كشف سجل حديث يمتد لـ1600 عام عن هطول الأمطار في شمال شبه الجزيرة العربية أن المنطقة كانت أكثر رطوبة بكثير في الماضي مقارنة بالوقت الحاضر، حيث شهدت بعض الفترات معدلات أمطار تصل إلى 5 أضعاف المستويات الحالية.

تعتمد الدراسة، التي نشرت يوم 21 فبراير/شباط في مجلة "ساينس أدفانسس"، على تحليلات عينات رسوبية مأخوذة من بحيرة مالحة عميقة في خليج العقبة.

ووجد الباحثون أن العصر الحديث أكثر جفافا بمقدار 2.5 مرة من المعدل التاريخي، مما يتحدى الفكرة الشائعة بأن شبه الجزيرة العربية كانت دائما منطقة قاحلة.

كما برز العصر الجليدي الصغير، الذي امتد بين عامي 1400 و1850 ميلادية، كفترة شهدت معدلات أمطار مرتفعة للغاية تفوقت على أي مستويات مسجلة في العصر الحالي. وتثير هذه النتائج مخاوف جديدة بشأن التحولات المناخية المستقبلية في منطقة تعاني بالفعل من ندرة المياه.

هطول الأمطار في شمال شبه الجزيرة العربية في الماضي يشير إلى أن المنطقة كانت أكثر رطوبة بكثير في الماضي (جامعة كوبنهاغن) استكشاف الماضي عبر أعماق البحار

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة سام بوركيس -أستاذ ورئيس قسم علوم الأرض البحرية في كلية روزنستيل بجامعة ميامي بالولايات المتحدة- إن الفريق البحثي الذي يقوده حلل طبقات الرواسب المحفوظة في بحيرة مالحة لا تحتوي على أكسجين على عمق 1770 مترا. ونظرا لأن الظروف القاسية في هذه البحيرة تمنع النشاط البيولوجي من التأثير على الترسبات، فقد بقيت طبقات الفيضانات دون تغيير، مما وفر أرشيفا فريدا لتغيرات الأمطار على مدار أكثر من 1500 عام.

ويضيف بوركيس في تصريحات للجزيرة نت "يمنحنا هذا الاكتشاف فرصة نادرة لقياس كميات الأمطار السابقة في شبه الجزيرة العربية بدقة عالية. على عكس السجلات المناخية القديمة الأخرى التي تقدم تقديرات نوعية فقط لفترات الجفاف والرطوبة، ويوفر سجلنا بيانات فعلية عن معدلات الهطول المطري".

كشفت العينات الرسوبية أن الفترة بين عامي 1400 و1550 ميلادية كانت ذروة هطول الأمطار، حيث تجاوزت المستويات الحديثة بمعدل 5 أضعاف. وتزامن ذلك مع بداية العصر الجليدي الصغير، وهي فترة تميزت بانخفاض درجات الحرارة عبر النصف الشمالي من الكرة الأرضية. ويرجح الباحثون أن انخفاض النشاط الشمسي والتغيرات في أنماط الدوران الجوي ساهما في زيادة الأمطار فوق شمال شبه الجزيرة العربية خلال تلك الفترة.

إعلان

وتدعم السجلات التاريخية هذه النتائج، حيث وصف رحالة إغريقي في عام 167 قبل الميلاد مناظر طبيعية خصبة في ما يعرف اليوم بمنطقة نيوم الصحراوية في السعودية. كما توثق مصادر من العصر العثماني خلال القرنين الـ16 والـ17 ميلادية شتاءات قاسية وفيضانات مستمرة في الشرق الأوسط، وهي ظروف تتماشى مع البيانات الرسوبية المكتشفة.

مع زيادة تغير المناخ واحتمالية حدوث أحداث الطقس المتطرفة يدعو الباحثون إلى الحذر من أنماط الطقس المستقبلية (شترستوك) دلالات للمستقبل

تؤكد نتائج الدراسة على تقلب مناخ شبه الجزيرة العربية بمرور الوقت، وتسلط الضوء على أهمية مراعاة الاتجاهات التاريخية طويلة الأجل عند التنبؤ بأنماط الطقس المستقبلية. ومع زيادة تغير المناخ واحتمالية حدوث أحداث الطقس المتطرفة، فإن الدراسة تشير إلى أن شبه الجزيرة العربية قد تشهد عودة إلى ظروف لم نشهدها في العصر الحديث.

ويؤكد بوركيس أن "فهم كيفية تقلب هطول الأمطار في الماضي يسمح لنا بتحسين توقعاتنا للمستقبل. إذ إن هذه الرؤى بالغة الأهمية لإدارة موارد المياه والاستعداد للفيضانات في واحدة من أكثر مناطق العالم جفافا".

ومع توسع المدن في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية وزيادة تعرض البنية الأساسية للطقس المتطرف، يشدد المؤلف على الحاجة إلى نماذج مناخية محدثة تتضمن تقلبات هطول الأمطار التاريخية. وفي حين تشهد المنطقة حاليا أشد فتراتها جفافا منذ أكثر من ألف عام، فإن الماضي يشير إلى أن التحولات المستقبلية قد تجلب تغييرات غير متوقعة -وربما كارثية- على المشهد الهيدرولوجي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قمة الويب شبه الجزیرة العربیة هطول الأمطار فی الماضی

إقرأ أيضاً:

جوع وتغير مناخي.. سكان أوغندا يصطادون طيورا مهاجرة للبقاء

في ظل ظروف مناخية قاسية ومتقلبة، يلجأ سكان إحدى القرى الحدودية بين أوغندا وكينيا إلى اصطياد الطيور المهاجرة، خاصة اللقالق البيضاء، كمصدر بديل للغذاء، بعدما أفسدت مواسم الجفاف والأمطار غير المنتظمة محاصيلهم الزراعية.

في قرية "أيوريري"، يروي سام تشيكوي (42 عاما)، معاناته في تأمين لقمة العيش لعائلته الكبيرة، قائلا: "كنت أزرع، لكن الشمس كانت تحرق محاصيلي، فلم أجد سوى الطيور لإطعام أطفالي ونفسي".

وقد طوّر السكان المحليون طريقة لصيد هذه الطيور، يصطادون فأرا ويقتلونه، ثم يحقنونه بمزيج من الكحول وسم الفئران، ويتركونه في العراء كطُعم يجذب الطيور، التي تنهار بعد تناوله، ليتم صيدها وقتلها وطهوها لاحقا.

مجموعة من الطيور المهاجرة خلال عبورها فوق أحد الحقول في قرية أيوريري (الفرنسية)

ويقول تشيكوي -لوكالة الصحافة الفرنسية- إنه أكل أكثر من 300 طائر منذ عام 2016، رغم أن هذا السلوك يُعاقب عليه قانونيا. لكنه يضيف بأسى "لو كان هناك خيار آخر، لما فعلت ذلك".

من جانبه، يحذر الناشط البيئي والمزارع جويل شيروب من حجم الظاهرة، مشيرا إلى أن السكان المحليين التهموا أكثر من 3 آلاف طائر لقلق منذ بداية موسم الهجرة هذا العام.

إعلان المجتمعات الهشة تعاني

ويوضح أن بعض هذه الطيور مهاجرة من دول بعيدة مثل بولندا والمجر وتشيكيا، ويعتبرها السكان المصدر الوحيد المتاح للبروتين، إذ يمكن أيضا بيع الطائر الواحد بما يعادل نصف دولار تقريبا.

وإذ يعترف شيروب بأن قطع الأشجار لإنتاج الفحم أسهم في تدهور البيئة المحلية، فإنه يعبر عن تعاطفه مع الأهالي الذين يعانون من فقر مدقع وتدهور زراعي مستمر.

ويقول: "محاصيلهم فشلت مرارا خلال العقد الأخير. ومع أن الأسباب الجذرية تعود إلى انبعاثات الدول الصناعية الكبرى مثل أميركا وروسيا والصين، إلا أن المجتمعات الهشة هنا تدفع الثمن".

أوغنديون يشوون طائر لقلق أبيض لأكله بعد اصطياده خلال موسم هجرته (الفرنسية)

وبمبادرة فردية، بدأ شيروب بزراعة آلاف أشجار الفاكهة لإعادة الحياة إلى الأراضي المتدهورة، ويوظف ما يستطيع من شباب القرية ضمن إمكاناته المحدودة. ويختم بالقول: "هؤلاء ليسوا صيادين متعمدين، بل شباب جائعون يبحثون عن وسيلة للبقاء، ووجدوا ملاذهم في الطيور المهاجرة".

وتؤكد هذه المأساة الترابط العميق بين أزمة المناخ وانعدام الأمن الغذائي، مما يشير إلى ضرورة التحرك العاجل لمعالجة جذور المشكلة عالميا، ودعم المجتمعات الأكثر هشاشة لمواجهة آثار التغير المناخي محليا.

مقالات مشابهة

  • الحوثي يحصي أكثر من 1200 غارة أميركية على اليمن منذ منتصف مارس الماضي
  • جوع وتغير مناخي.. سكان أوغندا يصطادون طيورا مهاجرة للبقاء
  • جيوش من الفيضانات والأعاصير والزوابع
  • مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 25 أبريل 2025 في المدن والعواصم العربية
  • وقاء: الخنافس صديقة للبيئة وتنتشر بسبب الأمطار والغطاء النباتي
  • بدا كجزيرة وسط بحر واسع.. هكذا أنقذ شابان منزل عائلتهما من الفيضانات
  • مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أبريل 2025 في المدن والعواصم العربية
  • خبير أرصاد: تحسن فرص هطول الأمطار في اليمن الأسبوع المقبل
  • طقس السعودية.. هطول أمطار متفرقة على منطقة الباحة
  • في غياب رونالدو.. النصر يعبر ضمك بـ «فوز درامي»!