أصدر مؤتمر الحوار الوطني في سوريا، الثلاثاء، بيانه الختامي بعد مباحثات جرت بمشاركة ما يقرب من 600 شخص لتقديم توصيات بشأن بناء مستقبل البلاد، منددا بالتوغلات الإسرائيلية جنوبي البلاد والحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها على كامل أراضيها والعمل على تشكيل مجلس تشريعي.

جاء ذلك على لسان عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، هدى الأتاسي، التي تلت البيان الختامي المكون من 19 مبدأ، في قصر الشعب أمام الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع ومئات الشخصيات السورية المشاركة في المؤتمر.



وشدد البيان الذي جاء بعد لانتهاء من جمع المخرجات النهائية من الورشات الحوارية، على "الحفاظ على وحدة الجمهورية العربية السورية، وسيادتها على كامل أراضيها، ورفض أي شكل من أشكال التجزئة والتقسيم، أو التنازل عن أي جزء من أرض الوطن"، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء السورية "سانا".




وأدان البيان "التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، باعتباره انتهاكاً صارخاً لسيادة الدولة السورية"، مشددا على ضرورة "انسحابه الفوري وغير المشروط، ورفض التصريحات الاستفزازية من رئيس الوزراء الإسرائيلي، ودعوة المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه الشعب السوري، والضغط لوقف العدوان والانتهاكات".

ودعا البيان إلى "الإسراع بإعلان دستوري مؤقت يتناسب مع متطلبات المرحلة الانتقالية، ويضمن سد الفراغ الدستوري، بما يسرع عمل أجهزة الدولة السورية".

كما شدد على ضرورة  "الإسراع بتشكيل المجلس التشريعي المؤقت، الذي سيضطلع بمهام السلطة التشريعية، وفق معايير الكفاءة والتمثيل العادل".

وأكد البيان أهمية "تشكيل لجنة دستورية لإعداد مسودة دستور دائم للبلاد، يحقق التوازن بين السلطات، ويرسخ قيم العدالة والحرية والمساواة، ويؤسس لدولة القانون والمؤسسات".

ولفت إلى "تعزيز الحرية كقيمة عليا في المجتمع، باعتبارها مكسباً غالياً دفع الشعب السوري ثمنه من دمائه، وضمان حرية الرأي والتعبير، واحترام حقوق الإنسان، ودعم دور المرأة في كافة المجالات، وحماية حقوق الطفل، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وتفعيل دور الشباب في الدولة والمجتمع".

وشدد البيان على "ترسيخ مبدأ المواطنة، ونبذ كافة أشكال التمييز على أساس العرق أو الدين أو المذهب، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، بعيداً عن المحاصصة العرقية والدينية".



ودعا إلى "تحقيق العدالة الانتقالية، من خلال محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات، وإصلاح المنظومة القضائية، وسن التشريعات اللازمة، والآليات المناسبة لضمان تحقيق العدالة، واستعادة الحقوق".

كما دعا إلى "ترسيخ مبدأ التعايش السلمي بين جميع مكونات الشعب السوري، ونبذ كافة أشكال العنف والتحريض والانتقام، بما يعزز الاستقرار المجتمعي، والسلم الأهلي".

وأكد ضرورة "تحقيق التنمية السياسية وفق أسس تضمن مشاركة كافة فئات المجتمع في الحياة السياسية، واستصدار القوانين المناسبة لذلك، والتأكيد على إجراءات العزل السياسي وفق أسس ومعايير عادلة"، مشددا على أهمية "إطلاق عجلة التنمية الاقتصادية، وتطوير قطاعات الزراعة والصناعة، عبر تبني سياسات اقتصادية تحفيزية، تعزز النمو وتشجع على الاستثمار وحماية المستثمر، وتستجيب لاحتياجات الشعب، وتدعم ازدهار البلاد".

وجدد البيان الدعوة إلى "رفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، والتي باتت بعد إسقاط النظام تشكل عبئاً مباشراً على الشعب السوري،  ما يزيد من معاناته، ويعيق عملية إعادة الإعمار، وعودة المهجرين واللاجئين".

كما شدد على "إصلاح المؤسسات العامة، وإعادة هيكلتها، والبدء بعملية التحول الرقمي، بما يعزز كفاءة المؤسسات، ويزيد فاعليتها، ويساعد على مكافحة الفساد، والترهل الإداري، والنظر في معايير التوظيف على أساس الوطنية والنزاهة والكفاءة".

وأكد "ضرورة مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في دعم المجتمع، وتفعيل دور الجمعيات الأهلية لمساندة الجهود الحكومية في إعادة الإعمار، ودعم الدولة لمنظمات المجتمع المدني بما يضمن لها دوراً فاعلاً في تحقيق التنمية والاستقرار".

ودعا البيان إلى "تطوير النظام التعليمي، وإصلاح المناهج، ووضع خطط تستهدف سد الفجوات التعليمية، وضمان التعليم النوعي، والاهتمام بالتعليم المهني، لخلق فرص عمل جديدة، وربط التعليم بالتكنولوجيا لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة".


وأشار إلى أهمية "تعزيز ثقافة الحوار في المجتمع السوري، والاستمرار في الحوارات على مختلف الأصعدة والمستويات، وإيجاد الآليات المناسبة لذلك، والتزاماً بمبدأ الشفافية سوف يصدر تقرير تفصيلي من اللجنة التحضيرية، يعرض مشاركات وآراء الحضور في مؤتمر الحوار الوطني".

وتتابع حكومات أجنبية المؤتمر عن كثب، باعتباره جزءا من العملية السياسية في سوريا، وتؤكد على أن العملية يجب أن تكون شاملة لجميع الطوائف العرقية والدينية المتعددة في البلاد. 

وكان عقد المؤتمر من ضمن التعهدات الرئيسية التي قطعها الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي ذكر أن المؤتمر يشكل جزءا من عملية سياسية شاملة لصياغة دستور قد تستغرق ما يصل إلى ثلاث سنوات، قبل عملية إجراء انتخابات حرة ونزيهة قد تحتاج لأربع سنوات لتنظيمها.

ويأتي المؤتمر بعد أيام من توجيه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تهديدات إلى جنوب سوريا، مطالبا بمنع انتشار الجيش السوري الجديد في محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة.

والأحد الماضي، قال نتنياهو خلال مؤتمر صحفي، إن "إسرائيل ستطالب بنزع سلاح الجيش السوري في جنوب سوريا، ولن تتسامح مع أي تهديد للمجتمع الدرزي"، مطالبا "بإخلاء جنوب سوريا من القوات العسكرية للنظام الجديد بشكل كامل".

وردا على نتنياهو، شهدت محافظات جنوب سوريا مظاهرات عارمة لليوم الثاني على التوالي رفضا لدعوات التقسيم أو الانفصال وتأكيدا على رفض مساعي الاحتلال الإسرائيلي فرض نفوذه في المنطقة السورية.

ورفع المشاركون لافتات، كتب بعضها بالعبرية، مثل لا للفيدرالية، إضافة إلى رفضهم توغلات الاحتلال، وأخرى تطالب بالانسحاب من الجولان السوري المحتل.

"قسد" ترفض الالتزام بمخرجات المؤتمر
علق الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" على البيان الختامي الصادر عن مؤتمر الحوار الوطني في دمشق، مشددة على عدم التزامها بتطبيق مخرجاته.

وقالت الإدارة في بيان عبر منصة "فيسبوك"، "نعلن أن هذا المؤتمر لا يمثل الشعب السوري، ونحن، كجزء من سوريا، ولم يتم تمثيلنا، نتحفظ على هذا المؤتمر شكلا ومضمونا، ولن نكون جزءا من تطبيقِ مخرجاته".

وأضافت "نقول مرة أخرة إننا، كسوريين، هدفنا الأول والأخير، منذ انطلاقة الثورة السورية، هو تحرير المجتمع السوري من الظلم والعدوان وسياسات الإقصاء والتهميش"، معتبرة أن لها "مبادرات مهمة في هذا السياق".

وطالبت الإدارة الذاتية "بعقد مؤتمر حوار وطني حقيقي، يمثل كافة السوريين، ولا يقصي أحدا، ولا يُهمش أحدا"، مشددة على أنها مستمرة "في عملنا لتحقيق أهداف ثورتنا، لنكون جديرين بالتضحيات التي قدَّمناها، لنحقق آمال وطموحات شعبنا".

يشار إلى أن اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني شددت على أن المؤتمر الحوار الوطني يهدف إلى جمع النخب المجتمعي لمناقشة مستقبل سوريا، لافتة إلى أن ملف "قسد" يعود إلى التنظيمات العسكرية التي يعنى القصر الجمهوري بالحوار معها.

وقال المتحدث باسم اللجنة حسن الدغيم في تصريح سابق مع "عربي21" معلقا على رفض دعوة "قسد"، "ليست القضية قضية رفض أو إقصاء كما يشاع في وسائل الإعلام"، مشيرا إلى أن "مؤتمر الحوار الوطني هو مع النخبة المجتمعية، مع أصحاب الرأي والفكر والاختصاص والتكنوقراط، وليس مع التنظيمات العسكرية، فمحل التنظيمات العسكرية والفصائل العسكرية هو الإدماج في وزارة الدفاع في الحكومة السورية".

وأضاف أنه "بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية لا يزال هناك مفاوضات مع رئاسة الجمهورية حول هذا الملف"، لافتا إلى أن "مسار الحوار الوطني هو مسار مختلف عن التنظيمات العسكرية. تم إصدار القرارات المتعلقة بإدماج الفصائل العسكرية في مؤتمر النصر".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الحوار الوطني سوريا الشرع دمشق سوريا الحوار الوطني دمشق الشرع المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مؤتمر الحوار الوطنی التنظیمات العسکریة الشعب السوری جنوب سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

ضاحي خلفان: صحة الإنسان أساس الأمن وركيزة المجتمع المستقر

دبي: سومية سعد

افتتح الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، ورئيس مجلس أمناء جامعة دبي الطبية، أعمال النسخة الثامنة من المؤتمر السنوي للجمعية الإماراتية لطب الأسرة، الذي أقيم بالتعاون مع جامعة دبي الطبية، بمشاركة أكثر من 1500 طبيب ومختص من داخل الدولة وخارجها.
وأكد الفريق ضاحي خلفان تميم، في كلمته أن صحة الإنسان هي أساس الأمن، وركيزة المجتمع المستقر والمتماسك، وأن المؤتمر بات منصة علمية رائدة لتبادل الخبرات والارتقاء بجودة الرعاية الصحية في الإمارات والمنطقة، وأضاف أن اهتمام قيادتنا الرشيدة بطب الأسرة يعكس إيمانها بأن الإنسان هو محور التنمية، وأن الصحة والأمن والرفاه أولوية وطنية، فصحة الإنسان هي أساس الأمن، وركيزة مجتمع مستقر ومتماسك.
وشدد على أن طب الأسرة يمثل خط الدفاع الأول، وحجر الأساس في الوقاية والكشف المبكر، مضيفاً: «تطوير مهارات طبيب الأسرة وتمكينه علمياً هو استثمار مباشر في أمننا الصحي الوطني»،
وأشار إلى أن انعقاد المؤتمر في «عام المجتمع» يؤكد العلاقة الوثيقة بين صحة الأسرة وأمن المجتمع، مشيداً بالدور المحوري لطبيب الأسرة الذي يفهم احتياجات الأفراد ضمن السياق الثقافي والاجتماعي.
كما أعرب عن فخره بالشراكة مع جامعة دبي الطبية، لجهودها المستمرة في إعداد كوادر طبية متميزة، تواكب التحديات وتسهم في بناء منظومة صحية مستدامة، مشيداً بجهود شعبة الإمارات لطب الأسرة وتعاونها المثمر مع الأكاديمية الأمريكية والمنظمة العالمية لطب الأسرة.

جولة الفريق ضاحي خلفان داخل معرض طب الاسرة وبحضور يحي لوتاه


وأوضح أن الذكاء الاصطناعي بات شريكاً أساسياً في تقديم رعاية صحية ذكية واستباقية تدعم طبيب الأسرة، وتُسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية.
من جهتها، أوضحت الدكتورة وديعة محمد، رئيسة المؤتمر وعضو مجلس أمناء جامعة دبي الطبية، أن الإقبال الكبير على المؤتمر يعكس تنامي الوعي بأهمية طب الأسرة، مشيرة إلى سعي الجامعة لتجاوز الدور الأكاديمي التقليدي، من خلال إعداد أطباء يتمتعون بالكفاءة العلمية والوعي الإنساني والبُعد المجتمعي.
وأكد المهندس يحيى سعيد لوتاه، نائب رئيس مجلس أمناء جامعة دبي الطبية، الدور المحوري للأسرة باعتبارها نواة المجتمع، وقال: «إذا صلحت الأسرة، صلح المجتمع بأسره، وهذا ما نستقيه من نهج الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الحاج سعيد أحمد لوتاه»، ويتميّز المؤتمر هذا العام بشراكات استراتيجية مؤثرة، أبرزها التعاون الحصري مع الأكاديمية الأمريكية لطب الأسرة (AAFP)، والمنظمة العالمية لطب الأسرة (WONCA)، إلى جانب الشراكة الاستراتيجية مع جامعة دبي الطبية، في إطار التزامها بتأهيل الكوادر الطبية وفق أعلى المعايير العالمية.
وشهدت فعاليات المؤتمر، جلسات علمية تناولت أحدث المستجدات في تخصص طب الأسرة، وأبرز الممارسات والابتكارات في مجالات الوقاية والتشخيص والعلاج، إلى جانب التركيز على التقنيات الحديثة التي تسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية الأولية.
وأقيم على هامش المؤتمر، معرض متخصص استعرض آخر التطورات العالمية في طب الأسرة، بما في ذلك الوسائل الحديثة للوقاية والتشخيص والعلاج، إلى جانب أحدث ما توصلت إليه البحوث والممارسات المهنية في تعزيز الصحة العامة.

ضاحي خلفان ووديعة محمد خلال تكريم متخصصين في طب الأسرة من الدولة وخارجها

مقالات مشابهة

  • ضاحي خلفان: صحة الإنسان أساس الأمن وركيزة المجتمع المستقر
  • حزب الوعي: نستعد بقوة للانتخابات المقبلة ونعمل على تمكين الشباب وتوسيع التواجد بالمحافظات
  • الوزيرة هند قبوات للجزيرة نت: هكذا ستصلح الحكومة السورية ما أفسده نظام الأسد
  • وزيرة الشؤون الاجتماعية تبحث مع نائبة الأمين العام للأمم المتحدة سبل ‏دعم المجتمع السوري
  • ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 51 ألف شهيد منذ بدء الحرب
  • عاجل| الرئيس التركي: أي طرف يحاول زعزعة استقرار سوريا سيجدنا أمامه إلى جانب الحكومة السورية
  • عاجل. أردوغان: أي طرف يحاول زعزعة استقرار سوريا سيجدنا أمامه إلى جانب الحكومة السورية
  • "المواطنة وترسيخ قيم الولاء والانتماء".. لقاء حواري لـ"النيل" للإعلام بالفيوم
  • أين وصلت العلاقات التركية الإسرائيلية بعد الاحتكاك في سوريا؟
  • في أول اجتماع تنظيمي.. "الشعب الجمهوري" بالمنيا يناقش خطة عمل المرحلة المقبلة