تتزايد منذ أسابيع حدة الصراع في الكونغو الديمقراطية الغنية بالمعادن، وتتصاعد أيضا المخاوف من اتساع رقعة الصراع في المنطقة، عقب التقدم الذي أحرزته "حركة إم23" المتمردة، وسط تدفق عشرات آلاف النازحين نحو بوروندي.

وحذر مراقبون ومراكز دراسات دولية من أن شن حركة "إم 23" هجوما واسع النطاق غربي البلاد قد يدفع لتدخل دول مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية دعما لحكومة الكونغو، مما قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي.



وتضم مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية: أنغولا وبوتسوانا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وليسوتو وملاوي وجزر موريشيوس وموزمبيق وناميبيا وجزر سيشيل وجنوب أفريقيا وسوازيلاند وتنزانيا وزامبيا وزيمبابوي.

وحركة "إم 23" هي جماعة مسلحة نشطت في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تأسست عام 2012 بعد فشل اتفاق سلام وُقع عام 2009 بين الحكومة الكونغولية والمتمردين. وتُوصف الحركة بأنها الجناح المسلح لإثنية التوتسي، فيما يواجه قادتها اتهامات بوجود صلات تربطهم بحكومة رواندا المجاورة.

وتوقع مركز "ستراتفور" الأمريكي، في تقييم له مواصلة حركة "إم 23" بدعم رواندا، هجماتها العسكرية لتعزيز موقفها في المفاوضات، مما سيزيد من ضعف سيطرة الحكومة الكونغولية على شرق البلاد، ويعزز احتمالية حدوث انقلاب.


ويحذر متابعون من أن توسع رقعة النزاع سيدفع قوى إقليمية مثل تشاد والجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي للتدخل، خصوصا في حال استهدفت "إم 23" مناطق أبعد من كيفو باتجاه وسط الكونغو وغربها.

ويزيد انتشار الأسلحة والتدخلات الخارجية ونشاط شبكات التهريب، من مخاوف الخبراء من احتمال تحول الصراع إلى أزمة إقليمية.

انسحاب بعد سقوط "بوكافو"
وعقب سقوط مدينة بوكافو شرقي الكونغو الديمقراطية، انسحبت الثلاثاء الماضي قوات بوروندي التي كانت تقاتل حركة "إم23" المدعومة من رواندا.

ويمثل الاستيلاء على بوكافو -عاصمة إقليم ساوث كيفو- توسعا غير مسبوق في حجم الأراضي الخاضعة لسيطرة "حركة 23 إم" منذ بدء تمردها العسكري.

وقد انتقد رئيس الكونغو فيليكس تشيسكيدي ما وصفه بفشل المجتمع الدولي في وقف العدوان من جانب المتمردين والقوات من رواندا.

وكان مجلس الأمن اعتمد بالإجماع قرارا أدان بشدة العمليات الهجومية التي تقوم بها حركة 23 آذار/مارس (أم 23) وتقدمها في شمال وجنوب كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية - بدعم من قوات الدفاع الرواندية - وسيطرة الحركة على مدينة غوما.


ودعا قرار المجلس القوات الرواندية إلى وقف دعمها لحركة 23 آذار/مارس والانسحاب فورا من أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية بدون شروط مسبقة.

وحث المجلس - في قراره - رواندا والكونغو الديمقراطية على العودة بدون شروط مسبقة إلى المحادثات الدبلوماسية بشكل عاجل.

وأدان القرار الدعم المقدم من قوات الجيش الكونغولي إلى جماعات مسلحة معينة، وخاصة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، ودعا إلى وقف مثل هذا الدعم والتطبيق العاجل للالتزامات المتعلقة بتحييد الجماعة.

قلق من حرب إقليمية شاملة
في غضون ذلك دعا مسؤولان أمميان إلى "تجنب حرب إقليمية أوسع نطاقا ذات عواقب كارثية".

وقال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمنطقة البحيرات العظمى، هوانغ شيا، إن خطورة الوضع الحالي في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية "تتطلب اهتماما جماعيا ووحدة عمل فورية لمعالجته".

وأضاف في إحاطة نشرها الموقع الرسمي للأمم المتحدة، أنه "في ضوء تطورات الأسابيع الأخيرة، والإجراءات المتخذة على الأرض والخطابات العامة للجهات الفاعلة في المنطقة، فإن ما نعرفه هو أن خطر اندلاع حرب إقليمية أصبح أكثر واقعية من أي وقت مضى".


وتابع: "إن هذا الوضع لابد أن يتوقف قبل أن تندلع حرب إقليمية شاملة، والتي ستكون عواقبها كارثية في كثير من النواحي".

أما الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في البلاد، بينتو كيتا فنبهت إلى أن التطورات الأخيرة "تتطلب إيجاد مخرج من الأزمة التي تمثل تهديدا واضحا للسلام والاستقرار في المنطقة".

تدفق عشرات آلاف النازحين

وساهم التصعيد الأخير في تدفق عشرات آلاف النازحين إلى بوروندي، هربا من أعمال العنف.

وقالت الأمم المتحدة إن تدفق 40 ألف شخص فارين من حرب الكونغو يفاقم محنة بوروندي الإنسانية، التي تواجه وضعا إنسانيا متدهورا بسرعة.

وقالت مفوضية اللاجئين – في منشور عبر حسابها على فيسبوك – إنه وخلال أيام عبر أكثر من 20 ألف شخص من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى بوروندي هربًا من أعمال العنف.

وأشارت إلى أن الكثير من هؤلاء النازحين منهكون، وبحاجة للمساعدة بصورة عاجلة.

وتتهم الكونغو الديمقراطية، رواندا، بدعم "حركة 23 مارس" (M23) ومحاولة احتلال أراضيها الغنية بالمعادن مثل الذهب وغيره.


وتقول كينشاسا (عاصمة الكونغو) إن رواندا تسعى إلى نهب مواردها الطبيعية، لكن الأخيرة تنفي وتتحدث عن التهديد الذي تشكّله الجماعات المسلحة المعادية لها في شرق جمهورية الكونغو، خصوصا تلك التي أنشأها زعماء من الهوتو، وتعتبرهم مسؤولين عن الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا عام 1994.

معارك محتدمة
ومنذ كانون الثاني/يناير الماضي تحتدم المعارك بين الجيش الكونغولي ومسلحي الحركة الذين تمكنوا من توسيع مناطق سيطرتهم.

وأواخر كانون الثاني/يناير الماضي - وعلى إثر التطورات الميدانية المتلاحقة بالشرق الكونغولي- اندلعت مظاهرات غاضبة في عدة مدن في الكونغو الديمقراطية، أحرقوا خلالها مداخل سفارات دول أفريقية يتهمونها بدعم المتمردين.

وحركة "إم23" حركة مسلحة متمردة تنشط في المناطق الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية وبالأخص في مقاطعة كيفو التي تحد كلا من أوغندا ورواندا.

تأسست هذه الحركة سنة 2012 على يد منشقين عن الجيش الكونغولي، بحجة أن الحكومة المركزية في العاصمة كينشاسا لم تف بالتزاماتها معهم وفقا لاتفاقية سلام أبرمتها معهم عام 2009 وأنهوا بموجبها تمردهم وانضموا إلى القوات المسلحة للبلاد.

وتمكنت الحركة خلال السنوات الأخيرة من السيطرة على العديد من المناطق في الكونغو الديمقراطية، خصوصا في شرق البلاد الذي تنتج مناجمه كميات كبيرة من الذهب، بالإضافة إلى العديد من المعادن الأخرى.


وتقول الحركة، إنها تدافع عن مصالح "التوتسي" خاصة ضد "مليشيات الهوتو العرقية" مثل القوات الديمقراطية لتحرير رواندا التي أسسها "الهوتو" الذين فروا من رواندا بعد مشاركتهم في حملة إبادة جماعية عام 1994 لأكثر من 800 ألف من التوتسي.

وتعد منطقة شرق الكونغو ساحة صراع تتداخل فيها عوامل داخلية وإقليمية، وتنتشر فيها جماعات متمردة ومليشيات محلية تسعى للسيطرة على الموارد الطبيعية، خاصة المعادن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الكونغو بوروندي التوتسي رواندا بوروندي الكونغو رواندا التوتسي ام 23 المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة حرب إقلیمیة فی شرق حرکة 23

إقرأ أيضاً:

سياسة التوازن.. هل يرفض العراق أن يكون ساحة لصراع إقليمي أو ملاذًا آمنًا للحوثيين؟

بغداد اليوم - بغداد

أكد الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية، العميد المتقاعد أعياد الطوفان، اليوم الاثنين (24 آذار 2025)، أن العراق لا يمكن أن يكون ملاذا آمنا لقيادات الصف الأول من جماعة الحوثي، مشيرا إلى أن هناك عوامل سياسية وأمنية تحول دون ذلك.

وأوضح الطوفان في تصريح لـ"بغداد اليوم" أن "احتضان قيادات الحوثيين سيضع العراق في مواجهة مع أطراف دولية وإقليمية، مما قد يجر البلاد إلى تداعيات عسكرية واقتصادية خطيرة".

وأضاف أن "العراق يحرص على تجنب أن يكون جزءا من أي صراع إقليمي، حيث إن مثل هذه الخطوة تعني الانحياز إلى طرف ضد آخر، وهو ما يتعارض مع سياسة بغداد الخارجية".

وأشار الطوفان إلى أن "العراق لا يزال ساحة مفتوحة للوجود الأمريكي وعمليات التجسس الإسرائيلية، مما يجعل أي تحركات لقيادات الحوثيين داخل أراضيه مرصودة وقد تتحول إلى أهداف مشروعة للقصف".

وأكد أن "الأجواء العراقية لا تزال تحت المراقبة الجوية من قبل التحالف الدولي، ما يجعل نقل الأسلحة إلى الداخل العراقي أو عبره إلى سوريا أمرا محفوفا بالمخاطر، إذ ستتعرض أي عملية من هذا النوع للاستهداف كما حدث سابقا".

وختم الطوفان حديثه بالتشديد على أن "العراق يرفض أن يكون ساحة لتصفية الحسابات أو منطلقا لأي حرب إقليمية أو دولية".

ومنذ سنوات، يسعى العراق للحفاظ على سياسة التوازن في ظل الصراعات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة. وباعتباره ساحة لصراعات سابقة، فإن بغداد تحاول تجنب أن تكون طرفا في النزاعات القائمة، لاسيما بين المحاور المتنافسة في الشرق الأوسط.

يأتي الحديث عن إمكانية استقبال قيادات الحوثيين في العراق في ظل تصاعد التوتر في المنطقة، لا سيما مع الضربات الجوية المتكررة التي تستهدف الجماعة في اليمن ومحيطه.

كما أن العراق لا يزال تحت رقابة التحالف الدولي، ما يجعل أي تحركات غير مرحب بها تحت تهديد المراقبة والاستهداف.

من جهة أخرى، فإن العراق يتمتع بعلاقات مع مختلف الأطراف، بما في ذلك إيران، التي تُعتبر الداعم الرئيس للحوثيين، لكنه في الوقت ذاته يسعى للحفاظ على علاقاته مع دول الخليج والولايات المتحدة، مما يعقد مسألة استضافة شخصيات حوثية بارزة، وفق متتبعين.

المصدر: بغداد اليوم + وكالات

مقالات مشابهة

  • اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيرته في جمهورية الكونجو الديمقراطية
  • وسطاء جدد لإنهاء حرب الكونغو الديمقراطية
  • رسم خريطة الخسائر البشرية للصراع في الكونغو الديمقراطية
  • البرلمان العراقي يدعو لحوار إقليمي عاجل
  • رئيس دولة الإمارات وترامب يبحثان هاتفيًا قضايا إقليمية ودولية
  • أمريكا تبدأ الترتيب لحرب برية ضد الحوثيين بعد فشل القصف الجوي.. تفاصيل
  • أول تعليق من الكرملين على استهداف الصحفيين في جمهورية لوجانسك
  • سياسة التوازن.. هل يرفض العراق أن يكون ساحة لصراع إقليمي أو ملاذًا آمنًا للحوثيين؟
  • رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني: نتعرض لحرب إبادة وتطهير عرقي غير مسبوق
  • أنغولا تُنهي دورها كوسيط في نزاع شرق الكونغو الديمقراطية