النظام المالي يتغير.. هل بات الدولار في طريقه لخسارة نفوذه؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
لعبت الولايات المتحدة دورًا فعالًا في قيادة النظام الاقتصادي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، والذي ساعدت في إنشائه. ومع ذلك، انخفض وزنها الاقتصادي بمرور الوقت، حيث يطالب المنافسون الاستراتيجيون في الأسواق الناشئة بالتغيير، ويشير البعض إلى أن أيام الدولار الأمريكي كعملة عالمية مركزية أصبحت معدودة.
يرى مقال مايكل جي بلامر في "أوراسيا ريفيو"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن الدور الذي يلعبه الدولار الأمريكي لا يزال يشكل أهمية مركزية في أداء النظام المالي الدولي.
ويقدّر بنك التسويات الدولية أن الدولار الأمريكي يشارك في ما يقرب من 90% من معاملات الصرف الأجنبي، ويمثل 85% من المعاملات في الأسواق الفورية والآجلة والمقايضة ونصف التجارة العالمية، وثلاثة أرباع التجارة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ مقومة بالدولار.
ويضيف أن حصة الدولار الأمريكي انخفضت كاحتياطيات رسمية من النقد الأجنبي من 61.5% في عام 2012 إلى 58.4% في عام 2022، لكن الأمر كذلك بالنسبة لليورو (من 24.1% إلى 20.5%)، ولا تزال حصة الرنمينبي الصيني أقل من 3%، فيما ظلت الديون بالعملات الأجنبية المقومة بالدولار عند نحو 70% منذ عام 2010. كما ظل مؤشر بنك الاحتياطي الفيدرالي للاستخدام الدولي للعملة ثابتاً عند نحو 68%.
اقرأ أيضاً
بالذهب و3 مفاهيم أمريكية مدمرة.. البريكس تتحدى هيمنة الدولار
ويشير المقال إلى أن ذلك يظهر عدم الرضا عن الدور المهيمن للدولار بشكل دوري، وهو ما يتوافق عادة مع تحول كبير في الاقتصاد العالمي أو أزمة دولية. على سبيل المثال، عندما برزت اليابان باعتبارها "القوة الاقتصادية الطاغية" في أواخر الثمانينيات، اعتقد الكثيرون أن الين سوف يتولى، بل ينبغي له أن يضطلع بدور أكبر بكثير. ولكن لم يحدث ذلك، واليوم يشكل الين حوالي 5% فقط من احتياطيات النقد الأجنبي.
وقد نشأت توقعات أكبر عندما تم إنشاء اليورو، ولكن لم تلعب العملة دوراً أكبر خارج أوروبا.
ووفقا للمقال، يصدق نفس القول على الصدمة الكبرى المتمثلة في صعود الصين غير العادي على مدى الجيل الماضي، حيث يعطي مؤشر استخدام العملات الأجنبية الرنمينبي حصة تبلغ 3%، أي نصف حصة الجنيه الاسترليني وخمسي حصة الين الياباني، وقد اتضح أنه من الصعب جدًا الإطاحة بالدولار.
وفي هذا السياق، كانت انتقادات هذا الدور الضخم للدولار أكثر وضوحا في السنوات الأخيرة، وخاصة في ضوء التوترات الجيوسياسية. فمن خلال السيطرة عليه، تستطيع حكومة الولايات المتحدة أن تجني قوة من خلال منع الوصول إلى نظام "سويفت" للتحويلات بين البنوك عبر الحدود، على سبيل المثال، كما كانت الحال في الحرب الروسية على أوكرانيا.
اقرأ أيضاً
الدولار والإجهاد الاقتصادي الأمريكي
المنافسة الجيوسياسية
ويرى الكاتب أنه ليس من قبيل المصادفة أن البلدان التي كانت الأعلى صوتاً بشأن تقليص دور الدولار في النظام المالي العالمي تميل إلى أن تكون منافساً جيوسياسياً للولايات المتحدة، لكن بعض الدول التي تتمتع بعلاقة أقل شائكة مع واشنطن، بما في ذلك ماليزيا والبرازيل، تضغط أيضًا من أجل التنويع، حتى أن هناك خطة لإحياء فكرة صندوق النقد الآسيوي، التي اقترحتها اليابان لأول مرة أثناء الأزمة المالية الآسيوية.
ويذكر المقال أن العقوبات الأخيرة المفروضة على روسيا أدت إلى تعاملها بشكل أكبر بالرنمينبي وغيره من العملات؛ مما يسلط الضوء على قدرة الولايات المتحدة على ممارسة الضغوط من خلال سيطرتها على الأسواق المالية الدولية التي تترك البلدان الأخرى مكشوفة.
وفي عام 2023، أصبحت بوليفيا ثالث دولة في أمريكا اللاتينية بعد الأرجنتين والبرازيل تستخدم الرنمينبي في تسوية المعاملات التجارية، وحتى السعودية تفكر الآن في استخدامه بتجارة النفط مع الصين.
ولا يرجح المقال أن يكون هناك أي تحول كبير قريبا؛ حيث لا يعد الاقتصاد الأمريكي الأكبر في العالم فحسب، بل إنه أيضًا متنوع وديناميكي ومبتكر ومرن نسبيًا. وفي حين انخفضت حصة الولايات المتحدة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإن هذا يرجع إلى ارتفاع حصص الأسواق الناشئة.
بواقع الأمر، ارتفعت حصة الولايات المتحدة في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من 37% في عام 2000 إلى 43% في عام 2023.
اقرأ أيضاً
أزمة الدولار تهدد بوفق تجميع سيارات بي واي دي الصينية
النظام المالي الصيني
ولا يزال النظام المالي الصيني مغلق نسبياً، ومن غير المرجح أن تكون الحكومة الصينية على استعداد لتحرير أسواقها المالية في الأمد القريب أو المتوسط، على الأقل ليس في ظل الإدارة الحالية، التي تتحرك أولوياتها في الاتجاه المعاكس.
وإذا كانت الدول ترغب في تجنب الدولار الأمريكي بسبب العقوبات المحتملة، فمن المحتمل أنها لن تكون مرتاحة للتعرض للصين أيضًا؛ لأنها تطبق العقوبات أيضًا وقد اتُهمت بـ "دبلوماسية فخ الديون"، أو دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى التي تتبنى نهجًا للعقوبات يتوافق مع الولايات المتحدة.
ورغم أن السياسة في الولايات المتحدة لا يمكن التنبؤ بها ومشحونة على نحو متزايد، فإن الحكومة مستقرة، وعلى الرغم من تدهور توقعات السياسة المالية، فإن سمعة سلطتها النقدية راسخة، وتواصل الجهات الفاعلة الدولية اعتبارها مكانًا آمنًا ومأمونًا للاستثمار.
اقرأ أيضاً
العقوبات الأميركية.. و«الدولار العراقي»
وقد تمكنت حكومة الولايات المتحدة من تحمل عجز تجاري ضخم بمرور الوقت؛ نتيجة لفائض صافي المدخرات الوطنية في الاقتصاد العالمي وخلق ديون عامة وخاصة زائدة عن الحاجة. وقد تجد العديد من الحكومات الأخرى أن هذا الأمر لا يمثل بداية سياسية.
فالصين، على سبيل المثال، لم تشهد عجزاً في الحساب الجاري منذ توحيد نظام العملة المزدوج في عام 1994.
ويرى المقال أن النداءات الصاخبة لاستبدال الدولار تجتذب الدوائر المحلية أكثر من الجهات الفاعلة المالية الدولية، حيث يستفيد النظام العالمي من وجود عملة مقبولة دوليا كوسيلة للتبادل ووحدة حسابية ومخزن للقيمة. لكن دورها سوف يتضاءل على الهامش بسبب عوامل خارجية، مثل التغيرات في السوق الدولية، وعوامل داخلية، مثل كيفية مواجهة الولايات المتحدة لتحدياتها المالية والتجارية.
اقرأ أيضاً
مصير هيمنة الدولار الأمريكي
المصدر | مايكل جي بلامر/ أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الاقتصاد الدولار الولايات المتحدة الصين الولایات المتحدة الدولار الأمریکی النظام المالی اقرأ أیضا فی عام
إقرأ أيضاً:
عاجل- بالأرقام ترامب يعود للبيت الأبيض.. رحلة من الرئيس 45 إلى الرئيس 47 وحسم الولايات يغير المشهد السياسي الأمريكي ( التفاصيل الكاملة)
رحلة من الرئيس 45 إلى الرئيس 47 وحسم الولايات يغير المشهد السياسي الأمريكي، تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية لأول مرة في 2017، إلا أنه خسر مقعده الرئاسي في انتخابات 2020، لكي يعود مجددًا بانتصار تاريخي في 2024.
وما بين 2017 و2024 كانت هناك تواريخ هامة ف حياة دونالد ترامب الرئاسية، إليك أبرز التواريخ الهامة في فترة رئاسة دونالد ترامب الأولى (2017-2021)، والتي كانت مليئة بالأحداث الداخلية والخارجية:
20 يناير 2017: تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة – أصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، وركز في خطاب التنصيب على شعار "أمريكا أولًا".
27 يناير 2017: توقيع أمر تنفيذي لحظر السفر – أصدر ترامب قرارًا مثيرًا للجدل يمنع دخول مواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، مما أثار احتجاجات وردود فعل واسعة.
6 ديسمبر 2017: اعتراف القدس عاصمة لإسرائيل – أعلن ترامب اعترافه بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، مما أثار ردود فعل دولية ومعارضة من دول عربية وإسلامية.
12 يونيو 2018: قمة سنغافورة مع كيم جونغ أون – التقى ترامب زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، في أول لقاء من نوعه بين زعيمين من البلدين، بهدف مناقشة نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.
25 يناير 2019: إنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة – بعد نزاع مع الكونغرس حول تمويل بناء جدار على الحدود مع المكسيك، انتهى إغلاق حكومي دام 35 يومًا، وهو الأطول في تاريخ البلاد.
3 يناير 2020: اغتيال قاسم سليماني – أمر ترامب بتوجيه ضربة جوية أسفرت عن مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، ما زاد من التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
13 مارس 2020: إعلان حالة الطوارئ الوطنية بسبب جائحة كورونا – بعد انتشار فيروس كورونا، أعلن ترامب حالة الطوارئ الوطنية، مما فتح المجال لتمويل الطوارئ وتكثيف جهود احتواء الجائحة.
3 نوفمبر 2020: الانتخابات الرئاسية الأمريكية – خسر ترامب الانتخابات أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن، لكنه رفض في البداية الاعتراف بالهزيمة، مما أدى إلى توترات سياسية شديدة.
6 يناير 2021: اقتحام مبنى الكابيتول – شهدت الولايات المتحدة اقتحام أنصار ترامب لمبنى الكابيتول أثناء جلسة الكونغرس للمصادقة على نتائج الانتخابات، مما أثار إدانات واسعة النطاق وإجراءات أمنية مشددة.
هذه التواريخ تمثل بعضًا من الأحداث الرئيسية التي تركت بصمة في فترة حكم ترامب الأولى، وتنوعت بين سياسات داخلية ودبلوماسية وأحداث طارئة.
الانتخابات الأمريكية 2024ماذا حدث في الانتخابات الأمريكية 2024؟أعلن ترامب من على منصة مركز مؤتمرات بالم بيتش بولاية فلوريدا، الأربعاء، فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية.قال ترامب: "أشكر الشعب الأمريكي على انتخابي لأكون الرئيس الـ47".تابع: " حققنا الفوز في الولايات المتأرجحة، صنعنا التاريخ الليلة وهذا نصر سياسي، سنبدأ العصر الذهبي للولايات المتحدة".كيف فاز ترامب في انتخابات 2024؟
ارتفعت أصوات المرشح الجمهورى دونالد ترامب لتصل إلى 248 صوتا فى المجمع الانتخابى بعد فوزه بولايات:
يوتا (6 أصوات). جورجيا (16 صوتا). أيداهو (4 أصوات).وكان ترامب قد حصد 222 صوتا فى المجمع الانتخابى، بعد فوزه فى 5 ولايات هى:
نورث كارولينا (16 صوتا).يوتا (6 أصوات). أوهايو (17 صوتا). كانساس (6 أصوات).مونتانا (4 أصوات)، فى حين حصلت منافسته كامالا هاريس على 105 أصوات.وتمكن من خطف الأصوات في ولايات:
ميسيسبي (6 أصوات). نورث داكوتا (3 أصوات). ساوث داكوتا (3 أصوات). ووايومينج (3 أصوات).تكساس (40 صوتا). نبراسكا (5 أصوات).لويزيانا (8 أصوات).كما فاز ترامب بولايات ميسوري (10 أصوات)، وألاباما (9 أصوات)، وأوكلاهوما (7 أصوات)، وتينيسي (11 صوتا)، فلوريدا (30 صوتا) واركنساس (6 أصوات)، وويست فيرجينيا (4 أصوات) وساوث كارولينا (9 أصوات)، وإنديانا (11 صوتا)، وكنتاكى (8 أصوات).
وحسم المرشح الجمهورى السباق فى خمس ولايات متأرجحة، هى: تكساس (40 صوتا)، أوهايو (17 صوتا)، فلوريدا (30 صوتا)، جورجيا (16 صوتا)، ونورث كارولينا (16 صوتا)، ليقترب من حسم السباق الرئاسى إلى البيت الأبيض.
موقف ترامب من الصراعات في الشرق الأوسطويمتلك دونالد ترامب تصورات خاصة لتصفية الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط وكذلك الحرب الروسية ـ الأوكرانية، وعلاقات أمريكا بالعالم بشكل عام، وهي ما وصفتها صحيفة فينانشيال تايمز في تقرير سابق لها بـ "خطة الضغط علي الحلفاء والخصوم"، مشيرة إلى أن الدوائر القريبة من ترامب قالت إنه إذا عاد إلى البيت الأبيض فإنه سيتصرف بسرعة "تصيب المرء بالدوار" لوضع حد للحروب المفتوحة في أوكرانيا والشرق الأوسط.
وتحدث ترامب وجيه دي فانس نائبه في مناسبات عدة عن رغبتهما في إنهاء الحرب في أوكرانيا. وفي سبتمبر طرح دي فانس فكرة تجميد النزاع، مع وجود مناطق حكم ذاتي على جانبي منطقة منزوعة السلاح.