بين مهام الأبوة وتراكم الدُيون… الهجرة هي الملاذ الأخير لكريم
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
أخبار ليبيا 24 – خـــاص
يقص المهاجر المصري كريم محمد سعيد الرغيد رحلته المتعسرة كمهاجرٍ غير شرعي معتقل، كريم أب ومُعيل وحيد لأسرته التي استعصى عليهم تدبير قوتهم وتسديد ديونهم التي تحول دون تيسير دفعه لإيجار منزلهم، يشتكي كريم ضيق معيشته وقله حيلته حيال ما يمكن تقديمه ودوره الكامل كأب لأبناءه، فماكان يرى “كريم” من طريق ومنهج آخر سوى أن يسلك طريق الموت حسب وصفه، متأملا فرصاً أوفر بعد شواطئ أوروبا الواعدة، حيث يذكر أن له أقارب في ألمانيا وإيطاليا وعن كثرة الفرص المتلاحقة هناك.
يذكر كريم محمد سعيد أنه جاء أيضا إلى ليبيا بطرق غير مشروعة، حيث تم تهريبه عبر الجمارك، ليصل إلى المخازن التابعة لشبكة المهربين تلك أو كما صحت تسميتهم بتجار الأرواح وبائعي الوهم، وذلك بعد دفعه لمبلغ قارب 150,000 جنيه، والتي بالطبع تمكن من جمعها عن طريق المزيد من الديون ليثقل كاهله هذه المرة أيضا فشله في عملية الهجرة التي كلفته وأسرته الكثير.
بعد تعرضه وزملاءه في المخازن إلى سوء المعاملة والتجويع وتعرضهم لأقصى الظروف، يأتي دور الأمن الداخلي أخيراً محبطاً إياهم وعمليات التهريب غير المشروعة، ليلوذ المهربين بالفرار كما اعتادوا وليقع المهاجرين اابؤساء العزل في قبضة الأمن لنقلهم لمراكز الاحتجاز الى حين اتخاذ قرار آخر نظراً لأوضاعهم.
يخبرنا كريم محمد أن وقوعهم في قبضة الأمن الداخلي- رغم مصيرهم الغير واضح حتى الآن في مراكز الاعتقال- كانت كانتشال لهم ولآدميتهم من بطش وتجويع المهربين، تحمل كريم كل ذلك من تهريبه عبر الجمارك بطرق غير قانونية، إلى مكوثه لمدة في مخازن المهربين أخيراً ليمتهي به الحال ربما في مراكز الاعتقال التابعة لأمن الدولة الليبية.
كان كريم ليتحمل أيضا خطورة المتوسط وأمواجه الهائجة وغدره وغموضه الذي لا يرحم، ذلك في سبيل تحقيقه وتلبيته لاحتياجات ورغبات أسرته المعتمدة وبشكل كامل عليه لإعالتها.
على الجانب الآخر عائلة كريم تترقب متلهفة لتلقيهم خبر اً مبشراً بوصول والدهم ومعيلهم إلى ضفاف أوروبا كما وعدهم، ليصل كلاجئ، ليُسجل ويجد عملا وليتكمكن أخيرا من ارسال قوت يكفيهم هذه المرة لسد جوعهم ولفع إيجار منزلهم وربما لابتياع حاجات أساسية أخرى، إلا أن الظروف قد حالت دون ذلك، فليجد كريم نفسه من مخزن لآخر، ليطمر فيه كسلع وجب اخفاؤها عن القانون، لتعذب وتهان، حيث قد مُورست عليه الأساليب العنجهية والا إنسانية، لدرجة أن عدم تحقق بدء رحلته ووقوعه بصفته مهاجرا غير قانوني، في قبضة الأمن الداخلي التابع للدولة الليبية، كان كانتشال وفرصة أخرى له ليحظى مجددا بدوره كأب وليعيش حياته مجدداً، مكافحا ومجاهدا لمعيشته الصعبة حتى يحظى صغاره مجددا بلقمة عيش بالكاد تكفي لإبقائهم أحياء، هذا إن لم تطل فترة احتجازه في المعتقلات الليبية المعدة للمهاجرين غير الشرعيين.
رغم الجهود الجادة والمستمرة للعديد من الدول، وتوسيع وانتشار الآمن في المناطق التي تعتبر بؤرا للهجرة غير القانونية، إلا أن أعداد المهاجرين لا تزال تتدفق وربما بشكل متزايد دون سيطرة على أعدادهم، أو كبح المتورطين في شبكات التهريب وتجارهة الوهم، لنرى كل يوم وبكل عجز أرواحا تزهقها إما ضراوة المتوسط، أو قساوة الصحراء. فهل كان الأمر يستحق حقا المجازفة؟ وهل عانوا الزهد في أرواحهم التي تعامل على أنها عملة رخيصة؟ أما أن ذلك حقا كان خيارهم الأوحد وأن دافعهم كان قوي كفاية ليجز بهم نحو الموت المحتم؟
المصدر: أخبار ليبيا 24
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى بدار الإفتاء: دور الأب لا يقتصر على تقديم الاحتياجات المادية فقط
أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الأبوة ليست مجرد مرحلة عمرية أو لقب، بل هي مسؤولية عظيمة ودور يتطلب الكثير من الرعاية والقيم الحقيقية، مضيفا أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الإنسان بـ«الشجرة»، حيث إن الشجرة تعتمد في حياتها على الماء، وكذلك الأب في تأثيره على أولاده يعتمد على القيم والمبادئ التي يغرسها فيهم.
وأشار الدكتور عمرو الورداني، خلال حلقة برنامج «مع الناس»، المذاع على قناة «الناس»، إلى أن هناك أنواعًا مختلفة من الأبوة، تبدأ من الأب الطاهر الذي يعكس القيم والمبادئ النبيلة في تربية أولاده، وصولًا إلى الأب الذي لا يؤثر في أبنائه رغم أنه يمتلك أخلاقًا طيبة.
غياب الأب يسبب مشكلات نفسية وسلوكية للأبناءكما تحدث عن نوع آخر من الأبوة، وهو الأب المتردد أو الأب العازب، الذي قد يواجه صعوبة في تأدية دوره كأب، ما يسبب مشكلات أثناء تربية الأولاد، موضحا أن الأب الذي يمتلك القيم والنقاء هو الأب الطاهر المطهر، الذي يبني أولادًا أسوياء من خلال تعليمه لهم كيفية التعامل مع المواقف الحياتية، وينقل لهم قيم النقاء والصفاء، أما الأب الذي لا يمتلك القدرة على التأثير، فيظل غائبًا عن حياة أبنائه رغم محاولاته، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الأبوة قد يتسبب في العديد من المشكلات النفسية والسلوكية.
تأهيل الأب ليمارس دوره الحقيقيودعا «الورداني» إلى ضرورة تأهيل الأب قبل أن يصبح أبًا حقيقيًا، معتبرًا أن الأبوة يجب أن تكون متمثلة في دور فعال، وليس مجرد مسؤولية تقتصر على تقديم الاحتياجات المادية فقط.
وأضاف: «الأبوة هي في الأساس رعاية، ويجب على الأب أن يعي دوره المؤثر في تربية أولاده ليكونوا صالحين في المجتمع».