سند الصيادي
هَوَى حصنٌ كبير ومنيع، كان أبرز أوتاد وميازين المنطقة والصراع في هذا العالم عُمُـومًا والمنطقة على وجه الخصوص، مبالغون أن قلنا إننا لم نخسر الكثير من الهيبة والقوة والتماسك، وَإقرارنا هذا لا يعني الانكسار أَو الهزيمة على الإطلاق، فالحرب سجال وكرٌّ وفر، ونحن أُمَّـة تعودت على أن تخسر في مسار المشروع عظيمَ الشخصيات منذ فجر الرسالة المحمدية، وروزنامة الدهر مليئةٌ بالمصابات الجلل من القادة الرموز الأعلام، وبأرشيفٍ زاخرٍ بهذه النكبات، التي كان لها ما بعدها من وثبات.
الموقف اليوم لم يعد يحتمل البكائيات، نحن نواجه التحدي الأخطر عبر كُـلّ الحقب؛ لذا دعونا نقرأ النقاط التي كسبناها من هذه الخسارة بواقعية مطلقة:-
أولها أن نجعل من هذا المصاب دافعًا للمراجعة والمعالجة؛ لأَنَّنا لو لم نفعل ونعد أنفسَنا جيِّدًا فَــإنَّنا سنخسر الكثير الكثير، ونحن نتأهب لخوض جولات جديدة من الحروب التي بدأناها بالفعل منذ أعلنا الثورة في كُـلّ هذا الكم من النفاق والتواطؤ والانبطاح وثقافة النأي بالنفس التي أصابت الأُمَّــةَ وَقوَّضت قدراتها، وحدَنا معنيون بأن نكمل الطريق، ليكن هذا إلهامًا للأُمَّـة المقاوِمة أن تنتقلَ من موضع المقاومة إلى التناظرية بالخسائر، على قاعدة السن بالسن والعين بالعين، وهذا يتحقّق بالمزيد من العمل المواكب لتحَرّكاتِ الأعداء ومحاكاة مخطّطاتهم وَالتنبؤ بالخطوات القادمة لهم وَالقفز أمامها لإفشالها.
وثانيها، أن مشهد التشييع المهيب والذي أرعب الكيانَ ودفعه إلى التخبط ومحاولة استعراض القوة دلالةٌ على حجم القلق الذي ينتاب هذا الغاصبَ من ارتدادات الفعل الذي أقدم عليه، خُصُوصًا وهو يحصي حجم الحاضنة التي اتسعت والوحدة العربية والإسلامية والإنسانية التي ارتسمت في محراب الوداع، وقد كان يمنِّي نفسه بأن يكون من نتائج هذا الاغتيال انفراطُ حلقات وعُرَى التماسك الداخلي في مكوناتها.
وثالثها، أن دماء السيد الجليل العزيز عزيزةٌ غالية ثمينة، وَجديرة بتحرير المنطقة بأسرها وليس التراجع، لا تفرطوا فيها ولتشعلوا كُـلّ المنطقة؛ مِن أجلِها، لتحتفظوا بكل ألم ووجع ولتزرعوا هذا الألم ولترعوه تمامًا كما تسقوا أيةَ شجرة، ولينموَ هذا الألم في صدوركم وقلوبكم ومنهجياتكم، ولتجعلوه قاعدةً لبناء قوة استراتيجية لا تنطفئ إلا بملحمة لا تشابهها ملحمةٌ في التاريخ، لتعكسوا حجمَ محبتكم وفقدانكم لهذه القامة بالتأكيد العملي إن دمَه لا يوازيه إلا النصرُ على الكيان وإنهاء وجوده، وليعلم أقذرُ مخلوقات الله أنهم ارتكبوا خطأ هو بدايةُ النهاية لهم.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
10 آلاف أسير في خطر.. شهادات تكشف جحيم التعذيب والتجويع في سجون الاحتلال
أظهرت شهادات حديثة من داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي وضع مأساوي عن الواقع الذي يعيشه آلاف الأسرى الفلسطينيين، في ظل تصاعد غير مسبوق للانتهاكات الجسدية والنفسية، وغياب شبه كامل للرقابة الدولية.
وكشفت "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" الفلسطينية، أن إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي تمارس سياسة منظمة تهدف إلى كسر إرادة المعتقلين، من خلال التجويع المتعمد، والحرمان من العلاج، والضرب والتنكيل الممنهج، وهو ما يشكل تهديدًا حقيقيًا لحياة أكثر من 10 آلاف أسير وأسيرة يقبعون خلف القضبان، من بينهم أطفال وقاصرون.
واستند تقرير هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية إلى شهادات محامين زاروا عددًا من المعتقلات، أبرزها سجن عوفر والنقب الصحراوي، كشف عن تفاصيل مروعة توثق حجم الانتهاكات.
وروى الأسير بلال عمرو، من بلدة دورا جنوب الخليل، في سجن عوفر، أنه يعاني من آلام حادة في الظهر والقدم نتيجة وجود قطع بلاتين في جسده، إلى جانب ضعف شديد في البصر، إلا أن إدارة السجن ترفض منذ شهور تقديم أي علاج أو حتى توفير مسكنات، رغم تقدمه بعشرات الطلبات المكتوبة والشفوية، وقال بلال لمحامي الهيئة: "الألم لا يفارقني ليلًا ولا نهارًا، لا أريد سوى حبة مسكن تُعينني على النوم".
أما الأسير علاء العدم من بيت أولا، فحكايته تتعلق بالإهمال الطبي المتعمد أيضًا، إذ يعاني من حساسية جلدية حادة بمنطقة الفخذين، وحكة مزمنة تسببت له بجروح، دون أن يُعرض على طبيب أو يحصل على دواء مناسب. يصف علاء حالته قائلًا: "الجلد يتآكل، والإدارة تتفرج وكأننا لسنا بشرًا".
وفي سجن النقب، واجه الأسير حسن عماد أبو حسن من اليامون غرب جنين موقفًا مأساويًا حين أُجبر على النوم في سرير استخدمه أسير مريض بمرض السكابيوس الجلدي، ما أدى لانتقال العدوى إليه، وبعد تأخر طويل، حصل على مرهم طبي ساعد بتحسين حالته، لكن وحدات القمع اقتحمت غرفته لاحقًا، صادرت العلاج واعتدت عليه بالضرب الوحشي دون أي سبب.
وحملت الهيئة، في بيانها، سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، ودعت إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في أوضاع الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، مشيرة إلى أن ما يجري يتجاوز "الإهمال"، ليصل إلى مستوى "الجريمة المنظمة برعاية حكومية".
وبينما تتصاعد المطالب الحقوقية لمحاسبة الاحتلال إسرائيل على خروقاتها الجسيمة، لا يزال المجتمع الدولي عاجزًا عن وقف نزيف الألم داخل الزنازين.