باحث لـ الشاهد: جماعة الإخوان الرحم الذي أنجب كل الجماعات العنيفة
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
قال الكاتب والباحث رفعت سيد أحمد متخصص في شؤون الحركات الإسلامية، إنّ جماعة الإخوان هي الرحم الذي أنجب كل الجماعات العنيفة مثل داعش، مشيرًا إلى أن التاريخ هو من يحسم صحة أو خطأ هذه النتيجة.
وأضاف "أحمد"، في حواره مع الإعلامي محمد الباز مقدم برنامج "الشاهد"، المذاع على قناة "إكسترا نيوز": "مقالات تكفير المجتمع التي أبدع فيها سيد قطب في كتابه معالم في الطريق وفي كتبه الأخرى بين السطور وحتى في ظلال القرآن الكريم أسست للجماعات التالية للإخوان وعلى رأسها جماعة التكفير والهجرة".
وتابع الباحث: "سيد قطب أُعدم في عام 1966م، وكان من بين الشباب الذين يجمعون التبرعات لجماعة سيد قطب شكري مصطفى الذي ألقي القبض عليه وشكل في السجن عام 1969 نواة تنظيم التكفير والهجرة، حيث سمى هذه النواة بجماعة المسلمين وكفّر ضابط السجن ثم المأمور ثم رئيس الدولة والمجتمع، ودعا إلى تأسيس يثرب جديدة خارج هذا المجتمع والهجرة إليها، فقد أخذ فلسفة التكفير من كتابات سيد قطب".
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإخوان محمد الباز توك شو الشاهد رفعت سيد أحمد سید قطب
إقرأ أيضاً:
مكافحة الإرهاب في الساحل.. بين الضرورات الأمنية والتحديات السياسية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في خطوة لتعزيز الأمن الحدودي، أطلقت مالي والسنغال عمليات دوريات مشتركة على طول حدودهما المشتركة البالغة ٧٠٠ كيلومتر في ٢٠ فبراير ٢٠٢٥، وذلك لمواجهة تهديدات جماعة نصرة الإسلام المسلمين، التابعة لتنظيم القاعدة. جاءت هذه المبادرة بعد سلسلة هجمات إرهابية في غرب مالي، بما في ذلك اختطاف وقتل أحد الزعماء الدينيين البارزين في المنطقة.
تم إطلاق العمليات المشتركة من منطقة "ديبولي"، وهي نقطة استراتيجية على الحدود بين البلدين. وتشمل هذه الدوريات مشاركة وحدات عسكرية متخصصة من الجانب السنغالي، مثل المنطقة العسكرية رقم ٤ ومجموعة المراقبة والتدخل السريع، إلى جانب القوات المسلحة المالية وأجهزة الأمن الداخلي. وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز المراقبة على المحاور الاستراتيجية وحماية المدنيين من هجمات الجماعات الإرهابية.
وأشاد رئيس الوزراء المالي السابق، موسى مارا، بالمبادرة، مؤكدًا أهمية التعاون العابر للحدود في مواجهة انعدام الأمن. وأكد على ضرورة تعزيز التعاون بين دول المنطقة لمكافحة الإرهاب بشكل فعال. تأتي هذه المبادرة في إطار دبلوماسي أوسع. فخلال زيارته الأخيرة إلى باماكو، أعاد وزير الدفاع السنغالي، بيرام ديوب، ونظيره المالي، الجنرال ساديو كامارا، تأكيد التزامهما المشترك بمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، رغم انسحاب مالي من مجموعة "الإيكواس".
وأعربت سلطات البلدين عن نيتها جعل هذه الدوريات دائمة على طول الحدود، بهدف إنشاء آلية مراقبة دائمة لتقليل مخاطر الهجمات والجريمة.
ويستند هذا التعاون إلى تجارب سابقة في التعاون الإقليمي، مثل العمليات المشتركة التي نفذتها مالي والسنغال وموريتانيا في سبتمبر ٢٠٢٤ في مناطقهم الحدودية. كما يتم تعزيز التعاون العسكري بين مالي والسنغال من خلال تبادل المتدربين العسكريين منذ توقيع اتفاقية فنية في مارس ٢٠٢١.
في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها منطقة الساحل، يبرز التعاون بين مالي والسنغال كنموذج للتعامل مع الأزمات عبر الحدود. ومع ذلك، فإن تحقيق النجاح المستدام سيتطلب جهودًا متواصلة لضمان استقرار المنطقة على المدى الطويل.
السياقات والدلالات
يمثل التعاون الأمني بين مالي والسنغال تطورًا لافتًا في خريطة المواجهة الإقليمية للإرهاب، حيث يأتي في وقت تعاني فيه منطقة الساحل من تحولات جيوسياسية وأمنية عميقة. من أبرز هذه التحولات انسحاب مالي من مجموعة الإيكواس، وهو قرار أضعف بشكل ملحوظ التعاون الأمني التقليدي بين دول المنطقة، مما أثار مخاوف بشأن قدرة باماكو على مواجهة التهديدات الإرهابية بمفردها. ورغم هذا الانسحاب، فإن الاتفاق مع السنغال على إطلاق دوريات مشتركة يعكس إدراكًا عمليًا بأن الأمن الإقليمي لا يمكن التعامل معه بمعزل عن الجوار، وأن المصالح الوطنية تتطلب في بعض الأحيان تجاوز الأطر الإقليمية الرسمية لصالح تعاون ثنائي مباشر أكثر مرونة وفاعلية.
هذا التعاون يكتسب أهمية إضافية نظرًا لطبيعة التهديد الذي يستهدفه، حيث تتعرض المناطق الغربية من مالي لهجمات متزايدة من قبل جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، التابعة لتنظيم القاعدة. خلال الأشهر الأخيرة، صعدت الجماعة من عملياتها الإرهابية، مستهدفة مواقع عسكرية وأمنية، بالإضافة إلى شخصيات دينية بارزة، كما حدث مع الزعيم الديني الذي تم اختطافه وقتله مؤخرًا.
هذا التصعيد يعكس تحولًا استراتيجيًا في نشاط الجماعة، حيث لا تقتصر عملياتها على المواجهة العسكرية التقليدية مع القوات الحكومية، بل تشمل أيضًا محاولة فرض هيمنتها على البنية الاجتماعية والدينية للمنطقة، من خلال استهداف الرموز الدينية والسيطرة على المؤسسات المحلية.
اختيار هذه الجماعة كهدف رئيسي للدوريات المشتركة ليس مجرد قرار عسكري، بل هو خطوة ذات أبعاد سياسية وأمنية عميقة. فمن جهة، تسعى الحكومتان في مالي والسنغال إلى إرسال رسالة مفادها أن هناك تنسيقًا جادًا لمواجهة هذه التهديدات، في ظل تصاعد الهجمات العابرة للحدود. من جهة أخرى، فإن هذه العمليات تسلط الضوء على أن الخطر الذي تمثله الجماعات الإرهابية في الساحل لا يقتصر فقط على الجانب العسكري، بل يمتد إلى المجال الأيديولوجي والاجتماعي، ما يتطلب استراتيجيات مواجهة متعددة المستويات، تشمل العمل الأمني إلى جانب التنمية ومكافحة الفكر المتطرف.
علاوة على ذلك، فإن هذه الخطوة قد تكون مؤشرًا على تحولات أوسع في طبيعة التعاون الأمني في الساحل. ففي ظل التغيرات التي طرأت على التحالفات الإقليمية، وتزايد الدور الذي تلعبه الدول منفردة في مكافحة الإرهاب بعيدًا عن المنظومات الإقليمية التقليدية.
وقد يكون التعاون بين مالي والسنغال نموذجًا لمقاربات أمنية جديدة تعتمد على الاتفاقات الثنائية بدلًا من الاعتماد على الأطر الجماعية التي باتت تواجه تحديات سياسية تعوق فاعليتها. ومع ذلك، فإن مدى نجاح هذا التعاون سيظل مرتبطًا بقدرته على الاستمرارية والتكيف مع التهديدات المتغيرة في المنطقة.
الأثر على مكافحة الإرهاب وتناميه
تمثل الدوريات الأمنية المشتركة بين مالي والسنغال خطوة مهمة في تعزيز الأمن على الحدود المشتركة، خاصة في ظل استغلال الجماعات الإرهابية، مثل "نصرة الإسلام والمسلمين"، للفراغات الحدودية كمعابر آمنة لنقل المقاتلين والأسلحة.
انتشار القوات الأمنية في هذه المناطق يعكس إدراكًا متزايدًا لأهمية السيطرة على هذه المساحات غير المحكومة، التي لطالما شكلت ملاذًا للجماعات المتشددة. ومع ذلك، فإن التجارب السابقة تشير إلى أن الحلول العسكرية، رغم أهميتها، تظل غير كافية ما لم يتم دعمها بمقاربات أكثر شمولًا، تعالج الأسباب الجذرية لتمدد هذه الجماعات.
من أبرز التحديات التي تواجه مثل هذه العمليات مسألة استدامتها على المدى الطويل. فمن المعروف أن الحملات الأمنية غالبًا ما تبدأ بزخم كبير، لكنها سرعان ما تصطدم بعقبات لوجستية ومالية تعوق استمرارها. فالعمليات الحدودية تتطلب موارد ضخمة، تشمل التجهيزات العسكرية، والقدرة على تأمين الإمدادات، وتوفير المعلومات الاستخباراتية المحدثة. وفي حال لم تحصل مالي والسنغال على دعم مستمر، سواء من الداخل أو من الشركاء الدوليين، فقد تتحول هذه الحملة إلى مجرد إجراء مؤقت لا يُحدث تغييرًا جذريًا في المعادلة الأمنية.
إلى جانب البعد اللوجستي، هناك تحدٍ سياسي يتعلق بالتنسيق بين البلدين، خاصة أن لكل منهما أولوياته الأمنية الخاصة. مالي، على سبيل المثال، تواجه ضغوطًا متعددة بسبب نشاط الجماعات الإرهابية في عدة مناطق، مما قد يجعلها تعطي الأولوية لمناطق أخرى على حساب الحدود السنغالية. من جهتها، السنغال، التي تُعتبر من أكثر دول غرب إفريقيا استقرارًا، قد تجد نفسها مضطرة إلى مراجعة انخراطها في العمليات المشتركة إذا ما أدى ذلك إلى استنزاف مواردها أو إلى تصاعد التهديدات داخل أراضيها.
التحدي الآخر الذي لا يقل أهمية هو موقف السكان المحليين من هذه العمليات. إذ إن المجتمعات الحدودية في الساحل تعاني من غياب الدولة وضعف الخدمات الأساسية، ما يجعل بعضها أكثر تقبلًا لوجود الجماعات المسلحة، خاصة عندما توفر هذه الجماعات بدائل اقتصادية أو تطرح نفسها كحامٍ في ظل غياب الأمن الرسمي.
في هذا السياق، أي حملة أمنية لا تراعي البعد الاجتماعي قد تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث قد يدفع القمع العشوائي أو الاستهداف الخاطئ بعض السكان إلى التعاطف مع المسلحين بدلًا من التعاون مع الدولة. إضافةً إلى ذلك، فإن الجماعات الإرهابية نفسها أثبتت قدرة عالية على التكيف مع الضغوط الأمنية، سواء من خلال إعادة الانتشار إلى مناطق جديدة، أو عبر تغيير تكتيكاتها القتالية.
وفي حال لم يتم تعزيز العمليات العسكرية بجهود استخباراتية فعالة، فقد تجد هذه الجماعات طرقًا بديلة لمواصلة نشاطها، مما يقلل من تأثير الدوريات المشتركة على المدى الطويل.
بناءً على ما سبق، فإن نجاح هذه المبادرة مرهون بمدى قدرتها على دمج الحلول الأمنية مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فإذا تمكنت الحكومتان من تقديم مشاريع تنموية تعزز ثقة السكان بالدولة، بالتوازي مع العمليات العسكرية، فقد يشكل ذلك ضربة استراتيجية للجماعات المسلحة.
أما إذا اقتصر الأمر على العمل العسكري فقط، فمن المرجح أن يكون التأثير محدودًا، ما يسمح للإرهاب بإعادة إنتاج نفسه بطرق مختلفة.
نحو مقاربة شاملة؟
يمثل التعاون بين مالي والسنغال خطوة إيجابية نحو تعزيز الأمن الإقليمي، لكنه لن يكون كافيًا ما لم يُدمج في استراتيجية أوسع تشمل جوانب تنموية واجتماعية. فمكافحة الإرهاب لا يمكن أن تقتصر على العمل العسكري وحده، بل يجب أن تستهدف معالجة الأسباب العميقة التي تغذي العنف المسلح، مثل الفقر، البطالة، والتهميش الاجتماعي.
فالمناطق الحدودية التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية غالبًا ما تعاني من ضعف الخدمات الأساسية وغياب الدولة، مما يجعل السكان أكثر عرضة للتجنيد من قبل الجماعات المسلحة التي تقدم لهم إغراءات مادية أو حماية بديلة. لذلك، فإن نجاح أي جهود أمنية يتطلب استثمارات طويلة الأمد في البنية التحتية، الصحة، والتعليم، لضمان خلق بيئة لا تشجع على انتشار التطرف.
إلى جانب التنمية، فإن تعزيز الحوكمة الرشيدة يمثل عنصرًا حاسمًا في أي مقاربة شاملة. فكثير من التوترات في منطقة الساحل تعود إلى مشكلات الحكم وسوء إدارة الموارد، ما يؤدي إلى تآكل ثقة المواطنين في الدولة.
لذا، فإن تحسين كفاءة المؤسسات الحكومية، وضمان الشفافية، ومحاربة الفساد، يمكن أن يسهم في تقليص قدرة الجماعات الإرهابية على استغلال المظالم المحلية لصالح أجنداتها.
كما أن تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية في إدارة شئونها، عبر الحكم اللامركزي، يمكن أن يخلق نوعًا من الشراكة بين الدولة والمجتمع، مما يسهم في بناء مناعة أقوى ضد التطرف.
على المستوى الإقليمي، فإن توسيع نطاق التعاون ليشمل دولًا أخرى مثل موريتانيا والنيجر يمكن أن يخلق بيئة أمنية أكثر تكاملًا، خاصة مع تصاعد التهديدات العابرة للحدود. فالحدود بين دول الساحل تظل مناطق رخوة يسهل استغلالها من قبل الجماعات الإرهابية، ما يجعل من الضروري تبني آليات تنسيق أمني أكثر شمولًا، مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية، وإجراء عمليات مشتركة على نطاق أوسع، وتعزيز التعاون في مجال مراقبة الحدود. وقد أثبتت تجارب سابقة، مثل "مجموعة دول الساحل الخمس"، أن التعاون متعدد الأطراف يمكن أن يكون أكثر فاعلية من الجهود الفردية للدول.
ومع ذلك، فإن أي مقاربة إقليمية ناجحة يجب أن تراعي التغيرات الجيوسياسية الحاصلة في المنطقة، خاصة مع تراجع الدور التقليدي للقوى الغربية مثل فرنسا، وبروز لاعبين جدد مثل روسيا وتركيا. كما أن الانقسامات بين دول المنطقة، كما هو الحال بين مالي والإيكواس، قد تعرقل فرص التعاون الفعّال. لذلك، فإن إيجاد آليات جديدة للتنسيق، سواء عبر اتفاقيات ثنائية أو مبادرات إقليمية مرنة، قد يكون أكثر واقعية من الاعتماد على الأطر التقليدية التي تواجه تحديات سياسية تعوق فعاليتها.
في النهاية، يعتمد نجاح التعاون الأمني بين مالي والسنغال على قدرته على التطور من مجرد استجابة عسكرية مؤقتة إلى نهج شامل يعالج العوامل العميقة التي تغذي الإرهاب.
فالمواجهات العسكرية وحدها، رغم أهميتها، لن تكون كافية ما لم تُرافق بإصلاحات سياسية وتنموية تعزز ثقة السكان بالدولة وتحدّ من قدرة الجماعات المتطرفة على استقطاب الأفراد.
لذلك، فإن تحويل هذه المبادرة إلى نموذج مستدام يتطلب رؤية طويلة الأمد تشمل تحسين الحوكمة، الاستثمار في البنية التحتية، وتوفير الفرص الاقتصادية للشباب الذين يشكلون الفئة الأكثر استهدافًا من قبل التنظيمات الإرهابية.
وعلاوة على ذلك، فإن مأسسة هذا التعاون وجعله جزءًا من استراتيجية إقليمية أوسع سيكون عاملًا حاسمًا في نجاحه. فإذا لم تتمكن مالي والسنغال من ضمان استمرارية هذا النهج وتعزيزه عبر اتفاقيات دائمة وآليات تنسيق فعالة، فسيظل خطر عودة الجماعات المسلحة إلى التمدد قائمًا، مما قد يؤدي إلى إعادة إنتاج الأزمة الأمنية من جديد.
وبذلك، يصبح التحدي الحقيقي ليس فقط في التصدي الفوري للتهديدات الإرهابية، بل في خلق بيئة أمنية مستقرة تمنع تكرارها وتضمن مستقبلًا أكثر أمنًا لمنطقة الساحل بأكملها.