لجريدة عمان:
2025-02-25@23:18:13 GMT

ترامب في مواجهة الدولة العميقة

تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT

لعل المتابع لمجريات الأحداث الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ دخول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البيت الأبيض في العشرين من يناير الماضي يصعب عليه فهم الأوامر التنفيذية التي وقعها ترامب خاصة على صعيد المواجهة الواضحة مع الدولة الأمريكية العميقة بكل مؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية خاصة على الصعيد الفيدرالي وتحديدا في العاصمة واشنطن.

أصبح إيلون ماسك -ذراع ترامب القوي في الإدارة الأمريكية- يتابع المنظمات والأجهزة الأمريكية من خلال ما سُمي بالفساد والبيروقراطية في المؤسسات الفيدرالية، حيث يواجه عشرات الآلاف من الموظفين الطرد من عملهم من خلال عدم الرد على رسائل بالبريد الإلكتروني أرسلها وزير الكفاءات الوطنية. كما أن منظمة المساعدات الأمريكية التي تقدم مساعدات خارجية في ظل القوة الناعمة الأمريكية على صعيد الدول الفقيرة وحتى الشخصيات أصبحت في مواجهة مع إدارة ترامب وتم تجميد نشاطها بل تم الحديث عن اكتشاف فساد مالي وإداري.

وعلى ضوء هذه النماذج وغيرها يدور حديث جاد داخل الولايات المتحدة الأمريكية على الصعيد الفيدرالي وفي الولايات حول الأهداف الوطنية من خلال حملات الرئيس الأمريكي ترامب ومواجهته للدولة العميقة بكل مؤسساتها التنفيذية والأمنية خاصة وزارة الدفاع التي تتجاوز موازنتها السنوية ٧٠٠ مليار دولار، ولعل إبعاد رئيس الأركان الأمريكي مؤخرا يعطي مؤشرا على أن الرئيس الأمريكي ترامب يركز على عدد من المؤسسات الفيدرالية ذات الموازنات الكبيرة.

كما أن الأجهزة الأمنية الحساسة ليست بعيدًا عن التقييم والمتابعة، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك ١٧ جهازًا أمنيًّا تتشعب مهامها داخليا وخارجيا، ولها أدوار مركبة تتداخل فيها القضايا الأمنية والسياسية والاستراتيجية وعلى ضوء الضجة الكبيرة التي أشعلها الرئيس الجمهوري ترامب برزت تساؤلات حقيقية بين المراقبين والمفكرين والساسة وكبار كتاب الصحف الأمريكية حول مدى هذه المواجهة ونتيجة تلك المواجهة بين البيت الأبيض والدولة العميقة، حيث إن هذه الأخيرة لها تقاليد بيروقراطية ومصالح متشابكة في الداخل والخارج، كما أن هناك سرية البيانات ذات الحساسية العالية التي لا ينبغي الكشف عنها أو حتى الاقتراب منها في ظل عزم الرئيس ترامب على حجب السرية عن عدد من الملفات خاصة حادثة اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي في منتصف عقد الستينيات في مدينة دالاس في ولاية تكساس، حيث إن ملف تلك القضية التي هزت الولايات المتحدة الأمريكية والعالم لا يزال يلفها الغموض.

وهناك ملفات أخرى يعتزم الرئيس الأمريكي ترامب الكشف عنها ومنها الغزو العسكري الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣ وتداعيات ذلك الغزو وما نتج عنه من نتائج سياسية وعسكرية، كما أن ملف أحداث الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ سوف يتم الكشف عن أسرارها وهي من الأحداث الكارثية التي تعرّضت لها مدينة نيويورك وواشنطن خاصة مبنى وزارة الدفاع. وعلى ضوء سياسات الرئيس الأمريكي ترامب فإن المواجهة مع الدولة الأمريكية العميقة سوف تكون كبيرة خاصة إذا أقدم ترامب على فتح تلك الملفات المعقدة وذات الحساسية ليس فقط على صعيد الداخل الأمريكي ولكن على صعيد شخصيات وقيادات سياسية واقتصادية وعسكرية خارجية.

إن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش أوضاعا تكشف عن عمق التناقضات بين السياسة الخارجية وبين أوضاع الداخل، ولعل مسألة نجاح ترامب على صعيد قضايا الداخل قد تبدو ممكنة في ظل أغلبية جمهورية في الكونجرس بغرفتيه مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وهنا أمام الرئيس الأمريكي ترامب فرصة كبيرة من خلال سيطرته على السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، تبقى السلطة القضائية التي من خلال استقلالها وفق الدستور الأمريكي يمكنها أن تحد من اندفاع الرئيس الأمريكي ترامب، ومع ذلك فإن الدخول إلى مفاصل القضاء وتنحية عدد من القضاة خاصة الذين لهم خصومة مع ترامب خلال مشهد القضايا والاتهامات التي وجهت للرئيس الأمريكي ترامب في عدد من القضايا والتي لا يزال بعضها غير محسوم.

إذن المشهد الأمريكي الداخلي أصبح أكثر سخونة من المشهد السياسي الخارجي وهي ظاهرة لم تحدث كثيرا في التاريخ الأمريكي الحديث على اعتبار أن الرؤساء الأمريكيين يركزون على المصالح الاستراتيجية للدولة الأمريكية خارج الحدود ومن خلال المواجهات مع الدول ذات المصالح المتناقضة مع أمريكا، كما أن السياسة الخارجية الأمريكية لها امتدادات عديدة في قضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعلى صعيد التحالفات مع الناتو والتحديات مع إيران والصين وحماية الكيان الإسرائيلي.

المواجهة بين الرئيس الأمريكي ترامب والدولة العميقة داخل الولايات المتحدة الأمريكية تستحق المتابعة حيث إن البيروقراطية الأمريكية في المؤسسات الاتحادية ليست سهلة خاصة المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية، علاوة على التناقضات المتواصلة مع عدد من حكام الولايات، كما أن عشرات القضايا تم رفعها من قبل المحاكم ضد عشرات من القرارات التنفيذية التي وقعها الرئيس الأمريكي ترامب خلال الشهرين الأخيرين يناير الماضي وفبراير الحالي، وهذا يعني أن معارك في ساحات القضاء سوف تنطلق علاوة على المقاومة الشرسة التي سوف تندلع بين المؤسسات البيروقراطية والرئيس ترامب في القادم من الأيام.

ولعل السؤال الأهم: هل يمضي الرئيس الأمريكي ترامب في سياسة الإصلاح ضد الدولة الأمريكية العميقة أم يكتشف لاحقا بأن مثل تلك المواجهة سوف تسبب له متاعب كبيرة تجعله يتراجع بشكل تدريجي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الرئیس الأمریکی ترامب ترامب فی على صعید من خلال کما أن عدد من

إقرأ أيضاً:

ماكرون يعتزم التوجه إلى الولايات المتحدة بمهمة شائكة.. ما هي؟

سلطت مجلة "لوبوان" الفرنسية الضوء على اعتزام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أنه يتوجه إلى واشنطن للقيام بمهمة شائكة وخطيرة.

وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21"، فإنه يبدو أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه بشأن أوكرانيا هي التي عجّلت بهذه الزيارة التي يعلق عليها الاتحاد الأوروبي آمالا كبيرة.

لم تكتفِ الإدارة الأمريكية الجديدة بإجراء اتصالات مباشرة مع روسيا دون استشارة أو حتى إبلاغ كييف، بل ذهبت إلى حد شن هجوم خطابي ضد زيلينسكي الذي احتج على عدم الرجوع إليه في مفاوضات قد تقرر مصير بلاده.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث كرر ترامب الدعاية الروسية ضد الرئيس الأوكراني، واصفا إياه بأنه دكتاتور غير محبوب في بلاده، ومسؤول عن الحرب، ولم يفعل شيئًا لإنهائها.

علاوة على ذلك، وجد زيلينسكي نفسه مضطرًا للتوقيع على وثيقة بشروط مجحفة تقتضي تسليم نصف الموارد المعدنية لأوكرانيا إلى الولايات المتحدة كتعويض عن المساعدات التي تلقتها، والتي قدرت بثلاثة أضعاف قيمتها الحقيقية.

في مجموعة السبع كما هو الحال في الأمم المتحدة، رفضت واشنطن تصنيف روسيا كمعتدية في الحرب التي تخوضها ضد أوكرانيا، وفقا للتقرير.

اتصال دائم مع ترامب
بعد القمة التي عقدت بشكل عاجل في الإليزيه، لم يبق أمام الرئيس الفرنسي خيار غير التوجه إلى واشنطن لتجنب تحقق سيناريو تسليم أوكرانيا تحت ذريعة السلام إلى بوتين.

وبحسب المجلة الفرنسية، فإن ماكرون يدرك طبيعة ترامب، ذلك أنه جمعت بينهما العديد من اللقاءات المباشرة فضلا عن المحادثات الهاتفية. طوال السنوات الأربعة الماضية كان ماكرون من رؤساء الدول والحكومات القلائل الذين حافظوا على اتصال دائم مع دونالد ترامب، الذي يوصف بأنه شخص حساس ومتقلب، ويغضب بسهولة ثم يعلن عن استيائه علناً.


مع ذلك، مرت علاقتهما ببعض الأزمات، التي استطاع ماكرون التغلب عليها بفضل استراتيجيته، التي تقوم على تجنب الدخول في أي خلاف علني مع ترامب، بغض النظر عن التصريحات التي يدلي بها.

وفي الواقع، لا يراعي ترامب، الذي يفضل أن يكون صاحب القرار الأخير ويحقق أهدافه، المجاملة أو الحقيقة. وعليه، فإن مستقبل زيلينسكي أصبح مهددا، لأنه لم يلتزم بهذه القاعدة ولم يحذو حذو نظيره الفرنسي، الذي لم يرد على التصريحات الأخيرة للأمريكي، وفقا للتقرير.

"الأكاذيب"
أوردت المجلة أن أجواء المحادثات سيغلب عليها التوتر، حيث تقوم سياسة ترامب على عدم المشاركة بشكل فعلي في المحادثة والاكتفاء فقط بطرح فكرة أو فكرتين بسيطتين دون كلل. إضافة إلى ذلك، لا يعترف ترامب بفكرة التسوية وغالبا ما يتجاهل مصالح الدول الأخرى، حتى لو كانت حليفة له.

في هذا السياق، لا يعتمد نجاح ماكرون على محاولة تغيير رأي ترامب بشكل مباشر فقط، بل بإقناعه بأن مشاركة الأوروبيين ستساهم في نجاح اتفاقية السلام. ومع ذلك، تكمن الصعوبة في عجلة الأمريكيين في التوصل إلى اتفاق ورفض الروس أي وجود أوروبي.

وحسب المجلة، فإن الأسئلة التي قد يطرحها ماكرون تدور حول إمكانية إنشاء قوات تدخل أوروبية في بولندا ورومانيا كبديل عن تواجدها في أوكرانيا وماهية الشروط العسكرية والسياسية والقانونية التي ستجعلها قوة ذات مصداقية، فضلا عن كيفية مشاركة الولايات المتحدة فيها بشكل غير مباشر.

بعض طباع ترامب مثل الملل وميله إلى إنهاء المحادثات بسرعة عبر إعطاء موافقة قد ينساها في اليوم التالي صفات تشكل عقبة أمام ماكرون. وهكذا، قد يتحول النجاح الظاهري إلى وهم. لن تكون مهمة إيمانويل ماكرون سهلة لكنه الوحيد القادر على تنفيذها وتعلق عليها أوكرانيا وأوروبا  آمالا كبيرة.

مقالات مشابهة

  • التوقيع الجمعة.. أوكرانيا توافق على بنود اتفاق المعادن مع الولايات المتحدة
  • عقيدة ترامب التي ينبغي أن يستوعبها الجميع
  • إيران وترامب.. التوترات تتصاعد وسط جدل حول القوة العسكرية والمفاوضات.. ومطالب بالتمسك بموقف طهران الحازم تجاه الرئيس الأمريكي
  • ترامب: سأزور روسيا وبوتين سيأتي إلى الولايات المتحدة
  • 500 مليار دولار .. تفاصيل صفقة المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا
  • الولايات المتحدة الأمريكية تعلن فرض عقوبات جديدة ضد إيران
  • «آبل» تخطط لاستثمار 500 مليار دولار في الولايات المتحدة
  • ماكرون يعتزم التوجه إلى الولايات المتحدة بمهمة شائكة.. ما هي؟
  • زيلينسكي يطلب عقد اجتماع مع الرئيس الأمريكي قبل قمة بوتين وترامب