«أكسبوجر» .. احتفال عالمي للسرد القصصي البصري
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
تستمر فعاليات النسخة التاسعة من المهرجان الدولي للتصوير «أكسبوجر»، فـي منطقة الجادة بالشارقة، حتى 26 من فبراير الجاري، بمشاركة 420 مصورا وصانع أفلام وخبير فـي صناعة التصوير من 48 دولة، تحت شعار «لا شيء أكبر من الصورة». مكرما الفنانين الذين تتجاوز عدساتهم حدود التقنية، ومحتفـيا بأولئك الذين يعيدون للإنسانية مفهومها، ليس بالكاميرا فقط، وإنما بقلوبهم وصبرهم وأرواحهم.
ويشارك عدد من المصورين العمانيين فـي المهرجان ضمن مشاركة اتحاد المصورين العرب بمجموعة من الصور، منهم سالم العلوي بصورة لمسجد السدرة، وحمد الغنبوصي بصورة لهبطة سرور، وحسين العامري بصورته المعنونة بـ«ملحمة»، و«إثارة وقوة» لسالم المعمري، و«ليلة ملتوية» لمحمد حسن.
وقدم المهرجان تجربة ملهمة لعشاق التصوير والسرد البصري، حيث أتاح لهواة ومحترفـي التصوير فرصة صقل مهاراتهم والانخراط فـي 50 ورشة عمل متخصصة، يقودها نخبة من الخبراء والمصورين العالميين، بتجارب نظرية وعملية حيّة، منها: ورشة «كيفـية التقاط أفضل الصور باستخدام الهاتف الذكي»، قدمها المصور البريطاني روب إيرفـينغ، وورشة «فن التفاعل مع الصورة»، التي تدعو المصورين إلى تجاوز المفهوم التقليدي للصورة، من خلال بناء علاقة أعمق مع موضوعاتهم، وفهم كيفـية استلهام المشهد من محيطهم. بالإضافة إلى ورشة «الإنسان والذكاء الاصطناعي: مستقبل السرد البصري»، تضيء على تأثير التقنيات الذكية فـي صناعة الصورة، حيث يتعرف المشاركون على أدوات مبتكرة مثل ChatGPT وMidjourney وRunway، وكيفـية توظيفها فـي تطوير الأفكار، وإنشاء الصور والفـيديوهات، مع الحفاظ على البعد الإبداعي الإنساني فـي العمل الفوتوغرافـي. وفـي ورشة «الألفة فـي التصوير الفوتوغرافـي»، يغوص المشاركون فـي عالم المشاعر الإنسانية، حيث يتعلمون كيفـية التقاط لحظات تعكس مشاعر القوة والهشاشة فـي آنٍ واحد، من خلال تقنيات تصوير متقدمة وأساليب تحرير تعزز العمق العاطفـي للصورة، ما يمنحها بُعدا شخصيا مؤثرا. أما فـي التصوير الديناميكي، فقد قدمت ورشة «إتقان سرعة الغالق: التقاط الحركة واللحظات الفريدة» تدريبا عمليا على تقنيات التحكم فـي سرعة الغالق لالتقاط مشاهد مليئة بالإثارة والتشويق. تشمل الورشة أساليب مثل تتبع الحركة، والتكبير المتتابع، والتلاعب المتعمد بالكاميرا، إلى جانب تقنيات متقدمة فـي التكوين والزوايا، ما يضيف للصورة طابعا دراميا حيويا.
ويقدم مهرجان «أكسبوجر» مساحة تفاعلية تمتد على 49,000 متر مربع فـي «الجادة»، حيث يجد المصورون الهواة والمحترفون بيئة مثالية لتطوير مهاراتهم والتواصل مع نخبة من المبدعين فـي المجال من خلال العديد من الجلسات الحوارية، مقدما بذلك تجارب فنية شاملة للجمهور تجسد الإبداع البصري خارج حدود الصورة الثابتة وعشرات المعارض الفردية والجماعية التي يحتضنها المهرجان بالإضافة إلى عرض أفلام سينمائية تتنوع بين وثائقيات قصيرة وطويلة، ورسوم متحركة، على مدار أيامه السبعة.
وقدم المهرجان أفلاما وثائقية تميزت بالتصوير والسرد البصري السينمائي، ومن أبرزها فـيلم «حكاية الحي»، للمخرجة المكسيكية أليخاندرا ألكالا، والذي يستعرض قصة سيدة سورية أطلقت برنامجا تدريبيا للقراءة بصوت عالٍ بهدف تمكين الفتيات وتعزيز فرصهن، ومساعدتهن على بناء مستقبل مشرق. كما يعرض المهرجان فـيلم «العراق.. جمال يختبئ فـي التفاصيل»، الذي ترشح لجائزة «إنسورز 2024» فـي فئة «أفضل فـيلم وثائقي»، ويشكل الفـيلم الذي أخرجه كل من يورغن بويدتس وسهيم عمر خليفة، وتم تصويره على مدار خمس سنوات، تحفة سينمائية عن لطيف العاني، أحد أهم المصورين والمؤرشفـين العراقيين الذين وثّقوا الاضطرابات التي شهدتها بلادهم. وتضمن البرنامج فـيلم «الأمل العميق «الملاذ الأخير» الذي عُرض فـي مهرجان لا روشيل الدولي للأفلام وكتب المغامرات «فـيفاف» فـي عام 2020، ويقدم نظرة غير مسبوقة للبيئات المائية، ويصحب المشاهدين فـي رحلة استكشافـية إليها. إلى جانب عرض فـيلم «سيكات سوبار: سر الريشة الملونة»، للمخرج البرتغالي دييغو بيسوا دي أندرادي، ويستكشف الفـيلم الوثائقي، الذي فاز بجائزة مدريد الدولي للسينما المستقلة فـي فئة «أفضل تصوير سينمائي لفـيلم وثائقي» لعام 2024، ممارسات «نزال الديوك» المثيرة للجدل فـي تيمور الشرقية وتأثيرها العميق على المجتمع، وفـيلم «تحت القطب» ثلاثة أيام تحت البحر»، للمخرج فـينسنت بيرازيو، والذي يأخذ الجمهور فـي رحلة إلى أعماق الشعاب المرجانية فـي «موريا» بعيون مجموعة «تحت القطب»، وهي مجموعة من المستكشفـين والعلماء المتخصصين فـي دراسة النظم البيئية البحرية من خلال الغوص العميق، وحصد الفـيلم جائزة مهرجان «غالاتيا» الدولي للأفلام البحرية فـي فئة «الأصالة».
ويوفر المهرجان منصة لصانعي الأفلام الناشئين، بعرض مجموعة مميزة من أفلام «فَن - منصة الاكتشاف الإعلامي»، بالإضافة إلى أفلام «شباب الشارقة»، والتي تسلط الضوء على الإبداع والتميز فـي السرد القصصي البصري. وتتضمن أفلام «فن» التي يعرضها «أكسبوجر» كلا من «نور»، «ظل نجم»، «الكيس»، و«الخطّابة أم سلامة»، فـي حين تشمل أفلام «شباب الشارقة» كلا من «مليحة»، و«نغم»، و«قلب عاشق الإبل»، وتقدم جميعها رؤى جديدة لصناع الأفلام الناشئين فـي المنطقة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
صنّاع أفلام في «اكسبوجر»: الإخراج فن يتطلب الإيمان بالقصة
الشارقة (الاتحاد)
أكد صناع أفلام أن الإخراج السينمائي ليس مجرد عملية تقنية، بل هو فن يتطلب الإيمان العميق بالقصة، وتوظيف العناصر البصرية والنفسية لإيصال رسالة مؤثرة، واتفق المتحدثون على أن الممثلين، وزوايا التصوير، والموسيقى، وتحرير النصوص كلها أدوات تُستخدم لتشكيل رؤية إخراجية مميزة تترك أثراً في المشاهد.
جاء ذلك خلال جلسة نقاشية ضمن فعاليات المهرجان الدولي للتصوير «اكسبوجر 2025»، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة في منطقة الجادة، ويستمر حتى 26 فبراير الجاري، وقد استضافت الجلسة كلّاً من المخرجة الإماراتية ميثة العوضي، والكاتب والممثل الكوميدي ترافون فري، والمخرج نيل كومار، حيث استعرض كل منهم رحلته السينمائية ونهجه الإبداعي في تشكيل الرؤية الإخراجية.
تعبير ذاتي
تحدثت ميثة العوضي عن رحلتها في عالم السينما، والتي بدأت من مجال أفلام الكرتون القصيرة، حيث وجدت نفسها مدفوعة بالرغبة في تجربة كل شيء في عالم الإخراج. وأكدت أن الإخراج السينمائي بالنسبة لها عملية تعبير ذاتي، حيث تستخدم الرسم والتخطيط لتشكيل قصصها وإيصال صوتها إلى العالم.
وأوضحت العوضي أن الإيمان بالقصة هو الخطوة الأولى والأساسية لأي مخرج، واعتبرت أن نجاح الفيلم يعتمد على اختيار الأشخاص الذين يؤمنون بالرؤية نفسها، مؤكدة أن الممثلين هم المؤثرون الحقيقيون الذين يبثون الحياة في القصة.
أما من الناحية الفنية، فشددت على ضرورة أن يخلق المخرج أسلوبه البصري والإنتاجي الخاص، قائلة: «المخرج يجب أن يجرب باستمرار، وأن يهتم بجمالية الإخراج، فالرؤية تتغير مع مرور الوقت ومع تطور الأفكار». كما أشارت إلى أن الموسيقى وتحرير النصوص هما من أصعب مراحل صناعة الفيلم، حيث يتطلب التحرير إعادة النظر في المشاهد وكأنها تُشاهد لأول مرة، مع مراعاة أن بعض الأمور قد تحتاج إلى التعديل أثناء عملية تركيب المشاهد.
إيصال العواطف بصريًا
من جانبه، استعرض ترافون فري رحلته في عالم الإخراج، التي بدأت مع حبه للكتابة منذ الصغر، مشيرًا إلى أن بداياته كانت في الكوميديا، لكنه كان دائمًا ينظر إلى الأفلام بمنظور طفولي مفعم بالخيال. وأوضح أنه كلما تعمق في كتابة النصوص السينمائية، كان يكتشف أنه يمتلك رؤية بصرية واضحة، وأنه يفضل تنفيذ أفكاره بنفسه حتى يتمكن من إيصال ما يشعر به للمشاهد.
وأضاف أن الإخراج لا يتعلق فقط برواية القصة، بل بتحفيز المشاهد على التفاعل معها ونقلها من شخص إلى آخر. وأشار إلى أن حركة الكاميرا والتمثيل هما العنصران الأهم في تشكيل التجربة البصرية، وأنه يعتمد على الصورة أكثر من الحوار في بعض أعماله، لافتاً إلى أنّه شاهد حوالي 700 فيلم خلال العام الماضي، معتبرًا أن متابعة الأفلام بكثافة تساعده على استلهام أفكار جديدة، وفهم زوايا تصوير مختلفة، وتجربة أساليب إخراجية متنوعة.
دراسة عميقة للشخصيات
أما المخرج نيل كومار، فقد أوضح أن دخوله إلى مجال السينما لم يكن محض مصادفة، إذ نشأ في بيئة أدبية، حيث كان جده كاتبًا وشجعه على حب الكتابة منذ الصغر، ليبدأ حياته المهنية كمحرر صحفي، وكان شغوفًا بالتصوير الفوتوغرافي ما ساعده على تطوير حسه البصري.
وأكد أن الإخراج بالنسبة له ليس مجرد تصوير مشاهد، بل هو دراسة عميقة للشخصيات، وقال: «أنا لا أنظر إلى الشخصيات على أنها مجرد مشاهد عابرة، بل أهتم بجوانبها النفسية، حتى لو لم أكن كاتب النص، لأن كل مخرج يجب أن يكون لديه فهم عميق لما يحرك الشخصيات وما يعيقها عن تحقيق أهدافها».
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة مهمة في صناعة الأفلام، حيث يساعد في تشكيل الرؤية البصرية، لكنه شدد على أن الإحساس الإنساني والفطري للمخرج يظل العامل الأساسي في اتخاذ القرارات الفنية.