القطاع الخاص في العراق.. غائب قسراً أم مغيب بفعل فاعل؟
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
25 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: قال الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي إن المنظومة السياسية العراقية تعرقل نشوء قطاع خاص حقيقي في البلاد، معتبراً أن هذا السلوك ليس مجرد نهج اقتصادي، بل استراتيجية لضبط الجماهير وإحكام السيطرة على الشارع.
ورأى أن التعيين الحكومي يمثل الأداة الأهم لهذه المنظومة، حيث يمنح الحكومة القدرة على ربط ملايين العراقيين بوظائف تضمن لهم دخلًا ثابتًا، لكنها في الوقت ذاته تحجم قدرتهم على المطالبة بالتغيير أو الاعتراض على السياسات العامة، خوفًا من فقدان مصادر رزقهم.
وأشار إلى أن توسع القطاع الخاص يشكل تهديدًا وجوديًا للمنظومة السياسية الحالية، إذ يمنح العاملين فيه استقلالًا ماليًا ووظيفيًا يحررهم من قيود التبعية للحكومة، ما يخلق شريحة قادرة على رفض الفساد وسوء الأداء، بل والمشاركة في تحريك الشارع والمطالبة بالإصلاح.
وأكد أن وجود شركات ومؤسسات اقتصادية كبيرة يمتلكها القطاع الخاص قد يشكل قوة ضاغطة على السلطة، على غرار ما يحدث في الدول الكبرى، حيث يملك القطاع الخاص نفوذًا واسعًا يؤثر في السياسات العامة ويدعم مرشحين سياسيين قد يكونون على خلاف مع الطبقة الحاكمة.
ولفت إلى أن التجارب الدولية تظهر بوضوح قوة وتأثير القطاع الخاص، مستشهدًا بدور الشركات الكبرى في دعم إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكيف تخوض الدول المتقدمة حروبًا اقتصادية للحفاظ على تفوق مؤسساتها الخاصة، في حين أن العراق يتبع نهجًا معاكسًا يقوم على إضعاف القطاع الخاص لمنع نشوء قوى اقتصادية منافسة للمنظومة السياسية.
وأضاف أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى أزمات اقتصادية متراكمة، حيث إن تضخم القطاع العام واستمرار التعيينات الحكومية العشوائية يمثل عبئًا ماليًا هائلًا على الدولة، ما قد يفضي في المستقبل إلى انهيارات مالية ونقدية تدفع حتى الموظف الحكومي إلى مراجعة موقفه من السلطة والمطالبة بتغييرات جذرية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: القطاع الخاص
إقرأ أيضاً:
رصاصة الثأر .. من ينقذ العراق من أعراف الدم؟
30 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: كتبت انوار داود الخفاجي:
في مشهدٍ يعيدنا إلى عصور الظلام، قُتل شاب مراهق بعد خروجه من مدرسته، لا لذنب اقترفه، ولا لجريمة ارتكبها، بل فقط لأنه ينتمي إلى عائلة تورّط أحد أفرادها في نزاع عشائري. هكذا، ببساطة، يُنتزع المستقبل من جسد شاب بريء بذريعة (الثأر). والسؤال الذي يطرق باب كل عراقي الآن إلى متى تبقى الأعراف العشائرية فوق القانون؟ وإلى متى يُترك الدم العراقي مستباحاً بهذه الخفة؟
ما هكذا تورد الإبل يا عشائر العراق، فالثأر الذي يُسفك بسببه دم شاب ، ليس نخوة، ولا شرفاً، بل سقوط أخلاقي ومجتمعي يضرب روح العشيرة التي كانت على مرّ التاريخ رمزاً للحكمة والإصلاح وحل النزاعات بعيداً عن الظلم والانتقام. ما حدث ليس فصل عشائري بل قتل متعمد، وجريمة مكتملة الأركان، لا يمكن أن تُغلف بغلاف العرف أو العادة.
إن السكوت على هذه الجريمة، أو التبرير لها، هو شراكة في الدم، وتواطؤ مع الفوضى. فحين يُقتل طالب علم، في طريقه من المدرسة، فإن المجتمع كله يُذبح معه. وحين تبقى العشيرة أقوى من الدولة، فإن هيبة الدولة تهتز، ويتزعزع الإيمان بالعدالة، ويستمر تساقط الضحايا واحداً تلو الآخر، بلا نهاية.
نحن هنا لا نعمم، ولا نحمّل كل عشائر العراق وزر قلة ضالة، لكن الصمت الجماعي أخطر من الجريمة نفسها. المطلوب اليوم هو موقف واضح وصريح من شيوخ العشائر ووجهائها ومثقفيها، موقف يرفض هذه الأساليب، ويعيد تعريف الشرف العشائري على أساس الحكمة والعدل، لا القتل وسفك الدم.
أما الدولة، فهي تتحمل مسؤولية لا يمكن التهرب منها. فلا يجوز أن تظل السلطة القضائية عاجزة أمام النفوذ العشائري، ولا أن تُترك القرى والمدن تحت رحمة “فصل هنا أو ديه هناك. آن الأوان لقانون صارم يُجرّم الثأر، ويحاسب القاتل كقاتل، مهما كانت الذريعة، ويوفّر الحماية الفعلية لأُسر الضحايا، بدل أن يُتركوا عرضة لدوامة لا تنتهي من الدماء.
لقد آن أوان إصلاح جذري يبدأ من التعليم والإعلام، ويمر عبر التشريعات والقوانين، وينتهي بمصالحة مجتمعية تضع حداً لهذا السلوك الدموي. كرامة العشيرة لا تكون في الانتقام، بل في ضبط النفس، وإعلاء صوت العقل، وترك الأمور لميزان العدالة.
وختاما فلنقلها بوضوح، وبلا مواربة لا عشيرة فوق القانون، ولا عرف يعلو على حياة الإنسان، خصوصاً إذا كان هذا الإنسان شاب مراهق يحلم بغدٍ أفضل. فكرامة العراق تُقاس اليوم بمدى قدرتنا على حماية أبنائه من القتل المجاني، وبمدى استعدادنا لوأد الثأر، قبل أن يوأد الوطن كله.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts