استشاطت الحكومة الإسرائيلية غضبا من مشاهد تسليم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها في قطاع غزة، لا سيما عقب ظهور أسيرين محتجزين في قبضة المقاومة وهما يشاهدان مراسم الإفراج عن آخرين، وبعثا رسائل تطالب الإسرائيليين بالتحرك للإفراج عنهما.

ودفع تأثير الرسائل التي بثتها كتائب القسام مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإعلان عن تأجيل إطلاق سراح الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين الذين يشملهم اتفاق وقف إطلاق النار بذريعة ما وصفها بـ"انتهاكات حماس المتكررة والاحتفالات المهينة لكرامة الرهائن والاستخدام الساخر لهم لأغراض دعائية".

وتدفع التطورات وردود الفعل الدراماتيكية لفيديوهات كتائب القسام للتساؤل: من يقف خلف الرسائل الإعلامية العسكرية؟

الكاميرا أولا

يتخذ الإعلام العسكري التابع لكتائب القسام من "كاميراتك قبل بندقيتك" شعارا له في إطار إظهار الحرص والاستعداد والجاهزية لتوثيق أي عمل عسكري، وهو ما كان واضحا من عشرات الفيديوهات التي بثتها منذ اللحظات الأولى لانطلاق معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى ما بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

إعلان

وتحدثت مصادر خاصة للجزيرة نت عن إيلاء كتائب القسام أهمية خاصة لملف الإعلام العسكري، وظهر ذلك قبل أكثر من 10 سنوات خلال الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة عام 2014 عندما نشرت القسام فيديو يوثق اقتحام مقاتليها موقع ناحل عوز شرقي مدينة غزة وإجهازهم على الجنود الإسرائيليين المتحصنين داخله.

وتقول المصادر إن دائرة الإعلام العسكري زوّدت مقاتليها بأحدث أدوات التصوير الميداني ضمن التجهيزات العسكرية لهم، وحرصت على أن يكون لدى كل مجموعة قتالية تتكون من بضعة عناصر وسيلة توثيق لأي مواجهة يخوضونها ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وبحسب المصادر، فإن تصدير مشاهد الاقتحام الأولى لمعركة طوفان الأقصى ينم عن عمل منظّم ينتهجه الإعلام العسكري لكتائب القسام ووجود طاقم إعلامي متمرس لديه يعرف جيدا اللقطة التي يريد الحصول عليها من الميدان، وتمكّن من إحداث الصدمة الأولى لدى الحكومة والجمهور الإسرائيلي.

ويعتمد الإعلام العسكري في كتائب القسام على العمل العنقودي المركزي، بحيث توثق كل مجموعة قتالية تفاصيل المواجهة والعمليات التي تقوم بها، لكنها في الوقت نفسه تخضع لمرجعية واضحة تقرر آلية وكيفية نشرها وانتقاء المشاهد ذات الدلالة الميدانية، وإحداث الأثر في الجمهور سواء المؤيد للمقاومة أو للاحتلال الإسرائيلي.

ويظهر في المشهد
حماس التي لن يكون لها وجود
وكتائب القسّام التي سيفككونها ????
قسماً بالله هذا الإذلال الذي تُذله كتائب القسام للصهاينة في تسليم الأسرى
لم يذوقوا مثله منذ يوم خيبر! pic.twitter.com/Ha8ZSCaCyS

— أدهم شرقاوي (@adhamsharkawi) January 25, 2025

رسائل ودلالات

تتبع دائرة الإعلام العسكري في كتائب القسام لركن "أسلحة الدعم القتالي"، ويتولى عناصر مختصون مهمة الإعلام في كل لواء من الألوية القتالية الخمسة في محافظات قطاع غزة، والتي تعود مرجعيتها للدائرة المركزية.

إعلان

يعتقد القائمون على إعلام كتائب القسام، حسب المصادر الخاصة، أن توثيق أكبر قدر ممكن من العمليات العسكرية يلعب دورا مهما في معركة الصورة والوعي، ويصب في استنفار باقي الساحات ضد الاحتلال.

وتخضع الرسائل الإعلامية التي تبثها كتائب القسام لتقدير موقف إعلامي وسياسي بعد خضوع المحتوى والجانب الفني من الرسائل لتقييم خبراء في مجالهم، في حين تضم دائرة العمل العسكري مختصين في اللغة العبرية دارسين لتفاصيل المجتمع الإسرائيلي، مما يمكّنهم من إيصال الرسائل بدقة وتحقيق أهدافها بنجاح.

وكشفت المصادر أن الرسائل المهمة تخضع لمشورة قائد الركن الذي يتبع له الإعلام العسكري، وأخرى يشرف عليها القائد العام لكتائب القسام.

ولفتت إلى أن لدى الإعلام العسكري وحدة مختصة بالتغذية الراجعة للرسائل الإعلامية على الصعيدين الفلسطيني والداخل الإسرائيلي، وتعمل بتنسيق عالٍ مع وحدات أخرى مثل جهاز الاستخبارات العسكرية التابع لكتائب القسام.

واستفادت كتائب القسام من الخبرات التي يمتلكها الأسرى المحررون الذين قضوا سنوات طويلة داخل سجون الاحتلال، ودرسوا البيئة الإسرائيلية بشكل معمق، مما ساعدهم على دقة توجيه الرسائل الإعلامية.

ويخضع العاملون في الإعلام العسكري لمناورات قبل المعركة للوقوف على جاهزية العناصر في الميدان وهم يوثقون وينقلون المواد المصورة بطريقة معقدة حفاظا على أمنهم وضمان وصولها للقنوات الناقلة، وتجاوز كل التكنولوجيا الإسرائيلية الهادفة لكشفهم.

يشار إلى أن قوات الاحتلال حاولت استهداف كل مقومات عمل الإعلام العسكري بشكل كبير خلال حربها على قطاع غزة، لأنها لا تريد للصورة أن تصل للجمهور، ومع ذلك بقيت الصورة تخرج من الميدان حتى آخر يوم في المعركة.

"الوقت ينفد" رسالة كررتها كتائب القسام في فيديوهات عن الأسرى الإسرائيليين لديها وخلال تسليم بعضهم (الأناضول) السردية الفلسطينية

ويرى مراقبون سياسيون أن الرسائل التي بثتها كتائب القسام، وخصوصا في مراسم تسليم الجنود الأسرى، تأتي في سياقات سياسية وميدانية تخدم السردية الفلسطينية في المعركة وتحقّق أهدافا سياسية.

إعلان

وذهبوا إلى أن اللقطات التي وصفوها بالسينمائية تظهر التخطيط العميق للمشاهد الميدانية وتنفيذ الكمائن.

وفي هذا السياق، قال الكاتب والباحث بالشأن الإسرائيلي فايز أبو شمالة إن توالي المشاهد الميدانية أربك الجانب الإسرائيلي، وأثبت صدقية المعلومات التي تفصح عنها المقاومة الفلسطينية.

وأوضح أبو شمالة، في حديثه للجزيرة نت، أن الإعلام المقاوم وجّه من خلال رسائله ضربة موجعة للحكومة الإسرائيلية، وفي كثير من المحطات أعيد بث المشاهد التي تنشرها كتائب القسام وسط ساحات تل أبيت التي شهدت مظاهرات عائلات الأسرى الإسرائيليين.

ولفت أبو شمالة إلى أن رسائل المقاومة الفلسطينية أدت لشكوك الجمهور الإسرائيلي في قدرة الحكومة الإسرائيلية على إخضاع المقاومة وهزيمة حماس، مما أثر على توجهات الشارع الإسرائيلي، حيث لم يحظ نتنياهو في آخر استطلاع رأي إلا بعشرين مقعدا فقط في الكنيست.

واعتبر أن ذلك دليل على وجود تحولات داخل المجتمع الإسرائيلي، وباتت رغبة الإسرائيليين هي إطلاق سراح جميع الأسرى في غزة بأي ثمن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الرسائل الإعلامیة الإعلام العسکری لکتائب القسام کتائب القسام قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

باحث في العلاقات الدولية: إسرائيل فشلت في استعادة الأسرى عبر الحسم العسكري|فيديو

أكد محمد عثمان،  الباحث في العلاقات الدولية، أن مشاهد تسليم المحتجزين الإسرائيليين أظهرت أن رهان إسرائيل على الحسم العسكري في قطاع غزة، خاصة فيما يتعلق بملف تبادل الأسرى، لم يؤتِ ثماره. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من استعادة سوى 5 أو 6 أسرى عبر العمليات العسكرية.

التفاوض أثبت فعاليته في استعادة الأسرى

أوضح عثمان، خلال مداخلة هاتفية على قناة إكسترا نيوز، أن أكثر من 150 أسيرًا، سواء أحياء أو جثامين، تمت استعادتهم عبر التفاوض وتبادل الأسرى، وليس من خلال العمليات العسكرية. وأضاف أن إطلاق سراح هؤلاء المحتجزين جاء مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين، بعضهم محكوم عليهم بأحكام عالية، ما يؤكد نجاح النهج التفاوضي مقارنة بالأسلوب العسكري الإسرائيلي.

حماس تحاول إثبات انتصارها في حرب الإرادات

أكد عثمان أن حماس تحاول من خلال هذا المشهد إرسال رسالة بأنها تمكنت من الانتصار في حرب الإرادات ضد إسرائيل. وأشار إلى أن مشهد تقبيل أحد الأسرى الإسرائيليين لأحد عناصر حماس يحمل دلالات رمزية، تشير إلى أن المحتجزين لم يتم التنكيل بهم خلال احتجازهم من قبل المقاومة الفلسطينية، وذلك في ظل الاتهامات المتبادلة بشأن معاملتهم.

مقتـ.ـل عائلة بيباس بقصف إسرائيلي يفتح باب التساؤلات

لفت عثمان إلى أن قضية عائلة بيباس الإسرائيلية، التي قُتلت نتيجة القصف الإسرائيلي على غزة، تسلط الضوء على الخسائر البشرية التي تسبب فيها الجيش الإسرائيلي نفسه. وأكد أن الإفراج عن جثامينهم يثير تساؤلات حول المسؤولية الحقيقية عن مصير المحتجزين الإسرائيليين.

هل تفشل إسرائيل في تحقيق أهدافها بالحرب؟

اختتم الباحث حديثه بالإشارة إلى أن الإستراتيجية الإسرائيلية القائمة على الضغط العسكري لم تحقق أهدافها حتى الآن، مما يطرح تساؤلات حول مدى فعالية النهج الإسرائيلي في إدارة الصراع، خاصة في ظل نجاح المقاومة الفلسطينية في فرض معادلات جديدة عبر التفاوض.

مقالات مشابهة

  • أسير إسرائيلي مفرج عنه: نجونا بأعجوبة من قصف النفق الذي كنا فيه
  • أسير إسرائيلي مفرج عنه: نجوبنا بأعجوبة من قصف النفق الذي كنا فيه
  • وزير الإعلام يكرم هاشم عبده هاشم بجائزة «شخصية العام الإعلامية»
  • والدة أسير إسرائيلي ظهر في فيديو القسام: نريد أبنائنا في المنزل فورا
  • باحث سياسي: تأخير الإفراج عن الأسرى جزء من حرب الرسائل بين حماس وإسرائيل
  • آية قرآنية .. سر رسالة حماس خلال تسليم الأسرى في رفح | شاهد
  • باحث في العلاقات الدولية: إسرائيل فشلت في استعادة الأسرى عبر الحسم العسكري|فيديو
  • الظهور الأول لقيادي في حماس منذ 7 أكتوبر.. تحدث عن صحة الزهار (شاهد)
  • مَن هو الأسير الإسرائيلي الذي قبَّل رأس جنود حماس؟.. «المظروف» لم يكن هدية