انطلق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منذ ليلة أمس الجمعة، في اتّخاذ جملة قرارات، وصفت بكونها "عملية تطهير درامية"، وذلك بإقالة أعلى جنرال في أمريكا بالإضافة لجنرالات آخرين في محاولة لضمان امتثال وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" بشكل كامل، وكذا لتجنّب تكرار ما حدث في ولايته الأولى عندما تشاجر مع كبار القادة العسكريين.



وتم إقالة أكبر مستشار عسكري لترامب، رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال تشارلز براون وأعلى ضابط في البحرية الأمريكية، رئيسة العمليات البحرية، الأدميرال ليزا فرانشيتي، كما أعلن وزير الدفاع، بيت هيغسيث، أنه يسعى للحصول على ترشيحات لاستبدال كبار المحامين العسكريين في القوات الجوية والجيش والبحرية الذين يوقعون على قانونية العمليات العسكرية الأمريكية.

وقال المحلّل في شبكة "سي إن إن" الأمريكية، بيتر بيرغن، إن: "أيّ من هؤلاء المسؤولين، لا يبدوا أنه قد تم فصله لسبب، مثل الأداء الضعيف في ساحة المعركة أو العصيان؛ بخلاف الهوس المزعوم بسياسات التنوع العرقي والشمول في قضية الجنرال براون، وفقا لكتاب ألفه هيغسيث في 2024".

وأوضح بيرغن، خلال تقريره التحليلي، إنّ: "ترامب يريد إعادة تشكيل "البنتاغون"، لكي يتمتع بالسيطرة الكاملة عليها. بطبيعة الحال، هو القائد الأعلى، لذا فمن حقه القيام بذلك، ولكن من خلال إقالة براون الذي هو أسود وفرانشيتي التي كانت أول امرأة تدير البحرية، أشار ترامب إلى أن الولاء المطلق سيكون المؤهل الرئيسي لهذه الوظائف بدلاً من تقديم أفضل المشورة العسكرية للرئيس بغض النظر عن السياسة الداخلية الأمريكية، والتي من المفترض أن تكون الوظيفة الأساسية لتلك المناصب".

وبحسب بيرغن، فإن: "ترامب كان مهووسا بالجيش الأمريكي منذ سن مبكرة، فقد التحق بمدرسة داخلية على الطراز العسكري في نيويورك وكان أحد أبطاله هو الجنرال جورج باتون، القائد العسكري الأمريكي الذي برز خلال الحرب العالمية الثانية".

وتابع: "لذا، عندما تولى ترامب منصبه في ولايته الأولى، أحاط نفسه بسرعة بكبار الجنرالات؛ كان الجنرال المتقاعد جون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض؛ وكان الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس أول وزير دفاع له وكان الجنرال هربرت ماكماستر مستشاره للأمن القومي".

"كان ترامب يتلذذ بالحديث عن "جنرالاتي" مثل "الكلب المسعور" ماتيس، كما كان يستمتع بالاحتفالات العسكرية لكونه القائد الأعلى، وأذهله العرض الفرنسي للمعدات العسكرية الذي شاهده في احتفالات يوم الباستيل في باريس في 14 يوليو/ تموز 2016" وفقا للتقرير نفسه.


وأردف: "أمر ترامب وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بتنظيم عرض مماثل لخطابه "تحية لأمريكا" في يوم الاستقلال في 4 يوليو 2019، ولم يخيب الجنرالات أمله"، مضيفا: "خلال خطابه، قال ترامب: سوف تشاهدون قريبًا طائرات F-22 الجديدة الجميلة و قاذفة الشبح الرائعة B-2".

ومضى بالقول: "لكن علاقات ترامب الودية مع جنرالاته ساءت بمرور الوقت (لاحظ يا إيلون ماسك) لأن كيلي وماتيس وماكماستر كل بطريقته المختلفة لم يمتثل لرغبات ترامب، كما وجدت عندما كنت أقوم بإعداد تقرير عن كتابي: ترامب وجنرالاته: تكلفة الفوضى".

وأكد: "لقد استنفد ماكماستر ترحيب ترامب به، جزئيًا، لأنه دعا إلى البقاء على المسار في أفغانستان وتوسيع وجود القوات الأمريكية هناك"، مبرزا: "كان ترامب يريد منذ فترة طويلة الخروج من أفغانستان وبعد إعفاء ماكماستر بعد أكثر من عام بقليل من توليه منصبه، سمح ترامب لفريقه بالبدء في التفاوض مع حركة "طالبان" بشأن الانسحاب الأمريكي الكامل من أفغانستان".

ومن جانبه، كان ماتيس قلقًا من أن يبدأ ترامب الحرب العالمية الثالثة وعندما كان ترامب في 2017 يزيد من حدة خطابه ضد الدكتاتور الكوري الشمالي المسلح نوويًا، كيم غونغ أون، و"تباطأ" ماتيس في تقديم خيارات عسكرية محتملة ضد كوريا الشمالية كما أرجأ تقديم الخيارات العسكرية، في حالة أي نوع من الصراع المحتمل مع إيران.

وأشار إلى أن الخلاف الأخير بين ترامب وماتيس، كان بسبب القتال ضد تنظيم "داعش" في سوريا، حيث كان ماتيس يعتقد أن القوات الأمريكية يجب أن تبقى في سوريا بعد هزيمة "داعش" هناك لمنع أي عودة للتنظيم الإرهابي، بينما أصر ترامب على الانسحاب من سوريا.

كذلك، شعر ماتيس أن هذا جعل القوات الكردية السورية التي كانت تقاتل "داعش" عُرضة للهجوم من قبل الجيش التركي القوي وهذا يعني التخلي عن حليف في ساحة المعركة. وفي 19 كانون الأول/ ديسمبر 2018، غرّد ترامب عن أمره بسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا.


"في اليوم التالي، التقى ماتيس بترامب في المكتب البيضاوي وحاول إقناع الرئيس الأمريكي بالتراجع عن قراره، ولم يتزحزح ترامب عن موقفه، فاستقال ماتيس" وفقا للتقرير التحليلي نفسه.

وأوضح: "نظر كيلي إلى وقته في البيت الأبيض من خلال ما تمكن من منعه في عهده، على سبيل المثال، سحب ترامب فجأة للقوات الأمريكية من أفغانستان، أو الانسحاب من حلف شمال الأطلسي (تانتو). ويكره ترامب أن يتم "إدارته"، لذا توترت علاقته مع كيلي أيضًا وغادر البيت الأبيض في ديسمبر 2018".
وأبرز: "حدثت فجوة حاسمة بين ترامب والعديد من الضباط أثناء الاحتجاجات التي أشعلتها جريمة قتل جورج فلويد على يد شرطة مينيابوليس في 25 أيار/ مايو/ 2020".

إلى ذلك، أشار إلى أنه بتاريخ 3 حزيران/ يونيو الماضي، كانت الشرطة، مع قوات الحرس الوطني، قد هاجمت المتظاهرين السلميين بالقرب من كنيسة القديس يوحنا خارج البيت الأبيض مباشرة، فيما خرج ترامب من البيت الأبيض ثم رفع الكتاب المقدس أمام الكاميرات.

وبعد استقالته، لم يقل ماتيس الكثير عن ترامب، ولكنه أصدر الآن بيانا أدانه فيه حيث قال: "دونالد ترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الشعب الأمريكي - ولا يتظاهر حتى بالمحاولة. بدلاً من ذلك، يحاول تقسيمنا".

وقال وزير دفاع ترامب آنذاك، مارك إسبر، الضابط السابق الذي حل محل ماتيس، علنًا إنه لن يدعم استخدام القوات الأمريكية لقمع الاحتجاجات التي هدد ترامب مؤخرًا بفعلها، وتم فصل إسبر بتغريدة بعد 6 أشهر.

وأكد كتاب التقرير: "لقد حدث قطيعة أخرى مع البنتاغون في أعقاب أعمال الشغب التي اندلعت في 6 يناير/ كانون الثاني 2021 خلال اقتحام مبنى الكابيتول (الكونغرس) من قبل أنصار ترامب".

"كذلك اتصل رئيس هيئة الأركان المشتركة وقتها الجنرال مارك ميلي، بنظيره الصيني، ليؤكد له أنه لا توجد فرصة لشن الولايات المتحدة هجومًا عسكريًا ضد الصين، ثم اقترح ترامب على موقع التواصل الاجتماعي إكس (تويتر سابقا) إعدام ميلي بسبب محادثته مع الجنرال الصيني" بحسب التقرير نفسه.


وأكّد: "أدّت الفجوة الناتجة عن معارك ترامب السابقة مع قادة البنتاغون إلى أنه ينتوي السيطرة الكاملة على الوزارة"، متابعا: "لقد رأينا تلميحًا لذلك في الأشهر الأخيرة من ولايته الأولى عندما نصب ترامب، كاش باتيل، وهو الموالي له في منصب رئيس موظفي وزير الدفاع وتم التصويت مؤخرًا من قبل مجلس الشيوخ على باتيل ليصبح المدير الجديد لمكتب التحقيقات الفيدرالي".

وختم بالقول: "لا يتوقع ترامب أقل من مستويات الولاء التي يتمتع بها باتيل من جنرالاته وكبار المسؤولين في البنتاغون"، مستطردا: "من المرجّح أن تكون عملية التطهير التي جرت ليلة الجمعة لـ6 من كبار الضباط العسكريين مجرد فاتح للشهية، حيث يبحث هيغسيث الآن عن عشرات المليارات من الدولارات من التخفيضات في وزارته، ومن المرجح أن يضطر إلى خسارة أعداد كبيرة من الموظفين".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية ترامب البنتاغون الداخلية الأمريكية البنتاغون الجيش الأمريكي ترامب الداخلية الأمريكية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الأمریکیة البیت الأبیض إلى أن

إقرأ أيضاً:

ترامب يلغي ألفي وظيفة جديدة في البنتاغون وأكبر النقابات تحذر

وقبل منتصف ليل الأحد بتوقيت شرق الولايات المتحدة مباشرة سيتم وضع جميع موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الذين يتم تعيينهم بشكل مباشر -باستثناء العمال الأساسيين للوظائف الحيوية- في إجازة.

ووقّع ترامب مرسوما في 20 يناير/كانون الثاني الماضي -وهو اليوم الذي عاد فيه إلى البيت الأبيض- يأمر فيه بتجميد المساعدات الخارجية الأميركية لمدة 90 يوما ريثما يتم إجراء مراجعة كاملة.

وكتب ترامب بالأحرف الكبيرة في منشور على منصته "تروث سوشيال" أن "الفساد بلغ مستويات نادرا ما شوهدت من قبل، أغلقوها!"، متحدثا عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وتدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية برامج صحية وطارئة في نحو 120 دولة، بما في ذلك أفقر مناطق العالم، ويُنظر إليها على أنها مكون حيوي للقوة الناعمة للولايات المتحدة في صراعها على النفوذ مع منافسيها، بما في ذلك الصين.

 وفي سياق متصل، طلبت وزارة الدفاع ووكالات حكومية أميركية أخرى -بما في ذلك مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)- من فرقها عدم الرد على رسالة إلكترونية تطالب الموظفين الفدراليين بتبرير أنشطتهم، وذلك عقب أمر أشبه بالإنذار النهائي وجهه إيلون ماسك مستشار دونالد ترامب.

وجاءت خطوة ماسك بعد ساعات على حض الرئيس الأميركي حليفه -وهو أثرى أثرياء العالم وأكبر متبرع لحملة ترامب الانتخابية، ويقود حاليا جهود إقالة عشرات الموظفين الحكوميين- على التصرف بـ"جرأة أكبر" لخفض الإنفاق الحكومي. وكتب ماسك أول أمس السبت أن "جميع الموظفين الفدراليين سيتلقون قريبا رسالة إلكترونية تطلب منهم تفسير ما فعلوه الأسبوع الماضي"، وتابع "عدم الرد سيعتبر استقالة".

وجاءت الرسالة وموضوعها "ماذا فعلتم الأسبوع الماضي؟" من "المكتب الأميركي لإدارة الكوادر"، مع تحديد مهلة نهائية للرد حتى 11:59 مساء الاثنين، رغم أن الرسالة لم تشر إلى أن عدم الرد سيفضي إلى الإقالة.

وكتب دارين سيلنيك -وهو مسؤول في البنتاغون- في بيان نشر أمس الأحد على منصة إكس المملوكة لماسك أن "وزارة الدفاع مسؤولة عن تقييم أداء موظفيها، وستجري أي مراجعة وفقا لإجراءاتها الخاصة".

وطالب سيلنيك "في الوقت الحالي" بـ"تعليق أي رد" على الرسالة الإلكترونية التي أرسلها السبت مكتب إدارة الكوادر بعنوان "ماذا فعلتم الأسبوع الماضي؟".

ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فقد نصح مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة الخارجية والاستخبارات الوطنية موظفيهم بعدم الرد.

وكتب كاش باتيل المدير الجديد للشرطة الفدرالية الذي عيّنه ترامب "مكتب التحقيقات الفدرالي من خلال مكتب المدير هو المسؤول عن جميع إجراءات التقييم".

وبحسب نسخة من الرسالة اطلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية، سيُطلب من الموظفين الفدراليين تقديم "نحو 5 نقاط توضح ما أنجزوه الأسبوع الماضي".

ماسك (يسار) عينه ترامب مسؤولا عن وزارة الكفاءة الحكومية لخفض الإنفاق العام (رويترز) تحدٍ نقابي من جانبها، تعهدت أكبر نقابة للموظفين الفدراليين "الاتحاد الأميركي للموظفين الحكوميين" في بيان صادر عن رئيسها إيفريت كيلي -الذي انتقد ماسك وإدارة ترامب- بتحدي أي إقالات غير قانونية، قائلا إن الخطوة تنم عن "ازدراء مطلق للموظفين الفدراليين والخدمات الأساسية التي يقدمونها للشعب الأميركي".

 وأضاف "إنه أمر قاسٍ ويقلل احترام مئات آلاف الجنود السابقين الذين يرتدون بزاتهم الثانية من أجل الخدمة المدنية أن يُجبروا على تبرير مهماتهم الوظيفية لهذا الملياردير المنفصل عن العالم، والذي يتمتع بميزات ولم يقض قط ساعة واحدة من الخدمة المدنية الصادقة في حياته".

وأفاد عدد من الموظفين الفدراليين بأنهم تلقوا نصيحة من وكالاتهم بعدم الرد على الرسالة، في انتظار مزيد من التعليمات، وهي توصية أكدها أيضا اتحاد موظفي الخزانة الوطنية.

وعيّن ترامب قطب التكنولوجيا مسؤولا عن "إدارة الكفاءة الحكومية" الاستشارية، موكلا إياه مهمة خفض الإنفاق العام والتعامل مع شبهات الهدر والفساد.

وفي آخر سلسلة إجراءات لخفض النفقات، أعلنت وزارة الدفاع يوم الجمعة الماضي أنها ستخفض القوة العاملة لديها بنسبة 5% على الأقل.

وأمس الأحد، أعطى إيلون ماسك -الذي أهداه الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي الأسبوع الماضي منشارا كهربائيا كرمز لبرنامجه لخفض الإنفاق العام- تبريرا لتصرفاته.

وكتب قائلا "هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يفترض أن يعملوا لدى الحكومة لا يفعلون الكثير، لدرجة أنهم لا يتفقدون صناديق بريدهم الإلكتروني"، على الرغم من أن الرسالة الإلكترونية أُرسلت خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وأضاف "في بعض الحالات نعتقد أن هناك أشخاصا غير موجودين أو يتم استخدام هويات أشخاص متوفين لتلقي الرواتب، وبعبارة أخرى، هذا احتيال"

مقالات مشابهة

  • تحليل لـCNN: ما أسباب رغبة ترامب في السيطرة على البنتاغون؟
  • نيويورك تايمز: ترامب يفضل الولاء الشخصي على الكفاءة
  • وزير الزراعة يعيد تشكيل لجنة تسجيل سلالات الإنتاج الحيواني والداجني
  • ترامب يلغي ألفي وظيفة جديدة في البنتاغون وأكبر النقابات تحذر
  • البنتاغون وإف بي آي للموظفين: لا تردوا على ماسك
  • شهر على الولاية الثانية.. كيف يعيد ترامب تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية؟
  • خالد بن محمد بن زايد يعيد تشكيل مجلس أمناء معهد التكنولوجيا التطبيقية
  • واشنطن بوست: بتطهيره البنتاغون ترامب يدفع الجيش الأميركي نحو المجهول
  • ترامب يُقيل رئيس هيئة الأركان المشتركة ضمن تعديلات في البنتاغون