بغداد اليوم -  بغداد 

في تطورٍ سياسي يُنذر بتغييرات كبيرة في المشهد العراقي، يتوقع خبراء أن زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، لن يستمر في عزلته السياسية، بل سيعود بقوة لمعارضة الإطار التنسيقي، مدعومًا ببرنامج إصلاحي طموح يهدف إلى إعادة بناء الدولة العراقية على أسس وطنية. هذا التحليل يأتي في وقتٍ يشهد فيه العراق حالة من الجمود السياسي والاقتصادي، وسط مطالبات شعبية متزايدة بالإصلاح ومكافحة الفساد.

ومنذ آب 2022، يواصل مقتدى الصدر عزلته التامة عن العمل السياسي مع تياره الذي يُمثل أكثر من ثلث الجمهور الشيعي في العراق، وذلك بعد أزمة سياسية خانقة أدخلت الصدريين بمواجهات مسلحة مع فصائل مسلحة مرتبطة بقوى "الإطار التنسيقي"، التي كانت ترفض مشروع الصدر بتشكيل حكومة عابرة للطوائف ضمن مفهوم الأغلبية الانتخابية. وسحب الصدر نواب كتلته في البرلمان (76 مقعداً من أصل 329) في حزيران 2022، وهو ما منح تحالف "الإطار التنسيقي"، فرصة تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى، ومن ثم تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني. 

مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل أكد، اليوم الثلاثاء (25 شباط 2025)، أن زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري) مقتدى الصدر لن يواصل عزلته السياسية وسيعود لمعارضة الإطار التنسيقي خلال المرحلة المقبلة.

وقال فيصل، لـ"بغداد اليوم"، انه "كما يبدو ان الصدر لن يستمر في المقاطعة المستمرة بل سيستمر التيار الوطني الشيعي كمعارضة سياسية سلمية تتبنى برنامج للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما تبنى ملاحظات نقدية عميقة للأخطاء التي ارتكبها الإطار التنسيقي الشيعي، ونذكر في هذا المجال وقوف التيار الصدري كمعارضة بجانب صفوف ثوار تشرين كما تبنى منهجا داعما للتغيير عبر المطالبة بإلغاء المحاصصة الطائفية وإلغاء الصناديق الاقتصادية واعتماد الكفاءة وليس الحزبية في اختيار الوزراء أو المسؤولين في الدولة".

وأضاف انه "كما تبنى مشروع الاغلبية الوطنية وليس الاغلبية الشيعية، مما يتميز به التيار الوطني الشيعي، فمن ناحية جوهرية يتعمق التباين بين الإطار التنسيقي الذي يعتبر نفسه اغلبية شيعية يجب أن تحتكر الحكم وبين التحالف الوطني الشيعي الذي يتبنى تحالف الأغلبية الوطنية بمعنى: الشيعة والسنة والأكراد والتركمان ومختلف الاطياف والمكونات العراقية في تحالف وطني ضمن إطار الدستور".

وبين انه "بينما يستمر الإطار التنسيقي منذ عام 2006 لليوم في انتهاك الدستور الموضوع على الرف، واعتماد الاعراف من أجل إدارة الشؤون السياسة والاستمرار في احتكاره للسلطات الثلاث، فالتيار الصدري يستعد وفق التقديرات الأولية، وبناء على الدعوة الواسعة التي وجهها الصدر لأنصاره لتجديد البطاقات والهويات الانتخابية للاستعداد في فرصة معينة للإعلان عن العودة إلى الحياة السياسية كمعارض وداعية للإصلاح الجذري ومشروع لدولة وطنية وليس لدولة عابرة للحدود، أي على النقيض من ما تطرح بعض التيارات الشيعية أو الفصائل المسلحة في الإطار التنسيقي هي فصائل أممية غير وطنية ترتبط بولاية الفقيه الإيرانية أي عابرة للحدود".

وختم مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية قوله انه "بينما يذهب مشروع التيار الوطني الشيعي باتجاه إعادة بناء العراق وفق الأسس التي تؤمن وتضمن الأمن والسلام والاستقرار والتنمية والتقدم والوفاق السياسي والاجتماعي".

واختار الصدر، في 11 نيسان الماضي، اسم "التيار الوطني الشيعي" لتياره في خطاب رسمي حمل توقيعه وختمه. وجاءت الخطوة بعد اعتزاله العملية السياسية في آب 2022، مع تأكيد عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة "الفاسدين". وعاد مقتدى الصدر إلى دائرة الضوء منذ آذار الماضي من خلال عقده اجتماعاً نادراً مع المرجع الديني علي السيستاني، الذي قام بدور محوري في إنهاء اشتباكات دامية عام 2022 قبل انسحاب الصدر من الساحة السياسية. وقالت مصادر من التيار الصدري إن الصدريين يفسرون اللقاء مع السيستاني، الذي ينأى بنفسه عن المشهد السياسي المعقد ولا يلتقي عادةً السياسيين، على أنه تأييد ضمني للصدر، وفقاً لتقرير وكالة "رويترز" وقتها.

وكان قد أكد الباحث في الشأن السياسي نبيل العزاوي، يوم الخميس (13 شباط 2025)، أن جميع المعطيات والمؤشرات تشير إلى عودة قريبة للتيار الصدري إلى المشهد السياسي والانتخابي في العراق.  

وقال العزاوي في حديث لـ"بغداد اليوم" إن "الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها المنطقة مؤخراً قد تؤثر على العراق بشكل مباشر، مما يستدعي إيجاد خارطة سياسية جديدة لتحييد البلاد عن أي منزلقات محتملة". 

وأضاف أن "التيار الصدري، باعتباره أحد أكبر الكتل الشيعية وزناً وحجماً، يبدو مستعداً للعودة إلى العملية السياسية لتعويض التوازنات الغائبة وتقويم الأخطاء السابقة".  

وأشار العزاوي إلى أن "عودة التيار الصدري قد تأتي مصحوبة بتحالفات جديدة، خاصة مع الكتل التي ستكسب أصواتاً كبيرة في الانتخابات المقبلة، مثل كتلة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني". ولفت إلى أن "هذه التحالفات قد ترسم ملامح تحالف كبير، ستظهر معالمه بشكل أوضح خلال الأشهر القليلة المقبلة".  

وأكد الباحث السياسي أن عودة التيار الصدري شبه مؤكدة وفقاً للمعطيات والمؤشرات الحالية، مدعماً ذلك بمصادر قريبة من القرار الصدري في الحنانة.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: التیار الوطنی الشیعی الإطار التنسیقی التیار الصدری بغداد الیوم مقتدى الصدر

إقرأ أيضاً:

إنطلاقة جديدة للمؤسسات السياحية.. وتفاؤل بانعكاس الاستقرار السياسي والأمني على القطاع

بدأت المؤسسات السياحية تنفض عنها غبار الحرب والأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي مرت على لبنان، وتستعد لاستقبال المواسم المقبلة بتفاؤل مع المرحلة الجديدة التي دخلتها البلاد بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة.   وكتبت كارولين عاكوم في "الشرق الأوسط": كما في وسط بيروت، كذلك في معظم المدن الرئيسية في لبنان، بدأت الحركة تظهر بشكل واضح، حيث بدأت عشرات الفنادق بورشة إعادة التأهيل استعداداً لاستقبال السياح العرب والأجانب، فيما من المتوقع أن يعاد فتح أكثر من 150 مؤسسة سياحية، لا سيما من المقاهي والمطاعم، مع بداية فصل الصيف، بحسب ما يقول نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي في لبنان، أنطوان الرامي، الذي يبدي تفاؤلاً بتحقيق الاستقرار في الفترة المقبلة، ما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على كل القطاعات في لبنان، ولا سيما السياحية منها.   ويلفت الرامي إلى أن قطاع المطاعم والمقاهي استطاع أن يصمد ويتجاوز الأزمات، وهو يعوّل اليوم على الاستقرار الذي يشهده لبنان لينعكس ثقة لدى السائح والمستثمر على حد سواء، متمنياً أن تعمل وزارة السياحة في الحكومة الجديدة على إصلاحات، وتحديداً "تشريعات سياحية تواكب المؤسسات الجديدة وتحمي المؤسسات الشرعية".   وهذا التفاؤل يأتي بعد خسائر كبيرة لحقت بقطاع السياحة في لبنان، وهي تقدر بـ50 في المائة عام 2024، مقارنة بعام 2023 الذي شكّل نهضة وإن كانت محدودة، مقارنة مع السنوات الأربع السابقة، بحيث بلغ الدخل السياحي عام 2023 نحو 5 مليارات دولارات، وتدنّت إلى النصف عام 2024، بحسب الرامي، علماً بأن خسائر الحرب الإسرائيلية على كل القطاعات في لبنان قدّرت بأكثر من 10 مليارات دولار أميركي.   وأول نتائج هذا الاستقرار السياسي ستكون، بحسب الرامي، مع بداية شهر رمضان المبارك حيث تستعد مطاعم ومقاهٍ لفتح أبوابها، ومن ثم في عيدي الفطر المبارك والفصح المجيد.   وكان عدد الوافدين إلى لبنان عام 2023 قد وصل إلى قرابة المليون ونصف المليون، بحيث أظهرت أرقام مطار رفيق الحريري الدولي، وصول مليون و300 ألف وافد بين أشهر حزيران وتموز وآب، بينما تراوحت نسبة الحجوزات في الفنادق بين 80 و100 في المائة في هذه الأشهر، وهو الأمر الذي انعكس إيجاباً على قطاعات سياحية أخرى أبرزها المطاعم والمقاهي وشركات تأجير السيارات، لتعود الأرقام وتتدنى بشكل غير مسبوق عام 2024 ولا سيما في الفصل الأخير مع توسع الحرب الإسرائيلية التي أدت إلى مغادرة المغتربين خلال أيام لبنان، ومن ثم توقف رحلات جميع شركات الطيران الأجنبية والعربية.        

مقالات مشابهة

  • اجتماع للمكتب السياسي لحزب "الجرار" الأربعاء ينذر بانقسامات جديدة في الأغلبية الحكومية
  • المجلس الوطني لحقوق الإنسان يشرف على تكوين 20 ضابطا أمنيا في مجال احترام حقوق المهاجرين
  • مصدر سياسي:عقوبات أمريكية جديدة ستشمل زعماء الإطار وفصائل حشدوية
  • التيار الصدري وخلافات الأحزاب يؤجلان تمرير قانون الانتخابات الجديد
  • التيار الصدري وخلافات الأحزاب يؤجلان تمرير قانون الانتخابات الجديد - عاجل
  • "الاعتماد الأكاديمي" تستعرض "تقييم المواءمة مع الإطار الوطني للمؤهلات"
  • مصدر صدري:لن نشارك الإطار في الحكومة القادمة
  • إنطلاقة جديدة للمؤسسات السياحية.. وتفاؤل بانعكاس الاستقرار السياسي والأمني على القطاع
  • «الاتحاد»: الحوار الوطني ساعد في تعزيز مشاركة الأحزاب السياسية على أرض الواقع