سودانايل:
2025-04-23@09:28:10 GMT

من المسؤول عن الانقسام الجديد لحزب الأمة؟

تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT

القرار الذي أصدره فصيل من حزب الأمة القومي بإقالة فضل الله برمة ناصر من مهامه الرئاسية سيوجد - لا محالة - انقساماً شديداً داخل الحزب العتيق، والذي يبدو أن هناك الآن ثلاثة أجنحة تتصارع حول قيادته: جناح برمة، و٢- صديق المهدي، و٣- وكريمات الصادق المهدي. إن حال الحزب الآن أمر مؤسف بالنسبة لنا نحن الذين نريد العافية، والإصلاح، لمؤسساتنا الحزبية المركزية حتى تضطلع بمهام توحيد السودانيين فوق العشائرية، والقبلية.

الحقيقة أن غياب الزعيم الصادق المهدي بكاريزماه التاريخية، والدينية، والسياسية، المعترف بها داخل تكوين الحزب قد ألقى بظلاله السالبة على التنظيم منذ لحظة وفاته. فهو - من ناحية - لم يجدْ في إعداد خليفة له حقيقي سواء داخل الأسرة، أو خارجها، ليكون مقبولاً للقاعدة الأنصارية قبل الحزبية. فإذا نظرنا بحساب التوريث المتوقع فإن الراحل الصادق المهدي نفسه - برغم حفاظه على الجسم الغالب في حزب الأمة بعد وفاة عمه - ساهم في هذا الفراغ الرئاسي. فابنه اختار، بمباركة من الأب، قراره الذي قضى يحرق نفسه مع النظام الاسلاموي. وبعد نجاح ثورة ديسمبر اللحظي لم يساعد اعتذار عبد الرحمن الصادق المهدي لقاعدة الحزب في جعله عضواً قيادياً فيه ناهيك عن أن يكون في سدته الرئاسية. ونتيجةً لفقر تقديراته السياسية المستمرأة عاد عبد الرحمن إلى حاضنة البرهان بعد الثورة، وانضم للكتلة الديمقراطية المناوئة للحزب، وبعد الحرب ارتدى بزته العسكرية. ولما فشل في تسويق نفسه كبطل مقاتل مثل كيكل - على أقل تقدير - عاد إلى المدنية بتوظيف من النظام لإعداده ليكون رئيس الوزارة المرتقبة، كما أشارت بعض مصادر. من ناحية ثانية لم يبد الصادق المهدي من السياسات الحكيمة التي تكفل إبعاد التوريث، والانحياز للكفاءة على حساب البراعة. فهو لم يحافظ على قيادات تاريخيّة مميزة تعينه حتى قبل وفاته بنضالاتها المعروفة. فاعتزل آدم موسى مادبو، وفيصل عبد الرحمن علي طه، وبكري عديل، وصلاح إبراهيم أحمد، وعبد المحمود أبو صالح. وإذا قلنا إن الراحل بريء من إبعادهم من سدة القيادة الاستشارية فإن المناخ القيادي في الحزب أجبرهم على الابتعاد فيما قرب الصادق شخصيات للاستشارة مشكوك في ولائها وضعيفة في مستواها المعرفي. ومن ضمن هؤلاء الفريق صديق إسماعيل الذي كان محافظاً لكلبس، واحتفظ بعلاقات مريبة مع النظام المباد كما قال خصومه. منذ وفاة الإمام محمد أحمد المهدي كانت قيادة الأنصار تواجه تحديات جمة، وكلنا نعرف الصراع الجهوي الذي واجه اختيار الخليفة. ولما استلم القيادة بعد دحر المهدية ابنه عبد الرحمن نجح في تعزيز قيادته الحزب حتى مماته، ولكن بعد وفاته حدث الخلاف داخل الأسرة حول القيادة السياسية. ومنذ ذلك الوقت ظلت الخلافات الشخصية، والموضوعية، تضرب جنبات الحزب، والأسرة. ولكن ظل الزعيم الصادق المهدي يمسك بزمام غالب عضوية الحزب، ولم تفلح أحزاب الأمة العديدة التي كونها بعض أفراد الأسرة، وخارجه، من منازعة ثقل الإمام الزعيم، وإن كان قد ناقض نفسه لاحقاً. إذا رضي أن يجمع ما بين المنصبين بعد أن كان قد استكثره على عمه الإمام الهادي المهدي. بعض النقاد الغلاة يفرحون لهذا التشظي الذي واجهه حزب الأمة، وغريمه الاتحادي، بعد الإنقاذ حتى صار للحزبين التقليدين أكثر من ستة فروع، أو تزيد لكل منهما. وذلك بحجة أنهما سبب مؤثر لأزمة السودان. ولكن اعتقد أن الحزبين برغم أخطائهما الكارثية سوى أنهما وحدا السودانيين فوق التفكير الجهوي، والقبائلي. وكان من المتوقع أن يصححا بين مرحلة، وأخرى، الأخطاء التاريخية حتى يزدهرا باتجاه إنجاز الرؤى السياسية العقلانية المتقدمة. ولكن!. تأتي إقالة برمة في ظل وضع استقطابي شديد للغاية. ولعل استبداله بخليفته الدومة المنحاز للجيش يؤشر لأكثر من معنى في أتون هذا الصراع داخل مكونات الحزب. ولا ندري حتى الآن إن كانت إقالة برمة استوفت شروطها اللائحية الحزبية، وتمت بخضوره أم لا. ولكن عموماً فإن هذه الخطوة سواء كانت دستورية أم لا، فلا مناص من أن تزيد أوار الصراع على مستوى القواعد. ذلك إذا ما استطاعت رئاسة الحزب ضبط خطوات قياديها بشكل يمنع الانفراد في اتخاذ القرار الكبير نوعياً. ما لا يسهم في استقرار الحزب، ويشكك في صدق نوايا الذين أقالوا برمة لمعالجة منازعة قيادة الحزب بين دعم الجيش أو الدعم السريع هو موقفا د. مريم الصادق وشقيقتها الأستاذة رباح. فهن بارحا الحياد بين طرفي الحرب في تصريحاتهن، وأثبتن انحيازهن للجيش بجانب انحياز الدومة له على خلفية تضرر مكونه القبلي من الدعم السريع. إن الحاجة ملحة أمام عقلاء الحزب لأبعاده عن الاستقطاب نحو طرفي النزاع كما كان هذا هو الموقف المفترض في أحزابنا المركزية أن تجسر للتفاوض بين الطرفين لإنهاء الحرب. بالإضافة إلى ذلك فإن قاعدة الحزب - حيث أغلبيتها في دارفور وكردفان - تتعرضان منذ فترة لقصف يومي من طيران الجيش الذي راح ضحيته مئات المدنيين، وتدمير البنيات التحتية على شحها. ولهذا فإن انحياز مريم ورباح وشقيقهما عبد الرحمن للجيش ستتبعه ردود فعل مناوئة غاضبة لقيادات، وقاعدة الحزب، ما يجعل من الصعب على الحزب القيام بدور إيجابي لوقف الحرب. في وقت نطالب كديمقراطيين بتوحيد أحزابنا في مظلة وطنية جامعة لوقف الحروب يأتي انقسام حزب الأمة ليزيد الفتق على الراتق الوطني. ومع ذلك فالسبيل لمعالجة الأزمة هو استئناف الاعتماد على المصلحة العامة، وليست الفردية لقيادات الحزب.

suanajok@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الصادق المهدی عبد الرحمن حزب الأمة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: الانقسام السياسي يعمّق الأزمة الاقتصادية في ليبيا رغم الموارد الوفيرة

???? ليبيا | تقرير أممي: الانقسام السياسي يهدد الاستقرار الاقتصادي رغم موارد البلاد الوفيرة

???? أزمة انتقال سياسي مطوّل تقوّض فرص الرفاه والاستقرار ⚖️
ليبيا – أكد تقرير اقتصادي صادر عن القسم الإنجليزي في مركز أنباء الأمم المتحدة أن الانتقال السياسي الهش والمطول في ليبيا يواجه تحديات اقتصادية وسياسية متفاقمة، ما يُهدد استقرار البلاد ويؤثر على مستوى الرفاه الأمني والاجتماعي، رغم ما تمتلكه ليبيا من موارد قادرة على تحقيق الأمن والازدهار.

???? انقسام حكومي وتوترات تهدد وقف إطلاق النار ????
أوضح التقرير، الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد، أن التوتر بين حكومتي الدبيبة والاستقرار يشكل أحد أبرز عناصر التأزيم، ما يزيد من تعقيد المشهد ويهدد حالة الهدوء النسبي السائدة منذ وقف إطلاق النار الموقع في عام 2020، رغم بعض الانتهاكات الأمنية والتوترات المحلية التي ما تزال تحدث بين الحين والآخر.

???? النساء والفئات الضعيفة في مرمى العنف وضعف الحماية ????
كما أبرز التقرير أن النساء في ليبيا ما زلن يتعرضن لتهديدات خطيرة، من بينها العنف القائم على النوع الاجتماعي، في ظل ضعف الحماية القانونية والاجتماعية، ما يزيد من هشاشة الواقع الحقوقي والإنساني، ويفرض تحديات إضافية على جهود تحقيق الاستقرار المجتمعي.

???? الأمم المتحدة تسعى لدفع العملية السياسية والاقتصادية ????️
وأشار التقرير إلى أن الأمم المتحدة تيسّر حاليًا عمل لجنة استشارية تم إنشاؤها في فبراير الماضي لبحث القضايا الخلافية المتعلقة بالانتخابات، على أن تقدم تقريرها مرفقًا بمقترحات بنهاية أبريل الجاري. كما لفت إلى أن البعثة تجري مشاورات مع خبراء اقتصاديين لصياغة إصلاحات مالية واقتصادية تضمن تعزيز الشفافية والاستدامة.

???? تنسيق أمني بين شرق وغرب البلاد ????️
ونوّه التقرير إلى استمرار جهود التواصل وتبادل المعلومات بين السلطات العسكرية شرقًا وغربًا، مشيرًا إلى مراكز تنسيق أمني مشتركة يجري العمل على إنشائها كخطوة لدعم الحوار العسكري والتخفيف من خطر اندلاع صراعات جديدة.

ترجمة المرصد – خاص

 

مقالات مشابهة

  • المسؤول الغبي
  • ما قصة القرض الذي سيوقعه وزير المال مع البنك الدولي؟
  • "بص يا كبير" أولى أغنيات ألبوم مروان موسى الجديد "الرجل الذي فقد قلبه"
  • ما هو القسم الجديد الذي أداه أئمة الأوقاف أمام السيسي في الأكاديمية العسكرية؟
  • التحية للدكتور الصادق الرزيقي القوي الذي وقف وقفة مشرفة
  • الرجل الذي فقد قلبه.. تفاصيل ألبوم مروان موسى الجديد
  • علامات المؤمن الصادق وصفاته.. تعرف عليها
  • ???? زينب المهدي: قصة ان حزب الأمة سلّح القبائل العربية،، إنها كذبة
  • لا أظن أن ثمة أمل في مبارك الفاضل وفي حزبه في هذه المرحلة من واقع الأمة السودانية!
  • الأمم المتحدة: الانقسام السياسي يعمّق الأزمة الاقتصادية في ليبيا رغم الموارد الوفيرة