دوام الحال من المحال!
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
مدرين المكتومية
مع إشراقة شمس كل صباح، وفي عتمة كل ليل، تتجلى المعاني الكونية لفكرة التغيير، وأن لا حال مستمرًا دون أن يتبدل أو يتغير، وهكذا يجب أن يكون الإنسان، مُدركًا بأن التغيير سنة الله في خلقه، وأنه لا دائم إلا وجه الله، ومن ثم يتعين على كل فرد منا أن يقود التغيير في ذاته، وأن يعمل على تصويب النفس نحو الأفضل والأسمى.
أقول ذلك وقد انتشرت فيما يبدو حالة من استسلام البعض للظروف القهرية، واللجوء إلى منطقة الراحة، والتي كنت قد تحدثت عنها في مقالات سابقة، وهؤلاء يقتنعون أن الحياة لن تتغير، وأن حالهم الذي هم عليه لن يتبدل. أيضًا هناك فئة من الناس غرّتهم الكراسي أو الأموال يظنون أن لا تغيير سيحدث لهم، ويدفعهم ذلك إلى القيام بأي شيء كي لا تتبدل الأحوال، غير مُدركين أن أمر الله نافذ وأن السنن الكونية قائمة في الأساس على الحركة والتغيير والتبدُّل.
وفي كل يوم نمر بتفاصيل متغيرة ومتجددة، ونعيش حياة غير مشابهة لليوم السابق، قد نرتاد نفس الطرق كل صباح، لكننا لا نصادف الطقس نفسه، ولا السيارات بعينها، ولا ما ينتظرنا بمكاتبنا، فما كان بالأمس لن يكون اليوم. كل تلك التفاصيل وإن كانت بسيطة لكنها تحمل في طياتها رسائل عميقة تبدأ بأهمية الإيمان بالتجديد والتغيير كسنةٍ حياتيةٍ، مع الحرص دائمًا على كسر الروتين القاتل، لأن الحياة بكل ما تحمله من تعقيدات قائمة على فكرة التغيير والتجديد وألا يتكرر المشهد نفسه لعقود!
التغيير يبعث البهجة والفرح مثل الفصول الأربعة، حيث يتوالى فصل تلو الآخر، فتبتهج الروح، ما بين شتاء وصيف وربيع وخريف، حتى الطبيعة تتغير، لأنها قائمة على التجديد؛ فمواسم الزراعة تختلف وتتباين حسب حالة الطقس وطبيعة التربة، وقد كنت أسمع جدي -رحمة الله عليه- يقول: "زَرَعُوا فأكَلْنا، ونزرعُ فيأكلون"، وما أروعها من حكمة تُلخِّص حقيقة التعاقب والتجديد، وما نحن سوى أجيال تُسلِّم أجيالًا، كما نُسلم أنفسنا من ساعة إلى ساعة، ومن يوم لآخر، ومن سنة لأخرى، وهكذا دواليك.
كل هذه الأشياء والتغيرات تمثل سُننًا كونية، فكيف يقبل شخص منا البقاء في زاوية ضيقة من الكساد وعدم التجدد، دون أي حراك، دون البحث عن أبواب أخرى لكي يفتحها ويكتشف ما وراءها، وعن مسارات بفرصٍ جديدة تلمع في الأفق وتشق طريقًا آخر نحو المستقبل المختلِف. والحقيقة التي أصبحتُ على يقين بها أننا لم نُخلَق للبقاء والركون وتقبُّل كل شيء كما هو؛ حيث إن الحياة بحاجة دائمًا إلى المثابرة والكفاح كي ننعم بكل ما نتمناه ونطلبه.
ولذلك أؤمن أشد الإيمان بأن دوام الحال من المحال؛ فهي سنة الله في الكون، وجزء لا يتجزأ من حياة الإنسان والمجتمع، والتغيير هو الشرط الأساسي للاستمرار والنمو؛ سواءً كان ذلك على المستوى الفردي أو المجتمعي.
ومن المستحيل أن يواصل الإنسان حياته بنفس الوتيرة وبنفس الأفكار والتجارب؛ فالتغيير ليس فقط أمرًا مطلوبًا، بل هو ضرورة حتمية في كثير من الأحيان. والتغيير يتيح لنا فرصة لاستكشاف أبعاد جديدة في الحياة، وتجديد الرغبة في الإنجاز والتطوير. على سبيل المثال، قد نجد أن أحد الأفراد قرر تغيير مجاله الوظيفي بعد سنوات طويلة من العمل في مجال معين، ليبدأ رحلة جديدة تمثل تحديًا وفرصة لتطوير الذات.
وكما ينطبق التغيير على الفرد، فإنه ينطبق كذلك على المجتمع ككل؛ حيث إن المجتمعات التي تسعى إلى التطور والازدهار هي تلك التي تستطيع تكييف نفسها مع التغيرات المستمرة وتوظيفها لتحقيق الأفضل. إن التطور التكنولوجي والاجتماعي والثقافي هو دليل حي على هذا المبدأ.
ومن هنا يتعين علينا أن نستغل الظروف من أجل تطويعها وتغيير الذات؛ فالظروف غالبًا ما تكون خارج السيطرة، لكن الطريقة التي نتعامل بها معها هي التي تصنع الفارق.
إنني أوجه الدعوة من خلال سطور هذا المقال، للجميع، لكي يحرصوا على التجديد في حياتهم، والعمل على تغيير واقعهم لما هو أفضل، حتى لو شعر المرء أن حياته مستقرة وأموره بخير، ففي هذه اللحظة يكون التغيير مطلوبًا من أجل تفادي أي رتابة أو استكانة، وبهدف مواكبة المتغيرات من حولنا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مدير "البسيج": القيادي في "داعش" عبد الرحمان الصحراوي بعث بالأسلحة إلى خلية "أسود الخلافة" التي فُككت بالمغرب
قال حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، اليوم الإثنين في ندوة صحافية، إن القيادي في تنظيم « داعش » في منطقة الساحل، الليبي المدعو عبد الرحمان الصحراوي، كان يوجه أعضاء خلية « الساحل » التي تم تفكيكها مؤخرا، حيث قام بإمدادها بالأسلحة.
وأوضح المسؤول الأمني، أن الصحراوي أطلق على العملية اسم « أسود الخلافة في المغرب الأقصى »، واستغرق الإعداد للعملية ما يناهز السنة تقريبا، مشيرا إلى أن « إجراءات البحث تمكنت من حجز عدد كبير من المواد تستعمل للتحضير لمشروع إرهابي وشيك وخطير ».
وأفاد بأن « الخبرة التقنية وعملية تحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية المنجزة باستخدام الإحداثيات والمعطيات الجغرافية المحجوزة في إطار البحث، أسفرت عن تحديد المنطقة المشكوك فيها بإقليم الرشيدية وتحديدا بالضفة الشرقية « لواد گیر » بـ »تل مزيل »، جماعة وقيادة « واد النعام » بمنطقة بودنيب على الحدود الشرقية للمملكة.
وتحدث الشرقاوي عن « إدراة الإرهاب عن بعد، واستمرار التهديدات المنبثقة من الساحل من طرف القاعد وداعش ».
وأفاد الشرقاوي بأن « القيادي في تنظيم « داعش » بمنطقة الساحل الأفريقي عبد الرحمان الصحراوي » (ليبي)، أرسل شريط فيديو أرسله إلى منسق الخلية، جاء فيه، « نحيي جنودنا في المغرب الأقصى بتحية الإسلام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيا جنود الخلافة القابضين على الجمر الثابتين الصابرين على العهد نبارك تلك الوجوه النيرة ».
وأضاف الصحراوي في الشريط، « احملوا على الكفار والمرتدين وجباتهم شدة الرجل الواحد، والحمد الله معز الإسلام بنصره ومذل الشرك والمرتدين بالقاطع، ومستدرج الكافرين بمكره، وجاعل العاقبة للمتقين بفضله والصلاة والسلام على من سيل الدماء بالحق، محمد صلى الله عليه وسلم ».
وقال القيادي في داعش أيضا، « يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار، وليجدوا فيكم غلظة، واعلموا أن الله مع المتقين، ونبارك من معاقلنا في قيادة الساحل لجندنا في المغرب الأقصى، ما هم مقبلون عليه من عمل مبارك في ضرب أعداء الله في عقر ديارهم، بما أظهروه من كفر، ولاؤهم للصهاينة ومناصرتهم والتطبيع معهم ».