يمانيون../
حظي حزبُ الله اللبناني وأمينُه العام الشهيدُ حسن نصر الله باهتمامٍ كبيرٍ لدى الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، مُحْيي المشروعَ القرآني، والذي كان يكرّر الحديث عن نصر الله وحزبه وجهاده ودوره وصدقه وإخلاصه وقيادته وولائه في أكثر من درس وَمحاضرة.

اتخذ الشهيد القائد في معظم محاضراته، حزب الله والشهيد حسن نصر الله، قُدوة في الجهاد والمقاومة، ضد العدوّ الإسرائيلي والأمريكي، وكان كثير الاستشهاد بأداء حزب الله، وقيادته وكوادره المخلصة والمؤمنة ووصفهم بـ”سادة المجاهدين في هذا العصر”، ولعل أبرز المواضع التي تشير إلى حزب الله، في محاضراته كانت في مجال تقديم الشواهد على مصداقية القرآن الكريم، في وعوده بالنصر لأولياء الله وتثبيتهم، مهما كانت إمْكَانيات أعدائهم، بشرط التحَرّك من منطلقات التوجيهات الإلهية والالتزام بالإرشادات القرآنية، والثقة بالوعود، والتسليم في السراء والضراء.

شواهدُ على مصداقية القرآن الكريم:

وفي هذا السياق يقول –رضوان الله عليه-: “من المهم جِـدًّا أن يتابع الناس عن طريق الفيديوهات العمليات الجهادية التي ينفذها حزب الله، وتجد فيها الآيات، وليس فقط مشاهد عسكرية، تجد فيها مصاديق للقرآن الكريم، مصداقًا للقرآن الكريم، تأييدًا للقرآن الكريم، أما اليهود ﴿ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ﴾ فلا يوجد ما يجعلهم ينتصرون عليك، ولا أحد من حولهم يجعلهم ينتصرون عليك، ولا حبل من الله يبقى، ولا حبل من الناس، كُـلّ شيء يصبح متخليًا عنهم، فلا يُنصرون فعلًا”.

حرص الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، من خلال محاضراته المختلفة على إعادة الأُمَّــة إلى مناهلها ومنابع عزتها وقوتها ممثلة بالقرآن الكريم وشواهده المبثوثة في خلق الله، والأحداث التي تمر أمامنا في كُـلّ زمان ومكان، مُشيرًا إلى أن ما تقوم به المقاومة الإسلامية في حزب الله هو من “الشواهد الحيّة على مصداقية القرآن الكريم بأن من اعتصم بالله فَــإنَّه يعتصم بمهيمن عزيز جبار متكبر”، مضيفًا: “ألم يشاهدوا حزب الله كيف يضرب “إسرائيل” هذه التي يحاولون أن نصمت عنها؟ يضربها وهو لا يبالي، ويتحداها من عند رأسها وهو لا يبالي، يمطر معسكرات إسرائيل بالقذائف”.

ويواصل حديثه متسائلًا: “ألم يكن حزب الله كمثل لكل الطوائف، ولكل المجتمعات؟ حزب الله ألم يقهر أمريكا وإسرائيل؟ أخرج أمريكا من لبنان، ضرب بارجاتها وجعلها تنسحب ذليلة ببارجاتها التي كانت تضرب بقذائف كبيرة جِـدًّا، أخرجهم من لبنان، ثم أخرج “إسرائيل” من لبنان، ويضربهم بمختلف الأسلحة التي يمتلكها، فقهر أمريكا و”إسرائيل”، حزب واحد!”.

سادة المجاهدين:

وفي سياق حديثه عن حزب الله، يصف الشهيد القائد، الحزب ومقاومته بأنهم “سادة المجاهدين في هذا العالم، وهم من قدموا الشهداء، هم من حفظوا ماء وجه الأُمَّــة فعلًا، وما زال هؤلاء يحافظون على ماء وجوهنا”، مؤكّـدًا أنهم “تشبعوا بروح القرآن الكريم، وأعمالهم كلها جهاد، كلها وحدة، كلها أخوة، كلها إنفاق، كلها بذل”.

ويوضح الشهيد القائد “أن هؤلاء المؤمنين ليسوا كالزعماء العرب الذين يمتلكون مئات الآلاف من الجيوش المسلحة بأحدث الأسلحة، لكنهم لا يستطيعون مواجهة “إسرائيل” مثل حزب الله؛ ولهذا يتساءل الشهيد القائد: “ألا يبدو أمامنا حزب الله عزيزًا؟ هل يمتلك شيئًا مما يمتلكه الآخرون؟ لا.. من أين هذه العزة؟ هي العزة الإيمانية: ﴿فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾”.

ويؤكّـد الشهيد القائد، أن “حزب الله، مجموعة من المؤمنين.. واستطاعوا أن يحصلوا على السلام، لكن ليس بالتخاذل، ولا بالسكوت”.

وفي السياق ذاته يؤكّـد الشهيد القائد أن للسلام سبيلًا واحدًا لا مكانَ فيه للسكوت ولا اليأس: “{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جميعًا وَلا تَفَرَّقُوا}، الله بكل ذلك يهدينا إلى السلام، يهدينا إلى سبل السلام، فكل من ينشد السلام، كُـلّ من يريد السلام، كُـلّ من يعرف أن ربه هو السلام، عليه أن يتحَرّك على أَسَاس القرآن”.

نموذجية حزب الله:

وفي السياق نفسِه، يقدم الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- في محاضراته الشهيد السيد حسن نصر الله، نموذجًا يحمل الروحية الإيمَـانية والثقافة القرآنية، وقائدًا مهمًّا وقويًّا تحتاجُه الأُمَّــة؛ حَيثُ يقول رضوان الله عليه: “يأتي في هذا الزمن مثلًا كالسيد حسن نصر الله، كحزب الله مثلًا ونصر الله؛ باعتبَاره شخصًا مهمًّا ورجلًا قويًّا ولديه حنكة قيادية عالية”.

وبكل أسى يتساءل الشهيد القائد: “هل تسمع وسائل الإعلام العربية تتحدث عن حزب الله؟ أَو تسمع وسائل الإعلام العربية تتحدث، أَو تعرض كلام نصر الله؟! يهربون من الرجل القوي، بينما أُولئك اليهود يبحثون عن الرجل القوي، كيف النتيجة الطبيعية لهذا؟ هو أن يكون هؤلاء ضعافًا بضعف زعمائهم، ضعافًا بضعف نفوسهم، ضعافًا؛ لأَنَّهم لا يحملون أي اهتمام بشيء”.

ولأن الشهيد السيد حسن نصر الله، كان مليءَ الثقة بالله ودلت على ذلك مواقفه التي كانت نابعة عن شجاعة مستمدة من الله سبحانه وتعالى، فقد قدم الشهيد القائد في محاضراته، نصر الله كمثال للأشخاص الذي يثقون بالله من منطلق ثقتهم بالقرآن، حَيثُ يقول: الأشخاص الذين يثقون بالله يتكلمون بملءِ أفواههم بكل تحدٍّ لـ “إسرائيل” عند رأسها، حسن نصر الله، وأمثاله، بكل صراحة، وبكل قوة، من منطلق ثقته بصدق القرآن، أن هؤلاء -اليهود- أجبن من أن يقفوا في ميدان القتال صامدين، وجرَّبوهم فعلًا، جرَّبوهم في جنوب لبنان، كيف كانوا جبناء، يهربون، جندي واحد يرد قافلة، ورتلًا من الدبابات، الشاحنات العسكرية، أرعبوهم حتى أصبح اليهود متى ما خرج اليهودي من جنوب لبنان إلى داخل فلسطين يبكي من الفرح، ويقبِّل أسرتَه، خرج من بين غِمار الموت.

وكون الشهيد السيد نصر الله نموذجًا للقيادة المُلهَمة من سيرة أهل البيت التي لا يمكن أن يتحقّق أي نصر للأُمَّـة على أعدائها إلا تحت قيادتهم ورايتهم؛ يقول – رضوان الله عليه – في محاضرة يوم القدس العالمي: رأينا قائدًا من أبناء رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) حسن نصر الله، كيف أربك “إسرائيل”، وكيف قناة واحدة أربكت إعلامَ “إسرائيل”، وشَوَّشْت حتى على اليهود داخل “إسرائيل”، فعلًا لن يُهزم اليهود إلا تحت قيادة أهل بيت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، تحت قيادة من ينهجون نهج علي، تحت قيادة من يوالون عليًّا (صلوات الله عليه)”.

المؤمنون الصادقون:

ووفقَ الشهيد القائد – رضوان الله عليه – فَــإنَّ موقف الشهيد السيد حسن نصر الله في كُـلّ جولة حرب مع العدوّ، كان موقف المؤمنين الصادقين، حَيثُ يقول: “انطلق أمين عام حزب الله بكلماته القوية يتحدى أمريكا، ويتحدى “إسرائيل”، ويشد من معنويات اللبنانيين، ويقول بعبارة: إن كُـلّ ذلك لا يرعب ولا طفلًا واحدًا في حزب الله، أليس هذا هو موقف الرجال، هو موقف المؤمنين؟ أم أُولئك الزعماء الذين يمتلكون أضعافَ ما يمتلكه حزب الله من المعدات، ويهيمنون على ملايين البشر، فيطأطئون رؤوسهم للأمريكيين، الذين يرسلون بطفل أمريكي، ولو بفرَّاش أمريكي فيطأطئ من يحكم ملايين البشر رأسه، ويعدهم بأنه مستعد أن يجند نفسه لخدمتهم، أما أُولئك الأبطال الذين آمنوا بقول الله تعالى -بعد أن يهيئوا أنفسهم ليكونوا بمستوى المواجهة في إيمانهم، في إعداد ما يستطيعون من قوة- صدَّقوا بقول الله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}”.

هكذا قدَّم الشهيدُ القائد نموذجيةَ حزب الله وقيادته، وكوادره، حَيثُ كان يستثيرُ بها هممًا كانت خفتت، ويوقظ بها عزائمَ كانت انهارت، ويقوّي بها نفوسًا كانت قد ضَعُفت، مبينًا أن الأعداء وأدواتهم في بلداننا العربية كانوا يحاولون تغييب نموذجية حزب الله عن الوعي الجمعي لشعوبنا، فلا تكاد تجد شيئًا عنها في وسائل الإعلام العربية، بينما حقها أن تظل حاضرة بقوة، بما تمثله من مُثُلٍ أعلى، وأسوةٍ للأفراد والجماعات والأحزاب.

المسيرة: عباس القاعدي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: السید حسن نصر الله رضوان الله علیه الشهید القائد القرآن الکریم الشهید السید حزب الله م الشهید فی هذا

إقرأ أيضاً:

هل سنبقى نحن البشر سادة التقنية أم سنصبح أسرى لها؟

 

 

 

مؤيد الزعبي

عندما أطرح عليك- عزيزي القارئ- هذا التساؤل: "هل سنبقى نحن البشر سادة التقنية أم سنصبح أسرى لها؟"، قد يخطر ببالك أننا نتحدث عن الهواتف الذكية أو شبكات التواصل، أو ربما تستحضر أفلام الخيال العلمي التي تنبأت بتمرد الآلات، لكنِّي هنا أتناول جانبًا أعمق: هل أفقدتنا التقنية– أو ستفقدنا– جوهرنا البشري ومهاراتنا التي أبقتنا أحياء منذ بدء الخليقة؟ إلا تجد بأن كثرة اعتمادنا على التكنولوجيا والتقنية جعلتنا نفقد وسنفقد الكثير من مهاراتنا كبشر، مهارات فكرية وتخطيطية وأخرى حرفية وصولاً لمهارات استكشافية أو تنبؤية أو حتى مهارات التعايش.

ما حدث في إسبانيا مؤخرًا من انقطاع في التيار الكهربائي وما تبعه من فوضى وخوف، يوضح مدى اعتمادنا المطلق على التقنية، وكأننا لم نعد نتوقع يومًا أن تخذلنا أو تتوقف عن العمل. لقد باتت عقولنا رهينة لهذه الأدوات، وفقدنا القدرة على التكيف مع الطوارئ، وكأننا نعيش في وهم الاستقرار الرقمي الأبدي، والمُفزع في الأمر بالنسبة لي ليس التطور؛ بل فقداننا القدرة على العيش دونه، فنحن اليوم حتى أبسط التقنيات لا نتخيل أن نعيش بدونها يوم واحد، وندخل في حالة من الهلع والخوف وحتى الخروج عن المعايير الأخلاقية والإنسانية لتعرضنا لفقدان عنصر تقني واحد في حياتنا.

الإنسان عبر التاريخ اخترع أدوات كثيرة من العجلة إلى الإنترنت لتخدمه وتسهل حياته، ولكن مع تقنيات الذكاء الاصطناعي بتنا لا نخترع أدوات تساندنا بالمعنى العملي أو الحركي، إنما نقوم باستبدال عقولنا بعقول اصطناعية نعتقد بأننا سادتها ومن يشغلها، وقد أتفق معك أنه حتى الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً مثل ChatGPT أو DeepMind، يعمل ضمن إطار برمجة وضعها بشر، ولكن ما الذي سيحدث غداً ونحن نتخلى عن عقولنا، وماذا لو أدركت البرمجيات أنها تسيطر علينا وأننا من غيرها لا يمكننا البقاء.

تأمل معي- عزيزي القارئ- السيناريو التالي: عندما نعتمد بالكامل على السيارات ذاتية القيادة، ثم تتعرض هذه الأنظمة لعطل أو اختراق، فحينها لن نكون قادرين على قيادة سياراتنا وستختفي وسائل تنقلنا، ولن نجد بدائل تقليدية؛ لا خيول ولا عربات، ولا حتى المعرفة بكيفية استخدامها، الأمر ذاته ينطبق على الروبوتات الطبية: إذا توقفت هذه الأنظمة، فقد لا نجد طبيبًا واحدًا يمتلك المهارة أو الحدس السريري لعلاج المرضى، وستتكرر المأساة في التعليم والهندسة والعدالة والفنون، فنحن من قررنا استبدال العقول البشرية بالبرمجيات، دون أن نحسب حساب يوم تتعطل فيه تلك الآلات ومرة أخرى لم نتوقع أن تخذلنا أو تتمرد علينا.

في الحقيقة أنا لا أتحدث عن جيلنا الحالي، فما زال فينا من يمتلك المهارات؛ مهارات حرفية وأخرى عقلية، ومازال البشر على كوكبنا هم من لديهم السلطة الفعلية للقيام بكل شيء، ولكن ماذا عن أجيال المستقبل؛ الأجيال الذين نسلبهم مهاراتهم يوماً بعد يوم، نحن نربي أجيالًا قد لا تعرف كيف ترسم، كيف تصنع، كيف تكتب، كيف تفكر، أو حتى تتعامل مع أدوات بدائية، ونذهب في رسم مستقبلًا مليئًا بالروبوتات والأنظمة دون أن نسأل: ما الذي سيحدث لو أصبحت هذه الأنظمة سجنًا لنا؟

قد يتساءل البعض: هل علينا أن نوقف التقدم؟ وأنا أقول حتى وإن أردنا ذلك فلن نستطيع، وأنا هنا لست ضد التقنية أو كيف نطورها في قادم الأيام إنما ما أنادي به هو ضرورة أن تكون عصمة التكنولوجيا في أيدينا نحن البشر وهذا أولاً أما ثانياً أن يكون دائما لدينا بديل قوي وجاهز وحاضر في كافة المجالات وعلى كافة المستويات، فمصدر قوتنا كبشرية كان ومازال وسيظل في قدراتنا على تحويل كل شيء من حولنا ليخدم مصالحنا، وها نحن اليوم نفقد ما ساعدنا في ذلك أمام التقنيات والذكاء الاصطناعي.

في النهاية.. يجب أن نعلم أن التاريخ يُكتب الآن، والخيار بين "السيادة" و"العبودية التقنية" بين أيدينا، والفرق بين أن نكون سادة أو أسرى التقنية يعتمد على وعينا وإصرارنا كبشر على الاحتفاظ بالسيطرة، وهنا يبرز تساؤل مهم جدًا: إذا كانت الآلات في طريقها للسيطرة، فهل سنسمح نحن لأنفسنا كبشر بأن نكون ضعفاء بما يكفي للاستسلام؟

هذا هو السؤال الجوهري، والذي سأتابع مناقشته معك في مقالي المقبل.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • هل يجب على المسلم حفظ القرآن الكريم كاملاً؟.. دار الإفتاء توضح
  • من أنوار الصلاة والسلام على سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم
  • غزة: إسرائيل تفرج عن مسعف فلسطيني بعد نحو شهرين من مقتل 15 من زملائه وتحظر عليه الكلام
  • الصرخة مشروع تحرر وجهاد
  • هل سنبقى نحن البشر سادة التقنية أم سنصبح أسرى لها؟
  • الفضالي يكرم الفائزين بمسابقة القرآن الكريم بجمعية الشبان العالمية بمطروح
  • الصرخة في وجه المستكبرين.. سلاح فاعل ضد أعداء الامة
  • سبب استحباب أداء العُمرة في شهر ذي القعدة .. تعرّف عليه
  • المكاتب الحكومية بصنعاء تُحيي الذكرى السنوية للصرخة
  • محافظ الأحساء: التبرع الكريم يأتي امتدادًا لمسيرة العطاء المتواصلة لسمو ولي العهد في دعم العمل الخيري