جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-24@21:17:56 GMT

مفاتيح التعايش بين الأديان

تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT

مفاتيح التعايش بين الأديان

 

جابر حسين العُماني **

jaber.alomani14@gmail.com

 

تتنوع الأديان في العالم، إلّا أنها غالبًا ما تتشارك في القيم الإنسانية الأساسية، وهو أمر بالغ الأهمية، لذا يتعين على الإنسان احترام بني جنسه، وبدون تفعيل ثقافة الاحترام لا يستطيع الإنسان العيش بسلام ووئام، وذلك يتطلب الكثير من الجهود التي تجعل من الشعوب وأديانها أدوات فعالة للسلام العالمي بدلًا من أن تكون أدوات لإثارة النعرات الطائفية المقيتة التي لا تعود على الإنسان والمجتمع إلّا بالوَيْلات والمصائب والأحزان.

ومن أجل تعزيز السلام بين الأديان والشعوب، لا بُد من التركيز على أهمية التفاهم العالمي واحترام ثقافة الآخر، وذلك لا يكون إلّا بتطبيق مفاتيح التعايش السلمي بين الجميع وهي كالآتي:

المفتاح الأول: الحوار المتآلف والمتجانس بين الأديان والشعوب، قال تعالى: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (النحل: 125)، وينبغي أن يكون الحوار بين الأديان والشعوب مبنيا على جرعات كافية من  الصدق والاحترام والوفاء والاخلاص المتبادل، والعمل على توضيح القيم المشتركة، والتخلص من المفاهيم الخاطئة التي تسيئ إلى الانسان ومعتقداته وقيمه ومبادئه المشتركة. المفتاح الثاني: نشر ثقافة التسامح بين الأديان وتعليمها للأجيال المتعاقبة، وذلك من خلال اعداد المناهج التربوية والتعليمية وتدريسها للنشء، وتعريفهم أن التسامح هو فضيلة أخلاقية نبيلة وهو ومن القيم الفضلى التي يجب التمسك بها، لذا يجب اجتناب التعصب الديني وإثارة كل ما يعكر القيم الانسانية المشتركة. المفتاح الثالث: العمل المشترك على القضايا التي تجمع ولا تُفرِّق مثل اعداد الأجيال على أهمية التعاون الدائم من أجل حماية الإنسان من الفقر والبطالة، وتعزيز وترسيخ القيم والمبادئ الدينية والاجتماعية، والحث على نشر الخير بين الناس مهما اختلفت أديانهم ومذاهبهم وأطيافهم وألوانهم. المفتاح الرابع: تنظيم الدورات التدريبية، واللقاءات التعريفية التي من خلالها يستطيع الجميع كسب الخبرات الحياتية من أجل حياة أفضل وأجمل بين الجميع. المفتاح الخامس: اجتناب الخلافات والتركيز على القيم الانسانية المشتركة مثل الإحسان والعدل والرحمة والحث على تفعيلها في المجتمع. المفتاح السادس: اصدار البيانات والخطابات التي تحُث الناس على نبذ العنف والاستبداد والظلم، والتركيز على بث رسائل السلام والوحدة والمحبة والمودة والألفة بين الشعوب، والتصدي للخطابات المغرضة التي تحرض على العنف والفرقة والكراهية بين الناس باسم الدين ومحاسبة كل من يقوم بذلك. المفتاح السابع: استغلال الاعلام النزيه بمختلف لغاته المحلية والعالمية وتسخيره من أجل نشر ثقافة التعايش والتفاهم بين الجميع، وذلك من خلال التركيز على اعداد البرامج المختلفة مثل اللقاءات والحوارات الهادفة والهادئة والمتزنة، ومراقبة المثيرين للفتن ومعاقبة كل من يسيء للأديان المختلفة في العالم. المفتاح الثامن: الاستعانة بخبراء علم النفس وعلم الاجتماع وذلك للحد من ظاهرة التعصب بين الأديان، ويتم ذلك من خلال التعرف على الأسباب النفسية والاجتماعية التي جعلت من البعض يتبنى المواقف الحياتية المتعصبة والسعي الجاد لوضع الحلول العلاجية لتلك المشاكل. المفتاح التاسع: إجراء البحوث والدراسات العلمية المتخصصة حول أهمية الحوار بين الأديان، وتبيان أثر ذلك إيجابا على المجتمع وأفراده، ونشر تلك البحوث والدراسات على نطاق واسع لتعزيز روح السلام والتعايش السلمي المجتمعي بين الجميع. المفتاح العاشر: السعي في بناء القدوة الحسنة وذلك بأن يكون قادة المجتمع من المفكرين المتدينين الاجتماعيين قدوة صالحة للجميع في كل الجوانب الدينية والأخلاقية والقيمية والتي من أهمها الانفتاح على الجميع.

إنَّ اتحاد الأديان أمر مطلوب بين الشعوب المختلفة بألوانها وأعراقها وجنسياتها، وهو لا يعني اذابة الخصوصيات الدينية لكل دين، وإنما يعني التركيز الدائم على توفير الأرضية المشتركة والمتعاونة بين الجميع، على أساس مبدأ المحبة والمودة والتفاهم، ليعيش الجميع بسلام ووئام واحترام بعيدا عن التفرقة والشقاق الذي لا جدوى منه ولا فائدة.

وأخيرًا.. يقول الله عز وجل: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ" (هود: 118)، وهنا نفهم أن الاختلاف سنة كونية في الحياة، ولكن تبقى الوحدة بين الشعوب والأديان هي السبيل الوحيد للرحمة والبركة والخير، وهي سر قوة الأمة، بينما الفرقة لا تؤدي إلا لمزيد من الضعف واليأس والحرمان بين الشعوب، بينما الوحدة عنصر أساسي يجب السعي إليه، وهي واجب ديني وأخلاقي يجب الالتزام به. بهدف صناعة المجتمعات الواعية المتحدة والمتعايشة بسلام بين أفرادها.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

غارديان: كتاب عمر العقاد يفضح القيم الأخلاقية الغربية وصمتها عن مآسي غزة

اختارت صحيفة غارديان لسلسلة "كتاب الأسبوع" كتاب الصحفي والروائي المصري الكندي عمر العقاد، الذي يسلط الضوء على التناقضات الأخلاقية في صميم الليبرالية الغربية، خصوصا بعد الأهوال التي شهدها أهل غزة والعالم واقف يتفرج.

وأشار الكاتب في الصحيفة البريطانية شون أوهاغن إلى أن عنوان الكتاب "يوما ما، سيكون الجميع ضد ما حصل" يطرح تساؤلات عن حقيقة ما تعنيه القيم الغربية أمام القتلى من الرضع والأطفال المشوهين والمصابين بصدمات نفسية والعائلات والمجتمعات التي تم محوها في غزة وفي صراعات أخرى حول العالم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دبلوماسي إسرائيلي: 4 سيناريوهات لما قد يحدث بغزة في الأسابيع القادمةlist 2 of 2نيويورك تايمز: ترامب يفضل الولاء الشخصي على الكفاءةend of list

ووفق أوهاغن، الذي تولى مراجعة الكتاب، ينبع العنوان من تغريدة كتبها العقاد في 2023 أثناء قصف إسرائيلي مكثف على القطاع، ومفادها أنه "في يوم ما، عندما يصبح من الآمن تسمية الشيء ووصفه بما هو عليه، وعندما يفوت الأوان لمحاسبة أي شخص، سيدعي الجميع أنهم كانوا ضد ما حصل".

كتاب عمر العقاد بعنوان "يوما ما، سيكون الجميع ضد ما حصل" (الجزيرة)

وقال أوهاغن إن العقاد تأمل في كتابه بتجربته مع الغرب، إذ إنه ولد في مصر وترعرع في كندا ويعيش الآن في الولايات المتحدة، وينتقد الصحفي المصري الكندي بشدة فكرة الليبرالية الغربية، مؤكدا أن التزام الغرب المزعوم بحقوق الإنسان يظهر على حقيقته أمام "الواقع الوحشي" الذي تفرضه نزاعات مثل التي في غزة.

وعلق العقاد على هويته المعقدة قائلا إن "الوطنية بالنسبة لي تنبع من حياة مختلفة تماما عن التي منحني إياها الحظ، فأنا أعيش الآن في كنف العالم الذي يطلق الصواريخ على غزة، والواقع هو أن هذا الجانب سيكون دائما أكثر أمانا".

ويرى أوهاغن أن النقطة المحورية في الكتاب المؤلف من 10 أجزاء هي غزة، إذ يؤكد العقاد أن الخسائر البشرية والأرواح التي أزهقت في فلسطين يربطها حبل وثيق بالصمت الغربي المطبق أمام إسرائيل، ويتحسر الكاتب على أن العالم الغربي سيعارض هذا الصمت بعد فوات الأوان.

إعلان

ووفق أوهاغن، يتحدى كتاب العقاد مفهوم الحياد الصحفي، إذ يرى أن على الصحفيين تحريض الشعوب ضد الصمت والسلطة، ويتجلى هذا النقاش في عمل العقاد الصحفي على تغطية الحرب في أفغانستان ومحاكمات سجن غوانتانامو والربيع العربي في مصر، حيث اختبر بنفسه التنازلات الأخلاقية الناتجة عن التقارير المحايدة أمام الأزمات الإنسانية والظلم.

ويضيف العقاد في كتابه أن تحقيق مهمة الصحفي الحر المتمثلة بالتحريض ضد الصمت أمام الأهوال، تولاها الصحفيون الفلسطينيون بجانب المواطنين العاديين باستخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث وثقوا "الهجمات المميتة على المستشفيات والمدارس والضواحي والخيام الواهية".

ووفق مراجعة الكتاب، أشاد العقاد برموز مثل معتز عزايزة ووائل الدحدوح وغيرهم ممن وثقوا أهوال الحرب على الرغم من استشهاد أقاربهم وأحبائهم.

وأورد أوهاغن أن العقاد يروي في كتابه مقتل الطفلة الفلسطينية هند رجب (5 سنوات) بشكل مؤثر -والتي قتلتها دبابة إسرائيلية بعد محاصرتها في مركبة محاطة بجثامين أفراد عائلتها- ويقول "لقد رفعت هند سماعة الهاتف وتوسلت طلبا للمساعدة، وبكت وقالت إنها بللت نفسها، لقد كانت في الخامسة من عمرها، أي كلمة تصف ما شعرت به هذه الطفلة؟".

وخلص أوهاغن إلى أن كتاب العقاد يجبر القراء على التعامل مع حقيقة أن "القيم الغربية" قد لا تكون بالأخلاقية أو الاتزان أو العدل أو الثبات الذي تصور عليه، واختتم الكاتب مراجعته باقتباس من العقاد بأن "ضحايا هذه المعضلة لا يموتون ويختفون بسهولة دون أثر، بل يحفرون آبارا في قلوب الأحياء، يعيشون فيها أبد الدهر".

مقالات مشابهة

  • الحبس مع إيقاف التنفيذ للبلوجر روكي أحمد بالتعدي على القيم الأسرية
  • القيم الدينية والأخلاقية أساس لمواجهة الشائعات.. ندوة بـ إعلام الداخلة
  • غارديان: كتاب عمر العقاد يفضح القيم الأخلاقية الغربية وصمتها عن مآسي غزة
  • نيويورك تايمز: ترامب الفوضوي لا يملك مفاتيح إنهاء حرب أوكرانيا
  • انتخابات المجالس البلدية.. كيف يتم التسجيل لـ«القيم وغير المقيّد»؟
  • اختلاف الحُب بين الشعوب
  • بعدما نعاها محمد بن راشد.. من هي هالة الميداني التي أحبها الجميع في دبي؟
  • السليمانية تحتضن مؤتمرًا لتعزيز التعايش السلمي بمشاركة واسعة.. صور
  • من خلال هذين المثالين، تدرك اختلاف القيم والمبادئ بيننا وبينهم