سودانايل:
2025-03-29@11:22:32 GMT

الكتابة ما بعد الحرب: عن المواطن والمواطنة

تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT

تطرق كثيرون إلى قضية الهوية في السودان، وأسهبوا في تحليلها، لكن مسألة المواطنة تظل ذات أهمية خاصة، لا سيما في ظل الحرب الأخيرة وما أفرزته من تحديات. من أبرز تلك التحديات ظهور عناصر من أصول غير سودانية ضمن قوات الدعم السريع، وهي ظاهرة بلا شك ستظل مصدرًا للتوتر بعد انتهاء هذا النزاع الذي فرض على المواطن السوداني دون مبرر.

ولا شك أن تداعيات الحرب ستلقي بظلالها على مفهوم المواطنة ومستقبلها في السودان.

المواطنة في السودان: المفهوم والتحديات

المواطنة، بوصفها مفهومًا قانونيًا واجتماعيًا، تحدد العلاقة بين الفرد والدولة، بما يشمل الحقوق والواجبات. غير أن التطبيق العملي لهذا المفهوم ظل يعاني من إشكاليات عديدة نتيجة للتقلبات السياسية والاجتماعية التي مرت بها البلاد.

تأثير الحرب على المواطنة

عانى السودان من نزاعات طويلة الأمد، تفاقمت مع الحرب الأخيرة، مما أعاد تشكيل مفهوم المواطنة لدى كثيرين. فقد أدى انهيار المؤسسات واشتداد الانقسامات إلى بروز هويات فرعية طغت على الهوية الوطنية الجامعة. في ظل هذه الظروف، شعر العديد من المواطنين بالتهميش أو فقدوا الثقة في الدولة كمصدر للحماية والحقوق، مما زاد من هشاشة مفهوم المواطنة.

التحديات التي تواجه المواطنة في السودان

1. التحديات السياسية والتاريخية: شهد السودان فترات طويلة من عدم الاستقرار السياسي والانقسامات العرقية والدينية، مما أثر سلبًا على فهم المواطنة وتطبيقها، وأحيانًا تم توظيفها كأداة سياسية.
2. التنوع العرقي والديني: رغم أن التعدد الثقافي يمكن أن يكون مصدر قوة، إلا أنه أدى في بعض الأحيان إلى تفاوت في فهم المواطنة وحقوق الأفراد.
3. غياب القوانين الواضحة أو سوء تطبيقها: رغم وجود نصوص قانونية تُعرّف المواطنة والحقوق، فإن ضعف تطبيقها أو استخدامها لأغراض الإقصاء فاقم شعور بعض الفئات بعدم المساواة.
4. النزاعات الداخلية وتأثيراتها الاجتماعية: ساهمت النزاعات المسلحة، مثل تلك التي شهدتها دارفور وجنوب السودان قبل الانفصال، في تعقيد مفهوم المواطنة، ما جعل بعض الفئات تشعر بأنها غير معترف بها من قبل الدولة.

أمثلة واقعية على أزمة المواطنة

يمكن النظر إلى أوضاع النازحين داخليًا، الذين يواجهون صعوبات في إثبات هويتهم القانونية والحصول على حقوقهم الأساسية. كما أن التمييز الذي تعرض له بعض السودانيين بسبب خلفياتهم العرقية أو مناطقهم الجغرافية يعد مثالًا واضحًا على إشكاليات المواطنة في البلاد.

نحو تعزيز المواطنة في السودان

لإعادة بناء مفهوم المواطنة بعد الحرب، لا بد من:

1. تطوير إطار قانوني واضح: يجب أن تضمن القوانين حقوق المواطنة المتساوية دون تمييز، مع آليات واضحة للتطبيق والمساءلة.
2. تعزيز التوعية الوطنية: من خلال التعليم والإعلام، لتعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، وتعزيز قيم الانتماء والعدالة.
3. تمكين المجتمع المدني: حيث تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا رئيسيًا في نشر ثقافة المواطنة وبناء الثقة بين المواطنين والدولة.
4. تحقيق العدالة والمساواة: عبر سياسات اقتصادية واجتماعية عادلة تضمن مشاركة جميع الفئات في بناء الدولة.

ختامًا

إعادة بناء السودان بعد الحرب لا تقتصر على إعادة الإعمار المادي، بل تشمل أيضًا إعادة بناء العقد الاجتماعي على أسس المواطنة العادلة والشاملة. إن تحقيق هذا الهدف يتطلب إرادة سياسية جادة وجهودًا مجتمعية متضافرة، لضمان أن يشعر كل سوداني بأنه جزء من هذا الوطن، يتمتع بحقوقه كاملة ويلتزم بواجباته على قدم المساواة.

عثمان يوسف خليل

osmanyousif1@icloud.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مفهوم المواطنة المواطنة فی فی السودان مفهوم ا

إقرأ أيضاً:

بعد القصر.. إجابات حاضرة لأسئلة غائبة

فتحي الضَّو

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا…وأسيافنا ليلٌ تهاوى كواكبه. قال النُقاد إن هذا أعجب بيت شعر قيل في وصف معركة في حرب حامية الوطيس، في حين قال عنه آخرون بأنه أكذب بيت شعر صادق، هذا وذاك لسبب بسيط هو أن قائله بشار بن برد كان أعمى، ومع ذلك برع في استخدام تلك الصورة البصرية الرائعة بذلك التشبيه البليغ. وبما أن الشيء بالشيء يذكر فقد انتهت (معركة القصر) دون أن يكون بشار بن برد أحد حاضريها. ولكن كانت هناك التقنية الحديثة التي تصور دبيب النمل في الأجحار وبالطبع لن يكذبِّها أحد. وطبقاً لذلك يمكن القول أيضاً إنها خلقت وخلَّفت وراءها العديد من الأسئلة االغائبة في توصيف معركة حاضرة قبل أن ينجلي غبارها. واقع الأمر ذلك ما ينبغي الوقوف عنده طويلاً، لعله يكون فاتحة لمنهج المساءلة القادمً متى ما وضعت حرب البلهاء أوزارها، خاصةً وأنها تُعد الأكثر مأساوية منذ تأسيس الدولة السودانية، وقد صاحبتها كثير من البلايا والرزايا وتعددت فيها الأخطاء والخطايا ثمَّ طوت أعز ما يملكه السودانيون في أعرافهم أي ما عُرف بمنهج (التسامح السياسي). ولهذا فنحن نعلم وهم يعلمون كذلك بأنه لن يعود السودان الذي كان: ولكن سيعود لمن أوتي كتابه بيمنه بصفحاته الناصعة البياض من غير سوء. وعندئذٍ تبت يد الجلاد وتب.. لهذا ليس من المنظور أن يذهب درساً قاسياً كهذا أدراج الرياح. يردد كثير من (الببغاوات) عبارة مضللة ويقولون عن القصر الذي بناه غردون (رمز السيادة) ولا يدري المرء أية سيادة يقصدها المرابون؟ فهل يمكن أن تكون هناك سيادة في وطنٍ انتهكها العسكر على مدى تسعة وستين عاماً ولم ينعم فيها الصابرون الكاظمون الغيظ إلا بنحو عشر سنوات لم تزد منذ الاستقلال؟ وأية سيادة هذه التي انتهك البرهان وثيقتها الدستورية بانقلاب ضلالي مزقها شر ممزق، لا لعوج في ثورتها المجيدة ولا لخللٍ في مسيرتها الديمقراطية الواعدة، ولكن لأنه أراد فقط أن يحقق حلم والده؟ وأية سيادة تلك التي يهرف فيها ياسر العطا بما لا يعلم؟ وأية سيادة تلك التي يرفع علمها جهلول يظن أن تاريخ السودان يصنعه أزلام الهوس الديني والمؤلفة قلوبهم؟ لكن على أية حال إذا أسلمنا جدلاً أن (القصر) الذي بناه غردون هو رمز السيادة، كما يقولون، وأن الطامحين لورثته كثر فنقول نحن: إن للسيادة استحقاقاتها. وللسيادة مطلوباتها وللسيادة دين مستحق. عندئذِ فليقل لنا الجنرالات الثلاثة ورابعهم الذي يكيد كيداً من وراء حجاب. ماذا أعددتم ليوم تشخص فيه الأبصار وترتعد فيه الفرائص. فأنتم المسؤولون أمام الله ومن ثم أمام أهل السودان عن كل نقطة دم أهرقت، وماذا تقولون لأرواح بريئة بأي ذنب قتلت؟ سيسائلكم الذين تشردوا من منازلهم والذين انتهكت عروضهم والذين توسدوا الأرض والتحفوا السماء لن نقول لكم حكموا ضمائركم لأنكم قبرتوموها مع ضحاياكم. نحن نعلم أن للعسكرية شرفاً فهي ليست نياشين ترصع الصدور ولا نجوم تزين الاكتاف، العسكرية شجاعة وبسالة والانحياز للشعب وللقيم الإنسانية النبيلة، فليقف من يجسدها في باحة هذا القصر ويعلن استعداده للمحاكمة العادلة. فليس الحديث عن القصر واسترداده إنما الحديث ابتداءً عن من الذي فرط في احتلاله وليكن هذا فاتحة البداية في المحاسبة. ما كان منظوراً أن تجد مثل تلك الأسئلة اهتماماً يذكر من قبل الجنرالات الثلاثة، الذين التفوا عليها وباتوا يشيعون أن هدف الوصول إلى القصر يُعد في صدارة أهدافهم، ليس من أجل السيادة المزعومة ولكن لأن ذلك يجعلهم يروجون بأن (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) ويحقق هدفاً استراتيجيا وهو تغييب الأسئئة الموضوعية التي ينبغي أن تشغل فكر الناس واهتماماتهم الوطنية. عوضاً عن ذلك راجت أسئلة الدعاية الرخيصة دون اكتراث لآلة الحرب التي تحصد في البشر ورافقتها البروبوجاندا المُضللة التي تقول بأن الوصول إلى القصر هو خاتمة المطاف وتمادياً في الخداع يقولون الوصول للقصر هو نهاية الحرب وهم يعلمون أنهم لكاذبون. بالمقابل زادت مليشيا الدعم السريع من وتيرة الحرب النفسية بالقول المخادع أيضاً بأنهم يسيطرون على القصر ومحيطه، وعندما يستمرئون الكذب يدعون بأن لا أحد يستطيع اقتحام القصر، ويزيدون بالقول إنها متحصنة بعتاد عسكري ولوجستي تنوء بحمله الجبال. وتمادت في إطلاق مزيد من الحرب النفسية بأنها تحتجز ما يفوق الثلاثمائة ضابط في سراديب القيادة العامة التي تقع على مقربة من القصر. الغريب في الأمر أنه في زمن التكنلوجيا والتقنية العالية، صعُب على جنرالات الحيرة التأكد من صحة معلومات القيادة والقصر معاً. وفي غياب مثل تلك المعلومات شطح الخيال الشعبي وطفق يتلذذ باستعراض الأرقام كافة. وكان ذلك يعني أن الجيش يحارب عدواً من الجن. جغرافياً يعلم أهل السودان أن قصر غردون ذاك يشغل حيزاً صغيراً على النيل واستبعد المنظرون حدوث الهروب/ الانسحاب التيكتيكي باعتبار أنه محاط من جهاته الثلاث ورابعها نهر النيل. ولم يفطن جنرالات تنابلة السطان بأن المليشيا غادرت القصر منذ زمن وحملت معها كل أغراضها ولم تترك وراءها سوى ذكريات منقوشة على الجدران فيما تركت القصر خالياً ينعق فيه البوم. اللهم أجرنا في مصيبتنا. تلك يقول عنها المكلومون: ميتة وخراب ديار!

آخر الكلام: لا بد من الديمقراطية وإن طال السفر!!

الوسومفتحي الضو

مقالات مشابهة

  • الشرع: نسعى لإعادة بناء سوريا ولا يخفى على أحد مسؤولية الفتوى وأمانتها ودورها ببناء الدولة الجديدة
  • الرئيس اللبناني: لن نسمح بتكرار الحرب التي دمرت كل شيء في بلادنا
  • بعد القصر.. إجابات حاضرة لأسئلة غائبة
  • حين تُكذّب الحربُ مقولةَ التفاوض
  • الكنيسة تنظم حفل المحبة والمواطنة بجاردينيا
  • الكنيسة تنظم حفل المحبة والمواطنة بجاردينيا .. صور
  • هل الحرب الأهلية في إسرائيل قدر حتمي؟
  • الجيش السوداني ما بعد الحرب: مقاربات للتحول المؤسسي وتحديات إعادة بناء الدولة
  • الكتابة بصفتها تلبية للاستغاثة
  • برلماني: السيسي بعث رسالة طمأنة للشعب بقدرة الدولة على مواجهة التحديات