هل بدأ العـد التنازلي لتقسيم السـودان؟
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
طُرحت خلال الأيام الماضية وثيقتين دستوريتين بالتزامن، وثيقة (الدستور الانتقالي لجمهورية السودان لسنة 2025) التي طرحها تحالف السودان التأسيسي في نيروبي، ووثيقة (الوثيقة الدستورية تعديل 2025) التى طرحتها سلطة الأمر الواقع في بورتسودان، تمهيداً الي تشكيل حكومتين في البلاد خلال الأيام القادمة، خطوة لا يمكن الاستهانة بها والتقليل منها في طريق تفتيت وتشظي السودان، وتشير بوضوح لتكرار سيناريو انفصال جنوب السودان حزوك النعل بالنعل، ولكن هذه المرة تأتي في ظل استمرار المواجهات العسكرية المحتدمة منذ منتصف أبريل 2023 وحتى الآن، وبعد فشل الجهود الإقليمية والدولية في دفع طرفي الصراع لوقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، والاصطفاف السياسي بين طرفي الحـرب، وكل الدلائل تؤكد على زيادة وتيرة الصراع واستمراره وتعقيد الأوضاع في اتجاه اللا عودة.
جاءت هذه الخطوة في سياق التطورات السياسية والعسكرية، أبرزها إعلان قائد الجيش عن اتجاهه لتعديل الوثيقة الدستورية لسنة 2019 وتشكيل حكومة في بورتسودان، واستمرار القتال ضد قوات الدعم السريع إلى حين القضاء عليها تماماً. وتزامن ذلك مع إعلان الدعم السـريع عزمه تشكيل حكومة في مناطق سيطرته بالتحالف مع حركات مسلحة وقوى سياسية اتخذت موقفاً بالانحياز للدعم السريع، في أجواء من الكراهية والعنصرية والتحشيد التي انتجها خطاب النظام المباد على شاكلة ما كانت تبثه صحيفة "الانتباهة" سيئة الذكر، عطفاً على فشل كل محاولات العودة للمفاوضات واخيرها مباحثات جنيف التي دعت لها الولايات المتحدة بسبب رفض الجيش المشاركة فيها، منذ ذاك الحين لم تقدم أي وساطة رؤية لكيفية تسوية النزاع ووقف إطلاق النار.
أثار إعلان الوثيقتين في هذا التوقيت اتجاه كل من طرفي الحـرب لتشكيل حكومة في مناطق سيطرته مما يعني وجود حكومتين في دولة، وفتح الباب على مصرعيه الي تصعيد أكبر للحرب وتحولها الي حرب أهلية شاملة، وما يترتب على ذلك من تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية وخيمة تهدد بقاء الدولة السودانية موحدة، وهذا بالتأكيد لا ينفصل عن تدخل خارجي خبيث يدعم الحرب وتقسيم السودان، في ظل الانقسام السياسي بين القوى المدنية وغياب التوافق السياسي على مشروع وطني يضع حلول جذرية للأزمة المتفاقمة. عطفاً على غياب الانسجام داخل معسكر بورتسودان وداخل معسكر نيروبي، وعدم وجود تفويض شعبي ودستور متفق عليه بعد أن قوض إنقلاب 25 أكتوبر الوثيقة الدستورية، ولم تعد هناك أي مرجعية دستورية أو أي نوع من أنواع التوافق السياسي أو اعتراف إقليمي ودولي، وبالتالي لا يمتلك أي من الطرفين سلطة او شرعية إصدار دستور انتقالي او تشكيل حكومة.
هذه الخطوة بالغة الخطورة، وحتماً ستقود إلي تقسيم البلاد وتكرار نماذج مشابهة في المنطقة. وعليه؛ فإن مواجهة هذا الوضع المأساوي الكارثي؛ تستدعي ممارسة القوى السياسية المدنية والشعب السوداني والقوى الإقليمية والدولية أقصى انواع الضغط على طرفي الصراع لوقف محاولات اللعب بالنار ووضع وحدة البلاد في المحك وتكريس ازدواجية السلطة والخضوع للغضب والتعنت، وهذا لا يتأتي الإ بتحرك شعبي واسع داعم لوقف الحرب وتحقيق السلام، والتواضع على ميثاق سياسي ومصالحة وطنية شاملة، وتوحيد الصوت المدني الديمقراطي، كخطوة ضرورية لا تقبل التأجيل لنزع الشرعية عن المتحاربين والمحافظة على الوحدة الوطنية ومخاطبة المظالم التاريخية، والاتفاق على مشروع وطني وعقد إجتماعي جديد، وهذا ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية والنظر للمصلحة الوطنية بدلاً عن المصالح الضيقة.
إذا التف حول الحق قوم فإنه يصرم أحداث الزمان ويبرم.
هو الحق يغفى ثم ينهض ساخطا فيهدم ما شاد الظلام ويحطم.
wdalamin_2000@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
انعقاد اجتماع آلية التشاور السياسي بين وزارتي خارجية السودان ومصر
انعقد الأحد بالقاهرة إجتماع آلية التشاور السياسي بين وزارتي خارجية جمھورية السودان وجمھورية مصر العربية ، برئاسة كل من د. علي يوسف وزير الخارجية و د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والھجرة وشؤون المصريين في الخارج بجمھورية مصر العربية.قدم السيد وزير الخارجية خلال الاجتماع شرحا لتطورات الأوضاع في السودان من حيث قرب حسم القوات المسلحة السودانية لحرب العدوان التي تشنها المليشيا الإرهابية علي الشعب السوداني، إلى جانب إعلان السيد رئيس مجلس السيادة لخارطة طريق تفضي الى حكومة تكنوقراط تقود البلاد الى انتخابات حرة ونزيھة.وأكد السيد الوزير رفض السودان لمحاولات المليشيا الإرهابية وأعوانها ورعاتها الخارجيين تقسيم البلاد بعد أن أيقنوا بالهزيمة.من جانبه جدد وزير الخارجية المصري موقف بلاده الداعم للشرعية في السودان ومؤسسات الدولة الوطنية وعلى رأسھا القوات المسلحة التي تضطلع بدورھا في الحفاظ على وحدة وسلامة واستقرار السودان.واكد رفض مصر قيام أي إطار آخر أو حكومة موازية للحكومة الشرعية في السودان ورفضها لأي تدخل خارجي في السودان.وبحث الاجتماع كل أوجه العلاقات الثنائية، وسبل تطويرها ودفعھا للأمام في جوانبھا السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والقنصلية بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، ويعضد العلاقة الاستراتيجية بينھما.ونقل السيد وزير الخارجية في ھذا الجانب دعوة فخامة رئيس مجلس السيادة لفخامة الرئيس المصري لزيارة السودان.وتناول الاجتماع أيضا الشؤون الاقليمية. في المنطقتين العربية والاقليمية. وتم الاتفاق على احكام التنسيق في قضايا المياه وأمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي.كما تطرق الاجتماع الى القضايا الدولية ذات الاھتمام المشترك، وسبل تبادل الدعم في المنظمات الاقليمية والدولية.صدر بيان مشترك عن الاجتماع أوضح تطابق المواقف والرؤى بين البلدين الشقيقين في الملفات المحلية والاقليمية والدولية ذات الإھتمام المشترك.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب