من قمة الويب 2025.. كيف يمكن للشركات الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
لا تقتصر تقنيات الذكاء الاصطناعي على الاستخدام الشخصي للأفراد، ورغم الإنجازات المبهرة التي استطاعت هذه التقنيات تقديمها للمستخدمين، فإن المجال الحقيقي الذي تبرع فيه وتترك فيه أثرا أكبر هو القطاع التجاري، وتحديدا مع الشركات التي تستطيع استخدام هذه التقنيات في عملياتها اليومية.
وهذا ما كان محور إحدى جلسات قمة الويب 2025 الحوارية بين إيفان ميهتا المراسل من موقع "تيك كرانش" (TechCrunch) وسري ساتيش أمباتي المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "إتش تو أو إيه آي" (H2O.
رغم انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل واسع عالميا، فإنه كان انتشارا مقوضا بحواجز تمنع الشركات الناشئة والصغيرة من الدخول لقطاع الذكاء الاصطناعي والاستفادة منه بشكل كبير، إما لأسباب مالية أو حتى تقنية لا تستطيع بعض الشركات تلبيتها.
وكان أحد الأهداف التي تأسست شركة "إتش تو أو. إيه آي" لتحقيقها هو المساهمة في نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي بين جميع الشركات ومساعدتهم على الاستفادة منها، وبحسب ما قاله سري ساتيش أمباتي المدير التنفيذي والمؤسس للشركة، فإن التقنيات مفتوحة المصدر هي السبيل الأمثل لنشر هذه التقنيات.
إعلانوذلك لأن التقنيات مفتوحة المصدر توفر وصولا أسهل إلى الذكاء الاصطناعي، فضلا عن كونها أقل ثمنا من حلول الذكاء الاصطناعي المعدة مسبقا من قبل الشركات مثل "أوبن إيه آي"، كما أضاف أمباتي قائلا إن تقنيات الذكاء الاصطناعي كانت ثورية من ناحية الشركات، إذ يمكنها تحليل ملايين البيانات بسهولة، مما جعل الشركات تصبح أكثر جرأة في أهدافها وأحلامها.
وأضاف أمباتي في حديثه عن التقنيات مفتوحة المصدر للذكاء الاصطناعي أن "ديب سيك" كان المثال الأوضح لما يمكن لهذه التقنيات القيام به، بدءا من تقديم أداء مماثل للتقنيات المدفوعة وحتى تلبية الاحتياجات العالمية في هذا القطاع.
الطريق إلى مليار مليونيرووضح أمباتي في حديثه أن شركته تسعى لبناء مليار مليونير، ومن أجل تحقيق هذا الأمر، يجب أن يصبح الذكاء الاصطناعي شريكا حقيقيا للمستثمرين ومؤسسي الشركات، إذ توفر التقنية لهذه الشركات فرصة للنمو بشكل أسهل وأقل تكلفة من توظيف العديد من الأفراد.
وعزز أندرس هانسون وجهة النظر هذه قائلا إن الذكاء الاصطناعي يجعل الشركات أكثر جرأة فيما يمكن أن تقدمه، وبينما تحاول هيئة قطر للاستثمار تنويع استثماراتها في شركات الذكاء الاصطناعي حول العالم، فإن هذا التوسع مشروط بأن تقدم الشركات فائدة حقيقية وتكون فعلا قادرة على تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي وليس مجرد ادعاء.
رغم أن معدل تبني الشركات لتقنيات الذكاء الاصطناعي ما زال محدودا بشكل كبير، فإن هذا لم يمنع البعض من تبني التقنية وتسخيرها لصالحها، وقد ذكر كل من أمباتي وهانسون عددا من الأمثلة الواضحة للشركات التي تمكنت من تسخير هذه التقنيات بشكل كبير.
فبدون ذكر أسماء شركات بعينها، قال أمباتي إن عددا من عملائه وهم من البنوك الكبيرة عالميا، قام بتسخير الذكاء الاصطناعي ودمجها في آلية مواجهة الاحتيالات التي تستخدمها، وذلك من أجل خفض الوقت المستغرق للتحقق من العمليات التي تصل إلى حسابات المستخدمين، فضلا عن استخدام التقنيات من أجل توفير خدمة عملاء أسرع وأفضل من السابق.
إعلان معدل التبني بطيءورغم الاستخدامات العديدة للذكاء الاصطناعي، فإن بعض المؤسسات ما زالت تواجه عددا من التحديات في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، من ضمنها الوقت الطويل لاتخاذ قرار دمج تقنيات الذكاء بشكل مباشر في الخدمات الخاصة بهم.
وقد لاحظ ضيوف الجلسة أن معدل التبني يكون أسرع في الشركات ذات القابلية الأسرع لتقبل هذه التقنيات، بدلا من الشركات التي تخصص أقساما متكاملة مع عدد كبير من خبراء الذكاء الاصطناعي من أجل دمجها في تقنياتها بشكل واسع.
كما أشار هانسون إلى أن سرعة التبني واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطويرها هو جزء محوري من المعايير الذي تضعها هيئة قطر للاستثمار عند اختيار الشركات التي تستثمر فيها وتؤمن بها، مضيفا أن قدرة الشركة على الاحتفاظ بالمهارات التقنية الموجودة بها هو أحد أهم العوامل التي ينظرون لها قبل اتخاذ قرار الاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قمة الويب قمة الويب تقنیات الذکاء الاصطناعی هذه التقنیات من أجل
إقرأ أيضاً:
مخاطر الذكاء الاصطناعي على التعليم والبحث العلمي
يحظى موضوع الذكاء الاصطناعي باهتمام واسع عبر العالم في المناقشات والمنتديات والمجادلات حول الموضوع. ولقد سبق أن تناولت هذا الموضوع في مقالين بهذه الجريدة الرصينة: أحدهما عن الذكاء الاصطناعي والإبداع، والآخر عن الذكاء الاصطناعي والترجمة. ولكن هذا الموضوع يحتمل المزيد من التأملات دائمًا، إذ إن له أبعادًا كثيرةً لا حصر لها؛ ولذلك فإنني أريد في هذا المقال التنويه إلى تأثير الذكاء الاصطناعي على العملية التعليمية والبحث العلمي.
وقد يبدو أن استخدام كلمة «تأثير» أفضل من استخدام كلمة «مخاطر» الواردة في عنوان هذا المقال؛ لأن هذه الكلمة الأخيرة قد لا تبدو محايدة، وإنما تنطوي على حكم مسبق يتخذ موقفًا متحيزًا ضد تقنيات الذكاء الاصطناعي. وهذا تفسير غير صحيح؛ لأن كلمة «مخاطر» تعني أن هناك طريقًا نسير عليه -أو ينبغي أن نسير فيه- ولكنه يكون محفوفًا بالمخاطر التي ينبغي أن ندركها لكي يمكن اجتنابها. فلا مراء في أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة كبرى في المعرفة البشرية.
هذه الثورة المعرفية تتمثل في القدرة الهائلة للآلة على توفير بيانات ضخمة في أي مجال معرفي، بل يمكن لبرامج هذه الآلة أن تؤلف نصوصًا أو موضوعات بحثية أو تصمم ابتكارات ومخترعات باستخدام هذه البيانات.
ولقد أثمرت هذه الثورة المعرفية بوجه خاص في مجال تطبيقات العلوم الدقيقة، وعلى رأسها الرياضيات البحتة التي تمتد جذورها في النهاية في المنطق الرياضي، كما لاحظ ذلك برتراند رسل بشكل مدهش في مرحلة مبكرة للغاية في كتابه أصول الرياضيات!
ولا شك أيضًا في أن الذكاء الاصطناعي له استخدامات مثمرة في مجال العملية التعليمية، إذ إنه يسهِّل على المعلم والطالب معًا بلوغ المعلومات المهمة والحديثة في مجال الدراسة، ويقدِّم المعلومات للطلبة بطريقة شيقة ويشجعهم على البحث والاستكشاف بأنفسهم.
وهنا على وجه التحديد مكمن المشكلة، فعندما نقول: «إن الذكاء الاصطناعي يشجع الطلبة على البحث والاستكشاف بأنفسهم»، فإننا ينبغي أن نأخذ هذه العبارة بمعناها الدقيق، وهو أن الذكاء الاصطناعي هو ذكاء الآلة، والآلة دائمًا هي أداة للاستخدام، وبالتالي فإنها لا يمكن أن تكون بديلًا لدور المستخدِم الذي يجب أن يقوم بنفسه بالبحث والاستكشاف. وهذا يعني أن سوء استخدام الذكاء الاصطناعي والتعويل عليه في عملية التعلم، سيؤدي إلى القضاء على روح المبادرة والاكتشاف، وسيحول دون تعلم مهارات التفكير الناقد critical thinking وتنميتها من خلال عملية التفاعل المباشر بين الطلبة والمعلم. وتلك كلها مخاطر حقيقية على التعليم.
ولا تقل عن ذلك مخاطر الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي الذي يصبح تكريسًا لسوء استخدام هذا الذكاء في مراحل التعليم المختلفة. بل إن المخاطر هنا تصبح أشد وأكثر ضررًا؛ لأنها تتعلق بتكوين باحثين وأساتذة يُرَاد لهم أو يُرجى منهم أن يكونوا علماء حقيقيين في مجالاتهم البحثية المتنوعة. ولعل أشد هذه المخاطر هو شيوع السرقات العلمية من خلال برامج الذكاء الاصطناعي التي تقوم بعملية التأليف من خلال كتابات ودراسات وبحوث منشورة؛ وهو ما قد يشجع الباحث على استخدام المادة المُقدّمة له باعتبارها من تأليفه ودون ذكر للمصادر الأصلية التي استُمدت منها هذه المادة.
حقًّا أن الذكاء الاصطناعي نفسه قد ابتكر برامج لاكتشاف السرقات العلمية (لعل أشهرها برنامج Turnitin)؛ ولكن هذا لا يمنع الباحثين الذين يفتقرون إلى أخلاقيات البحث العلمي من التحايل على مثل هذه البرامج من خلال التمويه، وذلك بتطعيم البحث بمادة موثقة من مصادرها، بحيث يبدو البحث مقبولًا في الحد الأدنى من نسبة الاقتباسات المشروعة! وهذا أمر لا ينتمي إلى البحث العلمي ولا إلى الإبداع والابتكار.
وبصرف النظر عن مسألة السرقات العلمية، فإن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي له مخاطر أخرى تتمثل في أن المادة المقتبَسة كثيرًا ما تكون مشوهة أو غير دقيقة، وهذا يتبدى -على سبيل المثال- في حالة النصوص المقتبسة المترجَمة التي تقع في أخطاء فادحة وتقدم نصًا مشوهًا لا يفهم مقاصد المؤلف الأصلي، وهذا ما فصلت القول فيه في مقال سابق. وفضلًا عن ذلك، فإن برامج الذكاء الاصطناعي لا تخلو من التحيز (بما في ذلك التحيز السياسي)؛ ببساطة لأنها مبرمَجة من خلال البشر الذين لا يخلون من التحيز في معتقداتهم، وهذا ما يُعرف باسم «الخوارزميات المتحيزة» biased algorithms.
ما يُستفاد من هذا كله هو أن الذكاء الاصطناعي ينبغي الاستعانة به في إطار الوعي بمخاطره؛ ومن ثم بما ينبغي اجتنابه، ولعل هذا ما يمكن تسميته «بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي»، وهي أخلاقيات ينبغي أن تَحكم برامج هذا الذكاء مثلما تَحكم المستخدم نفسه.