لماذا يسعى حميدتي إلى السيطرة على سلاح المدرعات في السودان؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
لثلاثة أيام متتالية تحاول قوة هائلة من قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو الشهير ب” حميدتي” السيطرة على مقر سلاح المدرعات التابع للجيش السوداني بجنوب الخرطوم.
القوة المكونة من مئات المقاتلين الذين يستخدمون معظم أنواع الأسلحة بما فيها المسيرات والمدرعات والدراجات النارية هاجمت الموقع العسكري من ثلاثة محاور بعد أن ظلت تحاصره لفترة طويلة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها قوات الدعم السريع السيطرة على هذه القاعدة العسكرية منذ بدء القتال مع الجيش في أبريل/ نيسان الماضي.
فقد تمت مهاجمتها مرارا وتكرارا في مسعى للسيطرة عليها. خلال الهجمات المتكررة فقدت قوات الدعم السريع المئات من الجنود والآليات العسكرية ومع ذلك، فإن محاولات حميدتي للسيطرة على سلاح المدرعات لم تتوقف.
فلماذا يتمسك بهذا الهدف؟
يقع مقر سلاح المدرعات في منطقة الشجرة جنوب الخرطوم في مساحة تزيد على 20 كيلومترا مربعا. وهو الموقع العسكري الأكثر أهمية كونه يتوسط بين مقر القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم، والقاعدة العسكرية التابعة لسلاح الجو بمنطقة جبل أولياء في أقصى جنوب الخرطوم.
ويرى الخبير العسكري اللواء محمد إسماعيل ويرى الخبير العسكري أن قوات الدعم السريع تريد السيطرة على هذا الموقع لأنه سيمهد الطريق للاستيلاء على القيادة العامة.
وقال لبي بي سي عبر الهاتف ”قوات الدعم السريع تريد السيطرة على القيادة العامة للجيش لتعلن سقوط الخرطوم وبالتالي فإنها بحاجة إلى السيطرة على سلاح المدرعات والتي تعتبر العقبة الرئيسية في الطريق إلى القيادة العامة”.
وأضاف اللواء محمد إسماعيل إنه “إذا تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على سلاح المدرعات فهذا يعني أن الكفة العسكرية للحرب أصبحت لصالحها وبات
الطريق سالكا للسيطرة على القيادة العامة وبقية المقرات العسكرية بسهولة لأن سلاح المدرعات هو الأقوى والأكثر شكيمة”.
لطالما ارتبط سلاح المدرعات بالقوة والهيبة العسكرية لدى العسكريين والمدنيين السودانيين على حد سواء، ذلك لأنه ظل يمتلك اليد الطولى والنهائية في التحركات العسكرية سواء لتنفيذ الانقلابات العسكرية أو إبطالها.
فالقاعدة العسكرية التي تقع على الضفة الشرقية للنيل في منطقة الشجرة تمثل القوة القتالية الكبري للجيش السوداني لما تمتلكه من آليات عسكرية وعناصر بشرية مدربة على السرعة والمناورة والقوة التدميرية الهائلة.
وطبقا للمعلومات المتوفرة فإن سلاح المدرعات يضم المقر الرئيسي للقوات المسلحة السودانية ويتكون من أربع كتائب مدرعات مختلفة واثنين من ألوية المشاة المدرعة، وكتيبة مدفعية متوسطة وصغيرة هذا فضلا عن مراكز للتدريب المتطور والصيانة.
ويوضح إسماعيل أنه إذا تمكنت قوات الدعم السريع من الاستيلاء على هذا الموقع فإنه يكون قد وضع قدمه على منجم ذهب. وأضاف:”ببساطة كل هذه الآليات العسكرية ستصبح تحت سيطرتهم، وبالتالي، سيستخدمونها في معاركهم القادمة ضد الجيش نفسه وهو ما سيعزز من قدراتهم القتالية”.
يقول مقربون من حميدتي إن هنالك سببا شخصيا جعله يستميت للسيطرة على سلاح المدرعات، وهو أن القادة العسكريين في سلاح المدرعات ظلوا يرفضون نشر أي وحدات تابعة للدعم السريع داخلها. كما طلب حميدتي عندما كان نائبا لرئيس مجلس السيادة وقبل اندلاع القتال وكما حدث مع بقية الوحدات العسكرية الأخرى. وواقع الحال يؤكد ذلك،فقد انتشرت وحدات من قوات الدعم السريع في معظم المرافق العسكرية التابعة للجيش في الخرطوم وظل جنودها جنبا إلى جنب جنود الجيش في هذه المواقع ما عدا سلاح المدرعات.
ويبدو أن هذه الرغبة ليست لدى حميدتي وحده وإنما وسط جنوده أيضا، ويظهر ذلك من الصراخ الهستيري والفرحة العارمة التي أبداها أحد الجنود بعد تمكنه من الدخول إلى داخل مقر سلاح المدرعات خلال المعارك الأخيرة بحسب مقطع مصور نشرته قوات الدعم السريع.
الأكثر من ذلك، فإنه يعتقد على نطاق واسع، أن المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في البلاد في سبتمبر/ أيلول من عام 2021 والذي عرف إعلاميا ب ”انقلاب البكراوي” نفذه ضباط كبار في سلاح المدرعات احتجاجا على ”توسع نفوذ قوات الدعم السريع ”.
وذلك يفسر الزيارة السريعةوالمفاجئة التي قام بها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان برفقة حميدتي إلى مقر سلاح المدرعات بعد ساعات من إحباط المحاولة الانقلابية ومحاولة تهدئة الأوضاع خلال خطابه الشهير الموجه للضباط والجنود.
ويرى خبير أمني وعسكري في أكاديمية الأمن العليا في الخرطوم أن قائد قوات الدعم السريع ”يريد سلاح المدرعات بأي ثمن”.
بعد أن طلب حجب هويته ، قال: “المرة الوحيدة التي وطئت فيها قدمه سلاح المدرعات كانت برفقة البرهان . هو يشعر بالإهانة من عدم تمكنه من هذه القوات بالذات . يريد أن يسترد كرامته بأي وسيلة ومهما كان الثمن”.
محمد محمد عثمان – بي بي سي عربي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
وزير سوداني: دول استعانت بالدعم السريع للسيطرة على الثروات
قال وزير الثقافة والإعلام السوداني خالد الإعيسر إن الدعم السريع "معول هدم استعانت به دول ومنظمات دولية لتستأثر بالموارد السودانية".
وأضاف الوزير -في مقابلة أجرتها معه وكالة الأناضول- أن السودان دولة زاخرة بالموارد وهذا سبب إشكالاتها، وشدد على أن "الدول التي تعادي السودان الآن وترتكب جرائم بلغت حد جرائم ضد الإنسانية إنما هدفها هو الاستئثار بموارد الدولة".
وأشار الإعيسر إلى أن تلك الدول -التي لم يُسمّها- أرادت من خلال الحرب أن "تأتي بمجموعات من عربان الشتات الذين لا بلاد لهم، واستفادت من الامتدادات الجغرافية والقبلية والتداخل الإثني، في محاولة لتغيير هوية الشعب ودولته"، وفق وصفه.
كما أن رغبة تلك الدول المحمومة بالسيطرة على موارد السودان جعلتها "تستعين بكوادر سودانية حتى تسيطر على السلطة عبر مليشيا الدعم السريع التي ستفتح لها كل مواعين الاستثمار والاستئثار بالمكاسب الوطنية"، كما أشار الإعيسر.
عائلات تفر من تقدم قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة السودانية على طريق سنار (رويترز)وأوضح الإعيسر أن الحكومة والشعب أدركا باكرا هذه القضية، ولذلك تصدى الجميع لها "لأنها حرب وجودية"، بحسب وصفه.
وقال وزير الثقافة والإعلام السوداني إن السودانيين تضرروا من الحرب، فلا تخلو أسرة أو منطقة أو مدينة من ضرر، والأكثر معاناة "هم من وقعوا في دائرة سيطرة الدعم السريع"، وفق تعبيره.
السيطرة على الإعلاموتحدث الوزير في مقابلته عن دور الإعلام الغربي في "تزييف الحقائق لصالح المليشيات"، وتحدث عن اهتمام الدعم السريع المبكر بالسيطرة على المنافذ الإعلامية منذ الساعات الأولى لما سماها "المحاولة الانقلابية الفاشلة" في منتصف أبريل/نيسان 2023، وأنها "خططت لتكتم كل أصوات الإعلام السوداني"، بحسب تعبير الإعيسر.
وأضاف أن قوات الدعم السريع "وضعت يدها على الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ووكالة السودان للأنباء وكل المؤسسات الإعلامية القومية والخاصة لكي تنجح العملية الانقلابية".
إعلانوأكمل الإعيسر أن قوات الدعم السريع "استهدفت المؤسسات الإعلامية ضمن جهودها للسيطرة على السلطة وتهجير الشعب وتغيير الهوية السكانية للمواطنين".
وأفاد بأن هذا انعكس سلبا على الأداء الإعلامي في الفترات السابقة، و"لكننا بصدد بناء مؤسسات جديدة، وبدأنا العمل منذ أشهر"، مشيرا إلى أن "خسائر المؤسسات الإعلامية تقدر بعشرات الملايين من الدولارات".
وبيّن الإعيسر أنه "لا بد من تأسيس دولة سودانية بمفاهيم جديدة، فهناك حملات إعلامية لإضعاف القضية الوطنية وضرب الشراكات الإستراتيجية للسودان".
الدور التركيوتناولت المقابلة التي أجرتها وكالة الأناضول مع الوزير السوداني العلاقات السودانية التركية، وقد وصفها الإعيسر بـ"الراسخة والمتينة".
وقال الإعيسر إنه "كان لتركيا دور مهم ومحوري خلال الأعوام الفائتة من خلال التعاون السياسي والاقتصادي والأمني مع السودان".
وتعقيبا على الوساطة التركية الرامية إلى حل الصراع في السودان بين الجيش السوادني وقوات الدعم السريع، قال الإعيسر "إن بلاده ترحب بكل المبادرات الساعية لوقف قتل السودانيين ووضع حد لمن يمدون مليشيات الدعم السريع بالسلاح"، وفق تعبيره.
وكانت الرئاسة التركية قد أعلنت في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري أن الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان خلال اتصال هاتفي استعداد أنقرة للتوسط في حل النزاع بين السودان والإمارات، ووقف الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين يؤكد بحث لجامعات أميركية أن إجمالي القتلى أعلى من ذلك بكثير، إذ يصل إلى نحو 130 ألف شخص قُتلوا بشكل مباشر وغير مباشر.
إعلان