كيف ستتغير أوروبا بعد الانتخابات الألمانية؟ ميرتس والمستقبل المنتظر!
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
نشر موقع "كوريري ديلا سيرا" تقريرًا سلّط فيه الضوء على مستقبل أوروبا بعد الانتخابات الألمانية، مسلطاً الضوء على صعود فريدريك ميرتس كمستشار مرتقب، مع الإشارة إلى تراجع القيادة الألمانية السابقة وتأثيره على استقرار القارة.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته عربي21، إنه إذا لم تحدث مفاجآت غير متوقعة، فإن نتائج الانتخابات السياسية في ألمانيا اليوم محسومة إلى حد كبير، حيث من المتوقع أن يصبح فريدريش ميرتس، مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، المستشار الاتحادي الجديد، ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح إن كان سيتمكن من تشكيل حكومة تتألف من حزبين فقط، مما يمنحه استقرارًا سياسيًا أكبر، أم أنه سيكون مضطرًا إلى تشكيل تحالف ثلاثي أكثر تعقيدًا، لكن المؤكد أن السياسات التي سيتبعها ميرتس سيكون لها تأثير كبير على مستقبل أوروبا، وعلى الدور الذي ستلعبه ألمانيا في المرحلة المقبلة.
وأوضح الموقع أنه على مدار الثلاث سنوات الأخيرة، كان حضور الحكومة الألمانية في بروكسل شبه معدوم، إذ ظلت مشلولة بسبب الصراعات الداخلية لائتلاف متناحر وغير قادر على الإنجاز، في ظل مستشار يفتقر إلى الكفاءة مثل أولاف شولتس، الذي لم يتمكن أبدًا من تحقيق التماسك، فضلاً عن القيادة. وبالتوازي مع الأزمة التي شلت وما زالت تشل فرنسا بقيادة إيمانويل ماكرون، الذي يُنظر إليه على أنه متحمس للأوهام الأوروبية دون جدوى، فإن الغياب الألماني خلق فراغًا في قلب أوروبا، التي تعاني بالفعل من صعود الشعبوية والقومية، مما جعلها ضائعة بلا اتجاه واضح. وسواء كان الأمر متعلقًا بالمناخ، أو التجارة، السياسة الخارجية، دعم أوكرانيا، أو استكمال أو السوق الموحدة؛ فإن ألمانيا بقيادة شولتس لم تأخذ زمام المبادرة قط، وكانت عاجزة عن اتخاذ قرارات حاسمة، لتجد نفسها في دور ثانوي هامشي.
وذكر الموقع أن الولاية الثانية لدونالد ترامب في البيت الأبيض، مع هجومه المدمر على العلاقات عبر الأطلسي باسم رؤية إمبراطورية جديدة، تضع أوروبا أمام مفترق طرق وجودي: إما أن تعيد اكتشاف نفسها وتتجهز لمواجهة المستقبل، أو تغرق في عالم جديد تحكمه مناطق النفوذ، حيث تملي القوى الكبرى مصير الدول الأصغر.
وبذلك، يمكن اعتبار عودة ألمانيا إلى موقع القيادة في أوروبا خطوة أساسية لتحقيق نهضة أوروبية بات تأجيلها أمرًا غير ممكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فهل سيكون فريدريش ميرتس المستشار القادر على إعادة الدور والمصداقية لألمانيا داخل أوروبا؟
وأفاد الموقع أن هوية ميرتس الأوروبية لا جدال فيها، فقد كان معلمه السياسي فولفغانغ شويبله، وزير المالية السابق، وأحد أبرز المدافعين عن سياسة التقشف، لكنه كان أيضًا منظّرًا لفكرة أوروبا سياسية قائمة على تكامل قوي بين نواتها الصلبة المتمثلة في فرنسا وألمانيا، لكن على عكس أستاذه، الذي كان في هذا الجانب أقرب إلى إيمانويل ماكرون، يتبنى فريدريش ميرتس نهجًا أكثر حكوميًا، إذ يسعى إلى تشكيل تحالفات جديدة، انطلاقًا من مثلث فايمار – فرنسا وألمانيا وبولندا - وتوسيعه ليشمل إيطاليا وإسبانيا، إضافة إلى دول البلطيق والشمال الأوروبي.
وبين الموقع أن إدراكًا من شولتس أن قاعدة الإجماع تمنح كل دولة قدرة غير مستحقة على العرقلة والابتزاز، مما يضعف القدرة على اتخاذ القرارات داخل الاتحاد الأوروبي؛ فإنه منفتح جدًا على فكرة تكتلات "الدول الراغبة"، التي تتوحد وتتقدم معًا في ملفات معينة، سواء كان ذلك في دعم أوكرانيا، الدفاع الأوروبي، أو إنشاء صندوق استثماري مخصص للذكاء الاصطناعي.
ووفقا للموقع؛ فعلى الصعيد المالي، يُعتبر فريدريش ميرتس من المتشددين، لكن سواء داخل ألمانيا أو على المستوى الأوروبي، فقد أظهر تطورًا واضحًا في تفكيره: فقد أعلن استعداده في ألمانيا لمناقشة إصلاح، إن لم يكن إلغاء، قاعدة " فرامل الديون"، وهي آلية كبح العجز المالي التي تم إدخالها في عام 2010، والتي تحد العجز الهيكلي السنوي إلى 0.35 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، تلك القاعدة التي أعاقت استثمارات حيوية في القدرات الإستراتيجية للبلاد، من البنية التحتية إلى البحث العلمي والتعليم.
وذكر الموقع أنه على المستوى الأوروبي، وبعد دعمه لبرنامج الجيل القادم للاتحاد الأوروبي، يبدو أن فريدريش ميرتس منفتح على أشكال جديدة من التمويل المشترك، وعلى رأسها برنامج أوروبي للدفاع، والتفاصيل اللافتة هنا، أن ميرتس، الذي كان يومًا رئيس "أتلانتيك بروكه"، معقل التوجه الأطلسي في ألمانيا، يرى أنه من غير المنطقي أن يتم إنفاق 80 بالمئة من الميزانية العسكرية الأوروبية خارج القارة، وقال في تصريح له: "على الأوروبيين أولًا توحيد عمليات الشراء الدفاعي لبناء سوق للمنتجات العسكرية قوي بما يكفي لتقليل اعتمادهم، لا سيما على الولايات المتحدة". بهذا الطرح، يقدم ميرتس مفهومًا مغايرًا لفكرة "الاستقلالية الإستراتيجية" التي يدافع عنها إيمانويل ماكرون.
وأكد الموقع على أن ألمانيا تحتاج إلى قرارات جريئة من قبل فريدريش ميرتس حتى تستعيد دورها القيادي في أوروبا، وهذا يتطلب منه إصلاح الاقتصاد الألماني الذي لم يعد بنفس الكفاءة، والعمل على تحفيز النمو والابتكار، وتعزيز قدرة البلاد على منافسة الدول الأخرى بقوة، لكن هناك عقبة كبيرة في سيناريو عودة برلين إلى القيادة الأوروبية: ففي السنوات الأخيرة، أدى غياب القيادة الألمانية والفرنسية إلى بروز أورسولا فون دير لاين كبديل، حيث فرضت أسلوبًا أشبه بالنظام الملكي في رئاستها للمفوضية الأوروبية، لدرجة أنها اكتسبت لقب "الملكة أورسولا".
واختتم الموقع التقرير بالإشارة إلى أن طموح ميرتس لإعادة ألمانيا إلى قلب المشهد الأوروبي سيصطدم مباشرة بطموحات فون دير لاين، التي تسعى إلى بسط نفوذها في بروكسل، فداخل حزب الشعب الأوروبي، العائلة السياسية التي ينتمي إليها الاثنان، والتي تشكل فيها كتلة الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني القوة الأكبر، سيمارس ميرتس نفوذه بصفته مستشار ألمانيا، وهو ما سيكون تحديًا صعبًا لفون دير لاين، لكن من منظور خارجي، ستكون أوروبا مجددًا تحت قيادة شخصيتين ألمانيتين.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ميرتس المانيا ميرتس شولتز سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فریدریش میرتس الموقع أن
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: آمال أوروبا تتجه نحو الانتخابات الألمانية بعد «صدمة» ترامب
ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن آمال أوروبا تتجه الآن نحو الانتخابات الألمانية بعد تلقيها (صدمة) من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقالت الصحيفة، في تحليل نشرته اليوم الأحد، إن اقتصاد ألمانيا متعثر وسياساتها منقسمة، لكنها ترى فرصة لمستشار جديد يقود استجابة أوروبا لأمريكا المتغيرة.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه في الأيام الأخيرة من حملة انتخابية مقتضبة في ألمانيا، أصبحت المهمة التي تواجه المستشار القادم محل تركيز كبير، ويبدو أنها أكثر وجودية، بالنسبة للدولة ولأوروبا بأكملها، مما تصوره أي شخص تقريبا في البداية.
وأوضحت، أن الحكومة الائتلافية في ألمانيا انهارت بعد يوم واحد فقط من الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر الماضي ونتيجة لذلك، فإن التصويت الذي كان من المفترض أن يتم في سبتمبر المقبل بدأ اليوم الأحد، وقد أدرك القادة الألمان بسرعة أن هذا يعني أن حملتهم ستتم إلى حد كبير في الأيام الأولى من الولاية الثانية لترامب.
وبحسب الصحيفة، نجح فريق ترامب الجديد في غضون أسابيع قليلة في استبعاد أوكرانيا وأوروبا من المفاوضات لإنهاء الحرب مع روسيا، كما هدد بسحب القوات التي حمت ألمانيا لعقود من الزمن.
ورأت «النيويورك تايمز»، أن الطريقة التي يصوت بها الألمان الآن ستكون عنصرا حاسما في استجابة أوروبا للنظام العالمي الجديد الخاص بترامب، وسوف يتردد صداها بعيدا عن حدودهم.
وقالت إن ألمانيا ضعفت بسبب الأزمات في الداخل والخارج، وتغرق سياساتها الداخلية في النزاعات حول الهجرة والتنظيم والإنفاق الحكومي.
ووفقًا للصحيفة، من بين التحديات الأخرى التي تواجه ألمانيا أن مسؤولي إدارة ترامب، بما في ذلك نائب الرئيس جيه دي فانس وإيلون ماسك، تبنوا أيضًا حزبًا سياسيًا يمينيًا متشددًا، وهو حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي ينبذه جميع الأحزاب الرئيسية في الدولة.
ومن المتوقع أن يؤدي احتلال الحزب المرجح للمركز الثاني في انتخابات اليوم إلى زيادة الشعور بحالة من الانقسام والشلل المحتمل في السياسة الألمانية.
وأضافت الصحيفة، أنه لم يظهر أي رئيس دولة أوروبية ليقود القارة في معارضة السياسة الخارجية لترامب أو خططه الاقتصادية، بما في ذلك التهديدات بفرض تعريفات جمركية قد تستهدف الشركات الأوروبية. وقد تضرر زعيمان كانا ليشغلا هذا الدور، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في جهودهما بسبب انخفاض معدلات التأييد لهما في الداخل.
ومع ذلك، سيسافر ماكرون وستارمر بشكل منفصل إلى البيت الأبيض هذا الأسبوع، على أمل إقناع ترامب على الأقل بإبطاء وتيرة انسحابه المحتمل من أوروبا.
وقد يستغرق الأمر أسابيع أو أشهر قبل أن ينضم إليهم زعيم ألماني جديد.وحتى بعد فرز الأصوات، سيحتاج الفائز إلى تشكيل ائتلاف حاكم، وهي عملية شاقة تاريخيا.
وبحسب الصحيفة، تشير استطلاعات الرأي إلى أن فريدريش ميرز، المرشح الأبرز لمنصب المستشار الألماني، لن يفوز على الأرجح بالأغلبية في تصويت اليوم، وأنه قد يدخل بمعدلات تأييد منخفضة نسبيا لمستشار مستقبلي ومع ذلك، فإن وجهه الجديد قد يوفر (هزة قوية) تحتاجها أوروبا.
وأوضحت الصحيفة، أنه إذا كان عملية التصويت أكثر انقسامًا وتجاوزت المزيد من الأحزاب الحد الأدنى، فقد يضطر ميرز إلى تشكيل ائتلاف من ثلاثة أحزاب، وكما تعلم المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتز، فإن الحكومات المكونة من ثلاثة أحزاب تميل إلى أن تكون أكثر هشاشة، وأكثر عرضة للصراعات الداخلية التي تبطئ التشريعات الرئيسية.
ويرى العديد من الديمقراطيين المسيحيين وأنصارهم أن إجبار ميرز على الانضمام إلى ائتلاف أكبر من شأنه أن يضعف بالتأكيد من قدرته على دفع عملية تحرير الاقتصاد وخفض الضرائب وغير ذلك من المبادرات المحلية عبر البرلمان في محاولة لتعزيز الاقتصاد.
واختتمت الصحيفة تحليلها بالقول إنه إذا كان ميرز عاجزا عن إعادة إشعال فتيل النمو، فإن العديد من المحللين يرون أنه سوف يكافح من أجل إظهار القوة الاقتصادية اللازمة لقيادة أوروبا ــ أو إيجاد الإيرادات اللازمة لمساعدة ألمانيا على تسريع عملية إعادة تسليحها.
اقرأ أيضاًترامب يطلق يد إيلون ماسك لفصل 2.3 مليون موظف فيدرالي
ترامب يلتقي مع نظيره البولندي ويؤكدا على التحالف الوثيق بين بلديهما
ترامب يطالب الموظفين الفيدراليين بالعودة من أجل العمل في مكاتبهم