قال الدكتور فاروق الباز، عالم الفضاء المصرى ومدير مركز أبحاث الفضاء بجامعة بوسطن، إن العلم والمعرفة لا حدود لهما، والذكاء الاصطناعى يفتح آفاقاً فى استكشاف الفضاء، مشيراً إلى أن العالم العربى يسير فى الاتجاه الصحيح نحو مستقبل أكثر تقدماً. وحول نشأته قال «الباز» فى حوار لـ«الوطن»، إن والده كان كل شىء بالنسبة له، وأن أصعب اللحظات فى حياته كانت عند وفاته، إذ إن الظروف المادية الصعبة حالت دون شرائه تذكرة للسفر من أمريكا إلى مصر للوجود بجانب الأسرة فى تلك الفترة.

. وإلى نص الحوار:

كيف ترى مستوى الاهتمام بالبحث العلمى فى العالم العربى اليوم؟

- هناك تطور ملحوظ فى الوعى بأهمية البحث العلمى، حيث باتت الدول العربية تدرك أن العلم ليس ثابتاً، وفى تطور مستمر ونرى اليوم توجهاً إيجابياً نحو دعم الأبحاث العلمية، ما يشير إلى أن العالم العربى يسير فى الاتجاه الصحيح نحو مستقبل أكثر تقدماً.

كيف كانت تجربتك مع فريق وكالة ناسا ومشاركتك فى مهمات استكشاف القمر؟

- كانت تجربة استثنائية بكل المقاييس، حيث فتحت أمامنا آفاقاً جديدة لفهم الفضاء ولم يكن الأمر مجرد رحلة استكشافية، بل كان خطوة أساسية للإجابة عن العديد من الأسئلة الكونية.

هل كانت هناك لحظات شعرت فيها بأنك أحدثت تأثيراً حقيقياً فى مجال الفضاء أو الجيولوجيا؟

- نعم، وأكثر اللحظات التى شعرت فيها بذلك كانت عندما تحدثت مع رواد الفضاء، وسمعت منهم إشادتهم بمستوى تعليمى، الذى بدأ فى مصر ثم استكملته فى الولايات المتحدة وأوروبا وتعلمت الكثير عن باطن الأرض من خلال دراستى للمناجم فى أمريكا وأوروبا، وهذا منحنى معرفة عميقة ساعدتنى فى تبادل الخبرات مع رواد الفضاء وكنت أشرح لهم تفاصيل عن الأرض، بينما كانوا ينقلون لى معارف عن القمر، وهو ما جعلنى أدرك قيمة العلم والتعليم فى بناء شخصيتى العلمية.

فى تصريحات سابقة وصفت مروجى نظرية الأرض المسطحة بأنهم يعانون من «خلل فكرى».. كيف يمكن للمجتمع العلمى مواجهة هذه الأفكار المغلوطة؟

- المسألة بسيطة، أى شخص يمكنه التفكير بمنطقية.. كيف نرى القمر وهو يصعد ثم يختفى؟ هل هو يتحرك ونحن ثابتون؟ الأمر لا يمكن تفسيره إذا كانت الأرض مسطحة، الكون كله فى حركة مستمرة، فالأرض والكواكب تدور حول الشمس، والقمر يدور حول الأرض، والكل يتحرك فى مسارات محددة ومن المهم أن يعتمد الناس على التفكير العلمى والمنطقى بدلاً من تصديق نظريات غير مدعومة بأدلة علمية.

فى ظل التغيرات المناخية.. شهدت لوس أنجلوس حرائق ضخمة مؤخراً.. ما تحليلك لأسباب هذه الكوارث البيئية وكيفية التكيف معها؟

- حرائق لوس أنجلوس بسبب سوء تصرف واستخدام الإنسان، إذ إن معظم الحرائق ليست بسبب عوامل طبيعية، بل نتيجة سوء استخدام الإنسان للموارد وكثير من هذه الكوارث تنتج عن الإهمال، مثل سوء تصنيع الأسلاك الكهربائية أو التخلص غير المسئول من النفايات القابلة للاشتعال، وبالطبع هناك عوامل طبيعية مثل البرق، لكنها نادرة مقارنة بتأثير الإنسان، الحل يبدأ بالتوعية، والتأكد من أن البنية التحتية والموارد يتم التعامل معها بمسئولية لمنع وقوع مثل هذه الحوادث.

تحدثت عن الإمكانات الهائلة للصحراء الغربية فى مجالات الزراعة والطاقة المتجددة.. ما الخطوات العملية التى يمكن اتخاذها لتحويلها إلى مركز تنموى يخدم الاقتصاد المصرى؟

- تاريخياً، كانت هناك أمطار غزيرة على هذه المنطقة قبل وجود نهر النيل، ما أدى إلى تراكم رواسب غنية بالمعادن والعناصر المغذية للتربة، إلى جانب المياه الجوفية المخزنة من هذه الفترة، لذلك لدينا بيئة مثالية للزراعة، ولكن الأمر يتطلب دراسات دقيقة لتحديد المواقع الأنسب لاستغلال هذه الموارد بأفضل طريقة، سواء فى الزراعة أو فى مشاريع الطاقة المتجددة، لضمان تحقيق أقصى استفادة منها.

فى تصريحات سابقة أشرت إلى احتمال وجود حياة على كواكب أخرى مثل الزهرة.. ما المؤشرات التى تدعم هذا الطرح؟

- لم أقل ذلك بناءً على دراسة علمية مؤكدة، ولكن الكون ملىء بالاحتمالات نحن نعرف أن هناك نجوماً أكبر من شمسنا، وحولها تدور كواكب عديدة، فمن المنطقى أن نفترض أنه قد تكون هناك ظروف مشابهة لكوكب الأرض على أحد هذه الكواكب البعيدة، ما قد يسمح بوجود حياة، العلم ما زال يستكشف هذه الفرضيات، وكلما تطورت تقنياتنا، زادت قدرتنا على البحث عن أدلة تدعم أو تنفى هذا الاحتمال.

بصفتك مديراً لمركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن.. كيف ترى دور هذه التقنية فى دراسة التغيرات المناخية؟

- تقنيات الاستشعار عن بعد تلعب دوراً محورياً فى تحليل التغيرات المناخية، لأنها تتيح لنا مراقبة كميات الأمطار، وتغيرات درجات الحرارة، واتجاهات الرياح على مدار السنوات ومن المهم أن تُنشئ الجامعات مراكز بحثية متخصصة فى دراسة هذه الظواهر، حتى نتمكن من فهم بيئة الأرض والتكيف معها بشكل أفضل.

مع التطورات السريعة فى الذكاء الاصطناعى.. هل ترى أنه يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً فى استكشاف الكواكب؟

- بالطبع، كلما زادت المعرفة البشرية، زادت قدرتنا على التوسع فى استكشاف الكون، الذكاء الاصطناعى يفتح آفاقاً جديدة، حيث يمكن للروبوتات وأنظمة التعلم الآلى تحليل البيانات الفضائية بسرعة وكفاءة أكبر، مما يساعد العلماء على فهم طبيعة الكواكب الأخرى واتخاذ قرارات أكثر دقة فى استكشاف الفضاء.

بعد إشادتك سابقاً باحتفالية «تفوق الجامعات».. كيف ترى تطور التعليم المصرى خلال العقد الأخير؟

- التعليم فى مصر يشهد تطوراً مستمراً، حيث أصبح الاهتمام بالبحث العلمى أكثر وضوحاً، وبدأنا نرى أعداداً متزايدة من الباحثين المتميزين، هذا مؤشر إيجابى، ونتمنى أن يستمر هذا التقدم لتعود مصر إلى مكانتها الريادية فى المجال العلمى.

ذكرت سابقاً أن بناتك اتجهن إلى مجالات الأدب والفن والتاريخ.. كيف ترى تطور مسيرتهن فى هذه المجالات؟ وهل اختيارهن لهذه المسارات وابتعادهن عن البحث العلمى كان الخيار الأفضل؟

- نعم، بناتى اخترن طريقاً مختلفاً عن مسارى العلمى، لكن هذا كان أمراً طبيعياً لأنهن تأثرن بوالدتهن، التى كانت مهتمة جداً بالأدب والفنون ومنذ الصغر كن يمِلن للقراءة، والفن، والموسيقى، ورأيت فيهن الشغف تجاه هذه المجالات، وبالنسبة لى لم يكن يهمنى أن يسلكن نفس طريقى فى البحث العلمى، بل كنت أريد لهن أن يتعلمن ويبرعن فى أى مجال يخترنه، وهذا ما حدث بالفعل.

ابنتى «منيرة» لديها معرفة موسيقية واسعة، وأنا شخصياً أقرأ عن الموسيقى لكن لا أفهمها بنفس العمق الذى تفهمه هى، لذلك أتعلم منها كثيراً، أما ابنتى الأخرى فهى فنانة ورسامة موهوبة، وعلاقتنا بالفن تتقاطع بطريقة جميلة، فأنا أنظر إلى الجبال والصخور من الناحية العلمية، بينما تنظر إليها من الناحية الجمالية والفنية، ونجد بيننا مساحة مشتركة رائعة للنقاش، وأنا أؤمن بأن التنوع فى الاهتمامات داخل الأسرة يخلق بيئة غنية تساعد كل فرد على تطوير فكره، بدلاً من أن يكون الجميع فى نفس الاتجاه.

هل كان هناك توجه معين ساهم فى تطوير اهتمامك بالتعلم وتحديد مسارك الدراسى؟

- أتذكر موقفاً خلال دراستى عندما أحضر مدرس الأحياء ضفدعة إلى الفصل ليشرح لنا أجزاءها عملياً بينما اكتفى زملائى بالمشاهدة، شعرت برغبة قوية فى خوض التجربة بنفسى وطلبت من المدرس أن يسمح لى بإجراء التشريح، فاستغرب جداً وسألنى: «هتعرف؟» فرددت بثقة: «طبعاً، زى ما أمى بتنظف السمك فى البيت وتشيل الرأس، هقدر أجرب!»، وافق المدرس على طلبى، وبدأت فى التشريح، وأشرت إلى القلب والأوعية الدموية والأعضاء الداخلية، ما أثار دهشته الكبيرة، حتى إنه قال: «الولد فاروق ده هيطلع جراح هايل!» وهذا الموقف علّمنى أن العلم لا حدود له، وأن المعرفة لا سقف لها، فكلما زاد فضولك ورغبتك فى التعلم، زادت قدراتك وإمكانياتك فى أى مجال تخوضه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: لوس أنجلوس الفضاء بوسطن الزراعة الطاقة المتجددة وكالة ناسا البحث العلمى فى استکشاف کیف ترى

إقرأ أيضاً:

في الذكرى 36 لعودتها.. علم مصر يرفرف على طابا

يرفرف علم مصر من اعلي ساري علم يصل ارتفاعه لـ 25 متر  بساحة العلم في وسط مدينة طابا ويشاهد العلم من الدول المجاورة  الاردن والسعوديه.

 وقد رفع  الدكتور خالد مبارك  محافظ جنوب سيناء علم مصر من ساحة العلم بمدينة طابا وتم إيقاد  شعلة النصر احتفالاً بذكرى استرداد طابا الـ 36 والذى يمثل العيد القومى للمحافظة وذلك بحضور عدد من المحافظين السابقين والشخصيات العامة وممثلي الجهات المعنية.

وفي بداية الاحتفال افتتح محافظ جنوب سيناء اليوم أعمال تطوير ساحة العلم بمدينة طابا في خطوة تهدف إلى تعزيز الرمزية الوطنية للمدينة التي شهدت حدثًا تاريخيًا متمثلًا في استردادها قبل 36 عامًا. وشهدت ساحة العلم إقامة ساري علم جديد بارتفاع 25 مترًا، وهو ما يعد تغييرًا ملحوظًا مقارنة بالساري السابق الذي كان بارتفاع 8 أمتار فقط.

وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة التطوير الشاملة التي تشهدها مدينة طابا، بهدف تحسين مظهرها وجعلها أكثر جذبًا للزوار والسائحين، وكذلك تعزيز روح الفخر والانتماء الوطني لدى أبناء مصر، خاصة في مثل هذه المناسبات الوطنية الهامة.

وخلال الافتتاح أعرب  المحافظ  عن فخره الكبير بهذا الإنجاز الذي يعكس الاهتمام البالغ بالرموز الوطنية في المحافظة، وأكد أن تطوير ساحة العلم يأتي في إطار تعزيز الهوية الوطنية وتعظيم ذكرى استرداد طابا، بما يسهم في زيادة الوعي الوطني لدى الأجيال الجديدة.

وأضاف المحافظ أن رفع ساري العلم بهذا الارتفاع الكبير يعد رمزًا للتطور والنمو الذي تشهده محافظة جنوب سيناء بشكل عام، مشيرًا إلى أن هذا المشروع يمثل خطوة مهمة نحو تطوير المنطقة بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة. كما أشار إلى أن طابا ستظل دائمًا نقطة مضيئة في تاريخ مصر الحديث، ولا سيما أنها تحمل في طياتها ذكرى استرداد آخر بقعة مصرية من الاحتلال.

وحضر الافتتاح عدد من الشخصيات العامة، وممثلي الأجهزة التنفيذية والأمنية، بالإضافة إلى عدد من المواطنين الذين عبروا عن فرحتهم بهذا الإنجاز الوطني الذي يضاف إلى سجل إنجازات محافظة جنوب سيناء. 

و أكد المحافظ  أن هذه الذكرى تُعد من أهم الأحداث الوطنية في تاريخ مصر، مشيراً إلى أن استرداد طابا يعكس إرادة الشعب المصري وعزمه على استعادة كل شبر من أرضه. وأوضح إن استرداد طابا لم يكن مجرد انتصار سياسي، بل هو تجسيد حقيقي لوحدة الشعب المصري وقيادته الحكيمة، التي استطاعت أن تستعيد هذه البقعة الغالية من وطننا".

شهد مراسم العلم شهدت حضور ممثلي القوات المسلحة ومدير أمن جنوب سيناء ووفد من قوات الدولية لحفظظ السلام ومشايخ وعواقل ورجال أعمال ومستثمرين وعدد من ممثلي المجتمع المدني، وممثلي الأوقاف والكنيسة، ومختلف طوائف المجتمع السيناوي حيث تم استعراض أوجه التنمية التي تشهدها منطقة طابا بجنوب سيناء بشكل عام.

مقالات مشابهة

  • يمر عام 2032.. الكويكب "2024 واي آر 4" لن يصطدم بالأرض
  • بعد أنباء اصطدامه بالأرض.. «ناسا» تقلل درجة مخاطر اقتراب الكويكب 2024 YR4
  • في الذكرى 36 لعودتها.. علم مصر يرفرف على طابا
  • كيف غيَّر دونالد ترامب العالم؟
  • أطعمة نباتية غنية بالبروتين تناولها خلال رمضان.. للشعور بالشبع لفترة طويلة
  • مستشار الأمن القومي الأمريكي: أوكرانيا غنية بالمعادن والتوصل لاتفاق بشأنها قريبًا
  • أحمد موسى من طابا: كان نفسى أزورها بعد رفع علم مصر عليها قبل 36 سنة
  • حملة مشاعل العلم والمعرفة
  • حاصر جنازة الشهيدة الطفلة ريماس العموري “13 عامًا”.. الاحتلال يتوسع بسياسة الأرض المحروقة في الضفة الغربية