في غياب الأقليات وهيمنة تحرير الشام..مؤتمر الحوار في سوريا لا يهدئ المخاوف على المستقبل
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
شدد الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، اليوم الثلاثاء، على وجود "فرصة استثنائية تاريخية نادرة" لإعادة بناء الدولة، وذلك في مؤتمر الحوار الوطني الذي وصفته الحكومة الجديدة بعلامة فارقة بعد حكم الرئيس بشار الأسد.
وشارك مئات السوريين في القصر الرئاسي في دمشق في المؤتمر الذي يستمر يوماً واحداً، وأشاد به مؤيدون باعتباره غير مسبوق لكن منتقدين يخشون أن يكون مجرد واجهة لعملية انتقالية يقودها أساساً الزعماء الجدد في سوريا.ولا تزال خريطة الطريق السياسية للبلاد غير محددة إلى حد بعيد، باستثناء حكومة انتقالية جديدة تتولى السلطة في 1 مارس (آذار) لم يُعلن أعضاؤها بعد. وقال الشرع الذي يواجه دعوات دول غربية وعربية لقيادة عملية تشمل جميع الأطياف، إن إجراء انتخابات قد يحتاج 5 أعوام. المجتمع الدولي يتعهد بدعم المرحلة الانتقالية في سوريا - موقع 24تعهد المجتمع الدولي أمس الخميس، بتقديم الدعم إلى سوريا من أجل انتقال سلمي ومستقر بعد سنوات من الحرب الأهلية.
ونصب قادة المعارضة رئيس هيئة تحرير الشام أحمد الشرع رئيسا مؤقتاً للبلاد في الشهر الماضي، والذي تعهد على الفور بإجراء حوار وطني لمناقشة مستقبل البلاد، وقال الشرع في كلمته اليوم: "سوريا حررت نفسها بنفسها، فإنه يليق بها أن تبني نفسها بنفسها".
وأضاف "اليوم فرصة استثنائية تاريخية نادرة، علينا استغلال كل لحظة فيها لما يخدم مصالح شعبنا وأمتنا".
وشدد الشرع على ضرورة توحيد الفصائل المسلحة تحت قيادة عسكرية واحدة، قائلاً إن "سوريا لا تقبل القسمة، فهي كل متكامل، وقوتها في وحدتها". الشرع في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني: سوريا لا تقبل القسمة - موقع 24انطلقت في قصر الشعب بدمشق، اليوم الثلاثاء، فعاليات مؤتمر الحوار الوطني السوري بمشاركة مئات الشخصيات التي تمثل أطياف المجتمع السوري. وانقسم المشاركون إلى6 مجموعات عمل لمناقشة منظومة العدالة الانتقالية، والدستور، وبناء مؤسسات الدولة، والحريات الشخصية، والنموذج الاقتصادي لسوريا في المستقبل، والدور الذي سيلعبه المجتمع المدني في البلاد.
والمناقشات سرية بحضور منسق يخصص لكل مشارك دقيقتين للحديث بالإضافة إلى قيود على إزالة أي وثائق من قاعة المؤتمر.
وقال مشاركون إن المناقشات كانت جيدة التنظيم لكنهم يشعرون بالقلق على تأثير مساهماتهم في العملية السياسية، التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام بشكل كبير حتى الآن.
وقالت حنين أحمد، وهي ناشطة من محافظة حمص في وسط البلاد: "مجرد وجودنا هون هو فيه جزئية لوصول الصوت أكيد. لكن تبقى عينا على نقطتين برأيي، أول شيء ما يكون الحوار هذا آخر نقطة من الحوار، لازم تكون عملية مستمرة، مش هاي آخر شيء راح يتحاور فيه السوريون، وإن هذه مرحلة، وشغلة تانية أن نحن نعرف كيف نوظف هذه الحوارات".
وشاركت حنين في جلسة الحريات الشخصية، وقالت إن هناك إجماعاً واسعاً على الحفاظ على الحريات المدنية والسياسية والفردية للسوريين.
وقال رجل الأعمال السوري عدنان طرابيشي الذي شارك في الجلسة الاقتصادية إن المنظمين أكدوا للمشاركين أن الحوار ليس إلا خطوة أولى، وأضاف طرابيشي "نحن في القصر الرئاسي والرجال الذين هنا كانوا في الخارج منذ 54 عاماً. هذا شعور لا يصدق. نشعر أننا نحاول إعادة بناء سوريا من الصفر".
ويقول المنظمون إن التوصيات التي من المقرر الاتفاق عليها في نهاية اليوم ستساعد في صياغة إعلان دستوري لوضع المبادئ الأساسية للنظام الحاكم الجديد في سوريا. وستنظر في هذه التوصيات الحكومة الانتقالية الجديدة.
وقال ثلاثة دبلوماسيين إن المؤتمر سيحظى بمتابعة وثيقة من عواصم عربية وغربية علقت إقامة علاقات كاملة مع القيادة الجديدة في سوريا، مثل الإلغاء المحتمل للعقوبات على شرط احتواء العملية السياسية لكل أطياف السكان المتنوعين عرقياً ودينياً.
وقال ثلاثة مبعوثين أجانب في سوريا إن الدبلوماسيين المقيمين في البلاد لم يدعو للمؤتمر. كما لم يقبل المنظمون عروضاً منالأمم المتحدة للمساعدة في التحضير.
بحضور منى واصف وجمال سليمان.. فنانو سوريا يجتمعون لدعم الحوار الوطني ببلادهم #ترند_النجوم
لمشاهدة المزيد من الفيديوهات:https://t.co/XKZstSvtfW pic.twitter.com/Wq2Hvgzd1y
وفي حديثه بعد الشرع، انتقد وزير الخارجية أسعد الشيباني العقوبات الدولية التي لا تزال سارية، وقال إنها تستخدم "وسيلة للضغط على إرادة الشعب السوري".
وبعد تصريحاته، وقفت إحدى السيدات الحاضرات وصاحت "الحمد لله، عاد قصر الشعب إلى الشعب!".
وللإعداد للفعالية، نظمت لجنة تحضيرية من 7 أعضاء جلسات استماع للمحافظات، وفي بعض الأحيان كانت تعقد عدة جلسات مدة كل منها ساعتان يومياً لتغطي المحافظات السورية الأربع عشرة في أسبوع.
ومن بين أعضاء اللجنة هناك خمس أعضاء من هيئة تحرير الشام أو مقربون منها، ولا يوجد ممثلون للدروز أو العلويين وهما من الأقليات الكبيرة في سوريا.
وقال مسؤولون من الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا ومن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، إنهما لم تدعيا إلى المؤتمر.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سوريا سقوط الأسد هیئة تحریر الشام الحوار الوطنی مؤتمر الحوار فی سوریا
إقرأ أيضاً:
هيئة تحرير الشام وقيادة الشرع والطفرة السياسية الجهادية
تطور النضج السياسي للحركات الجهادية في سوريا، وخاصة هيئة تحرير الشام، يعكس قدرتها على التعلم من تجارب الماضي والتكيف مع البيئة المتغيرة، فمن خلال البراغماتية السياسية، وبناء التحالفات المحلية، وتطوير الهياكل الإدارية، تمكنت من البقاء لاعبا رئيسا في المشهد السوري، وقد واصلت نجاحها بعد الإطاحة بنظام بشار من خلال اعتماد نهج سياسي بارع وخطاب معتدل تجاه كل الأطراف المهمة بالداخل والخارج.
منذ بداية الثورة السورية عام 2011، مرت الحركات الجهادية في سوريا، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، بمراحل متعددة من النضج السياسي والعملي. تطورت هذه الحركات من كيانات مقاومة عسكرية بحتة إلى تنظيمات سياسية وعسكرية أكثر براغماتية، حيث أظهرت قدرة على التكيف مع الواقع السوري المعقد والمتغيرات الإقليمية والدولية.
بدأت هيئة تحرير الشام كفرع لتنظيم القاعدة في سوريا، متبنية أيديولوجيا جهادية متشددة، لكنها تطورت تدريجيا إلى كيان أكثر مرونة وبراغماتية، وفي 2016 أعلنت انفصالها عن القاعدة وأعادت تسمية نفسها بهدف تحسين صورتها وكسب قبول إقليمي ودولي، مما يعكس نضجا في فهمها لأهمية التكيف السياسي.
أدركت هيئة تحرير الشام أن التبعية لتنظيمات جهادية عالمية مثل القاعدة تسبب عزلة دولية وحرمانها من الدعم المحلي والإقليمي، وقد أدى هذا الوعي إلى اتخاذ خطوات للابتعاد عن هذه التنظيمات وتقديم نفسها كقوة وطنية معنية بالدفاع عن الثورة السورية، لا كجزء من مشروع جهادي عالمي.
من أبرز مظاهر نضج الهيئة السياسي قدرتها على إدارة المناطق المحررة في الشمال السوري، خاصة إدلب، من خلال "حكومة الإنقاذ السورية" التي أنشأتها لإدارة الخدمات العامة، كما أظهرت هذه التجربة قدرة الهيئة على الانتقال من مجرد حركة مقاومة إلى قوة حاكمة تقدم خدمات تعليمية وصحية واقتصادية، مما عزز شرعيتها محليا.
أظهرت الهيئة مرونة تكتيكية في التعامل مع القوى الإقليمية، خاصة تركيا، حيث وافقت على التنسيق معها لضمان بقاء سيطرتها على إدلب وتجنب أي تصعيد عسكري شامل، وعلى المستوى الميداني قامت بإعادة هيكلة قواتها وتبني استراتيجيات دفاعية وهجومية أكثر كفاءة، مما مكّنها من الحفاظ على المناطق التي تسيطر عليها رغم الضغوط العسكرية من النظام السوري وحلفائه
أدركت هيئة تحرير الشام أهمية كسب دعم الفصائل الأخرى والمجتمع المحلي لتجنب العزلة، فقامت بتشكيل تحالفات مع فصائل محلية أصغر لتحقيق أهداف مشتركة، كما عملت أيضا على استقطاب النخب القبلية والدينية في المناطق الخاضعة لسيطرتها لضمان الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
طورت الهيئة أدواتها الإعلامية بشكل كبير، مستغلة وسائل الإعلام التقليدية والجديدة لإيصال رسائلها، وركزت على تقديم نفسها كمدافع عن الثورة السورية، مستفيدة من معاناة السكان جراء القصف والحصار، لتبرير سيطرتها على المناطق المحررة.
سعت الهيئة إلى بناء شرعية سياسية محلية عبر توفير الأمن والخدمات للسكان، حيث قدمت نفسها كبديل للنظام السوري الذي تسبب في تدمير المدن والبنى التحتية، كما ركزت على الترويج لفكرة أنها تسعى لتحقيق الاستقرار وليس فقط للمقاومة المسلحة.
أظهرت الهيئة نضجا سياسيا في التعامل مع المصالح الإقليمية، خاصة مع تركيا التي تمتلك نفوذا واسعا في شمال سوريا، كما قبلت الهيئة بوجود نقاط المراقبة التركية وتنسيق العمليات العسكرية، مما مكّنها من الحفاظ على مواقعها في إدلب وتجنب هجمات كبرى من قوات النظام.
برغم المنافسة مع فصائل إسلامية أخرى مثل حركة أحرار الشام وجيش الإسلام، أظهرت الهيئة قدرة على إدارة التوترات عبر الدخول في تحالفات مؤقتة أو تهدئة الصراعات، بما يضمن استمرار نفوذها، كما خففت هيئة تحرير الشام من لهجتها الدينية المتشددة، واعتمدت خطابا أكثر اعتدالا عند مخاطبة المدنيين والمجتمع الدولي، لتجنب وضعها في خانة الحركات الإرهابية، وقد برز هذا التوجه في محاولة الترويج لحكومة الإنقاذ ككيان مدني يعبر عن مصالح السكان، وليس مجرد واجهة دينية متشددة.
بينما كانت الحركات الإسلامية الأخرى مثل أحرار الشام وجيش الإسلام تضعف بسبب الانقسامات أو القتال مع النظام، نجحت هيئة تحرير الشام في تعزيز موقعها كالقوة الأبرز في الشمال السوري، وقد جاء هذا التحول نتيجة قدرة الهيئة على تبني مقاربات سياسية وعسكرية مرنة مكنتها من البقاء على الساحة رغم التحولات الميدانية.
اهتمت الهيئة بتحسين الظروف المعيشية للسكان في المناطق التي تسيطر عليها، حيث ركزت على توفير المواد الغذائية الأساسية وتنظيم الأسواق المحلية، وأنشأت مؤسسات خيرية وخدمية تهدف إلى تخفيف الأعباء عن المدنيين، ما ساعدها في تعزيز حضورها الشعبي.
يبدو للمراقبين بوضوح أن هيئة تحرير الشام استفادت من تجارب الحركات الإسلامية الأخرى في المنطقة، مثل حركة حماس وحزب الله، في كيفية تحقيق التوازن بين العمل العسكري والسياسي، وتجنب الأخطاء التي وقعت فيها بعض الجماعات الجهادية العابرة للحدود.
أظهرت الهيئة نضجا داخليا من خلال تقليل الانشقاقات وحسم الخلافات داخل قيادتها، كما عملت على حماية وحدة صفها الداخلي عبر سياسات صارمة، ما مكّنها من تجنب الانهيار الذي تعرضت له فصائل إسلامية أخرى.
رغم تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل عدة دول، حاولت الهيئة تحسين صورتها من خلال تقديم تنازلات سياسية وتأكيد استقلاليتها عن القاعدة، كما أظهرت قدرتها على التكيف مع الضغوط الدولية عبر قبول المبادرات التركية وتجنب الهجمات الكبرى التي قد تؤدي إلى تصعيد دولي.