سودانايل:
2025-02-25@12:32:15 GMT

من المسؤول عن الانقسام الجديد لحزب الأمة؟

تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT

القرار الذي أصدره فصيل من حزب الأمة القومي بإقالة فضل الله برمة ناصر من مهامه الرئاسية سيوجد - لا محالة - انقساماً شديداً داخل الحزب العتيق، والذي يبدو أن هناك الآن ثلاثة أجنحة تتصارع حول قيادته: جناح برمة، و٢- صديق المهدي، و٣- وكريمات الصادق المهدي. إن حال الحزب الآن أمر مؤسف بالنسبة لنا نحن الذين نريد العافية، والإصلاح، لمؤسساتنا الحزبية المركزية حتى تضطلع بمهام توحيد السودانيين فوق العشائرية، والقبلية.

الحقيقة أن غياب الزعيم الصادق المهدي بكاريزماه التاريخية، والدينية، والسياسية، المعترف بها داخل تكوين الحزب قد ألقى بظلاله السالبة على التنظيم منذ لحظة وفاته. فهو - من ناحية - لم يجدْ في إعداد خليفة له حقيقي سواء داخل الأسرة، أو خارجها، ليكون مقبولاً للقاعدة الأنصارية قبل الحزبية. فإذا نظرنا بحساب التوريث المتوقع فإن الراحل الصادق المهدي نفسه - برغم حفاظه على الجسم الغالب في حزب الأمة بعد وفاة عمه - ساهم في هذا الفراغ الرئاسي. فابنه اختار، بمباركة من الأب، قراره الذي قضى يحرق نفسه مع النظام الاسلاموي. وبعد نجاح ثورة ديسمبر اللحظي لم يساعد اعتذار عبد الرحمن الصادق المهدي لقاعدة الحزب في جعله عضواً قيادياً فيه ناهيك عن أن يكون في سدته الرئاسية. ونتيجةً لفقر تقديراته السياسية المستمرأة عاد عبد الرحمن إلى حاضنة البرهان بعد الثورة، وانضم للكتلة الديمقراطية المناوئة للحزب، وبعد الحرب ارتدى بزته العسكرية. ولما فشل في تسويق نفسه كبطل مقاتل مثل كيكل - على أقل تقدير - عاد إلى المدنية بتوظيف من النظام لإعداده ليكون رئيس الوزارة المرتقبة، كما أشارت بعض مصادر. من ناحية ثانية لم يبد الصادق المهدي من السياسات الحكيمة التي تكفل إبعاد التوريث، والانحياز للكفاءة على حساب البراعة. فهو لم يحافظ على قيادات تاريخيّة مميزة تعينه حتى قبل وفاته بنضالاتها المعروفة. فاعتزل آدم موسى مادبو، وفيصل عبد الرحمن علي طه، وبكري عديل، وصلاح إبراهيم أحمد، وعبد المحمود أبو صالح. وإذا قلنا إن الراحل بريء من إبعادهم من سدة القيادة الاستشارية فإن المناخ القيادي في الحزب أجبرهم على الابتعاد فيما قرب الصادق شخصيات للاستشارة مشكوك في ولائها وضعيفة في مستواها المعرفي. ومن ضمن هؤلاء الفريق صديق إسماعيل الذي كان محافظاً لكلبس، واحتفظ بعلاقات مريبة مع النظام المباد كما قال خصومه. منذ وفاة الإمام محمد أحمد المهدي كانت قيادة الأنصار تواجه تحديات جمة، وكلنا نعرف الصراع الجهوي الذي واجه اختيار الخليفة. ولما استلم القيادة بعد دحر المهدية ابنه عبد الرحمن نجح في تعزيز قيادته الحزب حتى مماته، ولكن بعد وفاته حدث الخلاف داخل الأسرة حول القيادة السياسية. ومنذ ذلك الوقت ظلت الخلافات الشخصية، والموضوعية، تضرب جنبات الحزب، والأسرة. ولكن ظل الزعيم الصادق المهدي يمسك بزمام غالب عضوية الحزب، ولم تفلح أحزاب الأمة العديدة التي كونها بعض أفراد الأسرة، وخارجه، من منازعة ثقل الإمام الزعيم، وإن كان قد ناقض نفسه لاحقاً. إذا رضي أن يجمع ما بين المنصبين بعد أن كان قد استكثره على عمه الإمام الهادي المهدي. بعض النقاد الغلاة يفرحون لهذا التشظي الذي واجهه حزب الأمة، وغريمه الاتحادي، بعد الإنقاذ حتى صار للحزبين التقليدين أكثر من ستة فروع، أو تزيد لكل منهما. وذلك بحجة أنهما سبب مؤثر لأزمة السودان. ولكن اعتقد أن الحزبين برغم أخطائهما الكارثية سوى أنهما وحدا السودانيين فوق التفكير الجهوي، والقبائلي. وكان من المتوقع أن يصححا بين مرحلة، وأخرى، الأخطاء التاريخية حتى يزدهرا باتجاه إنجاز الرؤى السياسية العقلانية المتقدمة. ولكن!. تأتي إقالة برمة في ظل وضع استقطابي شديد للغاية. ولعل استبداله بخليفته الدومة المنحاز للجيش يؤشر لأكثر من معنى في أتون هذا الصراع داخل مكونات الحزب. ولا ندري حتى الآن إن كانت إقالة برمة استوفت شروطها اللائحية الحزبية، وتمت بخضوره أم لا. ولكن عموماً فإن هذه الخطوة سواء كانت دستورية أم لا، فلا مناص من أن تزيد أوار الصراع على مستوى القواعد. ذلك إذا ما استطاعت رئاسة الحزب ضبط خطوات قياديها بشكل يمنع الانفراد في اتخاذ القرار الكبير نوعياً. ما لا يسهم في استقرار الحزب، ويشكك في صدق نوايا الذين أقالوا برمة لمعالجة منازعة قيادة الحزب بين دعم الجيش أو الدعم السريع هو موقفا د. مريم الصادق وشقيقتها الأستاذة رباح. فهن بارحا الحياد بين طرفي الحرب في تصريحاتهن، وأثبتن انحيازهن للجيش بجانب انحياز الدومة له على خلفية تضرر مكونه القبلي من الدعم السريع. إن الحاجة ملحة أمام عقلاء الحزب لأبعاده عن الاستقطاب نحو طرفي النزاع كما كان هذا هو الموقف المفترض في أحزابنا المركزية أن تجسر للتفاوض بين الطرفين لإنهاء الحرب. بالإضافة إلى ذلك فإن قاعدة الحزب - حيث أغلبيتها في دارفور وكردفان - تتعرضان منذ فترة لقصف يومي من طيران الجيش الذي راح ضحيته مئات المدنيين، وتدمير البنيات التحتية على شحها. ولهذا فإن انحياز مريم ورباح وشقيقهما عبد الرحمن للجيش ستتبعه ردود فعل مناوئة غاضبة لقيادات، وقاعدة الحزب، ما يجعل من الصعب على الحزب القيام بدور إيجابي لوقف الحرب. في وقت نطالب كديمقراطيين بتوحيد أحزابنا في مظلة وطنية جامعة لوقف الحروب يأتي انقسام حزب الأمة ليزيد الفتق على الراتق الوطني. ومع ذلك فالسبيل لمعالجة الأزمة هو استئناف الاعتماد على المصلحة العامة، وليست الفردية لقيادات الحزب.

suanajok@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الصادق المهدی عبد الرحمن حزب الأمة

إقرأ أيضاً:

حزب الأمة القومي: الحزب ليس جزءاً من الميثاق السياسي الموقع بـ «نيروبي»

أعلن حزب الأمة القومي أنه ليس جزءاً من الميثاق السياسي الذي وُقع بالعاصمة الكينية نيروبي لإعلان حكومة موازية في السودان بمناطق سيطرة قوات الدعم السريع و أوضح حزب الأمة الأمة القومي في بيان حمل توقيع الناطق الرسمي بإسم الحزب، الواثق البرير،أن العاصمة الكينية شهدت أمس السبت 22 فبراير التوقيع علي ميثاق سياسي بين عدد من المكونات السياسية والحركات المسلحة والدعم السريع، تضمن توقيعاً بإسم حزب الأمة القومي دون الرجوع لمؤسسات الحزب.

ووقعت كيانات سياسية ومسلحة بجانب «قوات الدعم السريع» ليل أمس في العاصمة الكينية نيروبي، ميثاقاً تأسيسياً لتشكيل حكومة موازية في السودان.

ونوه الأمة القومي إلى أنه ورد في الميثاق الموقع في نيروبي نصوص حول قضايا مصيرية تتعارض مع توجهات الحزب مثل العلمانية وتقرير المصير وقال إنها قضايا تتطلب نقاشاً واسعاً و إجماعاً وطنياً وتفويضاً شعبياً يعبر عن إرادة السودانيين.

و أضاف البيان “كما هو معلوم فإن مواقف الحزب تعلن من خلال مؤسساته التي اتخذت قراراً واضحاً من قبل حول الموقف من الحرب والموقف من تشكيل أي حكومة من أي طرف وفي أي مكان” وتابع البيان، “أكد علي ذلك قرار مجلس التنسيق الصادر بتاريخ 31 أغسطس من العام المنصرم والذي إنعقد برئاسة الحبيب الرئيس المكلف، وإزاء هذا التوقيع فإن مؤسسات الحزب ستنعقد للنظر في هذا الأمر وإعلان موقف الحزب للرأي العام”.
والي حين ذلك فإننا نؤكد علي أن حزب الأمة القومي ليس جزءا من هذا الميثاق وأن موقف الحزب المؤسسي الواضح هو ما أعلنه مجلس التنسيق في أجتماعه آنف الذكر وعبر بيانه الرسمي.

يذكر أنه وقع على الميثاق رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر، وقائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، ونائب رئيس الحركة الشعبية ــ شمال جوزيف توكا.

وضم التحالف، الذي كان جزءاً من «تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية»؛ («تقدّم» سابقاً) قبل فك الارتباط بالمجموعة الرافضة للحكومة «حركة العدل والمساواة»، «جناحَ سليمان صندل – تجمع قوى تحرير السودان»، بقيادة الطاهر حجر، بالإضافة إلى «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي»، بزعامة الهادي إدريس، و«قوات الدعم السريع»، وعدد من القوى السياسية والمدنية وزعماء الإدارات المدنية.

كما وقع عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي على الميثاق التأسيسي ممثلًا للشخصيات المستقلة، وعلاء الدين نقد ممثلًا لتنسيقية النقابات والمهنيين، إضافة إلى ممثل مؤتمر البجا المعارض أسامة سعيد، وممثل حزب الأسود الحرة مبروك مبارك سليم، ورئيس حركة تحرير السودان ــ الثورة الثانية أبو القاسم إمام.

الخرطوم ــ التغيير  

مقالات مشابهة

  • «الأمة القومي» يسحب تكليف فضل الله برمة ناصر من رئاسة الحزب
  • «الأمة القومي»: الجيش ارتكب جرائم مروعة بعد دخول الرهد
  • مريم المهدي: حزب الأمة القومي يدرس تنحية رئيسه المُكلف
  • طوفان بشري وحضور دولي كبير في مراسم تشييع شهيدي الأمة نصر الله وصفي الدين
  • نصرالله .. القائد الذي نصر اليمن عندما خذله العالم
  • حزب الأمة القومي: الحزب ليس جزءاً من الميثاق السياسي الموقع بـ «نيروبي»
  • أردوغان يُعاد انتخابه رئيسًا لحزب العدالة والتنمية بالإجماع
  • ألمانيا تصوت مع تقدم المحافظين وحزب البديل من أجل ألمانيا.. فما هي نسب الفوز؟
  • تحركات جديدة لحزب مصر أكتوبر بالإسكندرية