أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً تناول من خلاله الأمن الغذائي، ودور التجارة العالمية في تعزيزه، وأشار إلى أن الأمن الغذائي يُعرّف طبقًا «لمنظمة الأغذية والزراعة» (FAO)، بأنه «الحالة التي يتمتع فيها جميع الناس، في جميع الأوقات، بالقدرة المادية والاقتصادية على الوصول إلى ما يكفي من الغذاء الآمن لتلبية احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية»، وهو يظل يشكل تحديًا عالميًّا.

أوضح المركز أنه على الرغم من التقدم الكبير المحرز في الحد من الجوع وسوء التغذية، فلا يزال ملايين البشر حول العالم يواجهون انعدام الأمن الغذائي بسبب الفقر، والنزاعات، والتغير المناخي، وعدم الاستقرار الاقتصادي. 

ويشير تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) إلى أن التجارة تعمل «كنظام عازل» يخفف من تأثير النقص المحلي للغذاء، ما يمنع تفاقم الأزمات الغذائية إلى مستوى المجاعة.

5 آلاف تريليون كيلو كالوري يجري تداوله يوميا

وأشار التحليل إلى أن 25% من إجمالي الإنتاج الغذائي يجري تداوله على مستوى العالم، ما يعكس أهمية التجارة الدولية للأغذية في توفير الغذاء للدول، كما أن نحو 5 آلاف تريليون كيلو كالوري يجري تداولها يوميًّا، وهو أكثر من ضعف الكمية المتداولة في عام 2000، وتقدر قيمة التجارة الدولية للأغذية بنحو 2.3 تريليون دولار أمريكي، ما يجعلها جزءًا أساسيًّا من الاقتصاد العالمي، وفقًا لمنظمة التجارة العالمية (WTO).

كينيا وأفغانستان تعتمدان بشكل كبيرعلى الواردات

من جهة أخرى، يُظهِر الفحص الدقيق للبلدان التي تواجه انعدام الأمن الغذائي الحاد، أن اليمن، على سبيل المثال، يعتمد على واردات الحبوب بنسبة كبيرة تبلغ 92.8% من الطلب على الحبوب، وتعتمد هايتي، على الواردات لتلبية 85.7% من احتياجاتها من الحبوب، كما تُظهر كينيا وأفغانستان اعتمادًا كبيرًا على الواردات، بمعدلات 51.3% و42.5%على التوالي، فيما تشهد بلدان أخرى أيضًا معدلات اعتماد أصغر ولكنها كبيرة على الواردات، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية بنسبة 23% أو بنجلاديش بنسبة 15.7%، بحسب إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة لعام 2024.

وأضاف التحليل أن التجارة الدولية للأغذية يمكن أن تساعد الدول على تنويع مصادر غذائها، ما يقلل من الاعتماد على الإنتاج المحلي، كما يمكن أن تساهم أيضًا في التخفيف من المخاطر المرتبطة بالصدمات الفردية التي تتعرض لها إمدادات الغذاء المحلية كالتي تتعلق بالتغير المناخي والكوارث الطبيعية.

في الوقت نفسه، تساعد التجارة العالمية في تحسين تغذية السكان، من خلال ما تقوم به من توفير تنوع غذائي أكبر بكثير مما يمكن أن توفره الأسواق المحلية، ففي عام 2010، كانت التنوعات الغذائية المتاحة عبر التجارة أكبر بنسبة 60% من تلك المنتجة محليًّا، بينما في عام 2020، ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 90%.

سلط التحليل الضوء على دور التجارة العالمية في تعزيز النمو الاقتصادي لقطاع الزراعة، إذ أوضح أن التجارة تسهم بشكل كبير في تحقيق الأمن الغذائي من خلال تعزيز النمو الاقتصادي في هذا القطاع، فالعديد من الدول النامية تعتمد بشكل كبير على الزراعة لتوفير فرص العمل وزيادة الدخل، ومن ثم فإن توسيع الوصول إلى الأسواق الدولية، يُمَكِن هذه الدول من زيادة صادراتها الزراعية، وهو ما يولد إيرادات يمكن إعادة استثمارها في الإنتاج الغذائي والتنمية الريفية.

استقرار الأسعار يُعد أمرًّا حيويًّا لتحقيق الأمن الغذائى

وعن علاقة التجارة العالمية باستقرار أسعار الغذاء، أفاد التحليل أن استقرار الأسعار يُعد أمرًّا حيويًّا لتحقيق الأمن الغذائي؛ حيث تؤثر تقلبات أسعار الغذاء بشكل غير متناسب في السكان ذوي الدخل المنخفض الذين ينفقون جزءًا كبيرًا من دخلهم على الغذاء، ويمكن للتجارة أن تخفف من تقلبات الأسعار من خلال ضمان إمدادات ثابتة من السلع الغذائية عبر الحدود، على سبيل المثال، خلال فترات ضعف إنتاجية المحاصيل المحلية، يمكن أن تساعد الواردات في سد الفجوة بين العرض والطلب، مما يمنع ارتفاع الأسعار.

بالإضافة إلى ما يُظهره مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة (FFPI) - الذي يتتبع التغير الشهري للأسعار الدولية لسلة من السلع الغذائية، بما في ذلك الحبوب والزيوت النباتية ومنتجات الألبان لعام 2024، فإن التجارة الدولية تساعد في استقرار الأسعار من خلال تحقيق التوازن بين العرض والطلب على المستوى العالمي، فخلال ارتفاع الأسعار الكبير في عام 2008، اكتسب مؤشر أسعار الغذاء أهمية كبيرة كمؤشر للمخاوف المحتملة بشأن الأمن الغذائي في البلدان النامية المعرضة للخطر.

ومنذ ذلك الحين، وباستثناء عامي 2009 و2010، ظلت أسعار السلع الزراعية عند مستويات مرتفعة نسبيًّا مقارنة بمستويات ما قبل عام 2008.

التوترات الجيوسياسية والنزاعات وتأثيرها على  إمدادات الغذاء ورفع الأسعار

وأشار مركز المعلومات في تحليله إلى أنه وفقًا لمنظمة التجارة العالمية، يمكن أن تساعد السياسات التجارية التي تقلل من الحواجز أمام واردات وصادرات الغذاء في استقرار الأسعار العالمية، ما يضمن وصول الفئات الضعيفة إلى الغذاء بأسعار معقولة، وفي مقابل ذلك فإن التوترات الجيوسياسية والنزاعات يمكن أن تؤثر بشكل كبير في إمدادات الغذاء ورفع الأسعار، ما يؤدي إلى نقص الغذاء في بعض الدول. على سبيل المثال، أدى توقف صادرات زيت النخيل من إندونيسيا إلى تعليق برامج تعزيز زيوت الطعام في بنجلاديش، ما يبرز العلاقة الوثيقة بين السياسات التجارية والتغذية العالمية.

هذا، ويبرز اعتماد البلدان الإفريقية على الواردات لتلبية 30% من احتياجاتها من الحبوب أهمية التجارة في استدامة إمدادات الغذاء.

وفي هذا الصدد، فقد أظهرت مبادرة البحر الأسود الدور الذي تؤديه التجارة في استقرار إمدادات الغذاء والأسواق، فخلال الحرب الروسية الأوكرانية، توسطت الأمم المتحدة وتركيا في إبرام صفقة لتمكين صادرات الغذاء والأسمدة من أوكرانيا وروسيا، الأمر الذي ساعد في خفض مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة بنسبة 23%.

التعريفات الجمركية والحصص والإعانات تعمل على الإضرار بأسواق الغذاء العالمية

وأوضح التحليل أن التعريفات الجمركية والحصص والإعانات تعمل على الإضرار بأسواق الغذاء العالمية، وتحد من القدرة على الوصول إلى الغذاء بأسعار معقولة في البلدان المستوردة، كما تؤدي النزاعات التجارية والمنافسات الجيوسياسية إلى عرقلة سلاسل إمداد الغذاء، ما يعرض الأمن الغذائي للخطر، ويفرض التغير المناخي مخاطر كبيرة على الإنتاجية الزراعية وحركة التجارة الدولية في الأغذية، فالأحداث المناخية المتطرفة، مثل الأعاصير والجفاف، تعطل إنتاج الغذاء وسلاسل التوريد، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار والحد من توافر الغذاء.

وأفاد التحليل في ختامه أن التجارة العالمية تُعد أداة حيوية لتعزيز الأمن الغذائي، وتقديم الحلول لمعالجة توافر الغذاء وإمكانية الوصول إليه، ويمكن للمجتمع الدولي الاستفادة من القوة التحويلية للتجارة لبناء عالم أكثر أمنًا غذائيًّا، ولكن الأمر يتطلب تزايد الترابط العالمي، لضمان مساهمة التجارة في الأمن الغذائي المستدام والعادل، من خلال العديد من الإجراءات والتي تتضمن تعزيز سياسات خفض التكاليف المرتبطة بالتجارة وتحقيق استقرار أسعار المواد الغذائية، ومن بين ذلك تقليل الحواجز التجارية من خلال خفض التعريفات الجمركية ومعالجة التكاليف الخفية للتدابير غير الجمركية على البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

إضافة لذلك، يجب العمل على تسهيل الوصول إلى الغذاء أثناء الأزمات، وذلك من خلال إلغاء التعريفات الجمركية على المساعدات الغذائية والمدخلات الأساسية وتجنب القيود المفروضة على الصادرات، وكذا تعزيز التجارة الغذائية والتعاون الإقليمي لتقصير سلاسل التوريد والحد من نقاط الضعف في مواجهة الاضطرابات العالمية.

وذلك إضافة إلى تعزيز القدرة التصديرية في البلدان المعرضة للخطر، من خلال تقديم المساعدة الفنية لمساعدة المنتجين على تلبية المعايير الدولية، والعمل على الاستثمار في البنية الأساسية للتجارة، بما في ذلك المواني وشبكات النقل ومرافق التخزين لخفض تكاليف التجارة، وخاصة بالنسبة للبلدان ذات الدخل المنخفض، وكذا دعم الزراعة الذكية مناخيًّا والمستدامة في البلدان النامية، لتقليل التعرض لتغير المناخ والصدمات في السوق العالمية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أسعار السلع أسعار الغذاء أسعار المواد الغذائية أوكرانيا وروسيا ارتفاع الأسعار اقتصاد العالم الأسعار العالمية الأسواق الدولية الأسواق المحلية التعریفات الجمرکیة التجارة العالمیة الأغذیة والزراعة استقرار الأسعار إمدادات الغذاء الأمن الغذائی على الواردات أسعار الغذاء أن التجارة فی البلدان الوصول إلى بشکل کبیر من خلال یمکن أن فی عام إلى أن

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء: مصر ضمن أفضل بيئات العمل الداعمة للشركات الناشئة

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريرا جديدا تحت عنوان "تمكين الشركات الناشئة وريادة الأعمال في مصر ريادة إقليمية وجهود حكومية"، تناول من خلالها ملامح سوق الشركات الناشئة عالميًّا، وملامح سوق الشركات الناشئة في مصر، وتحليل الوضع الراهن لسوق الشركات الناشئة وريادة الأعمال في مصر، والجهود الحكومية المبذولة لتمكين الشركات الناشئة ودعم بيئة ريادة الأعمال، وبرنامج عمل مقترح لتمكين الشركات الناشئة في مصر.

 وقد أوضح المركز في بداية التقرير أن الخلط زاد خلال الفترة الأخيرة بين مفهوم ريادة الأعمال والشركات الناشئة وغيرها من المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة، للتشابه في بعض المعايير (كعدد العمالة ورأس المال المدفوع)، ولكن هذا الخلط أمر غير منصفٍ لقطاع ريادة الأعمال، الذي يمتلك طبيعة خاصة، من حيث الغاية والهدف الرئيس وسبل تحقيقه. فالريادي يستهدف إيجاد حل لمشكلة ما، أو تسهيل أساليب العيش والممارسات اليومية للأفراد عن طريق تقديم الخدمة أو السلعة بالاعتماد على أفكار ابتكارية تستخدم التكنولوجيا والأدوات الحديثة والمتطورة، سواء مكونات تكنولوجيا المعلومات أو الذكاء الاصطناعي أو إنترنت الأشياء.

فمن سمات مشروعات ريادة الأعمال والشركات الناشئة أنها تبدأ بفكرة مبتكرة تحمل نسبة كبيرة من المخاطرة يسعى صاحبها لتحويلها لواقع فعلي، وتستهدف النمو والتوسع وتكوين الثروات باستخدام الموارد المتاحة. أما المشروع التقليدي فيقتصر هدفه في ضمان الاستمرارية عبر توليد دخل مستمر يستهدف تغطية تكاليفه في المراحل الأولى وتحقيق ربح ذي نمو غير متسارع.

وأوضح المركز إلى أن مصطلح الشركة الناشئة يشير إلى مشروع يتم إطلاقه من قبل رياديين يتطلعون لتطوير منتج أو خدمة يؤمنون أنّها تمس حاجة مطلوبة في السوق أو تقدِّم حلًا فعالًا لمشكلة ما وبالتالي تلاقي طلبًا متناميًا في السوق، وغالبًا ما تبدأ الشركات الناشئة برأس مال متواضع وتكاليف مرتفعة وتواجه تحديات جمة في بداياتها من ناحية جلب التمويل اللازم لتنمية حجم عملياتها وتوسعة حضورها في السوق، ولهذا السبب تبحث عن رأس المال من مجموعة متنوعة من المصادر مثل أصحاب رأس المال المخاطر، ولعل ما يميز مصطلح الشركة الناشئة أنها تصبو نحو تحقيق نمو متسارع دون أن يصاحب هذا النمو ازدياد خطي ثابت للتكاليف، وقديمًا كان ينظر للكثير من الشركات الناشئة على أنها شركات ثانوية إلا أنها أثبتت مدى قدرتها ومرونتها في التعامل مع التطورات والأحداث التي مر بها العالم مؤخرًا كجائحة كورونا، وكذلك قدرتها على تطويع الذكاء الاصطناعي للتعامل مع مشكلات التغييرات المناخية، لذا باتت الدول والحكومات طامحة لتعزيز مكانة تلك الشركات داخل اقتصاداتها.

ومن الجدير بالذكر أن الشركات الناشئة تتسم بالتوسع والنمو في وقت قصير حيث ظهرت ما تُعرف بالشركات الناشئة الضخمة والتي يُطلق عليها شركات اليونيكورن "Unicorn Startup"، وهي شركة ناشئة تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار وقد بلغ عددها أكثر من 2800 شركة ناشئة منذ عام 2000 عبر أكثر من 420 مدينة حول العالم، ومنذ عام 2018 يتم إدراج أكثر من 100 شركة ناشئة "يونيكورن" جديدة كل عام باستثناء عام 2021 عندما ارتفع هذا العدد إلى 787 خلال عام واحد، كذلك تتسم الشركات الناشئة بالنظرة العالمية وإمكانية التوسع وتصدير خدماتها عالميًّا 

فعادةً ما تكون فكرة الشركة الناشئة فكرة قابلة للتوسع والتطبيق على نطاق عالمي، فعلى سبيل المثال تلعب شركات اليونيكورن دورًا بارزًا في تشكيل وإعادة تعريف الصناعات التي تعمل فيها وذلك من خلال تطوير منتجات وخدمات جديدة والتوسع في أسواق جغرافية جديدة وفي المقابل نجد أن الشركات الصغيرة والمتوسطة عادةً ما تكون مرتبطة بمكان وسوق عمل محددين، كما أثبتت الشركات الناشئة في الآونة الأخيرة أنها فاعل رئيس في الحياة الاقتصادية من خلال قدرتها على خلق الوظائف وترجمة الأفكار إلى منتجات وخدمات وإدخال تقنيات جديدة وتحفيز القدرة التنافسية في السوق وتوليد الدخل والقيمة المضافة في الأسواق المحلية والدولية؛ ويمكن أن تُسهم في تحقيق التنمية المستدامة من خلال لعبها دورًا حيويًّا ليس فقط في توفير فرص العمل، ولكن أيضًا في تشكيل محركات للنمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.

أشار التقرير إلى ملامح سوق الشركات الناشئة عالميًا حيث شهدت ارتفاعًا نسبيًا في حجم التمويل الموجه للشركات الناشئة خلال الفترة 2019 - 2021، حيث سجل التمويل عام 2019 نحو 294.8 مليار دولار وسجل عام 2020 تمويل بنحو 335 مليار دولار بمعدل نمو بلغ 13.6 %؛ إذ أحدثت جائحة كوفيد- 19 تحولات كبيرة في المشهد الاستثماري العالمي لرأس المال المخاطر، فأدت في بداية الأمر إلى حالة عدم اليقين ومن ثم انخفاض نشاط رأس المال المخاطر وواجهت الشركات الناشئة تحديات تمويلية وخاصًة في القطاعات المتضررة مثل السفر وتجارة التجزئة، وفي المقابل مع استمرار الوباء سرعان ما عادت سوق الشركات الناشئة للنمو بمعدلات سريعة ليبلغ التمويل أعلى مستوياته عام 2021 ، بقيمة تُقدر بنحو 643 مليار دولار بزيادة بلغت 92%، ثم سجل عام 2022 قيمة تمويل تُقدر بنحو 462 مليار دولار بانخفاض بنحو 28,1 %، تلاه عام 2023 الذي وصل حجم التمويل فيه إلى نحو 285 مليار دولار، وهو ما يمثل انخفاضًا كبيرًا بنسبة 38,3% مقارًنة بعام 2022.

ومن الجدير بالذكر أنه على الرغم من تدهور حجم التمويل الموجه للشركات الناشئة عام 2023 بشكل عام، فإن بعض القطاعات قد استطاعت تحقيق صفقات تمويلية كبيرة واستمرت في النمو ومثال على ذلك الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي حيث استحوذت على استثمارات بما يبلغ نحو 22.5 % من إجمالي التمويل عام 2023، حيث وصل الاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة لعام 2023 إلى نحو 64 مليار دولار، كما نجحت بعض الشركات الناشئة التكنولوجية في السيطرة على أعلى الصفقات التمويلية.

وقد كانت شركتي التكنولوجيا Changxin Xinqiao وAnthropic من أبرز الشركات التي حصلت على تمويل في الربع الأخير من عام 2023، حيث حصلتا على أعلى تمويل بمقدار 2 مليار دولار لكلا منهما، وجاءت في المرتبة الثالثة شركة Metropolis والتي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي أيضًا، وقد حصلت على تمويل قدره 1,7 مليار دولار.

وفيما يتعلق بعدد الصفقات في الشركات الناشئة عالميًّا خلال الفترة من 2020 – 2023 فقد وصل عددها إلى حوالي 31 ألف صفقة عام 2020، ثم نما العدد حتى سجل حوالي 42.5 ألف صفقة في عام 2021، ثم سجل 42.9 ألف صفقة في عام 2022، وفي عام 2023 انخفض عدد الصفقات بحوالي 28.8% عن المستوى الذي كان عليه عام 2022 مسجلًا حوالي 30.5 ألف صفقة فقط.

وبمقارنة بيانات الربع الأول لعام 2024 ببيانات الربع الأخير لعام 2023 يتضح انخفاض طفيف في عدد الصفقات في الربع الأول لعام 2024، حيث سجل عدد الصفقات حوالي 6.2 آلاف صفقة مقارنة بحوالي 6.7 آلاف صفقة في الربع الأخير من عام 2023، وبمقارنة بيانات الربع الأول من 2024 ببيانات نفس الربع في عام 2023 فقد أظهرت البيانات انخفاضًا جليًّا في عدد الصفقات من 8.9 آلاف صفقة في الربع الأول لعام 2023 وصولًًا إلى 6.2 آلاف صفقة للربع الأول لعام 2024، أما عن القطاعات التي استحوذت على النصيب الأكبر من التمويل في الشركات الناشئة في الربع الأول لعام 2024 فقد أتي قطاع الرعاية الصحية والتكنولوجيا الحيوية على رأس هذه القطاعات حيث جمعت الشركات في هذا القطاع 15.7 مليار دولار أو نحو 24 % من إجمالي التمويل العالمي، واستمر قطاع الذكاء الاصطناعي في الظهور ضمن القطاعات الرائدة للاستثمار وجمعت الشركات في هذا القطاع حوالي 11.4 مليار دولار أو نحو 17 % من إجمالي التمويل العالمي.

من المتوقع أن يستمر النمو في رأس المال المخاطر العالمي عام 2025 ولكن بمعدلات أكثر تباطؤًا، ليصل إلى 477,2 مليار دولار بمعدل نمو 1,9 %، على أن يصل عدد الصفقات إلى 47,5 ألف صفقة بمعدل نمو 0,8 %، علاوة على ذلك ستظل الدول الخمس الرائدة عالميًا في قطاع ريادة الأعمال (الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وإسرائيل، وسنغافورة، وكندا) في الحصول على أعلى تمويلات رأس المال المخاطر حتى عام 2025، وعند النظر إلى المدى الأبعد من المتوقع أن يصل حجم سوق الشركات الناشئة إلى حوالي تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2032.

استعرض التقرير ملامح سوق الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث برزت المنطقة كمركز ديناميكي لنشاط الشركات الناشئة في السنوات الأخيرة، وبالنظر إلى التمويل الموجه للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتضح اتجاه التمويل للنمو المطرد خلال الفترة (2020 – 2023) حيث ارتفعت قيمة رأس المال المخاطر في المنطقة بأكثر من 5 أضعاف مسجلة 4 مليارات دولار عام 2023 صعودًا من 0,654 مليار دولار فقط لعام 2020.

كما تجدر الإشارة إلى أن نمو القطاع الرقمي الذي قادته جائحة كوفيد - 19 سلَّط الضوء على أهمية الشركات الناشئة وإمكاناتها وأن المستثمرين الذين كانوا يشعرون براحة أكبر في تخصيص رؤوس أموالهم للقطاعات التقليدية مثل العقارات قد حولوا اهتمامهم أيضًا إلى الشركات الناشئة مما ساعد على تعزيز ارتفاع الاستثمار فيها لا سيما في مجال التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية وتكنولوجيا الأغذية وهي القطاعات التي استفادت أكثر من الوباء، ومن ثم كان عام 2021 نقطة تحول بالنسبة لبيئة عمل الشركات الناشئة والمشهد الاستثماري إذ تم فيه تحطيم العديد من الأرقام القياسية -أكبر جولة تمويل وأكبر عدد من الصفقات في هذه الفترة مقارنة بالفترات السابقة-

 وكذلك وصول سوفت بنك Softbank وسيكويا كابيتال Sequoia capital إلى المنطقة؛ كل ذلك أدى إلى رفع إجمالي الاستثمارات التي جمعتها الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2021  ليسجل حجم تمويل قدره 3.18 مليارات دولار بزيادة تقارب 5 أضعاف عن عام 2020، ثم سجل عام 2022 مبلغا قدره 3.95 مليارات دولار بزيادة 24%.

وسلَّط مركز المعلومات خلال التقرير الضوء على ملامح سوق الشركات الناشئة في مصر، ففي السنوات الأخيرة حدثت طفرة في ريادة الأعمال وتمويل رأس المال الاستثماري وسياسات الشركات الناشئة المواتية مما جعل مصر نقطة جذب للمستثمرين، كما أدى ظهور حاضنات التكنولوجيا والمسرعات العالمية إلى تعزيز نمو قطاع التكنولوجيا لا سيما في مجال شركات التجارة الإلكترونية الناشئة

 ووفقًا لتقرير مؤشر النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة الصادر عن مؤسسة "ستارت أب بلينك" عام 2024 فإن مصر تقع ضمن أفضل بيئات العمل الداعمة للشركات الناشئة حيث تحتل المركز 66 عالميًّا والمركز الأول في منطقة شمال إفريقيا، كما تقع مدينتي القاهرة والإسكندرية ضمن قائمة أفضل 1000 مدينة عالميًا، وقد انضمت القاهرة إلى قائمة أفضل 100 مدينة على مستوى العالم بقفزة قدرها 27 مركزًا مقارنة بنفس التقرير الصادر عن عام 2023، ولا تزال القاهرة في المركز الثاني على مستوى إفريقيا، وتحتل المدينة المرتبة الأولى في إفريقيا في مجالات تكنولوجيا الأغذية والنقل والبرمجيات والبيانات والتسويق والمبيعات.

ومن ناحية التوظيف فوفقًا لتقرير النظام البيئي للشركات الناشئة في مصر 2021 الصادر عن منصة DISRUPT Africa، فإن النظام البيئي للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في مصر يعد مساهمًا رئيسيًّا في التوظيف حيث يعمل ما يقرب من 13 ألف فرد في 562 شركة ناشئة ويبلغ متوسط عدد الموظفين في كل شركة ناشئة 23 موظفًا، ويعد قطاع التجارة الإلكترونية أكبر جهة توظيف ضمن النظام البيئي التكنولوجي وتأتي التكنولوجيا المالية والتكنولوجيا التعليمية في المركزين الثاني والثالث على التوالي

 وفيما يتعلق بالاستثمارات التي تم تسجيلها للشركات الناشئة في مصر فقد أوضح تقرير الاستثمار الجريء في المشاريع الناشئة في مصر 2022 أن رأس المال المخاطر قد تطور في مصر من حيث المبلغ وعدد الصفقات، حيث نجحت الشركات الناشئة في جمع صفقات تمويلية بقيمة 517 مليون دولار من خلال 160 صفقة مُبرمة خلال عام 2022، بما يمثل رقمًا قياسيًا جديدًا لحجم رأس المال المخاطر في قطاع الشركات الناشئة في مصر وبمعدل نمو سنوي بلغ 3.2 % مقارنةً بعام 2021

 وفي ذات الصدد جاءت مصر في المركز الثالث إفريقيًا من حيث إجمالي تمويل الشركات الناشئة لعام 2022 بقيمة 517 مليون دولار واستحوذت على حصة قدرها 18% من إجمالي تمويل إفريقيا، وفي ذات السياق فقد أوضح التقرير تطور عدد الصفقات التي تم تمويلها للشركات الناشئة في مصر منذ عام 2018 وحتى عام 2022، حيث بلغ عدد الصفقات 160 صفقة في عام 2022 مقارنة بـ 114 صفقة في عام 2018 وهي زيادة بمعدل 40.3 %، وبناءً عليه فقد احتلت مصر المرتبة الثانية إفريقيًا والأولى بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إجمالي عدد الصفقات لعام 2022.

وقد تصدر قطاع التجارة الإلكترونية نشاط الصفقات المُبرمة فـي مصر عام 2022 حيث استحوذ على أعلى حصة من الصفقات بنسبة 23%، كما جاءت شركات التكنولوجيا المالية فـي المرتبة الثانية بنسبة 18% من إجمالي عدد الصفقات، وفـي ذات السياق فقد نشطت الشركات الناشئة فـي مصر عبر مجموعة أخرى من المجالات كالنقل والخدمات اللوجستية بإجمالي 18 صفقة والرعاية الصحية بإجمالي 12 صفقة، والمشاريع والبرمجيات بإجمالي 10 صفقات

 وفـيما يتعلق بالقطاعات الأعلى تمويلاً لعام 2022 فقد استحوذ ثلاثة قطاعات على أعلى نصيب من التمويل وهي (التكنولوجيا المالية، والتجارة الإلكترونية، والنقل والخدمات اللوجستية)، حيث استحوذت القطاعات الثلاثة على 83% من إجمالي التمويل الموجه للشركات الناشئة فـي مصر وذلك بإجمالي تمويل بلغ 217 مليون دولار للتكنولوجيا المالية، و148 مليون دولار للتجارة الإلكترونية، و62 مليون دولار للنقل واللوجستيات.

أما بالنسبة لتطور نشاط الشركات الناشئة فـي مصر خلال عام 2023 فقد بلغ حجم التمويل الممنوح للشركات الناشئة نحو 608 ملايين دولار، وبالنظر إلى وضع الشركات الناشئة فـي مصر مقارنةً بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نجد أن الشركات الناشئة المصرية قد استحوذت على 2,15% من إجمالي الاستثمارات فـي المنطقة والتي بلغت 4 مليارات دولار عام 2023، وسجلت ثالث أكبر متلقي لرأس المال بعد السعودية والإمارات بفضل جولة تمويل منصة "تريلا" اللوجستية فـي سوق النقل بالشاحنات فـي مصر بقيمة 5,3 ملايين دولار

 وبالنسبة للأنشطة التي تركزت فـيها الشركات الناشئة فـي مصر عام 2023، فيمكن توضيح القطاعات الخمس الرائدة من حيث الاستحواذ على أعلى الاستثمارات، حيث استحوذ قطاع التطبيقات الشاملة "السوبر آب" على 530 مليون دولار بنسبة 17,87% من إجمالي الاستثمارات، ثم استحوذ قطاع التكنولوجيا الصحية على استثمارات بلغت 26 مليون دولار موزعة على 14 صفقة، وأتى قطاع التكنولوجيا المالية فـي المرتبة الثالثة باستثمارات بلغت نحو 12 مليون دولار إلا أنه ظل فـي المرتبة الأولى من حيث عدد الصفقات، حيث استحوذ القطاع على أكبر عدد صفقات بلغ 19 صفقة، فـيما حظي قطاع النقل باستثمارات قيمتها 9 ملايين دولار من خلال 5 صفقات، أما بقية الاستثمارات مجمعة فبلغت 31 مليون دولار، وُزعت على قطاعات (وسائل الإعلام، والتكنولوجيا التعليمية، والذكاء الاصطناعي، والخدمات اللوجستية، والتكنولوجيا النظيفة، وغيرها)

وتناول التقرير تحليل لأهم نقاط القوة والتحديات لسوق الشركات الناشئة وريادة الأعمال في مصر، ومن نقاط القوة:

1- امتلاك مصر مجموعة متنوعة من حاضنات ومسرعات الأعمال المختلفة ويمكن عرض أبرزها فـيما يلي أولًا: حاضنات أعمال خاصة مثل (حاضنة إنجاز مصر "Injaz Egypt"، حاضنة إينوف إيجيبت "InnovEgypt")، ثانيًا: حاضنات الأعمال الجامعية مثل (فينتشر لاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة، حاضنة أعمال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مركز الابتكار وريادة الأعمال – جامعة عين شمس) ثالثًا: حاضنات الأعمال الحكومية مثل (مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال، بنك الابتكار المصري، مركز مصر لريادة الأعمال والابتكار، مركز التكنولوجيا المالية والابتكار) 2- تطور البنية التحتية التكنولوجية في مصر، 3- الدعم الحكومي المتزايد لقطاع ريادة الأعمال، 4- توفر الشركات الناشئة فرص عمل لآلاف المصريين، مما يسهم في زيادة معدلات التوظيف، 5- إنشاء أول شركة ناشئة يتخطى رأسمالها مليار دولار "unicorn" عام 2023 في مصر، 6- تزايد عدد الشركات الناشئة المصرية بشكل مطرد، 7- السوق العملاق الذي يتيح المجال لإنشاء المزيد من الشركات الناشئة في مصر.

أما التحديات فجاء من أبرزها: 1- وجود سوق تنافسي قوي قد يحد من قدرة الشركات الناشئة على المنافسة والاستمرار، 2- الانفصال بين جانبي العرض والطلب،3- ضعف خطة العمل المتبعة في الشركات الناشئة، 4- الأعراف الاجتماعية والثقافة المحافظة.

وأكد التقرير أن مصر تمتاز بالعديد من الفرص والمزايا النسبية مقارنةً بنظرائها فـي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تميز الاقتصاد المصري بقدرته على جذب الاستثمارات فـي رأس المال المخاطر كما ساهمت الجهود الحكومية فـي ازدهار قطاع ريادة الأعمال فـي مصر مما جعل الدولة المصرية من أوائل دول المنطقة فـي النظام البيئي الداعم للشركات الناشئة، ويمكن توضيح المزايا النسبية لمصر من خلال العديد من النقاط من أبرزها ما يلي: (1-تتسم مصر بالتنوع القطاعي المتوازن مما يمنح نظامها البيئي أفضلية فـي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 

حيث تم تصنيف مصر من بين أفضل دولتين إفريقيتين تتمتعان بأعلى مستوى من التنوع القطاعي الأكثر توازنًا، 2- تمتلك مصر فرصًا واعدة كبيئة عمل داعمة للشركات الناشئة مقارنة بنظرائها فـي القارة الإفريقية، 3- بالنظر إلى وضع الشركات الناشئة فـي مصر مقارنةً بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نجد أن الشركات الناشئة المصرية قد استحوذت على 15.2%  من إجمالي الاستثمارات فـي المنطقة والتي بلغت 4 مليارات دولار عام 2023، 4- احتلت الشركات الناشئة المرتبة الثالثة من حيث تلقي رأس المال فـي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد السعودية والإمارات عام 2023، 5- تعد بيئة الشركات الناشئة فـي مصر هي الأقوى فـي شمال إفريقيا حيث تحتل مصر المرتبة الأولى فـي شمال إفريقيا فـي مؤشر النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة ويظُهر النظام البيئي المصري إمكانات كبيرة.

مقالات مشابهة

  • «معلومات الوزراء»: الدولة تتحمل فروقات الأسعار لضمان استمرارية دعم السلع التموينية
  • معلومات الوزراء يستعرض في تحليل جديد دور التجارة العالمية بتعزيز الأمن الغذائي
  • «معلومات الوزراء» يكشف تفاصيل تحويلات المصريين بالخارج خلال 2024
  • «معلومات الوزراء» يستعرض دور التجارة العالمية في تعزيز الأمن الغذائي
  • الصحة العالمية: السعودية تتبرع بـ 500 مليون دولار أمريكي للقضاء على شلل الأطفال
  • 29.6 مليار دولار قيمة تحويلات المصريين بالخارج 2024 بارتفاع نسبته 51.3%
  • معلومات الوزراء: مصر ضمن أعلى 5 دول استثمارا في التكنولوجيا بإفريقيا خلال 2024
  • «معلومات الوزراء»: سوق الشركات الناشئة قد يصل إلى تريليون دولار بحلول 2032
  • معلومات الوزراء: مصر ضمن أفضل بيئات العمل الداعمة للشركات الناشئة