا بعد ذلك.
ومع اندلاع الثورة السورية في 2011 تغير اتجاه هذه العلاقات جذريا. ففي ديسمبر/كانون الأول 2011، استقبل رئيس المجلس الانتقالي الليبي، مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، في طرابلس، وأعلن عبد الجليل دعمه الكامل للمجلس الوطني السوري بهدف إنجاح الثورة السورية، ولم تُخفِ السلطات الليبية حينها دعمها العسكري والمالي للمعارضة السورية المسلحة.
وخلال العامين 2012 و2013، وفقا لوكالة "رويترز"، نُقلت كميات كبيرة من السلاح الليبي إلى مواقع المعارضة السورية عبر عدة بلدان، كما كانت ليبيا نقطة انتقال للمقاتلين الليبيين وغيرهم للقتال في صفوف المعارضة المسلحة في سوريا.
إعلانكان ذلك دافعا كافيا للقطيعة بين نظام الأسد والحكومات الانتقالية في ليبيا، ولكن منذ عام 2014 وجد الأسد ضالّته في المشير خليفة حفتر الذي قاد انقلابا عسكريا في الرابع عشر من فبراير/شباط من ذلك العام ضد المؤسسات الليبية المنتخبة.
وبحسب تقرير لـ"مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط"، استطاع نظام الأسد إسناد سلطة حفتر وعائلته في شرق ليبيا، بطرق مباشرة وغير مباشرة، وذلك من خلال أيديولوجيا مشتركة عمادها السلطوية وحكم القلّة، وشبكات الأعمال المجهولة التي أسهمت في تعظيم ثروات النظامَين، فضلا عن المساعدات العسكرية التي تلقّاها كلاهما من روسيا.
شهدت علاقة الأسد وحفتر تطورا كبيرا منذ عام 2018، حين أسست روسيا ما سُمي بالفيلق الخامس في الجيش السوري، الذي حاول الجنرال خليفة حفتر تجنيد مقاتلين منه بدعم من روسيا، للقتال في صفوفه ضد الحكومة الليبية، بحسب مركز كارنيجي لأبحاث السلام.
إضافةً إلى العلاقات السياسية وتدفّقات الأسلحة، ارتبط الشرق الليبي بسوريا عبر شبكات متينة ومتداخلة من التجارة غير المشروعة، خاصة تجارة مخدر الكبتاغون التي كانت تديرها عائلة الأسد، التي جلبت أرباحا هائلة لكلا الطرفين، حيث أتاح طريق شرق ليبيا فرصا للتوسّع في أسواق جديدة، فمثلا في ديسمبر/كانون الأول 2018، اعترضت القوات اليونانية سفينة تحمل بضائع كانت في طريقها إلى بنغازي، ليتبيّن أن على متنها شحنة بأكثر من 3 ملايين قرص كبتاغون.
وكان وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا، قد اتهم في عام 2020 نظام الرئيس السوري بشار الأسد بتهريب المخدرات عبر سوريا إلى دول عديدة، بينها ليبيا، عبر موانئ المنطقة الشرقية الخاضعة لسيطرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وقال باشاغا في سلسلة تغريدات عبر حسابه في تويتر، إن إدارات الاستخبارات المالية ووكالات مكافحة المخدرات تدرك أن نظام الأسد يُموّل أنشطته عن طريق تهريب المخدرات عبر الأراضي السورية إلى العديد من البلدان، بما في ذلك ليبيا، عن طريق موانئ المنطقة الشرقية.
وبخلاف التجارات غير المشروعة، أقام مجلس أصحاب الأعمال الليبيين في بنغازي، في مايو/أيار 2018، معرضا في مجال صناعة الألبسة والصناعات الغذائية تحت شعار "صُنع في سورية"، شارك فيه أكثر من 300 شركة سورية ووفود رسمية من دمشق. حينها قال القائمون على المعرض إن الهيئة العامة للطيران المدني في سوريا قد منحت إذنا لشركات الطيران الليبية لاستئناف الرحلات الجوية مباشرة من دمشق إلى بنغازي.
إعلانإثر ذلك، وتحديدا في يوليو/تموز 2019، اتهمت حكومة الوفاق الوطني الليبية بقيادة فائز السراج هيئة الاستثمار العسكري التابعة لحفتر بإقامة علاقات تجارية مشبوهة، مع منح السوريين تأشيرات مزورة للدخول إلى ليبيا بالتنسيق مع النظام السوري.
وأكدت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق حصول النظام السوري على وقود الطيران من حفتر، مقابل حصول الأخير على الأموال والأسلحة، في انتهاك للحظر الدولي على الوقود المفروض على النظام السوري منذ أواخر عام 2013.
وفي مارس/آذار عام 2020، قالت حكومة الوفاق الليبية إن شركة أجنحة الشام السورية -المملوكة لعصام شموط المقرب من نظام الأسد- نقلت عددا من المقاتلين السوريين الخبراء الذين تربطهم صلات بشركة فاغنر الروسية وحزب الله والحرس الثوري الإيراني إلى شرق ليبيا.
وأشارت تقارير لاحقة إلى وجود ما يقارب 2000 جندي سوري في ليبيا، بعضهم يتمركزون في قاعدة الجفرة العسكرية (التي تقع على بُعد 100 كيلومتر جنوب سرت)، بينما البعض الآخر في معسكرات صغيرة حول مناطق إنتاج النفط وميناء رأس لانوف.
بيد أن عام 2020 كان لحظة تحول فارقة، حيث بدأ التقارب بين حفتر ونظام الأسد في ذلك الوقت أكثر وضوحا في العلن، مع انطلاق لقاءات رسمية جمعت حفتر بمسؤولين سوريين. وقد تزامن ذلك مع تأكيد وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، دعم دمشق لخليفة حفتر في معركته ضد حكومة الوفاق الوطني.
تبع هذه التصريحات خطوة مهمة، إذ افتتحت الحكومة السورية في العام ذاته سفارة تُمثِّل حكومة حفتر في دمشق، وأعلن عبد الهادي الحويج، وزير الخارجية في حكومة عبد الله الثني في شرق ليبيا، إمضاء مذكرة تفاهم وأكثر من 40 اتفاقية تعاون ثنائية مع حكومة الأسد، ما عزز العلاقة بين الطرفين وأدى إلى تقارب أكبر على المستوى الأمني والعسكري إلى آخر أيام نظام الأسد.
إعلان هل تصبح ليبيا وجهة روسيا بعد الخروج من سوريا؟منذ أن حسمت روسيا المعركة مع المعارضة السورية المسلحة في حلب عام 2016، عززت وجودها العسكري في ليبيا، وتبعتها شركات عسكرية خاصة من مجموعة "فاغنر" عام 2018، وعلاوة على ذلك، ووفق إستراتيجية حثيثة، مدّت روسيا أذرعها العسكرية والزمنية على نطاق واسع داخل أفريقيا.
ووفقا لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، كانت قدرة روسيا على توريد المواد الحربية والأفراد إلى أفريقيا تعتمد بالأساس على امتلاك موطئ قدم دائم في سوريا، حيث ساعدت قواعدها هناك في عمليات إعادة الإمداد وصيانة المعدات وتسهيل تناوب الأفراد. كما أن استخدام موسكو لسوريا بوصفها نقطة انطلاق جوية كان أمرا بالغ الأهمية، فقد سمحت الرحلات الجوية المنتظمة من منطقة اللاذقية السورية إلى القواعد التابعة لخليفة حفتر في الخادم والجفرة بنقل سلس للطائرات إلى المطارات الليبية.
كما كانت قاعدة حميميم الجوية في سوريا محورية لعمليات "فيلق أفريقيا" التابع لوزارة الدفاع الروسية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وجمهورية أفريقيا الوسطى. لكنّ تحقيقا أجرته شبكة "سي إن إن" مؤخرا أظهر تغييرا جرى على هذه الإستراتيجية منذ سقوط الأسد، حيث تقلع الرحلات الجوية الروسية الآن من ليبيا بدلا من سوريا للسفر إلى العاصمة المالية باماكو.
كما قالت "إنتلجنس أونلاين" إن روسيا تُجري توسعات في قاعدة عسكرية في منطقة "معطن السارة" شرقي ليبيا، لتكون بجانب قواعدها في الخادم والجفرة مركزا للعمليات في أفريقيا.
كما ذكرت تقارير أيضا أن البحرية الروسية تبحث عن ميناء في المناطق الواقعة تحت سيطرة حفتر. وفي السياق نفسه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن "60 ضابطا سوريا، من أصحاب الرتب العالية ومن أفرع أمنية مختلفة، اتجهوا إلى شمال أفريقيا عبر رحلتَيْ طيران، مباشرة عقب هروب الأسد بترتيب من روسيا".
إعلانومع أن احتمالية وصول روسيا إلى اتفاق مع الحكومة السورية الجديدة يتيح لها الاحتفاظ بأجزاء من قواتها الجوية والبحرية في اللاذقية وطرطوس بات أكثر ترجيحا من ذي قبل، فإن سنوات العداء الطويلة بين روسيا وسلطة دمشق الجديدة سوف تُلقي بظلال الريبة على مصير قوات روسيا هناك، وهو ما سيدفع الرئيس بوتين للتحوط في رهاناته والبحث عن بدائل من المرجح أن تكون ليبيا أولها وأهمها.
في خضم ما تمر به المنطقة من تداعيات سقوط الأسد، تتباين السيناريوهات المحتملة لانعكاسات هذه التحولات على شكل الصراع المستمر في ليبيا، وتحديدا على العلاقات بين الفرقاء الليبيين، الذين لطالما تداخلت مصالحهم مع التوازنات الإقليمية والدولية.
في أحد هذه السيناريوهات قد يتعزز موقف المشير المتقاعد خليفة حفتر في الشرق الليبي بشكل كبير، بعد استقبال المزيد من القوات الروسية، فضلا عن قيادات وخبرات عسكرية سورية استطاعت الهرب خارج البلاد، إلى جانب الدعم السياسي والحماية الدولية التي يمكن أن يتلقاها من روسيا.
وقد يفتح هذا شهية خليفة حفتر، من موقع قوته الجديد، لإطلاق حملة عسكرية ضد حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، لا سيما في العاصمة طرابلس، التي لطالما كانت نقطة التوتر الكبرى بين الشرق والغرب الليبيين.
ولكن من جانب آخر، قد تتزايد الضغوط الدولية على حفتر لتخفيف تحالفاته مع روسيا وفلول نظام الأسد، وهو ما قد يسهم في تقويض قدراته العسكرية والسياسية، وقطع الطريق على التوسع الروسي في ليبيا ومن ثم في أفريقيا.
ويبدو أن هذا هو ما تفكر فيه حكومة الدبيبة، التي سارعت منذ الساعات الأولى لإعلان سيطرة إدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة السورية على دمشق إلى استغلال الحدث بغية تقوية علاقاتها مع الحكومة السورية الجديدة.
إعلانوفي الخامس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الماضي، صدر عن وزارة الخارجية في ليبيا بيان قالت فيه إن وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية الليبي، وليد اللافي، قد اتصل بوزير الخارجية بالإدارة السورية الجديدة، أسعد الشيباني، مشددا على أهمية التنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والتحولات الراهنة.
إثر ذلك، أدى وفد من حكومة الوحدة الوطنية زيارة إلى دمشق اجتمع خلالها مع أحمد الشرع قائد المرحلة الانتقالية في سوريا، وذلك لبحث تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين لا سيما في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وفي الوقت ذاته، أعلن وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية الليبي وليد اللافي أن الجانب الليبي سيقوم برفع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، بحيث ستعين طرابلس قريبا سفيرا دائما ومقيما في دمشق، وأوضح اللافي أن السفارة موجودة، مشيرا إلى أن القائم بالأعمال حضر الاجتماع.
والخلاصة أن ليبيا التي تشهد منذ عدة سنوات حالة من الركود في ظل معادلة انقسام داخلية معقدة، تبدو الآن أمام مفترق طرق، ومن المرجح أن تكون مجالا لتصفية حسابات ما بعد رحيل الأسد، وستكون الوجهة المفضلة لموسكو لتعويض خسارتها هناك، لكن تداعيات ذلك على معادلاتها السياسية الداخلية لا يزال قيد التشكل. وإن كان ليس من المتاح الجزم بمآلاتها النهائية، فإن من المؤكد أن رياح التغيير الذي حدث في سوريا لن تمر على ليبيا كأن شيئا لم يكن.