"منتدى الرؤية".. شفافية ونقاش هادف
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
سالم بن سيف العبدلي **
تشرفتُ بالمشاركة في منتدى الرؤية الاقتصادي في دورته الرابعة عشرة (2025)، والذي عقد الأسبوع الماضي بدعوة كريمة من الجهة المنظمة، جريدة الرؤية، وحضره عدد من المسؤولين والمختصين والخبراء الاقتصاديين.
وفي الحقيقة نعتبر منتدى الرؤية منصة ونافذة اقتصادية ومساحة مهمة لمناقشة القضايا الاقتصادية التي تهم الوطن، واقتراح الحلول المناسبة لها بكل شفافية ووضوح، خاصة في ظل حضور نخبة من المختصين من القطاعين العام والخاص وفي كل عام يخصص عنوان محدد لهذا الملتقى وكان عنوان هذا العام هو "الاستدامة المالية".
وركزت جلستا العمل على محورين؛ الأول: كان حول الاستدامة المالية في سلطنة عُمان. أما الحور الثاني فكان بعنوان "نحو مسارات عملية لتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني"، وقد تميزت المناقشات والمداخلات والأسئلة بالشفافية والوضوح، وكانت الصراحة واضحة عندما طرح موضوع التنويع الاقتصادي والذي حاز على مساحة كبيرة من النقاش.
بيان الأستاذ حاتم بن حمد الطائي أمين عام المنتدى ورئيس تحرير جريدة الرؤية، في بداية الملتقى، كان بمثابة المُحفِّز والمدخل للنقاش والتفاعل، فقد كان مدعومًا بالأرقام والمؤشرات؛ حيث أشار إلى العديد من النقاط فيما يخص الجانب الاقتصادي وأهمية تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل. ومن أهم النقاط التي أثارها في بيانه أهمية معالجة الآثار السلبية في مسألة التوازن المالي وإعادة الهيكلة ودعم القطاع الخاص والبناء على ما تحقق من إنجازات وانتعاش الاقتصاد الوطني واتخاذ قرارات جريئة تسهم في تحقيق النمو ومسألة التوظيف لتحقيق "رؤية عُمان 2040" والوصول إلى النمو الاقتصادي المستهدف وهو 5% والذي حاليا لا يتجاوز 1.8%.
كذلك كانت مداخلة المكرم الدكتور ظافر الشنفري رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة، تتسم بالشفافية والوضوح والصراحة، ومدعومة بالأرقام، وقد وضع النقاط على الحروف وأثار عددًا من التساؤلات. وفيما يخص القوانين، أشار إلى أن مجلس الدولة راجع أكثر من 150 قانونًا؛ منها قوانين قائمة ومشاريع قوانيين، وأكد أن قوانيننا العُمانية ليست عائقًا في سبيل تحقيق الأهداف؛ بل إنها تُعد من أفضل القوانين على مستوى المنطقة، إلّا أن الإشكالية تكمن في اللوائح التنفيذية وعدم التطبيق، وضرب مثالًا بقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والذي ينص على قيام القطاع الخاص بتمويل وإدارة المشاريع الاقتصادية دون تكبد موازنة الدولة أي أعباء مالية، إلّا أن هذا القانون لم يُطبَّق بطريقة صحيحة.
كما أشار المكرم الشنفري إلى جانب السياسات التي أحيانًا تتناقض مع اللوائح، وضرب مثالًا بشركة الطيران العُماني والتي أعيد هيكلتها وجرى إغلاق عدد من الوجهات الناجحة، فيما يتعارض مع توجه سلطنة عُمان نحو تشجيع ودعم قطاع السياحة؛ (شخصيًا كان لي مقال تفصيلي حول هذا الموضوع مؤخرًا). لذا فإن هذه التناقضات تحتاج إلى معالجة وإلى برامج وطنية للتصحيح.
وأخيرًا طرح الشنفري، تساؤلًا حول نتائج خطة التوازن المالي التي نفذتها الحكومة، والتي أدت إلى نتائج إيجابية، وما إذا كانت نتائجها الإيجابية تحققت بفضل التنويع الاقتصادي أم أنها بسبب ارتفاع أسعار النفط؟
من أبرز النقاط التي عرَّج عليها الدكتور ظافر الشنفري في مداخلته المُثرية، أنه في عالم الاقتصاد يتسبب تقليص الدعم الحكومي لمشاريع التنمية ورفع الضرائب في التأثير سلبًا على معدل النمو وليس العكس، وذكر أن خفض معدل الدين إلى 30% أو 35% يمثل إنجازًا، لذا ينبغي تسخير الفوائض المالية لإقامة مشاريع تنموية واستثمارية.
ومن الأرقام والمؤشرات المهمة التي أشار إليها في تعقيبه هو أن نمو الناتج المحلي كان 1% فقط في عام 2023 وأن التضخم ضعيف، وبالتالي لا توجد حركة في السوق، وأن القوة الشرائية تراجعت بنحو 14% خلال السنوات الأربع الماضية، كما إن الاستثمار المباشر يعتمد على 80% من عائدات النفط والغاز، ولم تحقق قطاعات اقتصادية أخرى معدل النمو المخطط لها؛ فعلى سبيل المثال حقق قطاع السياحة فقط 2% نموًا، بينما القطاع السمكي حقق نموًا بـ1%، والصناعات التحويلية بأقل من 10% نموًا، وهذه الأرقام والمؤشرات تدعونا للتوقف عندها ومراجعة بعض السياسات والقوانين والإجراءات من أجل تسريع النمو وزيادة التنويع الاقتصادي.
في مداخلتي حول الموضوع، كنتُ صريحًا للغاية، وهذه الصراحة ناتجة عن غيرةٍ وحبٍ لهذا الوطن العزيز، وقد اختصرتُ الكلام بالقول إننا لا ينقصنا تشخيص المشكلة وطرحها؛ فدائمًا في الندوات والمؤتمرات المتخصصة وعبر مختلف الوسائل الإعلام المختلفة نطرحها ونُناقشها بالتفصيل.
وذكرتُ في مداخلتي أننا حضرنا مؤتمرًا في نهاية تطبيق "رؤية عُمان 2020"، قبل سنوات، وكان من بين الحاضرين رئيس وحدة تنفيذ رؤية ماليزيا، وأتذكر أنه طُرِح عليه سؤال حول أسباب نجاح رؤية ماليزيا، وأجاب بكل شفافية بأن ذلك كان بسبب وضوح الأهداف، والأهم من ذلك أن المسؤول الذي يُكلَّف بتنفيذ مهمة معينة خلال فترة محددة إذا أخفق في تنفيذها يُقال له مع السلامة، ويحل محله شخص آخر.
إذن نعلم الآن أننا تنقصنا الخطوة الأخيرة، وهي التنفيذ ثم التنفيذ، والمحاسبة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع أيضا بالتفصيل في أكثر من مقال ولقاء إعلامي.
وأخيرًا.. لقد خرج منتدى الرؤية الاقتصادي، بتوصيات مُهمة للغاية نأمل أن يُستفاد منها في تعديل وإصلاح المسار الاقتصادي في البلاد، وإطلاق مبادرات اقتصادية تضمن تحفيز نمو القطاع الخاص ورفد القطاعات الاقتصادية الحيوية بعوامل النمو والازدهار، مع الحرص على الموازنة بين السياسات المالية والاقتصادية وفق متطلبات التنمية واستدامتها.
** كاتب ومُحلِّل اقتصادي
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محافظ أسيوط: غلق بعض الطرق بالمحافظة نظرا لانخفاض مستوى الرؤية
قال اللواء دكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، إنّ المحافظة تشهد حالة من الاستنفار الكامل لمواجهة تداعيات موجة الطقس السيئ التي تضرب عددًا من محافظات شمال وجنوب الصعيد، لافتًا، إلى أنّ المحافظة تابعت عن كثب تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية، والتي أشارت إلى انخفاض مستوى الرؤية الأفقية لأقل من 300 متر، مع تجاوز سرعة الرياح حاجز الـ50 كم/س، ما استدعى اتخاذ إجراءات فورية لحماية المواطنين.
وأضاف "أبو النصر"، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد عبد الصمد، عبر قناة "إكسترا نيوز"، أنّ تم إغلاق ثلاثة طرق صحراوية رئيسية، وهي طريق "أسيوط الغربي – الفرافرة الوادي"، وطريق "منلوط الصحراوي الغربي – الداخلة الوادي"، بالإضافة إلى طريق "صينية الصحراوي الغربي – الخارجة الوادي"، حفاظًا على سلامة المسافرين وتجنبًا لأي حوادث مرورية في ظل انعدام الرؤية.
وتابع محافظ أسيوط، أنّ المحافظة دفعت بجميع المعدات والطواقم الفنية إلى المحاور الحيوية والفرعية، مع استمرار أعمال الرصد والمتابعة من خلال غرف العمليات ونقاط الرصد الجوي المنتشرة بالمراكز والقرى، كما تم رفع حالة الاستعداد القصوى في قطاعات الإسعاف، والكهرباء، والغاز، والاتصالات، إلى جانب التنسيق مع المرور ورؤساء المراكز والأحياء.
وذكر، أنه حتى الآن لم تُسجل أي حوادث أو شكاوى من المواطنين، مؤكدًا أن الأمور تحت السيطرة، بفضل التزام الجميع بالتعليمات الصادرة عبر القنوات الرسمية وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة للمحافظة.
وأشار إلى أن ذروة الحالة الجوية من المتوقع أن تكون في الساعة السابعة مساءً، بناءً على التنبؤات الصادرة عن غرفة عمليات وزارة التنمية المحلية.
أرقام الطوارئوناشد محافظ أسيوط المواطنين ضرورة الالتزام بالتعليمات الصادرة من الجهات المعنية، وتجنب التحرك على الطرق المغلقة، مع القيادة بحذر على الطرق المفتوحة، ودعا إلى الإبلاغ الفوري عن أي أعطال أو حوادث من خلال أرقام الطوارئ أو عبر صفحة المحافظة الرسمية، مشددًا على أن سلامة المواطن تأتي في المقام الأول، وأن جميع الأجهزة التنفيذية في حالة جاهزية تامة للتعامل مع أي طارئ.