مخيم جنين خاو على عروشه.. شبح التهجير يطارد الفلسطينيين في الضفة الغربية
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
القدس المحتلة - الوكالات
هدمت جرافات إسرائيلية مساحات واسعة من مخيم جنين للاجئين الذي أصبح الآن خاليا تقريبا، وتشق فيما يبدو طرقا واسعة عبر أزقته التي كانت مزدحمة ذات يوم، في محاكاة للتكتيكات التي شهدتها غزة في وقت تستعد فيه القوات الإسرائيلية للبقاء لفترة طويلة.
ونزح 40 ألف فلسطيني على الأقل عن منازلهم في جنين ومدينة طولكرم القريبة في شمال الضفة الغربية منذ بدأت إسرائيل عمليتها بعد يوم واحد فقط من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد حرب استمرت 15 شهرا.
وقال بشير مطاحن المتحدث باسم بلدية جنين "مخيم جنين تكرار لما جرى في جباليا (بشمال غزة)، مئات المنازل هدمت وأخرى محروقة، المخيم أصبح غير صالح للسكن مع استمرار الهجمة الاسرائيلية على المخيم".
ومضى يقول "12 جرافة كانت تعمل على تجريف أحياء كاملة في مخيم جنين". وكان المخيم ذات يوم بلدة مزدحمة بنسل الفلسطينيين الذين فروا من منازلهم أو طردوا في حرب عام 1948 خلال "النكبة" عند قيام دولة إسرائيل.
وقال مطاحن إن فرق الهندسة التابعة للجيش شوهدت وهي تستعد للإقامة لفترة طويلة بعد أن أحضرت خزانات مياه ومولدات كهربائية إلى منطقة تبلغ مساحتها نحو فدان.
ولم يتسن الحصول على تعليق بعد من الجيش الإسرائيلي، لكن وزير الدفاع يسرائيل كاتس أمر القوات يوم الأحد بالاستعداد "لإقامة طويلة الأمد"، قائلا إن المخيمات تم إخلاؤها "لعام قادم" ولن يُسمح للسكان بالعودة.
والعملية المستمرة منذ شهر في شمال الضفة الغربية واحدة من أكبر العمليات التي شهدها الفلسطينيون منذ الانتفاضة الثانية قبل أكثر من 20 عاما، وتشارك فيها بضعة ألوية من القوات الإسرائيلية مدعومة بطائرات مسيرة وطائرات هليكوبتر، وللمرة الأولى منذ عقود، دبابات ثقيلة.
وقال مايكل ميلشتين، وهو مسؤول سابق في المخابرات العسكرية ويرأس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان للأبحاث الشرق الأوسطية والأفريقية، "هناك عملية إخلاء واسعة النطاق ومتواصلة للسكان، خاصة في مخيمي اللاجئين نور شمس، بالقرب من طولكرم، وجنين".
وأضاف "لا أعرف ما هي الاستراتيجية العامة لكن لا شك على الإطلاق في أننا لم نشهد مثل هذه الخطوة في الماضي".
وسوغت إسرائيل تنفيذ العملية بأنها تستهدف التصدي للجماعات المسلحة المدعومة من إيران، مثل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) والجهاد الإسلامي، بعد أن ضربت بجذورها في مخيمات اللاجئين منذ عقود، على الرغم من المحاولات الإسرائيلية المتكررة لاستئصالها.
لكن مع مرور أسابيع، قال فلسطينيون إن النية الحقيقية هي فيما يبدو التهجير الدائم واسع النطاق للسكان بتدمير المنازل وجعل بقائهم مستحيلا.
وقال حسن الخطيب (85 عاما) الذي كان يعيش في مخيم جنين مع 20 من أبنائه وأحفاده قبل أن يهجر منزله وكل ممتلكاته بسبب العملية الإسرائيلية "إسرائيل بدها (تريد أن) تمحي المخيمات وذكرى المخيمات معنويا وماديا بدهم يمحوا اسم لجوء من ذاكرة الناس وهذا الشي مش رح يصير، عمري 85 سنة وما نسيت".
وتشن إسرائيل بالفعل حملة لتقويض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إذ منعت موظفي الوكالة من دخول مقرها السابق في القدس الشرقية، وأمرتها بوقف عملياتها في جنين.
وقالت المتحدثة باسم الأونروا جولييت توما "لا نعرف ما هي نوايا دولة إسرائيل. نحن نعلم أن هناك نزوحا كبيرا من المخيمات". وأضافت أن اللاجئين يتمتعون بالوضع ذاته بغض النظر عن موقعهم.
* "عمليات عسكرية"
تمثل المخيمات تذكيرا دائما بالوضع المعلق للاجئين الفلسطينيين البالغ عددهم 5.9 مليون لاجئ، وهي هدف دائم لإسرائيل التي تقول إن قضية اللاجئين تشكل عقبة أمام أي حل للصراع المستمر منذ عقود.
ومع ذلك، لم تقدم إسرائيل على إخلاء تلك المخيمات بصورة دائمة. ونفى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر يوم الاثنين أن يكون للعملية العسكرية في الضفة الغربية أي غرض آخر غير محاربة الجماعات المسلحة.
وقال للصحفيين في بروكسل حيث التقى بمسؤولين من الاتحاد الأوروبي في مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل "إنها عمليات عسكرية تجري هناك ضد الإرهابيين، ولا توجد أهداف أخرى غير ذلك".
لكن عددا كبيرا من الفلسطينيين يرون صدى دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإخراج سكان غزة لإفساح المجال أمام مشروع تطوير عقاري أمريكي، وهي الدعوة التي أيدتها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن العملية العسكرية في شمال الضفة الغربية هي تكرار على ما يبدو للأساليب المستخدمة في غزة، حيث شردت القوات الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين بشكل ممنهج خلال عملياتها هناك.
وأضاف "نطالب الإدارة الأمريكية بإجبار دولة الاحتلال على وقف العدوان الذي تشنه على مدن الضفة الغربية فورا وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة إذا ما أرادت تجنيب المنطقة المزيد من التوتر والتصعيد".
ودعا متشددون إسرائيليون داخل الحكومة وخارجها مرارا إلى ضم الضفة الغربية، وهي منطقة يبلغ طولها حوالي 100 كيلومتر ويعتبرها الفلسطينيون أساسا لدولتهم المستقبلية إلى جانب غزة.
لكن الضغوط تقلصت بسبب المخاوف من أن يؤثر قرار الضم الصريح سلبا على بناء إسرائيل علاقات اقتصادية وأمنية مع دول عربية منها السعودية، فضلا عن مواجهة رفض من الولايات المتحدة.
ومع ذلك، اكتسب المتشددون الإسرائيليون دعما بفضل وجود عدد كبير من الشخصيات المؤيدة لإسرائيل بقوة في الإدارة الأمريكية الجديدة إلى جانب ترامب نفسه، الذي قال في وقت سابق من هذا الشهر إنه سيعلن موقفه من الضفة الغربية خلال الأسابيع المقبلة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الضفة الغربیة مخیم جنین فی مخیم
إقرأ أيضاً:
اشتباكات ضارية غرب جنين والاحتلال يخطط لإعادة تشكيل المخيمات شمال الضفة
أفادت مصادر للجزيرة باندلاع اشتباكات ضارية وانفجار عبوات ناسفة في بلدة السيلة الحارثية غربي جنين، وفي حين دانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي بدباباته نحو جنين، أعلنت تل أبيب سعيها لإعادة تشكيل المخيمات شمال الضفة الغربية المحتلة.
وفجر مقاومون فلسطينيون عبوات ناسفة بآليات عسكرية خلال اقتحامها بلدة السيلة الحارثية غرب جنين.
وقالت سرايا القدس "بعد عودة الاتصال بإحدى تشكيلاتنا القتالية في سرية السيلة الحارثية أكدوا لنا تمكنهم فجر اليوم الاثنين من التصدي لقوات العدو والتعزيزات العسكرية في محاور القتال المختلفة في البلدة، وإمطارها بزخات كثيفة من الرصاص المباشر والعبوات المعدة مسبقا محققين إصابات مؤكدة".
في المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي سيستمر في القتال في الضفة الغربية، مضيفا أنهم أدخلوا الدبابات إلى الضفة لأول مرة منذ عشرات السنين، على حد وصفه.
ومساء الأحد، اقتحمت دبابات إسرائيلية مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة الغربية، في تصعيد عسكري هو الأول من نوعه منذ عام 2002.
في الأثناء، قالت مصادر للجزيرة إن قوات الاحتلال دمرت بنى أساسية في بلدة اليامون وتواصل عمليات تدمير واسعة في بلدة قباطية جنوبي مدينة جنين، مع انتشار مكثف داخل البلدة.
إعلانوأضافت المصادر أن الاحتلال دفع بتعزيزات عسكرية وجرافات صوب البلدة، وقام بتدمير البنية الأساسية في شوارع رئيسية عدة.
كما قالت مصادر للجزيرة إن قوات الاحتلال تواصل عمليات التدمير الواسعة في بلدة برقين في جنين منذ ساعات الصباح مع انتشار واسع داخل البلدة.
وقالت المصادر ذاتها إن الاحتلال دفع بتعزيزات عسكرية وجرافات صوب البلدة وقامت بتدمير البنية التحتية في شوارع رئيسية عدة.
خطة إسرائيليةوفي سياق متصل ذكرت القناة 14 الإسرائيلية أن الجيش والأجهزة الاستخبارية والأمنية يعملون على شق شوارع في مناطق جنين وطولكرم تشبه محور نتساريم في غزة، ولكن ليس بالعرض نفسه.
وأضافت القناة أن شق الشوارع في مناطق جنين وطولكرم يهدف لمنع المسلحين من زرع عبوات ناسفة ولتوفير مسار سريع للقوات.
كما نقلت عن مصدر رفيع في الجيش الإسرائيلي أن الجيش يستعد للبقاء في جنين وطولكرم حتى نهاية العام الجاري وفي جميع المناطق الإشكالية في شمال الضفة الغربية.
من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه أصدر توجيهات إلى الجيش بالاستعداد للبقاء بشكل مستمر في المخيمات المستهدفة، وأنه لن يسمح بعودة المواطنين إلى المخيمات، ولا للإرهاب بأن "يعود وينمو".
وأشار كاتس إلى أن 40 ألف فلسطيني خرجوا حتى الآن من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، وباتت الآن خالية من السكان، كما تم وقف عمل وكالة الأونروا.
من جانبها، أكدت حركة حماس أن توسيع إسرائيل لعملياتها العسكرية في شمال الضفة الغربية المحتلة، والدفع بدبابات لأول مرة منذ سنوات، "يعكس نواياها الخطيرة في الإمعان بحرب الإبادة ضد الفلسطينيين".
وقالت الحركة في بيان إن "قرار الاحتلال بتوسيع عدوانه واستمراره في حملات التهجير القسري التي طالت أكثر من 40 ألف فلسطيني من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس والفارعة، يستدعي من الفلسطينيين وفصائل المقاومة تشكيل جبهة موحدة للتصدي لهذه الجرائم الوحشية".
إعلانوأضافت حماس أن "التصريحات الرعناء لوزير حرب الاحتلال يسرائيل كاتس بشأن إبقاء جيشه في مخيمات شمالي الضفة لمدة عام، ومنع سكانها من العودة، هي أوهام لن تتحقق؛ فشعبنا ومقاومته لهم بالمرصاد، وسيفشلون جميع هذه المخططات".
ومنذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، وسع الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية التي أطلق عليها اسم "السور الحديدي"، في مدن ومخيمات للاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة الغربية، وخاصة بمحافظات جنين وطولكرم وطوباس، مخلفا 61 شهيدا فلسطينيا وفق وزارة الصحة، إلى جانب نزوح عشرات الآلاف، ودمار واسع في ممتلكات ومنازل وبنية تحتية.
اعتداءات المستوطنينوفي جنوب الضفة، أحرق مستوطنون متطرفون غرفة زراعية في منطقة أبو شبان شرق مدينة يطا جنوب الخليل، وخطوا عليها شعارات عنصرية.
وهاجم مستوطنون منازل فلسطينيين في منطقة اشكاره بمسافر يطا جنوب الخليل، وألقوا الحجارة على منازل فلسطينيين وأتلفوا أشجار زيتون. كما طارد مستوطنون راعي غنم في منطقة مغاير العبيد وألقوا الحجارة على قطيعه.
يأتي ذلك في وقت اقتحمت فيه قوات الاحتلال المنطقة الجنوبية في مدينة الخليل وبلدة سعير شمال شرق المدينة، حيث دهمت قوات الاحتلال منازل عدة وفتشتها وسيرت دورياتها في أنحاء متفرقة من شوارع المدينة.
وفي السياق ذاته، نفذ جيش الاحتلال فجر الاثنين، اقتحامات في الضفة الغربية تركزت في رام الله ونابلس، حيث دهمت قوات الاحتلال منازل ومحال تجارية واعتقلت عددا من الفلسطينيين.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، مما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 923 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف شخص، واعتقال 14 ألفا و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
ولا يخفي وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش حليف نتنياهو، نيته ضم أجزاء كاملة من الضفة الغربية مستغلا الدعم الكامل الذي يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب توليه لإسرائيل.
إعلان