“معاداة السامية”: تعني معاداة العرب وكل شعوب الشرق الأوسط!
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
الساميون Semites هو الاسم الذي اطلقه علما الأجناس على شعوب الشرق الأوسط، وتشمل الاكاديون :سكان بلاد الرافدين وشرق سوريا (وهم السومريون والبابليون والاشوريون). والكنعانيون وهم الفينيقيون سكان غرب سوريا ولبنان وفلسطين. والعرب، وحمير (سكان اليمن وجنوب جزيرة العرب)، والعبرانيون أو بنو إسرائيل، إضافة إلى شعوب الحبشة السامية وهم الامهرا والتقري والتقراي.
وأطلق علما اللغة على مجموعة اللغات التي تتكلم بها هذه الشعوب، اللغات السامية languages Semitic والتي تفرعت من لغة واحدة هي اللغة السامية الأم.
وقد استمد علما الأجناس الاسم الذي اطلقوه على هذه الشعوب من التوراة. فالسامية نسبة إلى سام بن نوح. ويلفظ الاسم سام، في العبرية، شام shem، ففي العبرية تتبادل السين والشين، إذ نجد على سبيل المثال أن الكلمات العربية سن وسنة وسلام، تنطق في العبرية: شن وشنة وشلوم.
وهكذا فان السامية أو الجنس السامي يشمل كل شعوب الشرق الأوسط الحاضرة وعلى راسهم العرب بحكم انهم الاغلبية وما بنو إسرائيل الا شعب واحد يمثل اقلية بين الشعوب السامية المذكورة، هاجر وانتشر في الأرض منذ ازمان سحيقة، وتوزع اليهود بين مختلف دول العالم وشكلوا جز لا يتجزا من سكان الدول التي هاجروا إليها، وسقط حقهم في موطنهم الأصلي بالتقادم، واكتسبوا حق المواطنة في البلاد التي هاجروا إليها شأنهم في ذلك شان كل شعوب الأرض، ولا يحق لهم المطالبة بأثر رجعي بارض هجروها منذ الاف السنين، والا اذا فتحنا هذا الباب لكل الشعوب فان الفوضى سوف تسود العالم ويختلط الحابل بالنابل ولن تنعم الأمم بالاستقرار والامن والسلام ابدا، وسوف يدعي كل شعب ان له حق تاريخي في هذه الأرض أو تلك بحجة ان اسلاف اسلافه القدماء هاجروا منها. فقد ظلت الشعوب منذ فجر التاريخ في حالة هجرات مستمرة من بلد الي اخر الي ان استقر كل شعب اخيرا في بلد بعينه بحدوده المعترف بها دوليا الان.
إن مصطلح "معاداة السامية" Antisemitism الذي جرى ترسيخه في الغرب منذ عقود واستخدم في مناسبات تاريخية مختلفة ويجري تداوله اليوم، للدلالة حصرا على معاداة اليهود وكأنهم الشعب السامي الوحيد في العالم، ما هو إلا تزييف للتاريخ وتضليل اعلامي ممنهج.
ومن الغريب أن يجوز هذا التزييف وهذا التضليل على العرب، وعلى اعلامهم وصحافتهم، وعلى حملة الأقلام وصناع الرأي العام في العالم العربي.
والأكثر غرابة ومجافاة للمنطق، ان يستخدم شعار معاداة السامية سلاحا ضد العرب أنفسهم في صراعهم مع دولة إسرائيل لسلب عرب فلسطين حقوقهم المشروعة في أرضهم.
والأمثلة على ذلك كثيرة واحدثها الامر التنفيذي الذي اصدره قبل أسابيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بغرض ما اسماه مكافحة "معاداة السامية". وقد صدر هذا القرار إثر المظاهرات الطلابية السلمية التي شهدتها العديد من الجامعات الأمريكية في العام ٢٠٢٤ والمناهضة لحرب إسرائيل على غزة الفلسطينية والمنتقدة لموقف الإدارة الأمريكية الداعم للسياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن شان هذا الأمر التنفيذي منح السلطات الأمريكية حق ترحيل كل طالب يشارك في مظاهرة سليمة تندد بالأعمال العدوانية التي تقوم بها دولة إسرائيل ضد سكان فلسطين.
وتعود جذور شعار معادة السامية الي القرن التاسع عشر، حيث ظهر هذا الشعار كرد فعل على كتابات المستشرق الفرنسي ارنيست رينان Renan Earnest صاحب نظرية تفوق الجنس الاري الأبيض على الجنس السامي. ومنذ ذلك التاريخ عمدت المنظمات اليهودية في الغرب الي تصوير السامية على أنها تعني اليهود لا غير. وقد انطلت هذه الفرية حتى على العلما الباحثين في دول الغرب، فاذا نظرت في اي معجم أو موسوعة افرنجية أو نحوها، ستجد ان مصطلح معاداة السامية قد جرى تعريفه بأنه يعني كراهية اليهود.
وأما نظرية تفوق الجنس الأبيض، فما هي إلا نتاج لانثروبولوجيا القرن التاسع عشر ذات النزعة العنصرية والتي تجاوزها العلم والفكر السياسي الإنساني في القرن العشرين. وتقول المصادر ان المستشرق رينان نفسه قد تنكر لهذه النظرية فيما بعد واستقر رأيه اخيرا على تساوي الأجناس في الطبيعة البشرية، وانه لا فضل لجنس على اخر.
عبد المنعم عجب الفَيا
٢٤ فبراير ٢٠٢٥
abusara21@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
السودان يشهد تصعيداً جديداً: 24 كياناً أبرزها “الدعم السريع” يوقعون وثيقة تؤدي إلى حكومة موازية
دبي – الشرق/ وقعت أطراف سودانية، ميثاقاً سياسياً، ضم جماعات متحالفة مع قوات الدعم السريع، تعمل على تشكيل حكومة "سلام انتقالية" موازية لتلك التي يمثلها مجلس السيادة السوداني، وذلك في العاصمة الكينية نيروبي، السبت، وجاءت الخطوة بعد أيام من المداولات، إذ سارعت السلطات السودانية لشجبها ومقابلتها بـ"استهجان بالغ"، واستنكرت استضافة كينيا لاجتماعات "الميليشيا المتمردة" وفق بيان للخارجية السودانية.
وفيما غاب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" عن مراسم التوقيع، حضر كل من قائدها الثاني عبد الرحيم دقلو وقائد الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، ما قُرِء على أن قوات الدعم السريع تتجه إلى تشكيل حكومة تضم مجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة في مناطق "قوات الدعم السريع"، تكون "موازية" للحكومة التي يقودها مجلس السيادة السوداني، وتعمل راهناً من بورتسودان.
وحصلت "الشرق" على نسخة من "الميثاق السياسي" الذي وُقعه 24 كياناً وحزباً سياسياً وحركة مسلحة وتحالفاً وشخصية سياسية سودانية، وقال الناطق باسم تحالف القوى المدنية "قمم" نجم الدين دريسة، إن قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني وحركات مسلحة، وقعت "ميثاقاً سياسياً" في نيروبي بعد مداولات دامت خمسة أيام.
وأضاف دريسة في تصريحات لـ "الشرق"، أن "رئيس حزب الأمة القومي المكلف، فضل الله برمة ناصر، والجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة وأطرافاً أخرى، أبرزها حركتين يقودهما عضوا مجلس السيادة السابقين، الهادي إدريس، والطاهر حجر، فضلاً عن الحركة الشعبية (شمال) بقيادة عبد العزيز الحلو وأطراف من الحزب الاتحادي (الأصل) وحركة العدل والمساواة المنشقة بقيادة سليمان صندل وقعت على الميثاق السياسي".
وكشف دريسة، أن "الميثاق" ينص على "علمانية وفيدرالية الدولة"، و"وحدة السودان الطوعية" و"حق الشعوب في تقرير المصير، إذا تعذرت الوحدة"، كما شمل تأسيس "جيش وطني بعقيدة جديدة".
مبادئ الميثاق
واستخدم "الميثاق" الموقع في نيروبي، تعبير "الشعوب السودانية" عوضاً عن "الشعب"، فيما أشار إلى "هوية سودانوية" ترتكز على حقائق التنوع التاريخي والمعاصر ودولة قائمة على الحرية والعدل والمساواة.
وقام "الميثاق" على أساسين أولهما المبادئ العامة التي تتكون من 32 بنداً، وثانيهما دواعي تشكيل "حكومة السلام الانتقالية" وتتكون من فرعين، "الدواعي الوطنية"، و"تحقيق الأمن والسلام الدوليين".
ومن أبرز بنود الميثاق أن تقوم الدولة السودانية على مبدأ "الوحدة الطوعية لشعوبها وأقاليمها"، وأن "تمارس الدولة سيادتها نيابة عن الشعوب السودانية، بما يكفل الحفاظ على استقلالها السياسي والاقتصادي وحماية مصالح شعوبها دون تمييز"، حسبما ورد في نص الوثيقة التي اطلعت "الشرق" عليها.
ونص "الميثاق" على "حظر تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني أو تنظيم دعاية سياسية على أساس ديني أو عنصري".
كما نص على "خضوع الجيش الجديد منذ تأسيسه للرقابة والسيطرة المدنيتين، ويعكس تنوع أقاليم السودان"، وأكد "تأسيس جهاز أمن مخابرات مهني ومستقل غير خاضع لأي ولاء أيدلوجي أو سياسي أو حزبي"، وفق الميثاق.
وأورد الميثاق "ضروروة الالتزام بالعدالة والمحاسبة التاريخية وإنهاء الإفلات من العقاب، وتجريم كافة أشكال التطرف والانقلابات العسكرية واستغلال الدين لأغراض سياسية".
وأوضح أن دواعي تشكيل "حكومة سلام انتقالية" تتمثل في إنهاء الحرب و"تحقيق سلام شامل ودائم وحماية المدنيين والمساعدات الإنسانية واسترداد المسار الديمقراطي".
كما نص الميثاق على أن يكون الحكم في السودان "ديمقراطياً تعددياً تختار فيه الشعوب من يحكمها عبر انتخابات نزيهة، فضلاً عن تأسيس حكم لا مركزي يقوم على الاعتراف بالحق الأصيل لجميع الأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية".
وذكر "الميثاق"، "أهمية تمكين المرأة ومساواتها بالرجل، لضمان مشاركتها الفاعلة في كافة مؤسسات الدولة، وتعزيز مشاركة الشباب في كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها".
الاعتراف الدولي؟
وجاء التوقيع على الميثاق خلال مراسم مغلقة في نيروبي، فيما أثارت استضافة كينيا لهذا الحدث تنديدات من المجلس السيادي، وانتقادات داخلية في كينيا للرئيس وليام روتو، بسبب إدخال البلاد في صراع دبلوماسي.
ومن غير المرجح أن تحظى مثل هذه الحكومة، والتي أثارت بالفعل قلق الأمم المتحدة، باعتراف واسع النطاق، إذ فرضت الولايات المتحدة في وقت سابق من العام الجاري عقوبات على قائد قوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، قبل أن تفرض عقوبات أخرى على رئيس مجلس السيادة السوداني.
وكان "الدعم السريع" قد تقاسم السلطة سابقاً مع الجيش والسياسيين المدنيين في إطار اتفاق أعقب الإطاحة بعمر البشير في عام 2019.
وتسببت الحرب المستمرة منذ عامين في تدمير مساحات شاسعة من البلاد، ما أدى إلى أزمة إنسانية "لم يسبق لها مثيل"، كما دفعت نصف الأهالي إلى الجوع.
وجاء توقيع "الوثيقة" في نيروبي، بعد أيام من تعديلات أقرها الاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء، على "الوثيقة الدستورية"، الأربعاء الماضي، اعتبرتها "أطراف وثيقة نيروبي" تكريساً لوضع جديد يكون فيه للمؤسسة العسكرية (الجيش) "القول الفصل" في شؤون الحكم والإدارة، فيما دافع عنها أنصارها، ورأوا فيها ضرورة تتطلبها "الظروف الدقيقة" التي تمر بها البلاد خلال الحرب التي تقترب من إكمال عامها الثاني.
وفي وقت سابق الأربعاء، أعلن الناطق باسم الحكومة السودانية وزير الإعلام خالد الأعيسر، أن الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء أجاز بالإجماع تعديل الوثيقة الدستورية التي وقعها الجيش مع قوى إعلان الحرية والتغيير في عام 2019، وعدد من القوانين.
وقال الأعيسر إن "الاجتماع أجاز الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019 تعديل لسنة 2025".
واكتفى البيان الحكومي الذي نقلته وكالة السودان للأنباء "سونا"، بالإعلان عن إجازة التعديلات دون إيراد التفاصيل، إلا أن مصادر مطلعة في المجلسين كشفت لـ"الشرق" أهم البنود.
وأوضحت المصادر، أن التعديلات شملت إضافة مقعدين للعسكريين بمجلس السيادة السوداني ليصبح العدد الكلي 9 مقاعد بدلاً عن 7.